لما البنت تسأل: أنا فيا إيه غلط؟!

ياسمين خلف
ليس هناك أى مبرر يجعلنا نلتمس العذر أو الرحمة، لذلك الشخص الذى يطلق عليه «متحرش».. فما يقوم به من أفعال مشينة ومنافية لكل القيم الإنسانية والأخلاقية، سواء كان مريضًا نفسيًا أو بكامل قواه العقلية، لا يمكن أن نشفع له بالنظر بعين الرأفة، لقد تنازل المتحرش عن إنسانيته، ليترك بصمة بل ووصمة تتسبب فى إيذاء نفسي ومعنوي لضحاياه.. لتبدأ بعدها تساؤلات الكثير من الضحايا الفتيات اللاتى تعرضن للتحرش «أنا فيا إيه غلط»، وهل أنا السبب فى ذلك أم لا؟!
يجيب الدكتور وليد هندى «استشارى الصحة النفسية» قائلًا: هناك ما يسمى «بالبيدوفيليا» هو هوس جنسى بالأطفال وشكل من أشكال الشذوذ الجنسى عند الناس، وهو اضطراب وخلل شديد، قد يؤدى كثيرًا إلى الجرائم.. وهو اضطراب نفسى شائع عند الرجال أكثر من النساء..وكثيرًا ما يصدر من شخص يكون لديه سلطة قويةعلى الطفل.. وهذا ما حدث بالفعل مع طفلة المعادى.. فالمتحرش شخصية سيكوباتية، لديها إجرام اجتماعى، لكنه لا يظهر سلوكياته المنحرفة تجاه الآخرين، بل العكس كثيرًا ما تكون هذه الشخصية متعاونة وذا كلام منمق ولا يظهر عليها أى اضطرابات نفسية، فالبيدوفيليا هو نمط جنسى غير مرغوب يسبب العديد من الجرائم ليس بالاغتصاب فقط أو التعدى على الأطفال؛ بل فى كثير من الأحيان تصل لحد القتل، وهذا ما رأيناه فى كثير من جرائم التحرش بالأطفال.
أما بالنسبة للآثار النفسية التى تقع على الفتاة، فيضيف قائلا: هناك آثار سلبية بالفعل تقع على المُتحرَّش بها، يبقى الأشد أثرًا وتأثرًا هى الآثار النفسية.. فالآثار النفسية فى سن صغيرة تكون شديدة الخطورة، وتؤدى إلى اضطرابات نفسية مصحوبة بنوبات من الاكتئاب وكرب ما بعد الأزمة.. وكثيرًا ما تؤدى إلى نوع من الخرس الاختيارى والانسحاب الاجتماعي.
موضحا أن الكثير من الفتيات يفقدن الثقة فى أنفسهن بالإضافة إلى انخفاض مفهومهن نحو ذواتهن.. وينظرن لجسدهن وكأنه عار يجلب لهن المضايقات، فيكرهن ذلك الجسد.. وينعكس الأمر بعد ذلك، إما أن تصاب الفتاة بالبرود العاطفى أو النشاط الجنسى الزائد.. وتبدأ فى الانتقام من الجنس الآخر، مؤكدًا على أن الفتيات اللاتى تعرضن للتحرش،عليهن ألا يشعرن بأن «الغلط» فيهن وفى شكل جسدهن... ويجب ألا يعاقبن أنفسهن بجلد الذات.
وأبدى الدكتور وليد هندى حزنه الشديد من بعض رواد مواقع السوشيال ميديا، الذين يلتمسون العذر لهذا المتحرش وغيره.. تحت صبغة دينية، بحجة أن رصيده نفد من الستر.. ويجب أن نستر عليه؟!!.. مؤكدًا أنه لا يوجد تبرير لأى جريمة.. فالستر غير التستر..فما يفعله بعض رواد السوشيال ميديا هو التستر على الجريمة وليس الستر.. فكيف نتستر على شخص قام بذبح فتاة بسكين بارد، نتيجة أفعاله ونزواته وشهواته وانحرافاته.
ويرى دكتور حسن الخولى «أستاذ علم الاجتماع والانثروبولوجيا»، أن التحرش أصبح مرضًا من أمراض المجتمع، فالمتحرش شخص غير سوى بالمرة..تعرض لخلل فى عملية التربية منذ الصغر، بالإضافة إلى العوامل الخارجية التى ساعدته فى ذلك، عن طريق وسائل الإعلام المفتوحة بلا رقابة.. فكل هذا نمى لديه هذا السلوك المضطرب الشاذ.. لذلك أنصح دائما الفتيات والسيدات اللاتى تعرضن للتحرش، ألا يستسلمن مطلقًا.. بل عليهن أن يطلبن المساعدة، حتى ينال الجانى العقاب الصارم والشديد، ويكون عبرة لغيره.. لأن السكوت تحت عنوان الخجل أو عدم الفضيحة، يشجع المعتدى على تكرار عدوانه مرة أخرى، وطالب الخولى بتغليظ العقوبة على المتحرش، فيجب أن تكون رادعة حتى لا يقدم أحد على فعل هذا السلوك الشنيع..
مضيفا أن هذا فكر خاطئ، عندما تشعر الفتاة بأن «الغلط فيها»، لذلك على الفتيات أن يفعلن ما يحلو لهن فهن أحرار طالما لا يؤذين أحدًا.