الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
نفس اللحظة

نفس اللحظة

تأخذنا حلقات مسلسل (الاختيار 2) لما هو أبعد من حالة التوثيق لتاريخ عشناه جميعنا وضاقت به الصدور من فعل تجار الدنيا والدين. فتربط أحداث المسلسل بين حيوات الأبطال فى لحظات كانت فارقة فى حياة بلادنا. ودعونى أضرب لكم مثلاً بما أقول.    



ففى نفس اللحظة التى كان يعلن فيها وزير الدفاع المصرى الفريق أول «عبدالفتاح السيسى» بيان عزل مرسى يوم 3 يوليو 2013، كان الإخوانى محمد البلتاجى يتم تصويره بالفيديو من مكان تواجده فى مسجد رابعة العدوية وسط عشيرته وهو يتابع البيان على شاشة التليفزيون. أى أنه كان هناك فى المكان أحد الأبطال المتخفين والقريبين من قيادات الإخوان. بمعنى أن حركات وحياة وأنفاس الإخوان فى اعتصامهم الإجرامى كان مسجلًا صوتًا وصورة، ومن هنا لا يمكن إنكارهم وجود سلاح فى رابعة والنهضة كما لا يمكنهم إنكار الخيانة.  

  -وفى ذات اللحظة كان «المنسى» فى طريقه لإنقاذ كمين للجيش فى سيناء ودعم قواته قبل أن يسمع  كلمة البطل قائد الكمين وهو بعد ملازم أول: «غربل الكمين يا منسى قبل ما ياخدو السلاح». فى ذات اللحظة التى كان فيها يسير هشام عشماوى وزوجته فى قلب ميدان رابعة وهو لا يعلم أنه قد تم رصده. فى ذات اللحظة التى يشهد فيها كمين من كمائن الأمن المركزى فى رفح بسيناء هجومًا إرهابيّا من عناصر مسلحة وبأعداد كثيرة يحاول صدها الرجال. فى ذات اللحظة التى يُفشل فيها أبطال من أمن الدولة، أو كما يُطلق عليه بعد 2011 الأمن الوطنى، محاولة قذرة للإخوان لتنفيذ عملية إرهابية فى منطقة الكوربة بحى مصر الجديدة لإيقاع الضحايا وبث الخوف.

-كل هذا بينما حشود المواطنين فرحة ترفع أعلام مصر وتردد «تحيا مصر» مع سماع كلمات البيان فى الشوارع، تهلل وترفع صوتها لتحية الجيش وقائده غير مصدقة بزوال غُمّة الإخوان وتابعيهم. 

كل هذا وأكثر بينما هناك عيون ساهرة لم تنم ليلها فغزلت نور الشمس لتحيا مصر. قوات جيش وشرطة، أمن دولة ومخابرات، قادة خبراء و شباب لا يزالون على أول سلم الحياة، جميعهم منحونا الأمان وعاشوا هم الخطر والتوتر. تركوا بيوتهم لنعود لبيوتنا، فارقوا أبناءهم لنحتضن أبناءنا، ولذا فمَهما كررنا من شكر وأنعمنا عليهم بتقدير فلن نوفيهم حقوقهم.  

نعم هكذا هى لحظات الحياة؛ وبخاصة العظيمة منها، مَشاهد ينسج خيوطها فعل البشر ليسير الشر بالتوازى مع الخير يناصبه العداء، ولكن يبقى عمل المخلصين خالدًا لا يموت بينما تتبع الخائنين اللعنات فى الدنيا والآخرة. 

هكذا هى لحظات الحياة اختيارات عليك أن تختار فيها موقعك فيها، فهو أمر متروك لك. فالخير بَيِّنٌ والشر بَيِّنٌ ولسنا بمسيّرين فى الاختيار بينهما؛ بل منحنا الله العقل للتمييز.