الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
فرعـونيات نجـيب محفـوظ

فرعـونيات نجـيب محفـوظ

لماذا بدأ نجيب محفوظ رواياته بالفرعونيات؟، فكتب رواياته الأولى على موضوعات من التاريخ الفرعونى ممثلة فى «عبث الأقدار»، و«كفاح طيبة»، و«رادوبيس».



يُرجع بعض النقاد ذلك إلى تأثير المد الفرعونى فى بدايات القرن الماضى؛ وبخاصة بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون فى العشرينيات من القرن الماضى.

أمّا نجيب محفوظ فقد كشف عن تأثره بقراءاته فى التاريخ الفرعونى القديم؛ خصوصًا أعمال «رايدر هاجارد» صاحب رواية «هى أو عائشة» وأعمال «هوك كين» الأديب الإنجليزى الذى اشتهر بالكتابة عن التاريخ الفرعونى.

لكن السبب الأهم الذى لم يلتفت إليه الكثيرون هو تأثير النشأة الأولى لنجيب محفوظ؛ فهو يقول فى بعض ذكرياته: «كانت والدتى دائمة التردد على المتحف المصرى،وتحب قضاء أغلب الوقت فى حجرة المومياوات، ولا أعرف السبب لذلك». وأكد أن كتابته لروايته الأولى الفرعونية كانت بسبب زياراته المتكررة للمتحف المصرى فى طفولته بصحبة والده، ثم والدته بعد ذلك، كما قال لرجاء النقاش الذى سجّل بعض هذه الذكريات فى كتابه «نجيب محفوظ- صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته».

ومما ذكره محفوظ: «إن الشعراء نظموا أغنيات كثيرة عن المصريين القدماء ونحن صغار، ومنها أغنية «إحنا أبونا توت عنخ آمون».

تذكرت هذه الكلمات وأنا أشاهد وأستمع إلى ترانيم المهابة لإيزيس، التى اختارها وراجعها د.ميسرة عبدالله، وهى من النص المكتوب على جدران أحد المعابد فى الأقصر، وقد تغنت بها أميرة سليم فى الحفل الأوبرالى الذى توافق مع الاحتفال بنقل المومياوات من المتحف المصرى إلى مقرّه الجديد فى المتحف القومى للحضارة المصرية فى الفسطاط.

ومن هذه الترانيم «يا أيها البشر والآلهة الذين فى الجبل/ إنها السيدة الوحيدة/ مهابة لإيزيس فإنها التى تلد النهار»، وأتصور أن هذه الأنشودة بموسيقاها الرائعة، وهذا الموكب الملكى للمومياوات الذى يعد من أهم الأحداث الأثرية والثقافية خلال القرن الواحد والعشرين سيكون له تأثير كبير على من شاهده من الجيل الجديد فى المستقبل القريب والبعيد، فالملامح المصرية الجميلة وقد اكتست باللون الذهبى والرسومات الفرعونية على الوجوه المصرية على مواقع التواصل  الاجتماعى، وصفحات الفيس بوك والتى صورت فرحتنا فى حضرة الملوك الفراعنة الأجداد سيظل ماثلا فى الوجدان، مُلهمًا للأشعار والروايات، والمعزوفات الموسيقية والأوبرات، مؤثرًا فى الإبداع، متواصلا كتيار مهم من أهم روافد الشخصية المصرية العاشقة لتراثها الفرعونى والقبطى والإسلامى.