الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

السؤال الأزمة: إزاى هأقوله إنه مش ابنى؟!

طفل صغير يعطى للحياة بهجة وروح، فغريزة الأمومة موجودة بداخل كل أنثى وتزاد هذه المشاعر كلما تقدم العمر، لكن اتخاذ بعضهن قرارا بعدم الزواج جعلهن لا يعرفن طعم السعادة الأكبر بمشاركة الحياة مع طفل منذ صغره.. لهذا ظهرت فكرة السينجل مازر بمعناها الطيب حيث تدخل الأم حياة جديدة بأدق تفاصيل الأمومة مع طفل تختاره بنفسها لكى تتكفل به. 



انحاز عدد من السيدات لهذه الفكرة وبدأن فى اتخاذ الإجراءات ليعشن التجربة، لكنهن واجهن انتقادات من المجتمع.

أما الطفل المكفول فرغم خروجه لعالم أفضل لكنه يواجه هو الآخر مشاكل مرتبطة بنظرة الآخرين.

 

ماهر السعيد واحد من أبناء دور الرعاية قال إنه اليوم الذى وعى فيه على الدنيا وهو لا يعرف إلا إخوته فى الدار والعاملين فيه، وتعرض خلال الـ 12 عاما التى عاشها فى الدار لموقف مازال يتذكره جيدا رغم تجاوزه الـ20 عاما، فلأكثر من مرة كان ضمن مجموعة أطفال تعرضهم الدار من أجل الكفالة.. ومرتان لم يتم اختياره، فكانت دائما السيدات تميل لاختيار الأقل سنا والأكثر جمالا، ولسوء حظه لم يمتلك أيا منهما.. أول مرة واجه هذا الموقف كان عمره 7 سنوات، وهو من أصحاب البشرة السمراء والملامح البارزة التى لا يفضلها البعض. 

فى عمر الـ 11 عاما ضحك له القدر، فأسرع لجمع أعراضه البسيطة، وكله اشتياق لرؤية منزله الجديد وغرفته التى رسمها فى خياله، وبالفعل ذهب لمنزل والده بالتبنى بحى الضاهر وبدأ يتأقلم مع المنزل الجديد. 

أول أزمة بخصوص وضعه الجديد واجهها ماهر يضيف: «عندما سمع حارس العقار يخبر أحد السكان أن هذا الفتى الأسمر جاء من دار أيتام.. وبعد أيام قليلة وجد والده بالتبنى يرسله لمنزل أحد أصدقائه ووعده بأنه سيعود له فى أقرب وقت. 

وعلم بعدها أن سبب البعد لمدة اقتربت من 3 شهور هو رفض سكان العمارة لطفل مجهول النسب يعيش وسط أبنائهم، لكنه عاد لوالده من جديد بعد أن انتقل لمنزل آخر.

عبير خالد الدين مؤسسة إحدى دور رعاية الأيتام، كشفت أن موضوع الكفالة من أكثر ما يسعدها منذ أن تولت مسئولية الدار فرغم الرعاية التى تحاول توفيرها للأطفال لكن وجود الطفل فى منزل مع أب وأم قادرين على توفير رعاية مميزة ومناخ أسرى خال من التوتر يساعد على خلق شخصية هادئة ومتزنة.. لكن أكثر ما يلفت انتباه وقوع الظلم على بعض الأطفال خاصة الذكور، فأغلب الآباء الذين يقدمون على هذه الخطوة يكون اختيارهم للبنات ويفضلون أن يكون عمرهن بين 6 أشهر و5 سنوات.

قرار التبنى للفتاة غير المتزوجة لا يخصها بمفردها، حيث يتدخل كل أفراد العائلة لمحاولة منعها من اتخاذ هذه الخطوة بكل الطرق، وكأنها ستتخذ قرار الحكم على نفسها بالإعدام وإنهاء حياتها ومستقبلها. 

عاشت سماح حسين فترة صعبة تحاول فيها إقناع أشقائها برغبتها واحتياجها النفسى لتعيش تجربة الأمومة مثلهن، فتقول إخصائية التحاليل صاحبة الـ 38 عامًا أنها لم تجد الشخص المناسب ليكون شريك حياتها وأب لأبنائها ومع مرور الوقت وإصرارها على رأيها توفى والداها ووجدت نفسها تعيش بمفردها فى منزل كبير وتشعر بفراغ كبير بعد انتهاء عملها فى الـ 3 عصرا. 

وعندما أصرت على القرار كان أول من عارضها هم أهلها وكان عليها مواجهتهم بعدما كانوا ضدها وأكدوا جميعا أن الأمومة بدون زواج لا قيمة لها، فهى لن تشعر بمعنى الكلمة إلا بعد تجربة الحمل والولادة ورؤية طفلها يكبر أمامها ويكون بجوارها زوج يشاركها تربية الطفل. 

نفذت سماح مخططها وتبنت طفلة صغيرة عمرها عام ونصف العام وبدأت معها حياة جديدة مستقرة ومليئة بالسعادة والحب، وخلال هذه الفترة انقطعت الزيارات بينها وبين أشقائها، وفى أحد النقاشات مع شقيقتها عبر الهاتف سألتها كيف ستخبر الطفلة عندما تكبر عن عائلتها الحقيقية. 

فتح السؤال عينها على أول أزمة ستواجهها مع ابنتها المكفولة عندما تبدأ الإدراك، فقررت استشارة طبيب نفسى متخصص فى التعامل مع الأطفال ليعلمها أفضل طريقة فى هذه المرحلة وكيف تكون مستعدة  لكل أسئلتها دون أن تؤذى مشاعرها أو تشعر بالتذبذب. 

دكتور جمال نور الدين أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس أكد أن ظاهرة كفالة السنجل مازر للأطفال مازالت تواجه انتقادات كبيرة فى المجتمع المصرى لأنها جديدة ومختلفة عن الفكر المتعارف عليه، لكن مع الوقت سيتقبلها المجتمع مثل الكثير من العادات والتقاليد التى تغيرت بشكل كبير. 

وتابع: هى فكرة مقبولة توفر للكثير من الفتيات حياة سعيدة مع طفل يعطيهن مشاعر الأمومة ويشغل حياتهن، وفى المقابل تؤمن له حياة مستقرة وهادئة لتخلق للمجتمع شخصا سويا خاليا من العقد، يضيف: «سيل الانتقادات التى تواجه السنجل مازر سيقل مع الوقت وبتغيير ثقافة المجتمع خاصة أن الفكرة فى طريقها للانتشار بشكل كبير.