قــادرون.. باختــلاف

قدرات خلاقة، مهارات إبداعية، إنجازات لا نهائية فى شتى المجالات، كلها لم تكن مرئية، حتى حدثت «الطفرة» حين قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: «المجتمع الذى يقدر قيمة أبنائه وبناته من ذوى الاحتياجات الخاصة، فيرفع من شأنهم، ويثمن إنجازاتهم، ويعمل على تمكينهم ودمجهم.. هو المجتمع الأقرب لتحقيق آماله، وبلوغ ما يصبو إليه من نهضة شاملة»، فأتبع ذلك مبادرات وقرارات وقوانين حتى تخصيص عام كامل لذوى الإعاقة، والتى كانت ترجمة حقيقية لتوجيهات الرئيس الإنسان، جاءت لنفض الغبار، وإعادة البريق لأنامل ذهبية، وعقول مُبتكرة، فبدأت المؤسسات تعمل على دمجهم وتمكينهم، ومنح أكثر من 14 مليون شخص حقوقًا وامتيازات تتناسب مع ما يملكون من إبداع ومهارات.

لا ينكر أحد أن الأشخاص ذوى الإعاقة عانوا لسنوات طويلة من التهميش، والإقصاء، والحرمان من أبسط الحقوق، حتى جاءت الانفراجة بعد ثورة 30 يونيو 2013، ليحصلوا بعدها على حقوقهم بنص دستورى وإلزام قانونى، وكانت الخطوة الأولى لتمكينهم ما جاء فى دستور 2014، الذى كفل لهم عشرات الحقوق والمكاسب، فمنحهم الحق فى ممارسة حقوقهم السياسية، وتمثيلهم تمثيلًا مشرفًا فى المجالس النيابية والمحلية، ثم صدور القرار الرئاسى بأن يكون عام 2018 عامًا لذوى الإعاقة، وخلاله ظهرت العديد من المبادرات والقرارات والقوانين، التى منحتهم امتيازات غير مسبوقة، فعلى مستوى التشريعات، صدر القانون رقم (10) لسنة 2018 ، بشأن حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة ولائحته التنفيذية، ويعد هذا القانون الأهم، حيث منحهم امتيازات وحقوقًا فى التعليم والصحة والعمل، كما أتاح الكثير من المزايا التى منحت لهم لأول مرة، كالتأمين الصحى لغير المتمتعين بخدمات التأمين الصحى، ورفع مبلغ الإعفاء الشخصى المنصوص عليه فى قانون الضريبة بنسبة 50 %، وتخفيض ساعات عملهم، ولأول مرة يمنحهم القانون الجديد الحق فى الجمع بين معاشين من المعاشات المستحقة لهم، وكذلك من حقهم الجمع بين ما يحصلون عليه من معاش وما يتقاضونه من أجر العمل.

كما نص القانون على أن تعفى من الضريبة الجمركية التجهيزات والمعدات والوسائل المساعدة والأجهزة التعويضية إذا كان مستوردها من ذوى الإعاقة بغرض الاستعمال الشخصى، وتعفى السيارات ووسائل النقل الفردية المعدة لاستخدام الأشخاص ذوى الإعاقة من الضريبة الجمركية وضريبة القيمة المضافة.

 

 

وفى 2019 صدر القانون رقم (11) لسنة 2019 بشأن تشكيل المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، بالإضافة إلى صدور القانون رقم 200 لسنة 2020 الخاص بإنشاء صندوق «عطاء»لدعم الأشخاص ذوى الإعاقة فى شراء الأجهزة التعويضية والمستلزمات الخاصة بهم. 

فرص التعليم

مع وضع استراتيجية الدولة 2030، جاء الاهتمام بالتعليم الدمجى للتلاميذ ذوى الإعاقة البسيطة بالفصول النظامية، ومن هنا حرصت الدولة على توفير كافة الخدمات التعليمية لذوى الإعاقة، وإتاحتها لهم بجودة عالية، حيث أشار التقرير الصادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى «إتاحة التعليم للجميع دون تمييز» الأمر الذى شمل دمج الأشخاص من ذوى الإعاقة فى مدارس التعليم قبل الجامعى، وتطوير جودة مدارس التربية الخاصة، لضمان توفير الرعاية اللازمة لهم وللموهوبين والمتفوقين منهم الذين يحتاجون إلى بيئة داعمة.

كما تحدث التقرير عن السياسات التنموية المتعلقة بالأشخاص ذوى الإعاقة فى برنامج عمل الحكومة، وتسهيل مشاركتهم فى الأنشطة الثقافية من خلال التوسع فى أنشطة وبرامج فصول تنمية المواهب، وافتتاح وتشغيل قاعات المكفوفين للموسيقى والفنون المجهزة بالعديد من الكتب المطبوعة بطريقة «برايل»، وقاعات الفنون والتراث الشفهى، كما اهتمت الدولة برعاية وتعليم ذوى الإعاقة، فتوسعت فى فصول ذوى الإعاقة البصرية والسمعية، حيث أنشأت وزارة التربية والتعليم فصولًا جديدة لاستيعاب جميع الأشخاص، فى المراحل التعليمية المختلفة، بدأتها بإنشاء 30 فصلًا جديدًا بمدارس ذوى الإعاقة، وإحلال وتجديد 22 فصلاً متهالكًا، وإتاحة قاعات رياض أطفال، وتجهيز غرف مصادر التعليم، وتوفير غرف للمتعلمين بمدارس الدمج، إلى جانب الاهتمام بأنشطة وتنمية مهارات ذوى الاعاقة فى الفنون المختلفة، وتنظيم مسابقات قراءة والاهتمام بتنمية المواهب المختلفة.

 

 

لم يتوقف الأمر عند ذلك بل تم تدريب أكثر من 26 ألف معلم من العاملين بمدارس ذوى الإعاقة، ومعلمى التربية الخاصة والتربية الفكرية والإخصائيين على التعامل مع ذوى الإعاقة، بالإضافة إلى إعداد امتحانات مناسبة ذات مواصفات محددة لكل فئة تتناسب مع حجم الإعاقة، وفى مرحلة التعليم الجامعى، صدر قرار المجلس الأعلى للجامعات بقبول الطلاب ذوى الإعاقة السمعية فى الجامعات المصرية، لتعظيم الاستفادة من قدراتهم، بما يتسق مع أهداف التنمية المستدامة.

 

 

الوظائف الحكومية

ومع استمرار الجهود، يتضاعف اهتمام الدولة بدعم ورعاية ذوى الإعاقة لما يمثلونه من أهمية كبرى فى التوجه التنموى للدولة، حيث يوجد بينهم العديد من النماذج المتميزة فى مختلف المجالات، من هنا بدأت النظرة إليهم باعتبارهم جزءًا رئيسًا من قوة العمل، ومكونًا مهماً للثروة البشرية، فسعت الدولة لتعظيم الاستفادة منهم، لذا تضمن القانون رقم (10) الصادر فى 19 فبراير 2018، حق ذوى الإعاقة فى الحصول على فرص عمل متكافئة تتناسب مع مؤهلهم الدراسى، وإعدادهم المهنى، إلى جانب عدم إخضاعهم لأى نوع من العمل الجبرى أو القسرى، كما تضمن القانون السعى لفتح أسواق العمل المناسبة لهم داخليًا وخارجيًا، وتوفير سبل الأمان والسلامة لهم، وإنشاء سجل لقيد الراغبين منهم فى العمل، وألزم القانون الجهات الحكومية وغيرها وأصحاب العمل ممن يســتخدم عشــرين عامـــلًا فأكــثر، بتعيـــــين(5 %) من عدد العاملين من الأشخاص ذوى الإعاقة، وتخفيض ساعات العمل ساعة يوميًا مدفوعة الأجر لذوى الإعاقة، أو من يرعى شخصًا ذا إعاقة، وتوفير أنظمة مرنة للتشغيل بشأن ساعات وأيام العمل والأجر المناسب، وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون.

 

 

إلى جانب القانون، وضعت الدولة ممثلة فى وزارة التنمية المحلية، خطة لتشجيع الجمعيات والمؤسسات الخاصة بمتحدى الإعاقة بتوفير فرص للتمكين الاقتصادى، والاجتماعى، وتوفير الخدمات الضرورية لهم، فكان برنامج «مشروعك» الذى أعطى أولوية للأشخاص ذوى الإعاقة لتنفيذ مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر ومساعدتهم فى تسويق منتجاتهم. 

 

 

كما أطلقت وزارة القوى العاملة «مبادرة مصر بكم أجمل» ومن خلالها تم إخضاع ذوى الإعاقة لدورات تدريبية لمواجهة صعوبات الحياة، وكيفية الاندماج فى مجتمع العمل، وإعداد السير الذاتية، وتدريبهم على تشريعات العمل، والسلامة والصحة المهنية، وتأمين بيئة العمل، والتدريب أيضًا على فكرة ريادة الأعمال، وتعريفهم على كيفية البدء فى مشروع صغير، وكيفية تنفيذه، وتفادى خسائره، أيضًا تقدم الحكومة دعمًا نقديًا لذوى الإعاقة غير القادرين على العمل قيمته4,2 مليار جنيه سنويًا. 

إنجازات رياضية

حث الرئيس عبدالفتاح السيسى الجهات المختصة بالتوسع فى توفير كود الإتاحة الهندسى لذوى الاحتياجات الخاصة، فى جميع المنشآت الشبابية والرياضية على مستوى الجمهورية، مع زيادة المشاركات الدولية لهم فى الأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية والرياضية، كما أكد الرئيس السيسى على مساواة الحاصلين منهم على ميداليات أولمبية وعالمية وقارية على المستوى الدولى، بغيرهم، فى الجوائز المالية المقدمة لهم. 

 

 

الأمر الذى حقق طفرة غير مسبوقة فى مجال رعاية وتأهيل الأشخاص ذوى الإعاقة، ودمجهم فى المجتمع الرياضى، وحقهم فى ممارسة الرياضة الاحترافية، وتحقيق البطولات، والمراكز الرياضية، فى مختلف البطولات الرياضية الإقليمية والعالمية والبارالمبية، وإتاحة أدوات الممارسات الرياضية فى مختلف الهيئات الشبابية، والرياضية، فى جميع المحافظات من خلال كود الإتاحة، وقامت جهود الدولة من خلال اللجنة البارالمبية المصرية، والاتحاد المصرى للإعاقة الذهنية، ومكتب ذوى الإعاقة بوزارة الشباب والرياضة، بتخصيص برامج ومشروعات متنوعة لذوى الإعاقة فى المجال الرياضى، إلى جانب تنفيذ مشروعات وبرامج متنوعة تنفذ خاصة لدمج ذوى الإعاقة مع غيرهم.

 

 

لم تخل مؤتمرات الشباب الدورية، أو مؤتمرات شباب العالم من تمثيل مشرف للأشخاص ذوى الإعاقة، وكان من أهم هذه المشاركات، مشاركتهم بمنتدى شباب العالم 2018، وما تم فيه من تخصيص جلسة وورشة عمل تحت عنوان «تمكين الأشخاص ذوى الإعاقة نحو عالم متكامل»، والتى انبثق عنها العديد من التوصيات لصالح ذوى الإعاقة، كما شاركهم الرئيس السيسى فى ماراثون رياضى خلال فعاليات هذا المنتدى.

الحماية الاجتماعية

ذكرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية فى تقرير لها، «أنه تم توجيه استثمارات عامة لخدمة ذوى الإعاقة قدرت بنحو مليار جنيه خلال عامى 2019/2020، و2020/2021، لتنفيذ أكثر من 150 مشروعًا تنمويًا، فى مجالات الرياضة والتربية والتعليم والصحة.

كما قامت التضامن الاجتماعى بإعداد وتجهيز أكثر من 650 مكتبًا للتأهيل الاجتماعى لذوى الإعاقة على مستوى الجمهورية بهدف إجراء الفحوص والدراسات حولهم، وتوفير الأجهزة التعويضية لهم، وتدريبهم على مهن مناسبة، وتوفير الدراجات البخارية المجهزة بالتعاون مع بنك ناصر الاجتماعى، بنسبة مساهمة تصل إلى 3 آلاف جنيه، فضلاً عن إطلاق وزارة التضامن الاجتماعى بإطلاق القاموس الإشارى الموحد للصم وضعاف السمع.

 

 

ومن بين المبادرات التى أطلقتها الدولة لرعاية ذوى الإعاقة، «بطاقة الخدمات المتكاملة»، والتى يستفيد منها ما يقرب من 14 مليون شخص، لتحسين أوضاعهم الصحية والمعيشية، كما مولت الحكومة أكثر من 150 مشروعًا لتطوير تكنولوجيا المحمول، والحاسب الآلى، والبرامج المساعدة، وتوفير الإتاحة المعلوماتية على المواقع الإلكترونية الرسمية، من خلال إتاحة إمكانيات قراءة هذه المواقع بالبرنامج الناطق لذوى الإعاقة البصرية، إلى جانب توفير الإتاحة المكانية فى المرافق العامة تيسيرًا لحرية تنقلهم، مع تفعيل جهود محو أميتهم، والمشاركة فى الأنشطة والمؤتمرات الداعمة لقضاياهم.