الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحياة السرية لمشاهير هوليوود

متحــف أخــطاء آل باتشــــينو

القيامة الآن وأيام الجنة من الأفلام التى رفضتها
القيامة الآن وأيام الجنة من الأفلام التى رفضتها

ما زال فى جعبة آل باتشينو الكثير الذى يقوله ويؤمن به، ومن خلاله نسج حياته الماضية وأيامه المقبلة.. وآل باتشينو يتعامل مع أعدائه من منظور: ما تفعله خلفى استغفالاً بى. سأفعله أمامك استهزاءً بك. ولا تحاسبنى على ما يصلك عنى.. بل حاسبنى على ما تراه منى وتسمعه بلسانى. وإذا أردت أن تكرهنى فلك مطلق الحرية.. ولكن لا تتصرف وكأنك تحبنى. أنا لست شخصًا سيئًا.. أنا شخص طيب جدًا حدثت معه أمور سيئة.



 

سؤال يراودنى دائمًا: لماذا رفض آل باتشينو قائمة طويلة من الأعمال الفنية العظيمة، مما جعله يعلق على ذلك قائلاً: «الأدوار التى رفضتها تعيش فى متحف أخطائى». ومن تلك الأعمال «القيامة الآن» (Apocalypse Now)، «كرامر ضد كرامر» (Kramer vs. Kramer)، «أحدهم طار فوق عش الوقواق» (One Flew Over the Cuckoo’s Nest)، «أيام الجنة» (Days of Heaven)... فى حوار مع آل باتشينو مع صحيفة The Independent البريطانية، قال: إنه لا يندم على أى قرار اتخذه، سواء أعمال شارك فيها أو أعمال رفضها. وأضاف: «أشعر أننى فعلت ما يسمى بالأخطاء، اخترت فيلما غير مناسب أو أننى لم أحاول الفوز بدور معين، ولكن كل شىء تفعله هو جزء منك، تتعلم منه. والحقيقة أن فكرة كونك فى هذه المواقف والاختيارات المثيرة، تتجاوز مفهوم أنها مجرد ذكريات وتصبح الأشياء التى تشكّل حياتك».

 

فى أعمار مختلفة
فى أعمار مختلفة

 

عندما طلب المخرج كوبولا من آل باتشينو أن يلعب دور ويلارد فى فيلم Apocalypse Now، رفضه باتشينو قائلاً: «أعرف ما سيكون عليه الحال. ستكون هناك طائرة هليكوبتر تخبرنى ماذا أفعل، وسأكون هناك فى مستنقع لمدة خمسة أشهر ».

رغم أن مارتن شين لعب أحد أفضل الأدوار فى حياته المهنية، فإنه لم يكن الخيار الأول لكوبولا. بعد قدر شامل من الاختبارات للشخصية، تم رفض الدور من قبل آل باتشينو وجيمس كان وجاك نيكلسون، حيث ذهب فى النهاية إلى هارفى كيتل. ففى عام 1969 كتب جون ميليوس نص فيلمٍ أسماه «The Psychedelic Soldier» يدور حول حرب فيتنام، وعرضه على استوديو «American Zoetrope» المؤسس حديثًا وقتها على يد فرانسيس فورد كوبّولا وجورج لوكاس، وكان الأخير قد أبدى اهتمامًا بإخراجه كوثائقى مزيف يجرى تصويره فى جنوب فيتنام خلال الحرب، فحاول كوبولا المنتج التنفيذى وقتها الحصول على صفقة إنتاج مشترك للعمل مع «Warner Bros» لكنه لم يستطع إثارة اهتمامهم، وانشغل بعدها فى إخراج جزأى «The Godfather»، كما انشغل لوكاس بإخراج «THX 1138» و«American Graffiti»، لتصنع الأفلام المذكورة لمخرجيها مكانةً ووزنًا يجعلونهم قادرين الآن على المباشرة فى صنع مشروع فيلم فييتنام المؤجل.

سقطت سايجون وانتهت حرب فيتنام، وخسر المشروع اهتمام لوكاس الذى انصرف لصنع «Star Wars: Episode IV – A New Hope»، فبارك جلوس كوبّولا على مقعد المخرج، ليبدأ عمليات إعادة كتابة النص الذى وصف حاله الأول بأنه سلسلة من مشاهد القصص المصورة المكرسة لإظهار سخافة حرب فيتنام، وفى النهاية احتفظ كوبّولا ببعض ما كتبه ميليوس للنصف الأول من الفيلم، وخصص النصف الثانى لما أضافه بناءً على رواية «Heart of Darkness» لـ جوزيف كونراد، وبدأ البحث عمن سيجسدون أبطاله.

مع ابنته- بوستر الفيلم
مع ابنته- بوستر الفيلم

 

 

ستيف ماكوين كان أول من مر عليهم دور الكابتن ويلارد، الذى وافق إثر موافقة كوبّولا على دفع أجره البالغ 3 ملايين، لكنه بعد التفكير فى الموضوع ومعرفة أنه قد يتطلب أشهرًا من العمل فى مواقع التصوير فضل لعب دور المقدم كيلجور الأقل تطلّبًا لكل هذا الإرهاق مع بقاء أجره كما هو، فرفض كوبّولا طبعًا، ليصبح ماكوين أول من رفضوا الدور أيضًا، ويتبعه آل باتشينو لأسبابٍ لخصها كوبّولا بقوله: «ربما كان سيوافق باتشينو على الدور إن صورنا الفيلم فى شقته فى نيويورك»، ثم كلينت إيستوود لأنه رأى أن الفيلم سوداوى أكثر مما يجب، ثم جاك نيكلسون.

نيك نولتى، جيف بريدجز، وهارفى كيتل قاموا بتجارب الأداء للدور ليستقر رأى كوبّولا على الأخير مخيبًا آمال نولتى الذى كان شديد الإعجاب بالشخصية، لكن بعد أسبوعين من التصوير لم يكن العمل خلالهما مثمرًا مع كيتل قرر كوبّولا استبداله وكان مارتن شين هو الفائز الأخير بالدور لتخيب آمال نولتى مرةً أخرى، ولتكسب الشخصية تقديمًا استثنائيًّا فى مشهد ويلارد فى غرفة الفندق، حيث تم ارتجاله بالكامل بناءً على طلب شين الذى كان يعانى من مشكلة إدمان للشرب، كان بالفعل مخمورًا وطلب من فريق التصوير فقط أن يديروا كاميراتهم، لتلتقط جنون سكره وكسره المرآة الحقيقية الذى أصاب يده وانتحابه وهجومه على كوبّولا، فاستاء فريق العمل وأرادوا التوقف إلا أن كوبّولا أرد المضى بالأمر حتى النهاية.

 

فى مكتبته
فى مكتبته

 

الطريف أن آل باتشينو رفض «أحدهم طار فوق عش الوقواق»، الذى كانت له حكاية طويلة أيضًا ومشاكل عديدة قبل إنتاجه. فى عام 1961 عثر كيرك دوجلاس على روايةٍ أثارت اهتمامه ما زالت فى مرحلة الطباعة بعنوان «One Flew Over the Cuckoo’s Nest»، ألفها كين كيسى بناءً على تجربته فى مستشفى المحاربين القدامى فى بالو آلتو بكاليفورنيا حين عمل فى إدارتها، فقام دوجلاس على الفور بشراء حقوقها ومجهزًا نفسه لدور البطولة، وهذا ما حدث بالفعل فى النسخة المسرحية من الرواية التى بدأت عروضها عام 1963.

لكن ذلك لم يمهد لنسخة سينمائية قريبة، فقد رفضت المشروع جميع الاستوديوهات التى اقترحه عليها مرةً بعد أخرى، إلى أن قابل مايلوش فورمان فى براغ ووجد فيه المخرج المثالى والذى سيدعم موقفه، واتفقا على أن يرسل إليه نسخةً من الكتاب، إلا أن الرقابة التشيكية منعته من الوصول دون إعلام أحد، مما جعل دوجلاس يستاء من وقاحة ما ظنه تجاهل فورمان له، فى حين اعتبر الأخير دوجلاس رجلًا ليس على قدر وعوده، ولم يعلم كلاهما الحقيقة إلا بعد أكثر من عقد حين انتقل المشروع ليد مايكل دوجلاس، ليتواصل مرةً أخرى مع فورمان، ويقدم له النص الذى أعدّه كيسى كاتب الرواية ذاتها، مُعدًّا كالرواية من وجهة نظر الزعيم برومدن، الأمر الذى لم يرُق لـ فورمان فرفضه وطلب البحث عن كاتبٍ آخر، واضعًا أساسًا لحربٍ أعلنها كيسى على الفيلم وصناعه خرج منها بـ 2.5 % من الأرباح.

وتم بالفعل إسناد المهمة لـ بو جولدمان ولورنس هوبن اللذين أتيا بما نال إعجابه وإعجاب الملايين، لكن كل هذا لم يشجع الاستديوهات بما يكفى، خاصةً أنه قد مضى على صدور الرواية وضجته قرابة عقدين، وانتهى المشروع كإنتاجٍ مستقل متواضع لشركة Fantasy Films ومايكل دوجلاس، الذى بدأ بالبحث عن مواقع فى الشاطئ الغربى، ووقع اختياره على مستشفى مقاطعة أوريغون كون مديرها وعد بمنحهم صلاحياتٍ كاملة، ليقيم فورمان فى المستشفى لأربعة أسابيع قبيل التصوير مراقبًا أدنى التفاصيل.

ربما ليقارن ما فعله حين اختار ممثليه بما يجرى فيها، فقد كان يجرى تجارب الأداء عن طريق أن يُجلس ممثليه فى حلقات علاج نفسى، وأراد لبطله أن يكون نجمًا كبيرًا بينما يكون البقية غير معروفين، ليحسوا به قائدًا، فتم ترشيح آل باتشينو، مارلون براندو، جين هاكمان، ستيف ماكوين، جيمس كان، برت رينولدز، وجاك نيكلسون، كما سعى جون فويت ليكون فى مقدمتهم، وكان رينولدز ونيكسلون هما الخيارين النهائيين، مع ميل فورمان للأول على عكس المنتجين الذين أرادوا ممثلًا كسب اعترافًا أكبر بقدراته كـ نيكلسون، وكان لهم ما أرادوا.

رغم مرور أكثر من 40 عامًا على إنتاج أول أجزاء سلسلة The Godfather،  فإن البعض مازال يشير لوجود خلاف بين آل باتشينو وجاك نيكلسون بسبب دور «مايكل كورليونى». لأن نيكلسون كان من بين المرشحين للدور الذى تسبّب فى شهرة باتشينو الواسعة، ولكنه رفضه لاقتناعه بأنه غير مناسب له.

وقال نيكلسون فى حوار له: «فى هذا الوقت، كنت مقتنعًا بأن الهنود يجب أن يقدموا أدوار الهنود، وكذلك الإيطاليون يجب أن يجسدوا هم الأدوار الإيطالية. خاصة أن ماريو بوزو كتب رواية رائعة، إذا قرأتها سترى الكثير من المميزات التى ظهر بعض منها فى الفيلم».

وتابع: «الكثير من الممثلين عُرض عليهم الدور، من بينهم أنا، لكنه ذهب فى النهاية إلى آل باتشينو، ولا أستطيع أن أفكر فى مجاملة أقولها له أكثر من ذلك». وجاك نيكلسون يعتقد أن آل باتشينو فاز بالدور بسهولة، بعد رفض واستبعاد عدد من الممثلين، وأنه كان من الأفضل اختيار ممثل إيطالى.

من المعروف أنه أثناء تصوير فيلم Days of Heaven الذى ندم عليه آل باتشينو كثيرا، قدم جاكوب براكمان زميله المنتج بيرت شنايدر إلى تيرنس مالك فى عام 1975. فى رحلة إلى كوبا، بدأ شنايدر ومالك محادثات من شأنها أن تؤدى إلى تطوير أيام الجنة. حاول مالك وفشل فى جعل داستن هوفمان أو آل باتشينو يلعب دور البطولة فى الفيلم. وافق شنايدر على إنتاج الفيلم. قام هو ومالك بلقاء الممثلين الشباب حينذاك ريتشارد جير وبروك آدامز والممثل الكاتب المسرحى سام شيبرد للأدوار القيادية. أراد بارى ديلر، الرئيس التنفيذى لشركة باراماونت بيكتشرز، أن ينتج شنايدر أفلامًا له ووافق على تمويل أيام الجنة. فى ذلك الوقت، كان الاستوديو يسير فى اتجاه جديد. كانوا يوظفون رؤساء إنتاج جدد عملوا فى شبكة التليفزيون، ووفقًا لرئيس الإنتاج السابق ريتشارد سيلبرت، على الرغم من التغيير فى الاتجاه، تمكنت شنايدر من تأمين صفقة مع باراماونت من خلال ضمان الميزانية وتحمل المسؤولية الشخصية عن جميع الزيادات. قال شنايدر: «كانت تلك هى الصفقات التى أحببت أن أبرمها.. لأننى حينها كان بإمكانى أن أحصل على حصيلة نهائية ولا أتحدث مع أحد حول سبب استخدامنا لهذا الشخص بدلاً من ذلك الشخص». التصوير الرئيسى بدأ الإنتاج فى أواخر صيف عام 1976. على الرغم من أن الفيلم تم تصويره فى تكساس، فقد تم تصوير الأجزاء الخارجية فى جنوب غرب ألبرتا فى ويسكى جاب، وهى مدينة أشباح بالقرب من حدود مونتانا.

 

فى شبابه
فى شبابه

 

الطريف أنه بعد النجاح الذى حققه آل باتشينو فى بداية السبعينيات، تلقى آل باتشينو الكثير من العروض لتقديم أدوار مختلفة، لكنه رفض الكثير منها أيضًا وعلى سبيل المثال، فى عام 1977 رفض دور «هان سولو» فى فيلم Star Wars: Episode IV - A New Hope الذى ذهب إلى هاريسون فورد. واعتذر عن دور «روى نيرى» فى فيلم الخيال العلمى Close Encounters of the Third Kind، وفاز بالدور الممثل ريتشارد درايفوس.