الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أخطاء طبية ساذجة و«هون المطبخ» فى العناية المركزة!

أخطاء طبية ساذجة و«هون المطبخ» فى العناية المركزة!
أخطاء طبية ساذجة و«هون المطبخ» فى العناية المركزة!


عندما يستخدم مستشفى استشارى كبير فى مصر الجديدة «هون المطبخ» لطحن الأدوية فى غرفة العناية المركزة فلابد أن تكون الأخطاء الطبية قاتلة.. وعندما يقع جراح شهير فى خطأ طبى ساذج تذهب ضحيته طبيبة شابة فانتظر مزيداً من الضحايا فى المستشفيات الاستثمارية الكبرى.
 
∎ تحويل مسار
 
القصة الأولى بطلتها طبيبة بشرية اسمها ولاء السيد عبدالمقصود، شابة فى أوائل الثلاثينيات من عمرها لقيت حتفها على يد طبيب زميل وهو الدكتور خالد جودت أستاذ جراحات السمنة المفرطة بعد خطأ طبى أثناء إجرائه جراحة تحويل مسار لمعدتها، القصة كما يحكيها والدها السيد عبدالمقصود تعود إلى شهر يونيو الماضى، حيث يقول: ولاء كانت تعمل كممارس عام داخل أحد مستشفيات السعودية، ولأن وزنها كان زائدا أصيبت بفتق فى الحجاب الحاجز، فنصحها الطبيب الذى أجرى لها عملية الفتق بالقيام بحمية قاسية وسريعة، لأن زيادة الوزن ستسبب عودته من جديد، وبما أن عمليات التخسيس لا يغطيها التأمين الصحى لعملها فى السعودية قررت أن تأتى إلى مصر لإجراء العملية، ظلت تبحث على شبكة الإنترنت عن أسماء مشاهير جراحات السمنة، حتى عثرت على اسم دكتور خالد جودت، وانبهرت به عندما علمت أنه من قام بعملية تحويل مسار المعدة لمشاهير الفن أمثال حسين الجسمى وديانا كرازون، وبالفعل اتجهت إلى عيادته مباشرة بمجرد وصولها مصر، الشىء الذى دعاها للتعجب وقتها أن عيادته الكائنة بشارع الميرغنى بمصر الجديدة، لم يكن هناك أى لافتة عليها، لكنها سرعان ما طمأنت نفسها بأن ذلك قد يعود إلى خوفه من الضرائب المبالغ فيها، صعدت إلى العيادة ودفعت رسوم كشف مبلغ 500 جنيه، ومن ثم قابلت الدكتور خالد جودت الذى قال لها إن عملية تحويل المسار ستتكلف 70 ألف جنيه إذا أجريت كجراحة، أو 140 ألف جنيه بالمنظار، فاختارت إجراء الجراحة، وحدد لها ميعاد العملية وهنا كانت المفارقة الأخرى، حيث كان مكان العملية فى المستشفى الأمريكى، وهو مخصص للنساء والولادة، وقبل إجراء العملية بوقت قصير فوجئنا بالدكتور خالد جودت يحاول إقناعها أن تجرى العملية بالمنظار، وعندما قالت له أنها لا تمتلك سوى مبلغ 70 ألف ثمن إجراء الجراحة، اقترح عليها أن تسدد المبلغ المتبقى بعد 6 شهور، وافقت تحت إلحاح منه وكتبت ما يلزمها بذلك، وقبل أن يجرى لها العملية أخبرها أنه بعد الانتهاء من العملية سيسافر إلى مؤتمر طبى بالخارج، اكتشفنا بعدها أنه يقول ذلك لكل الحالات التى يتعامل معها، المهم أنه أجرى لها العملية واختفى، وخرجت ولاء للمنزل فى اليوم التالى للعملية، لكنها سرعان ما شعرت بآلام رهيبة لم تقوَ على احتمالها، وكانت طريقة التواصل بيننا وبين الطبيب ممرضة رفضت بشكل قاطع إعطاءنا الرقم الشخصى للطبيب، انتقلنا بولاء إلى المستشفى مرة أخرى بعدما زاد الألم، لكنهم أخبرونا بضرورة إجراء أشعة خارج المستشفى لأن جهاز الأشعة غير موجود بها، حملناها مرة أخرى وهى تعتصر ألمًا لعمل الأشعة التى أظهرت وجود تسريب من العملية يلزم إجراء عملية أخرى، ولأن الدكتور خالد غير موجود فلم يكن أمامنا سوى مساعده صغير السن، فى هذه الأثناء شعرنا بتواطؤ من المستشفى الأمريكى لأنهم رفضوا بأى شكل خروجها من المستشفى لإجراء العملية فى أى مكان آخر، وأحضروا لنا فريقا طبيا من جامعة عين شمس، اكتشف متأخرا وجود جلطة على رئة ولاء، لأن الطبيب نسى حقنها بحقنة تمنع الجلطات، وهى حقنة لابد أن تعطى بعد إجراء أى عملية، أجرى لها المساعد عملية لإزالة الجلطة لم تخرج منها حية، المهم أن هناك فى المستشفى ما يشبه العصابة حيث حاولوا إثنائى عن التصعيد واستدعاء الطب الشرعى بحجة أن ابنتى (هتتبهدل) اكتشفت فيما بعد أنهم من العاملين بالمستشفى، طالبتنى الحسابات بمبلغ 25 ألف إضافية، لكن ما يثبت أنهم مجرد تجار أننى عندما قلت لهم أننى لا أملك سوى 8 آلاف جنيه وافقوا على أخذها وأعطونى تقرير الوفاة المكتوب فيه أن وفاتها كانت بسبب فتق فى الحجاب الحاجز، وهو على خلاف الحقيقة طبعا، فلم يذكروا لا من قريب أو بعيد عملية تحويل مسار المعدة وما سببته من جلطة على الرئة.
 
∎ هون لطحن الدواء
 
القصة الثانية ترجع إلى ديسمبر الماضى، بطلها محمد عبد العزيز البالغ من العمر 63 عاما، يمتزج فى تلك القصة ذُل البحث عن مكان داخل مستشفى حكومى مع مرارة الإهمال داخل مستشفى خاص، هذا ما تحكيه ابنته ياسمين حيث تقول: فوجئنا به منذ ثلاثة أشهر تبدو عليه أعراض غريبة مثل التوهان وفقدان الوعى فجأة، لدرجة أنه أصبح لا يرد علينا فى بعض الأحيان، فذهب به أخى إلى مستشفى البكرى، حيث شّخص الأطباء حالته بأنه يعانى من ضغط الدم العالى، عاد إلى المنزل وتناول دواء الضغط الموصوف له، لكن حالته لم تتحسن، اتصلنا بطبيبه المعالج الذى نصحنا بسرعة الذهاب إلى مستشفى سيد جلال لعمل أشعة على المخ، وهناك قالوا لنا إنه لا يوجد مكان لوالدى لعمل أشعة الرنين على المخ المطلوبة على وجه السرعة، فالحجز فى سيد جلال يمتد لشهور، لذلك نصحونا بأن نجريها على حسابنا فى مركز أشعة خاص، فى هذه الأثناء كانت حالة والدى تزداد سوءاً، حيث فقد وعيه تماما، وبدأنا رحلة البحث عن مستشفى يقبل دخوله إليه، فهى رحلة تشبه العذاب، فلا يوجد أى مستشفى خاص أو حكومى مستعد لاستقباله، لأنه يحتاج رعاية خاصة بالمخ والأعصاب، استمرت رحلتنا منذ السابعة صباحا حتى الثانية عشرة بعد منتصف الليل، كل هذا الوقت حتى وصلنا لمستشفى اسمه المستقبل فى تريومف بمصر الجديدة، حيث أعلن المستشفى نيته لاستقبال والدى بشرط دفع مبلغ خمسة آلاف جنيه كتأمين قبل الدخول، وبالفعل قمنا بتدبير المبلغ المطلوب ودخل والدى المستشفى، بقينا فى المستشفى حتى الثانية بعد منتصف الليل، على أمل الاطمئنان عليه، لكن إدارة المستشفى رفضت بقاءنا بحجة أنه فى الرعاية المركزة ولا أحد يستطيع الدخول إليه، طلبوا منا الرحيل وأكدوا لنا أنهم سيقومون بعمل الأشعات اللازمة لمعرفة سبب فقدان الوعى، وبالفعل غادرنا وعدنا فى اليوم التالى لنكتشف أن والدى موجود فى غرفة عادية وليست رعاية مركزة كما أوهمونا، يداه وقدماه مقيدتان فى السرير بشكل مهين جدا، وحالته سيئة للغاية، الغريب أنه لا وجود لأحد سوى ممرض لا يمتلك أى ردود على أسئلتنا المشروعة، فهو لا يعرف أين الطبيب المعالج للحالة، ولا التشخيص الذى توصلوا إليه، أو طبيعة العلاج الذى تناوله والدى، خاصة أن العلاج الموجود بجانب سريره مخصص لمرضى فقدان الذاكرة والصرع، وبجانبهم (هون) الذى يستخدم فى دق الثوم فى المنازل، سألنا الممرض عنه فأجاب (بنطحن فيه البرشام)!، فهل يعقل أن يستخدم مستشفى استثمارى «هون» لطحن الدواء؟! بدأنا بعد تلك الإجابة رحلة بحث جديدة لنقل والدى إلى مستشفى آخر، حتى وفقنا الله وعلمنا أن مستشفى كوبرى القبة العسكرى يوجد به مكان، لكننا فوجئنا بمستشفى المستقبل يرفض خروج والدى بحجة أننا بذلك نعرض حياته للخطر، لكننا صممنا واتصلنا بسيارة إسعاف لنقله، فى هذه الأثناء صعد أخى خلسه للاطمئنان عليه ، فوجده نائما عاريا تماما، حيث سقطت الملاية التى تغطيه على الأرض، بينما الممرض يتحدث فى الموبايل ويتناول الشاى، فثار بشدة وأصر أن ينقل أبى حالا إلى مستشفى كوبرى القبة وأن يصحبنا طبيب من المستشفى، لكن مستشفى المستقبل رفض الخروج قبل دفع أحد عشر ألف جنيه، مع العلم أن أبى لم يكمل أربعاً وعشرين ساعة داخل المستشفى، فقد دخل الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل وخرج فى الرابعة عصرا من اليوم التالى، فاضطررنا إلى دفع ستة آلاف جنيه بجانب ما دفعنا فى الليلة السابقة من تأمين ليصبح المجموع أحد عشر ألف جنيه فى سبع عشرة ساعة، لم نخرج منها بجملة مفيدة، وكتب فى التقرير أن والدى يعانى من صرع ومشاكل بالمخ، وهو غير صحيح نهائيا، المفارقة أن الطبيب الذى خرج معنا فى سيارة الإسعاف قال لأخى (أنا لو أبويا تعبان مش هجيبه المستشفى دى).
 
∎ ثقب فى الاثنى عشر
 
جليلة فايز، أحدث ضحية للإهمال الطبى، وفاتها لم يمر عليها سوى أيام، وقصتها تشبه إلى حد كبير قصة نادين شمس، حيث يقول والدها: جليلة شابة صغيرة لم تكن تعانى صحيا من أى أعراض، لكنها كانت تعانى من زيادة فى الوزن، ومثلها مثل باقى الفتيات كانت ترغب فى إنقاص ذلك الوزن، ذهبت بناء على تلك الرغبة إلى طبيب شهير فى منطقة وسط البلد، دفعت الكشف البالغ مائتى جنيه، حيث أبلغها الطبيب أنه سيجرى لها عملية جديدة تسمى لف المعدة بالمنظار، وهذه العملية تطور لعملية تدبيس المعدة، وبالفعل حدد لها يوم العملية وأخذ أتعابه كاملة قبل بداية العملية، والتى تقدر بخمسة عشر ألفا بخلاف مصروفات المستشفى، حيث بلغ ما دفعناه اثنين وعشرين ألفا وخمسمائة جنيه، وبالفعل أجرى العملية لكنه أحدث ثقباً فى الاثنى عشر، وبالتالى أصبحت كل مخلفات الجسم تدخل المعدة، خرجت جليلة من المستشفى بعد يوم من إجراء العملية، لكن ألمها كان يزيد يوما بعد يوم، لدرجة دفعتنى إلى اصطحابها فجرا إلى مستشفى المقاولون العرب، حيث أجرت العملية، لأطالبهم بالكشف الطبى على ابنتى، وبعد إجراء الأشعات علموا بثقب الاثنى عشر، ظلت جليلة تصارع الموت حتى فارقت الحياة بعد أسبوع من المعاناة، (اتصل بى والد جليلة قبل النشر ليخبرنى أنه لا يريد نشر اسم الطبيب خاصة أنه أعاد المبلغ المدفوع كاملا إليه، معلنًا أن كل غرضه من نشر القصة هو أخذ الحيطة والحذر من هذه النوعية من العمليات لا التشهير بالطبيب، واحتراما لرغبته تم حجب اسم الطبيب).