الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

وقائع من تجارب يرويها أبطالها

أعاد مسلسل «ليه لأ» الحديث عن نظام الأسر البديلة أو ما يعرفه البعض  بـ«الكفالة»، هذا المجال الواسع الذى يحوى قصص لا تنتهى  تؤكد أن الأسرة حق لكل طفل، واجتمعت كل القصص على نتيجة واحدة وهى أنه «فى الكفالة حياة».



«صباح الخير» التقت مع عدد ممن مروا بتجربة الكفالة، حيث حكت لمياء وهى أم بديلة، حكت عن قصة كفالتها لـ«محمود» وتجربتها قائلة: تزوجت منذ أكثر من 15 سنة، وأنا وزوجى ميسورا الحال، لكننا لم نرزق بأطفال وحاولنا جاهدين بشتى الطرق الخضوع لجلسات العلاج لأكثر من 7 سنوات متتالية لكن دون جدوى.

وتابعت: علمت من إحدى صديقاتى بقصة «محمود» الذى أقوم بكفالته أنا وزوجى الآن، وسرعان ما تواصلت مع أسرته التى وافقت على الكفالة.

قصة لمياء مع كفالة محمود كانت منفردة إلى حد كبير حيث قالت «لمياء»: أمه الحقيقية «كانت تعانى من مرض خطير منذ حملها به، وعلمت من الأطباء أنها قد اقتربت من النهاية، وقد وضعته طفلا جميلا وبعد أيام قليلة لقيت ربها، وتركت نجلها رضيعا  بعمر أيام، ليلحق بها زوجها بعد شهرين من وفاتها، فهو لم يتحمل ألم فراقها».

قالت لمياء، أنه بمجرد دخول محمود حياتها ووزوجها وقد تغيرت، فهما لم يعد يشعران بأوجاع الوحدة والحرمان، وأكدت أنها قد قامت بإرضاعه واهتمت به وزوجها إلى أقصى درجة، وكانت تراه أنه عوض من الله لها ولزوجها عن سنوات علاجهما.

وأشارت لمياء إلى أنها تعرضت هى وزوجها إلى، مواقف صعبة استطاعا تجاوزها تضيف: فى أحد الأيام أثناء قيام إحدى المدرسات بمدرسة محمود بمعاينة الغياب بالمدرسة، جاء اسم محمود باسم والده الحقيقى ولم يرد عليها، وعندما سألته المدرسة عن سبب عدم الإجابة أجاب بأن الاسم ليس مطابقا لاسم والده الذى يعيش معه، فسرعان ما تواصلت معى المدرسة كانت لا تعلم واقعة الكفالة، وكثفت جهدى أنا وزوجى بعد تلك الواقعة لإزالة ومحو أى آثار سلبية تركتها فى نفس ابنى الذى أصبح يمثل لنا الدنيا بما فيها.

كفالة عز

أما ياسمين أم لطفلتين قالت إنها منذ أن تعرفت على زوجها وهى تتحدث إليه عن فكرة الكفالة، ورغم أنها قد رزقت بطفلتين منه وهما آية وجود، إلا أنها ظلت تبحث عن الكفالة رغم ذلك سعت فى الطريق لكفالة طفل ثالث وقد كان احتياج الطفل للحب والرعاية والاهتمام للحياة بشكل سليم وطبيعى وهو ما زاد رغبتها فى الكفالة بعد إنجابها.

وقالت ياسمين: «أخذت أنا وزوجى قرارنا النهائى بالتقديم على كفالة طفل ثالث، وكنا نعلم أن الإجراءات تحتاج وقتا، ولكن أخذنا الموافقة على الكفالة لطفل صغير يقرب سنه من عمر بناتنا، وعلمنا بالصدفة أن هناك طفلًا لديه 9 أشهر فى دار رعاية يدعى عز، رفضت كفالته  كثير من الأسر بسبب لون بشرته، فقررت أنا وزوجى كفالته فور رؤيته».

وتابعت: «أشعر بحب يزيد لـ«عز» يوما بعد يوم، مع كلمة ماما عندما سمعتها لأول مرة، كنت متيقنة أن حبنا سيكبر مع الوقت مثلما حدث مع أخوته، وحاليا أصبحوا مرتبطين ببعضهم البعض، وأجمل لحظات حياتى عندما أجدهم يلعبون سويا».

حكاية أمنية

 أمنية المشد، واحدة من أشهر الحالات التى تمت كفالتها عندما كان الموضوع أكثر من صعب فى مجتمع كانت نظرته قاسية للمسألة، وهى تبلغ من العمر الآن 26 عاما، قائلة: «تمت كفالتى وعمرى 5 شهور، وكانت تجربة إيجابية وطبيعية جدا، وعلاقتى بأهلى كانت قريبة جدا رغم فارق السن، وكنت الوحيدة ولم يكن لدى إخوة».

وتابعت أمنية: «بابا كان عنده 51 سنة لما كفلونى، وبعد شهور قليلة مرت والدتى بأزمة صحية، فكان والدى الأكثر تواجدا فى حياتى كطفلة، وكنا قريبين جدا وأصدقاء على عكس كثيرات من صديقاتى وزميلاتى فى المدرسة كان بابا معى فى جميع تفاصيل حياتى، فى المدرسة والنادى المذاكرة وأوقات اللعب والرفاهية.

 تضيف: درست اللغة الألمانية لأن والدى كان يحبها، وكان يعلمها لى قبل أن أتعلمها فى المدرسة أو الجامعة، تقول أمنية: توفى بابا منذ 4 سنوات فى صدمة كبيرة، أما والدتى فكانت علاقتى بها طبيعية للغاية، لكن حدث بيننا بعض المشكلات البسيطة خلال فترة المراهقة، وكانت بشهادة العائلة كلها أحن وأطيب الناس على».

وأشارت المشد إلى أن من أصعب ما مرت به فى حياتها، نظرة المجتمع للأطفال المكفولين، وسؤال الناس الدائم لى عن علاقتى بأهلى.

وحكت قائلة: «بداية علمى بموضوع الكفالة، كنت طفلة وقال لى والداى أن أهلى الأصليين كانوا ضمن أصحابهم ولكنهم توفوا لذلك أخذونى للعيش معهم، وقتها لم أدرك معانى تلك الكلمات ولم أهتم، لكن عندما كبرت بدأت أسأل عن الصور التى تجمع والدى بأهلى الأصليين وكانت القصة بالنسبة لى غير مقنعة، حتى صارحتنى والدتى وأنا بسن الـ16 عاما، وعلمت أنهم تقدموا بطلب كفالة وقاموا بكفالتى ولم أشعر بأى صدمة وقتها لأننى علمت الحقيقة».

وقالت المشد: «والداى كانا يخافا علىِ من ردود فعل الناس خصوصا فى المدرسة، حيث كان السؤال الدائم لماذا اسم والدك مختلف عن اسم والدك بكشوف الطلاب؟ وكنت أرد وقتها أن والدى لديه اسمان، ولكن بعد التحاقى بالجامعة، شعرت أن الموضوع ليس عارا وبدأت أحكى الموضوع على حقيقته، وكانت هناك ردود فعل إيجابية وسلبية ومحايدة، لكنى فوجئت بهجوم البعض علىِ وقالوا لى إن الكفالة حرام، وكان هذا الموقف من أصعب المواقف التى مرت على.

واختتمت كلامها: «كل ما أريد قوله، أننا لسنا ضحايا وأننا نشعر بالضيق عندما يتم معاملتنا بحساسية مفرطة أو عندما ينظر إلينا أحد نظرة شفقة أو عطف، القصة كلها أننا فقدنا أهلنا بطريقة أو بأخرى وعوضنا بأسر أخرى لكى نعيش معهم حياة طبيعية، وأنه يجب على الأسر البديلة أن تصارح أطفالها بأنهم مكفولون فى الوقت المناسب، حتى لا يحدث الصدمات، لأنهم سيعرفون بالتأكيد مهما طال الوقت».