السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

دار الإفتاء تجدد نفيها صوت المرأة ليس عورة

كتاب الله بصوت «الجنس اللطيف»

السؤال الذى يتردد كثيرًا دون إجابات: متى تظهر من جديد أصوات نسائية فى قراءة القرآن الكريم؟!



ما الذى يقف أمام نجمات التلاوة فى الجنس اللطيف، مقابل دفع قوى من الدولة لدعم المرأة فى جميع المجالات؟!

هل ما زالت الحساسية تجاه قراءة المرأة للقرآن الكريم متواجدة وتعمل فى الذهنية المجتمعية للمصريين؟!

يبقى الملف معلقًا منذ السبعينيات وتبقى التساؤلات مستمرة عن كيفية استعادة صوت قارئات القرآن فى مصر اللاتى توقفن بسبب فتوى سابقة لا تجيز للنساء قراءة ما يتيسر من آيات الذكر الحكيم.

 

على الرغم من نجومية أصوات نسائية بقراءات مشهورة للقرآن عبر وسائل التواصل الاجتماعى؛ لكنها معبرة عن نفسها لا المكانة التى تستحقها كما لاقتها نجمات قراءة القرآن فى الماضى.

فلماذا لا تظهر  تلك  الأصوات؟ ولماذا لا تستعين بهن الفضائيات خصوصًا وأنهن أصوات تأتى فى مستوى أصوات الرجال وأحيانًا تتفوق عليها؟!

لقارئات القرآن الكريم فى مصر تاريخ وحكايات من عهد محمد على, كانت الشيخة أم محمد أول من احترفت قراءة القرآن فى مصر، وكانت تتلو فى حرملك الوالى بصوتها العذب لدرجة إعجاب محمد على بها وإرسالها لاسطنبول لتتلو القرآن فى حرملك السلطان العثمانى الذى أغدق عليها بالهدايا، ولما تُوفيت أقام لها جنازة مهيبة.

بدأت المصريات احتراف قراءة القرآن مع بداية العشرينات بعدما كان العديد منهن يتلوه فى جنازات النساء فقط.

عام 1920 سمع المصريون صوت الشيخة منيرة عبده التى بدأت فى 18 من عمرها وذاع صيتها سريعًا مخترقة هذا العالم الذى كان مقصورا على الرجال، حيث بدأت من وقتها, معركة تنافس كبرى بين القراء الرجال والنساء.

انطلاق الإذاعة المصرية، أصاب الشيخة منيرة فى مقتل، كما قيل وقتها التى اعتكفت فى بيتها مصابة بأزمة نفسية حادة حتى تُوفيت.

أما الشيخة كريمة العدلية فهى واحدة من مشاهير قراء القرآن الكريم من الجنس الناعم، قرأت كريمة فى أشهر الجنازات المصرية وصادقت زوجات ضباط ثورة يوليو وصدح صوتها، واستمرت على عرش الشهرة مع الشيخة منيرة عبده، وكان لصوتها أثر السحر على السامعين.

 

 

 

تعلمت كريمة منذ الصغر، فقرات القرآن وجوَّدته برغم ضعف بصرها، وحين فقدته تمامًا واصلت تعلم الموسيقى ووصلت شهرتها للحد الذى جعل الإذاعة تعتمدها قارئة ومطربة يلحن لها الكبار.

لم يكن مقبولاً أن تقرأ كريمة كتاب الله وتغنى فى نفس الوقت لذلك تخلت عن الغناء.

وقعت كريمة العدلية فى حب أستاذ الموسيقى الشيخ على محمود والاثنان كفيفان لكن حب القرآن جمع قلبيهما.

فترة من الفترات فاقت سمعة كريمة العدلية أم كلثوم وأسمهان.

من قراءة القرآن إلى الغناء تحولت الشيخة سكينة حسن التى تلت القرآن الكريم فى الإذاعات بما كان معروفًا عن صوتها من رصانة وقوة ولكنها كزميلاتها مع الاصطدام بحملات هجوم متشددة فى زمانها، لم تجد أمامها إلا توظيف عذوبة صوتها فى الطقاطق والأدوار الغنائية حتى تُوفيت عام 1948. الكاتب الراحل محمود السعدنى كتب تحت عنوان «من الشيخة أم محمد إلى الشيخة كريمة العدلية» فى كتابه ألحان السماء أنه بموت الشيخة نبوية النحاس انطوت صفحة مهمة فى تاريخ التلاوة والإنشاد الدينى فى مصر.

لمع نجم الشيخة نبوية فى نفس فترة شهرة كريمة العدلية ومنيرة عبده وتوقفت نبوية أيضًا لنفس أسباب توقف كريمة ومنيرة، لكن نبوية تُوفيت سنة 1973، وكانت آخر صوت نسائى يتلو القرآن فى مصر.

سبق وأثار الراحل الشيخ أبو العينين شعيشع نقيب قراء القرآن الكريم مسألة تلاوة النساء للقرآن الكريم عام 2006 بعدما قبل عضوية عدد من القارئات، فى مبادرة رُفضت بعد مرور أكثر من خمسين عامًا وقتها على دعوات لزيادة الوعى بحقوق النساء.

الأغرب أن من وقفت للشيخ شعيشع وقتها وعارضته كانت امرأة وهى الدكتورة هاجر سعد الدين بدعوى أنه لا ضرورة لذلك فى وجود الرجال وحتى لا يطمع من فى قلبه مرض!

الأغرب أن الوحيد الذى أيد الشيخ شعيشع فى طلبه كان رجلاً أيضًا وهو الشيخ الطبلاوى رحمه الله، ولكن الأمر لم يكن ذا جدوى حتى أن الشيخ شعيشع وصفها وقتها بـ«الردة الفكرية»؟! إذا كان هناك الكثير من القارئات الشهيرات يقرأن القرآن بين العامة والحاكم.

رغم تأكيدات متتالية لدار الإفتاء نفى كون صوت المرأة عورة فإنك بمجرد أن تكتب على محرك البحث جوجل «صوت المرأة» ودون حتى أن تكمل العبارة سيظهر لك عدد من النتائج تدور كلها حول فتاوى الإصرار على تحريمه وتظهر أغلب الأسئلة: «هل صوت المرأة يفطر؟» «ما حكم صوت المرأة؟» «ما حكم المرأة التى تتكلم فى حضور الرجال؟» وهكذا.

هذه النتائج ليست نقاشات قديمة من العصور الوسطى أو ما قبلها؛ لكنها أسئلة ونقاشات فى عصرنا هذا ويومًا بعد يوم حتى أن بعض النساء يوافقن على تلك الدعوات ويملن إليها، ويدخلن معارك وتلاسنات  مع أخريات على مواقع التواصل ساخرات من الأخريات، نوع من النساء يرى فى صوته عورة بل ويحارب باقى النساء التى تسخر من هذا، مستندة على فتاوى لا أصل لها فى الدين.