السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الإرهاب الأسود يغتال مـيـادة

الإرهاب الأسود يغتال  مـيـادة
الإرهاب الأسود يغتال مـيـادة


 
رصاصتان فى الرأس كانتا كفيلتين بتحويل الزميلة ميادة أشرف الصحفية بجريدة الدستور من محررة للخبر إلى عنوان يتصدر كل وسائل الإعلام.. نزلت الفتاة ذات الثلاثة والعشرين ربيعا، فى زخم الأحداث لتنقل للعالم بالقلم والصورة إجرام جماعة الإخوان الإرهابية، لتفضح مخططهم وتصفع كل المنادين بالمصالحة مع الإرهابيين على وجوههم.
 
كانت ميادة على موعد مكتوب فى الأزل مع قدرها، فاضت روحها فى التوقيت المحدد إلى بارئها، وسقت دماؤها الطاهرة تراب وطن كانت تحلم به أفضل، كانت تريده أمنا وسلاما.. ماتت ميادة وبقى الحلم يرفرف فى سماء الوطن.. لحقت ميادة بشهداء الحرية الذين سبقوها.. لحقت بالحسينى أبوضيف الذى حملت لافتة يوم رحيله تقول إن الكاميرا لن تسقط يا حسينى.. سقطت ميادة وسقطت كاميرتها وارتفع اسمها فى قوائم الشهادة والشرف، وسقط كل الخونة الذين باعوا دينهم ودنياهم وأوطانهم للأجندات الإرهابية.
 
ذهبت لأشارك فى وقفة زملائى الصحفيين بكل الأسى والحزن على الزميلة ميادة أشرف، تعرفت عليها من صيحات زميلاتها وزملائها المقربين والذين أجمعوا على طيبتها وأخلاقها الدمثة ونشاطها فى العمل، كانت بانتظار حفل عيد ميلادها خلال أيام لتدخل عامها 23 بعد أن تحملت المسئولية منذ نعومة أظافرها، عشقت الصحافة وتغربت عن منزل والديها من أجل صاحبة الجلالة، أصابتنى حالة من الخوف الشديد والحزن أيضاً وانتظار نفس المصير فكل من عمل صحفياً كان عاشقاً لهذه المهنة دون تفكير فى مصيره، ودون تفكير فى أن يحيا حياة رغدة طيبة يسعى فقط لمنحه شرعية عمله داخل الوطن، استوقفتنى عن التفكير هتافات زملائى على باب نقابة الحرية والصوت العالى.
 
التقيت بريهام يوسف صحفية وزميلتها بالعمل الميدانى منذ عامين قالت وهى باكية: كنت آراها بالمسيرات الأسبوعية وكنا نتواصل يومياً على صفحة التواصل الاجتماعى، كانت دؤوبة جداً فى عملها وأجمل حاجة فيها ضحكتها وآخر حاجة كتبتها على صفحة تواصلها الاجتماعى اللى هيصيبنا من نصيبنا، وقبلها تعليق يا رب طبطب عليا وملأت الصفحة اعتذارات لوالدتها لأنها لم تذهب لها فى عيد الأم وكانت تتمنى أن تنتهى من العمل باكراً حتى تستطيع السفر لوالدتها، كانت تتمنى الحب وتبحث عنه دائما الله يرحمها.
 
أما زميلتها ريهام بهاء صحفية فتقول: نزلت من أجل خبر فأصبحت هى الخبر، هى التى طلبت تغطية مسيرة عين شمس هذا الأسبوع حتى تستطيع السفر لوالدتها بعد الانتهاء من عملها مبكراً، كنا بنتأخر فى عملنا كل أسبوع وكنا نكتب على صفحة الفيس أماكن تغطيتنا، وهى التى اختارت بنفسها هذه المسيرة على أمل أن تنتهى مبكراً من عملها ولم تكن تتوقع ما سيحدث لها، أتمنى عدم المتاجرة باسمها هى كانت تؤدى عملها فقط ولم تنحز لأى من الطرفين وليست إخوانية كما يدعى البعض حرام عليكم بقى.
 
ويقول محمد الرفاعى صحفى وصديق لها منذ عامين: تعرفت على ميادة وهى بعمر ابنتى فتاة طيبة جداً مسئولة تحب عملها جدا، تعمل بجريدة مصر العربية وجريدة الدستور المصرية وحينما تعرفت عليها كانت تعمل لدى جريدة الجمعة وأعز صديقاتها آية ووفاء ونهاد وفاطمة عمارة، وهن رفيقاتها بالسكن أيضا لأنهن مغتربات، ميادة كانت تشعر بأنها قليلة الحظ وفرحتها لم تكتمل فأثناء احتفالنا بعيد ميلادها السابق تعرضت صديقتها آية لسرقة حقيبة يدها ولم يكتمل حفل عيد ميلادها، وبعد سرقة هاتفها المحمول اشتركت أنا وصديقاتها لشراء هاتف آخر محمول وأهديناها إياه فى حفل عيد ميلادها السابق قبل سرقة آية، وبعدها نزلت اشتباكات جامعة الأزهر، حيث تعرضت للسرقة من الإخوان أخذوا هاتفها الجديد و400 جنيه وضربوها وهددوها بالقتل، كانت فتاة قوية لاتضعف بسهولة ولا تتأثر ولكن كانت تتمنى الفرح والحب والزواج وآخر لقاء معى كان بخطوبة ابنتى يوم الجمعة الماضية قبل وفاتها مباشرة، وقامت بتوزيع المشروبات ورقصت وفرحت لابنتى كثيراً وتمنت من الله أن يرزقها بابن الحلال.. الله يرحمها.
 
أما حسن العمدة صحفى بأحد المواقع فقال: كنت معها فى المسيرة أنا لم أرها أثناء اغتيالها ولكن تردد على لسان أحلام أن الإخوان والأهالى هما إللى شالوها وقالت بالحرف «كنت خايفة أقل لهم أننا صحفيين لأنهم لو عرفوا أننا من الدستور مش عارفة ممكن يعملوا فينا إيه».
 
أيمن رشاد عمها يعمل أمين شرطة بمباحث المنوفية تحدث لنا بصوت حزين: ابنتنا لا تستحق هذا وحسبنا الله ونعم الوكيل، ميادة زينة البنات تحب الحياة وابنة أخى الوحيدة على ولد بالثانوية، نزلت القاهرة بعد حصولها على الثانوية العامة ودخلت إعلام بجامعة القاهرة تغربت من أجل عشقها لصاحبة الجلالة حتى قضت عليها.
 
أما خالها أحمد محمد عبدالمنعم يعمل بمركز شباب بالمنوفية فقال: البنت طيبة جداً جداً وليس لها أى علاقات تكاد تكون منطوية ملتزمة وفى حالها، ودودة جداً وأسرتها كلها طيبة وبسيطة... أبوها كان متطوعاً بالجيش المصرى وبعد خروجه على المعاش اشترى سيارة وعمل عليها بالأجرة من أجل زيادة دخله وأمها ربة منزل وأخوها لايزال يدرس، البنت ما تستاهلش كده ولازم تجيبوا حقها، هى لا تنتمى لفصيل سياسى هى كانت بتشتغل واتقتلت، وعرفنا الخبر من التليفزيون.
 
أما أحمد مغاورى جار ميادة بالمنوفية ويعمل تاجراً فى مواد البناء فيقول: الفتاة طيبة السمعة جداً ومسئولة وملتزمة جدا تجاه نفسها وتجاه أسرتها، كانت تأتى البلد من حين لآخر بسبب عملها وكانت تلقى التحية على كل الناس بابتسامة جميلة، وأسرتها بسيطة وطيبة وسمعتهم طيبة.
 
 آية وجهاد وهما أعز وأقرب صديقاتها ورفيقاتها بسكنها بمنطقة الدقى لم تستطيعا الكلام.
 
تتزايد أعداد الضحايا وكذلك يعلو سقف الخلافات والعنف رحمها الله ونطلب منه الرحمة لنا أيضاً.
 
أما والد ميادة فكان رافضا لبعدها عنه وممارستها مهنة الصحافة والتغطية الميدانية لأنها خطر على حياتها ونصحها أكثر من مرة بعدم نزول المسيرات خوفا على حياتها، وأجهش فى البكاء واستكمل كلامه: بس كنت بتباهى بيها فى البلد الله يرحمها وحسبى الله ونعم الوكيل.
 
والدتها لم ترد إلا بكلمة حسبي الله ونعم الوكيل كنت بانتظار مكالمة تقول أنها جاية تقعد معايا مش تدفن، ينفطر قلبها عليها بالبكاء قائلة هاتولى حق بنتى.