الإثنين 19 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«الدلتا الجديدة» يُغيِّر خريطة مصر الزراعية

الدلتا الجديدة مشروع عملاق يغير الخريطة الزراعية فى قفزة للمستقبل
الدلتا الجديدة مشروع عملاق يغير الخريطة الزراعية فى قفزة للمستقبل

«الدلتا الجديدة» مشروع عملاق فى مستقبل مصر الزراعى، تسعى جميع أجهزة الدولة لإنجازه، بعد أن أعلن عنه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى نطاق الساحل الشمالى الغربى بمنطقة الضبعة وما يجاورها؛ على مساحة أكثر من مليون فدان قابلة للزيادة بتكلفة مبدئية حوالى 200 مليار جنيه؛ خلال عامين.



ويقوم المشروع على استخدام مياه غير تقليدية وجوفية، مع تطبيق نُظم الرى الحديثة لتوفير استهلاكها؛ بعد دراسات وافية أجرتها فرق من عدة وزارات وجهات، أكدت صلاحية الأرض لزراعة أنواع مختلفة من المحاصيل، وإقامة مجتمع زراعى صناعى تجارى متكامل؛ فى قفزة على طريق التنمية. 

توفير مياه رى بثلاث طرق للمعالجة .. وطفرة فى المحاصيل الزراعية
توفير مياه رى بثلاث طرق للمعالجة .. وطفرة فى المحاصيل الزراعية

 

 

  يستهدف  المشروع استيعاب الزيادة السكانية من شباب الخريجين فى قرى متطورة وحديثة، وتحقيق معدلات عالية من الاكتفاء الذاتى بشكل مستدام، والحد من الاعتماد على استيراد السلع الغذائية، والتوسع الأفقى فى الأراضى الزراعية؛ وخلق ملايين من فرص العمل فى الأنشطة الزراعية والمرتبطة بها. وتعزيز استراتيجية الدولة فى مجال إنشاء مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة تتسم بنظم إدارية حديثة.

 ويشمل مشروع «الدلتا الجديدة»، مشروع مستقبل مصر، على مساحة500 ألف فدان، على امتداد طريق محور «روض الفرج - الضبعة» الجديد؛ الذى أُنشئ ضمن المشروع القومى للطرق ويبعد 30 دقيقة عن مدينة السادس من أكتوبر إضافة إلى مليون فدان فى نطاق المشروع، وتم استزراع 200 ألف فدان باستخدام  المياه الجوفية، والمتوقع أن تصبح 350 ألفًا مع بداية عام 2022، باستخدام 1600 جهاز رى محورى مطور؛ لتنتج أجود المحاصيل الزراعية بإجمالى استثمارات 5 مليارات جنيه، بالإضافة لمشروع استصلاح أكثر من 500 ألف فدان بمنطقة جنوب محور الضبعة غرب «مستقبل مصر»، بالقرب من الدلتا القديمة وشبكة الطرق والموانئ، ويربط بين الحدود الإدارية لمحافظات مطروح والبحيرة والجيزة، حيث القرب من مناطق الخدمات وسهولة الانتقال ونقل المستلزمات والمعدات اللازمة لتنفيذه.

 

دعم قوى للإنتاج المحلى من المحاصيل و %15 إضافة للرقعة الزراعية
دعم قوى للإنتاج المحلى من المحاصيل و %15 إضافة للرقعة الزراعية

 

واتضح من تحليل 20 ألف عينة من التربة أنها صالحة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية؛ وعلى رأسها القمح والذرة الصفراء والبقوليات ومحاصيل الخضر وأنواع مختلفة من الفاكهة، وهناك إمكانية للتوسع المستقبلى فى المساحة وفقًا لمدى توفر مصادر مياه إضافية.

وسيتم تجميع ونقل مياه المصارف الزراعية بمنطقة شمال الدلتا إلى محطة معالجة مياه الصرف الزراعى بمنطقة الحمام بالساحل الشمالي؛ لإنتاج 6 ملايين متر مكعب يوميًا واستغلالها مرة أخرى، عن طريق شق مسار بطول 120 كم، فى إطار استراتيجية الدولة للتوسع فى الرقعة الزراعية، وتطوير منطقة الصحراء الغربية، وتكوين مجتمعات زراعية وسكانية جديدة ترتكز على الإنتاج والتصنيع الزراعي.. هذا بالإضافة إلى المشروعات الجارى تنفيذها فى شمال ووسط سيناء وتوشكى والوادى الجديد والريف المصرى؛ والتى تضيف أكثر من 2 مليون فدان إلى الرقعة الزراعية خلال عامين.

عبقرية الموقع

مراحل تنفيذ «الدلتا الجديدة» سوف تتم بأياد مصرية 100 %، لإنشاء الطرق واستصلاح الأراضى وحفر الآبار ومحطات الصرف وإمدادات الكهرباء، وانشاء التجمعات السكانية وغيرها من المرافق المختلفة، والمجمعات الصناعية العملاقة المستهدفة كمحطات الفرز والتعبئة والتغليف وتصنيع المنتجات الزراعية ومحطات للتصدير والإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى، ومراكز لتجميع الألبان وتصنيعها ومصانع أعلاف.  

يتميز المشروع العملاق بموقعه العبقرى لقربه من الدلتا القديمة وشبكة طرق وموانئ ويربط بين عدد من المحافظات، ما يساهم فى إعادة توزيع السكان وجذب عدد كبير من المواطنين؛ لتخفيف التكدس السكانى فى الوادى والدلتا، ويدعم الصادرات الزراعية إلى الأسواق العالمية.

 

عبقرية المكان تغير  الجغرافيا وآفاق جديدة لتوسع مدروس
عبقرية المكان تغير الجغرافيا وآفاق جديدة لتوسع مدروس

 

 وسوف يتم تطبيق نظم الرى الحديثة لتوفير استهلاك المياه، وتعظيم إنتاجية وحدتى الأراضى والمياه، اعتمادًا على التكنولوجيات الجديدة ونظم الزراعة الحديثة والميكنة والمعلومات والخبرات العلمية، وتدريب الخريجين المتخصصين فى الزراعة، لإكسابهم خبرات التعامل مع طرق الرى الجديدة والتكنولوجيا الحديثة فى زراعة الصحراء.

 وقال الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة: إن تكلفة استصلاح الفدان الواحد تقترب من 200 ألف جنيه وتكلفة استصلاح مليون فدان 200 مليار جنيه، وقد انتهت أجهزة الدولة من المرحلة الأولى للمشروع، وتحديد المجمعات الصناعية، وكذلك محطات التصدير، ومزارع الإنتاج الحيوانى، ومنتجات الألبان.

والمشروع سيكون له عائد اقتصادى كبير على الدولة. والأرض من أجود أنواع الأراضى، وهناك منطقة على بعد 50 – 70 سم طفلة طينية، نظرا لأن تلك المنطقة كانت تعتبر ممرًا لنهر النيل منذ فترة زمنية سابقة؛ ما يساعد على تطوير الزراعة بها ويؤكد أنه تجود فيها معظم الزراعات.

من جانبه قال الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين: إن تنفيذ المشروع فى عامين يعد إعجازًا، خصوصا أنه تم استصلاح 2.3 مليون فدان فقط خلال الـ40 سنة الماضية، وسوف يساهم المشروع فى زيادة المحاصيل؛ وبالتالى زيادة الصادرات الزراعية، ويساهم فى زيادة نسبة زراعة المحاصيل الزيتية؛ حيث تستورد مصر 90 % من الزيوت.

وقال الدكتور جمال عبدربه رئيس قسم البساتين بزراعة الأزهر: المشروع يضيف 15 % للرقعة الزراعية، ويمثل نقلة زراعية وعمرانية؛ مع إنتاجية مضاعفة من الفدان بعد الاستعانة بأحدث التكنولوجيا. كما أنه يفتح طريقًا أمام الأسواق الجديدة وفى دول ذات قوة استهلاكية كبيرة مثل الصين والهند والبرازيل.

 وأضاف الدكتور سعيد سليمان أستاذ الوراثة بكلية زراعة جامعة الزقازيق: التربة فى الدلتا الجديدة تتصف بأن بها (عرق طفلة)، و(عرق طمي)، وتحتفظ بالمياه، وغنية بكربونات الكالسيوم، وصالحة لأغلب الزراعات، والمياه الجوفية جيدة 600-3500 جزء بالمليون. ويمكن زراعة التين والجوافة والعنب والتفاح والخوخ والنخيل والزيتون؛ لاحتياجاتها المائية المنخفضة وتحملها للجفاف، ويجب العمل على توصيل مياه النيل من أجل خلق تنمية مستدامة بالمشروع.

 آلاف من فرص العمل

وحسب الدكتور على إسماعيل، وكيل معهد الأراضى والمياه: إن المشروع يوفر نحو آلاف من فرص العمل مباشرة وغير مباشرة فى الخدمات والنقل والأعمال الزراعية والتسويق والتجارة وغيرها مثل إنتاج الخضر للسوق الخارجية والمحلية وزهور التصدير. والدلتا الجديدة منطقة واعدة يمكن أن تعطى إنتاجا زراعيًا متنوعًا يساوى إنتاج الدلتا القديمة بعد الزحف العمرانى وتقلص فرص التنظيم والتطوير بها، وتعدد مشاكلها واختلاف الممارسات الزراعية بها.

وأوضح «إسماعيل» أنه سيتم إعادة تدوير المياه والقمامة والمخلفات النباتية، وتغدية الحيوانات على العليقة الخضراء للحبوب المستنبتة، ومشروع الإنتاج  الحيوانى سيعتمد على النظام المتكامل فى إنتاج اللحوم والألبان وتصنيعهما، وكذلك الصناعات القائمة عليهما.

وأضاف «إسماعيل»:  تبذل الحكومة جهودًا جبارة، لإنشاء أكبر محطة تحلية ومعالجة لمياه الصرف الزراعى فى العلمين، مع العمل على تدبير مياه لامتداد ترعة الحمام. وكذلك محطات الرفع والترع المكشوفة والمغطاة، واستصلاح الأراضى وشبكة الطرق والكهرباء وغيرها من البنية التحتية اللازمة لتأهيل الأراضى للزراعة، بالإضافة إلى المياه الجوفية، ومياه الأمطار وتحلية المياه لأغراض الشرب والصناعة للمجتمع العمرانى الصناعي.

من جانبه، قال الدكتور نعيم مصيلحى، مستشار وزير الزراعة للتوسع الأفقى إنه سيتم توزيع الأراضى على شباب الخريجين وصغار المزارعين والمستثمرين، وجارٍ دراسة كميات الإنتاج والتصنيع الزراعى، واستكمال المساحة، والتكلفة المبدئية لتوصيل خط المياه للمشروع بـ20 مليار جنيه، بخلاف تكلفة استصلاح الأراضي.

 وتابع: « سيتم استخدام  مياه استخدمناها سابقا؛ بعد معالجة ثلاثية متطورة لها؛ لتصبح صالحة طبقا للمعايير العالمية الصحية للاستخدام فى الزراعة.. وهذه الفكرة طُبقت فى 3 مناطق منها المحسمة بقدرة مليون متر لزراعة 50 ألف فدان شرق القناة بدلا من إلقاء المياه فى بحيرة التمساح وتلويثها، وستدخل محطة بحر البقر الخدمة فى يونيو المقبل، والتى تكلفت نحو 14,2 مليار جنيه، وهى الأكبر على مستوى العالم؛ بقدرة 5.6 مليون متر يوميا، يتم استغلالها بدلًا من إلقائها فى بحيرة المنزلة، ويتم نقلها لشرق القناة من خلال سحارات لمحطة المعالجة التى ستساهم فى زراعة 500 ألف فدان شرق القناة وإنشاء مشروعات تنمية زراعية متكاملة، بالإضافة لمحطة الحمام فى الإسكندرية سيكون لها دور مهم فى زراعة مشروع الدلتا الجديدة؛ وبذلك تبلغ مصر قريبا من إجمالى الأراضى المنزرعة بالمياه المعالجة مليون فدان فى منطقة الضبعة و500 ألف فدان فى سيناء و600 ألف فدان فى توشكى».

 

أساليب زراعة حديثة اعتمادا على آخر ماوصلت إليه التكنولوجيا
أساليب زراعة حديثة اعتمادا على آخر ماوصلت إليه التكنولوجيا

 

 

 

  مصادر متنوعة للرى

من جانبه قال المهندس شحتة إبراهيم، رئيس مصلحة الري: إن 6 ملايين متر مكعب مياه، سوف تأتى من مياه الصرف الصحى، التى كانت تُلقى فى بحيرة مريوط، ومياه الصرف الزراعى أيضا، سيجرى تجميعها وتوصيلها لمحطة معالجة ثلاثية عند منطقة الحمام والعلمين، إضافة إلى المياه الجوفية من خلال الرى بالآبار؛ لافتًا إلى أنه سيتم توصيل المياه من مصرف النوبارية وفرع ترعة الحمام المعالجة، ومعالجة مياه مصرف النوبارية وترعة الحمام معالجة ثلاثية لاستخدامها فى الرى ليكون هناك 3 مصادر للرى لزيادة عمر واستدامة المشروع.

قال الدكتور إسماعيل عبدالجليل رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق، إنه سوف يتم رى الـ٥٠٠ فدان فى نطاق «مستقبل مصر» بمياه جوفية والمستهدف حاليا سوف يروى بمياه الأمطار «الخضراء» وهى فى ارتفاع ملحوظ، ومياه الصرف الزراعى المعالج «الرمادية» ومياه الصرف الصحى المعالج « السوداء» الواردة من الإسكندرية. ومنظومة المعالجة لمياه الصرف الزراعى والصحى لرى أراضى الاستصلاح كفيلة بتحقيق ثلاث منافع متكاملة من خلال مياه كانت تمثل عبئًا ثقيلًا للصرف الصحى، ومسببًا لسوء الصرف وزحف التصحر لأكثر من مليونى فدان بالنوبارية وما حولها، وعائقًا للتوسع الزراعى الأفقى.

وقال الدكتور محمد سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية: العديد من الأصناف الجديدة للقمح عالية الإنتاجية ومقاومة للأمراض، والفول البلدى عالي الإنتاجية والجودة، والبصل الجديد الممتاز للتصدير، والكتان والبرسيم والشعير التى تزع تحت الظروف المطرية، جميعها تصلح للزراعة بالدلتا الجديدة وهذه الأصناف قليلة الاحتياجات المائية وعالية الإنتاجية وتلبى طلبات المزارع والأسواق والتصدير.