الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

معجزة اقتصادية فى 7 سنوات

مصـر تتجـه لـ«الاقتصــاد الأخضـــر»

الرئيس السيسى خلال حفل تسلم تقرير التنمية البشرية
الرئيس السيسى خلال حفل تسلم تقرير التنمية البشرية

بعد انقطاع امتد عشر سنوات، جاء تقرير التنمية البشرية لمصر لعام 2021، تحت عنوان «التنمية حق للجميع: مصر المسيرة والمسار»، وقدمته الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط  والتنمية الاقتصادية، ورندا أبو الحسن الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى.



تحت عنوان «إدارة نظم الحماية البيئية فى مصر: نحو تحقيق بيئة مستدامة والتصدى لمخاطر تغير المناخ»، جاء الفصل الخامس من التقرير، الذى أشار إلى جهود الحكومة فى دمج الجوانب البيئية فى القطاعات الاقتصادية المختلفة، لتحقيق إدارة فعالة للموارد الطبيعية والحفاظ على الأصول، وضمان حقوق الأجيال القادمة فى التنمية.

الرئيس يشهد توقيع اتفاق إنشاء محطة الضبعة
الرئيس يشهد توقيع اتفاق إنشاء محطة الضبعة

 

 

  حيث أكدت استراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030 على الآثار الإيجابية لهذا الدمج، والذى يدعم القدرة التنافسية الاقتصادية، ويوجد فرص عمل، إلى جانب القضاء على الفقر، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

تشير التوقعات إلى أن التغيرات الحالية والمستقبلية فى الظروف المناخية، تشكل خطرًا بيئيًا كبيرًا، يهدد مسار التنمية فى مصر، ويؤثر سلبًا فى استراتيجيات الحد من الفقر.  

وهناك عدة قطاعات تعتبر الأكثر تضررًا، وهى: المناطق الساحلية، والموارد المائية، والزراعة والأمن الغذائى، إلى جانب المناطق الصناعية فى الساحل الشمالى، والمناطق السياحية المطلة على البحر الأحمر.  

وتصنف مصر ضمن مجموعة الدول ذات الترتيب المعتدل فى مؤشر الأداء فى مواجهة تغير المناخ، حيث تقدم ترتيبها من المركز 30 فى عام 2016 إلى المركز 22 فى عام 2021، من أصل 57 دولة، يمثل مجموع انبعاثاتها أكثر من 90 % من إجمالى انبعاثات العالم.  

ولذلك عملت الدولة على وضع عديد من البرامج التى تتناول تغير المناخ، كجزء من استراتيجية التنمية المستدامة، لتحقيق التكيف المناخى، من خلال عدة مؤسسات.  

وأصدر مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع تغير المناخ فى عام 2011، ووضعت وزارة الموارد المائية والرى استراتيجية تغير المناخ فى عام 2013، وأصدر جهاز شئون البيئة الاستراتيجية الوطنية لتعميم مراعاة النوع الاجتماعى ودور المرأة فى تغير المناخ فى مصر.  

 

تبطين الترع أحد مشروعات التنمية المستدامة
تبطين الترع أحد مشروعات التنمية المستدامة

 

الطاقة المتجددة

تعتبر الطاقة المتجددة أحد خيارات الطاقة المستدامة الصديقة للمناخ التى تتبناها مصر، وتهدف استراتيجية الطاقة المستدامة فى مصر حتى عام 2035 إلى تحقيق هدف وطنى، يتمثل فى إنتاج 42  % من القدرة الكهربائية المركبة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة.

وتمتلك مصر حاليًا ما يقرب من 5.8 جيجاوات من القدرة المركبة المتجددة، وأدخلت الحكومة تسهيلات كبيرة على سياسات الطاقة المتجددة، وهو ما أدى إلى جذب مزيد من الاستثمارات الخاصة، مع تبنى مجموعة سياسات مثل: تعريفة التغذية، وقياس صافى الاستهلاك والعطاءات التنافسية وإجراءات المناقصات.

وتتطلع الحكومة إلى تنويع مزيج الطاقة من خلال الاهتمام بالطاقة النووية وتكنولوجيات الفحم النظيفة، وهو ما سيوفر خيارًا منخفض الكربون ومصدراً نظيفاً لتوليد الكهرباء. 

ومن المقرر إنشاء محطة الضبعة النووية بقدرة 4.8 جيجاوات، وهى أول محطة للطاقة النووية فى مصر على ساحل البحر المتوسط، على بعد 250 كم غرب الإسكندرية، التى بدأت أعمال تشييدها، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيلها عام 2026.

وتتولى شركة «روساتوم» للطاقة الذرية التابعة لدولة روسيا، تطوير المحطة التى ستكون مملوكة لهيئة المحطات النووية، والتى ستتولى تشغيلها، حيث تتكون من أربعة مفاعلات نووية، ويبدأ المفاعل الأول عملياته التجارية عام 2026.  

 

إنشاء محطات توليد الكهرباء المتجددة
إنشاء محطات توليد الكهرباء المتجددة

 

ومن المقرر أن يتم تشغيل المفاعلات الثلاثة المتبقية فى عام 2028، وتقدم روسيا قرضًا بقيمة 25 مليار دولار لتمويل 85 % من تكلفة بناء المشروع، على أن يسدد القرض على مدى 22 سنة بسعر فائدة 3 % فى السنة، وستجمع مصر نسبة الـ 15 % المتبقية من مستثمرين من القطاع الخاص.

تحلية المياه

وتخطط الحكومة لتنفيذ مشروعات مختلفة تضمن الاستخدام الفعال لموارد المياه، وزيادة توافر موارد للمياه العذبة، وتحسين جودة المياه، والتى تشمل التوسع فى إعادة استخدام المياه، ومشروعات تبطين الترع (20 الف كم خلال 4 سنوات فى 20 محافظة) والمصارف وتغطيتها، لحماية البيئة من التلوث والحفاظ على الصحة العامة.

بالإضافة إلى مشروعات تطوير طرق الرى لتقليل فاقد المياه وزيادة الإنتاجية، والتوسع فى تحلية مياه البحر والمياه الجوفية.

وتتبنى الحكومة خطة استراتيجية للتوسع فى إنشاء محطات تحلية مياه البحر لتوفير احتياجات مياه الشرب، مقسمة إلى 6 خطط خمسية، تمتد من عام 2020 إلى عام 2050، لتوفير طاقة إجمالية 6.4 مليون متر مكعب فى اليوم، بتكلفة إجمالية متوقعة 134 مليار جنيه.

وتغطى الخطة الخمسية الأولى من عام 2020 إلى 2025، إنشاء محطات تحلية بطاقة إجمالية 2.866 مليون متر مكعب فى اليوم بمحافظات مطروح والبحر الأحمر وجنوب سيناء والإسماعيلية وبورسعيد والسويس والدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة.

وتسعى الحكومة إلى اتباع عدد من السياسات المستقبلية لمعالجة الأسباب الجذرية لبعض التحديات البيئية، فمثلاً تغيير عادات الاستهلاك، يتطلب بذل جهود كبيرة فى التثقيف والتوعية العامة.

وحتى يتم تغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة، يجب أن يمر الاقتصاد المصرى بمرحلة انتقالية نحو بناء نموذج اقتصادى دائرى، يقل فيه حرق النفايات والتخلص منها فى مقالب القمامة إلى أدنى حد ممكن، من خلال التوسع فى عمليتى إعادة التدوير وإعادة الاستخدام.  

 

تركيب نظم رى حديث لتوفير المياه
تركيب نظم رى حديث لتوفير المياه

 

السندات الخضراء  

يمكن لإنفاق الحكومة أن يصبح أداة فعالة فى تحفيز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة فى مصر، عن طريق توجيه الإنفاق والمشتريات الحكومية نحو الخدمات والمنتجات الخضراء، وتعزيز التوجه إلى السندات الخضراء أو سندات المناخ داخل أسواق رأس المال.  

ويطلق على هذا النوع من التمويل اسم المستدام، حيث إنه خدمة مالية تدمج المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة فى قرارات الأعمال أو الاستثمار، وتخصص السندات الخضراء أساسًا لتمويل مشروعات أو مبادرات متعلقة بتعزيز الاقتصاد منخفض الكربون والتصدى لتحديات تغير المناخ. ووضعت الهيئة العامة للرقابة المالية فى عام 2019، مبادئ توجيهية بشأن السندات الخضراء، مستندة إلى مبادئ السندات الخضراء الصادرة عن الجمعية الدولية لأسواق رأس المال.

ومن أمثلة فئات المشروعات الخضراء الواردة فى تلك المبادئ: الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة، ومعالجة مياه الصرف، والحد من الانبعاثات الهوائية، والتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتطهير التربة، ومنع إنتاج النفايات، ومشروعات إعادة التدوير، والمنتجات المتوافقة مع الاقتصاد الدوار. وأعقب ذلك إصدار الحكومة من خلال وزارة المالية أول سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار على خمس سنوات بسعر عائد 5.2 %، لتمويل أو إعادة تمويل مشروعات خضراء فى قطاعات مثل: النقل والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وهو الأمر الذى وضع مصر على خارطة التمويل المستدام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

 

 

 

وجذب هذا الإصدار قاعدة جديدة من المستثمرين بأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، وشرق آسيا، والشرق الأوسط، بنسب 47 % و 41 % و 6 % و 6 % على التوالى.  

وسجلت الطلبات النهائية اكتتاب 220 مستثمرًا، منهم 16 مستثمرًا جديدًا لأول مرة فى إصدارات سندات بالدولار، مما يعكس جهود تنويع قاعدة المستثمرين الحالية.

ومن المقرر أن تستخدم حصيلة هذه السندات فى تمويل مشروعات: خطى قطار مونوريل العاصمة الإدارية الجديدة/ مدينة السادس من أكتوبر، ومحطة تحلية مياه الضبعة، ومحطة معالجة الصرف الصحى بعرب أبوساعد، ومحطة معالجة الصرف الصحى ببورسعيد.  

وأدرجت الحكومة مجموعة مشروعات خضراء، يمكن تمويلها بهذه السندات فى خطة العام المالى 2020/2021، وعددها 691 مشروعًا، تبلغ تكلفتها 447.3 مليار جنيه، مدرج لها اعتمادات 36.7 مليار جنيه، بما يشكل 14 % من إجمالى الاستثمارات العامة الموزعة فى الخطة.

وحظى قطاع النقل المستدام بالنصيب الأكبر من هذه المشروعات بنسبة 50 % من الاعتمادات المدرجة للمشروعات الخضراء بالخطة.