الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
قابيل وهابيل

قابيل وهابيل

مَن نحن؟ نحن بنو الإنسان خَلَقَنا الله منذ القِدَم لإعمار الأرض. نعم ولا تندهش...إعمار الأرض رُغم كل ما يحدث فيها من دمار وتخريب وعصياننا لهدف الله من خَلقه لنا...الإعمار ثم العبادة. ولذا كانت الدنيا منذ أن خَلقها الله «قابيل وهابيل».. وعلى كل منا أن يختار ماذا يريد أن يكون فى الحياة.. قابيل أَمْ هابيل؟



    فقابيل نموذج متكرر قتل أخاه بسبب الغيرة والحقد والرغبة فى الاستحواذ على مكانة ظن أنه محققها بقتله فكان فساده على الأرض بالقتل أيّا كان المبرر. ولذا يتكرر قابيل فيكون شمشون أو جانكيز خان أو نيرون أو هتلر أو موسولينى أو مرسى أو التمييز العنصرى أو القتل بالقنبلة النووية فى هيروشيما أو التكفير والقتل باسم الدين.....أو.. أو…

وهابيل نموذج آخر متكرر لا يقبل الإساءة ولا يعرف غير بذل الجهد وتقديم الأفضل للحياة والسعى لرضا الله وتنفيذ مشيئته فى الإعمار والعبادة حتى لو بسط أخوه يده ليقتله. فهو صاحب الهدف والرؤية والبصيرة والإصرار على أن يكون إنسانًا بالمعنى الحقيقى للكلمة، حتى لو غابت الحقيقة بعض الشىء أو عرج الحق عن مساره وتركه نهبًا لأخيه الظالم قابيل. 

ولكن من عجب أننا نسينا هابيل، فلم نعد نُسَمّى باسمه.. وخلدنا قابيل فى الحياة وتذكرناه أكثر!!!!تلك هى الحياة إذن... لا تعترف إلا بالقوى وإن ظلم!؟ ربما... ولكنها لم تنسَ القوى الفاضل المُحترم القادر على العطاء والإنجاز والحماية فخلّدته أيضًا لدى من هم على شاكلته ليظل نبراسًا لهم فى أيام الوحشة والغربة حينما تغيب العدالة.

 

فيكون المسيح بتعاليمه السمحة، والنبى محمد الذى لم يكن فَظًّا ولا غليظ القلب فأسَّس إمبراطورية، والفاروق عمر قاهر الشياطين، والناصر صلاح الدين والمهاتما غاندى ويكون عبدالناصر ونيلسون مانديلا...وربما أن أكون أنا وأنت بحجم ما سنترك فى الحياة.. إنها معادلة الاختيارات فى الدنيا وعليك أن تختار ماذا تريد أن تكون وماذا تريد أن تترك وراءك... هذا ما فكر فيه كل من سبقونا بالإنجاز البشرى، فعلتها شعوب كالفراعنة والصينيين، وفعلها بشر فرادَى فى شتى المجالات فتركوا لنا الحضارة.

لا يقتصر الإنجاز على بناء الأهرامات واختراع الطائرة أو المصباح الكهربائى، أو تطوير اقتصاد أمَّة كما فعل طلعت باشا حرب، ولكن يمتد لما تتركه يداك من أثر فى كل مكان تمر فيه أو تحيا عليه. نعم هو ببساطة تلك البصمة التى تريد لها الخلود بعد أن تفارق الحياة. عمل طيب تؤديه بضمير وتنجزه بكفاءة وتجعل منه وسيلة لقضاء حاجات غيرك فيكون ذكراك الباقية فى الحياة، وشفيعك لدى الخالق يوم العرض عليه. 

نعم كلنا يستطيع وكلنا قادر على مواصلة الحياة بمنح لا يتوقف عن ترك بصمة فى كل مكان.