السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

التراث والمعاصرة فى رحلة للخلود

من الأعمال المشاركة
من الأعمال المشاركة

فى صيغ خاصة من الإبداعات تنوعت الأعمال المشاركة فى «الأبد هو الآن» أضخم معرض للفن المعاصر الذى أقيم مؤخرا.



عكس الحدث ولع الفنانين العالميين بمصر وبالأهرامات، فى مثال رائع على الربط بين عالمين؛ القدماء والمعاصرين فى رحلة البحث عن الخلود. 

وشارك فى المعرض 10 من أكثر الفنانين المعاصرين شهرة حول العالم, ووُضعت أعمالهم فى المنطقة الشاسعة المحيطة بالأهرامات، وكأنها تحيط  فى شكل نصف قوس بسفح الأهرامات الثلاثة.

وجاءت كل الاعمال فى مجسمات وقطع فنية ضخمة «صرحية» تترجم رؤى فنية تستند لأفكار عن الحضارة المصرية القديمة وعلاقة الإنسان بالكون. 

واستندت أعمال الفنانين على فكرة «الخلود» الفلسفة الدينية التى تقوم عليها العقيدة المصرية القديمة، فجاءت أعمالهم فى حرم «الاهرامات» أكثر الأماكن الأثرية تعبيرًا عن الخلود؛ سواء كفكرة أو كعمل فنى باقٍ وصامد، استطاع به الفنان المصرى القديم التواصل مع الأجيال اللاحقه من خلال ما تركه وراءه من آثار تشير إلى قدرة الفن على تحدى الموت.

ومن أبرز الاعمال  التى شاركت فى «الأبد هو الآن» القارب الشمسى للفنان المصرى «معتز نصر» بعنوان «البرزخ» وقد جاء بتصميم فريد  يحاكى الفكرة الفلسفية لمراكب الشمس فى مصر القديمة كمراكب جنائزية فى رحلتها بين عالمين، يوضع عليها جثمان الملك باعتبارها وسيلة تنقل الروح والآلهة إلى العالم الآخر من الحياة الدنيا إلى عالم البرزخ ذى الطبيعة الفريدة فى السماوات.

صمم «معتز» عمله من قضبان خشبية على شكل «مجاديف»، قام برصها بنفس الهيئة التى رصَّ بها قدماء المصريين مجاديفهم فوق مركب الشمس وعلى جانبيها،  ثم ربطها ببعضها بحبال وعُقد من نقاط ارتفاع متفاوتة خلقت «ممر هرمى»، أعطاها ذلك الممر عدة أشكال تتغير وفق منظور الرؤية.

فمن الخارج نرى «مركب الشمس»، ومن منظور آخر نراه تكوينًا هندسيًا هرمى الشكل يحاكى الأهرامات، أما من الداخل فيحمل ذلك الممر الهرمى فلسفة عميقة تبدأ ببوابة واسعة فى أولها كأنها الحياة الدنيا ثم يضيق الممر بشكلٍ تدريجى وصولًا إلى نقطة فاصلة تمثل لحظة الانتقال من حياة لأخرى ثم يتسع الممر  مرة أخرى على منظر الأهرامات وكأن الرحلة هنا قد انتهت وصولًا إلى «الخلود». 

ومن الفكرة نفسها، جاء عمل الفنان الروسى «ألكسندر بونوماريف» بعنوان «أوروبوروس» جمع فيه بين مركبين بخامة المعدن ملتصقتين ببعضهما رأسيًا بشكل عكسى ويتوسطهما ساعة رملية هرمية الشكل.

والتكوين فى مجمله على شكل الثعبان «أوروبوروس» وهو رمز قديم لثعبان يأكل ذيله بشكل يحاكى فى مصر القديمة رمز «اللانهائية» فى اشارة لأن نموذج العمل الفنى أبدى لا نهاية له. 

وتحققت فكرة الخلود للنحات «الإيطالى لورنزو كوين» ابن الممثل العالمى الراحل «انطونى كوين» من خلال عمله بعنوان «معا» الذى جاء على شكل يدين متماسكتين تظهر الأهرامات من بينهما.

وبتلك اللمسة الإنسانية أراد «لورنزو» أن يجتمع العالم كله تحت مظلة واحدة بحاضره وماضيه. وفى استخدامه المعبر للأيادى البشرية أصعب أعضاء جسم الإنسان وأكثرها تحديًا من الناحية التقنية، قوة أراد التعبير عنها.. فاليد تحمل الكثير من القوة، قوة الحب والكره، والقدرة على البناء والتدمير أيضًا.

أما توقيع الملك «رمسيس الثالث» فكان البطل للمشاركة المتميزة للأمير «سلطان بن فهد».. من خلال عمل فنى حمل اسم رمسيس الثالث وتضمن العمل عددًا من المكعبات، محفور على سطحها نقش لتوقيع الملك، يحاكى النقش الهيروغليفى الذى عثر عليه مؤخرا على صخرة بمحافظة «تيماء» شمال المملكة العربية السعودية.

جاء توقيع الملك «رمسيس الثالث» فى العمل الفنى باستخدام النحاس الذى يعتقد بعد الاكتشاف الأخير أن الملك رمسيس الثالث كان يرسل البعثات لجلبه من الجزيرة العربية.. ولذلك فالعمل يقود إلى الاهتداء بوجود جذور عميقة بين مصر والجزيرة العربية كملتقى للحضارات والطرق التجارية القديمة.

وفى تحدٍ صارخ لمستقبل الإنسانية والهندسة الوراثية جاء بالتوازى مع الحدث الفنى ولأول مره فى مصر مشاركة الروبوت «ايدا»» كأول فنانة تشكيلية آلية، استعانت فى رسم لوحاتها بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى المزودة بها من خلال كاميرات وعدسات «ايدا» .. فهى روبوت فائق الواقعية يتمتع بشخصية فنان أنتجت العديد من الأعمال الفنية من رسومات ومنحوتات إلى جانب أن شخصيتها الفنية تعتبر عملًا فنيًا فى حد ذاته.