
منير مطاوع
وزيرات جديدات.. والهدف: أصوات الناخبات!
رغم مرور نصف قرن على تحرير المرأة البريطانية، ومنحها حق التصويت والترشح للمناصب السياسية، حتى وصولها إلى حكم البلاد فى منصب رئيسة الوزراء، الذى تقلدته «مارجريت تاتشر»، إلا أنها لا تزال تعانى من عدم المساواة فى بعض المجالات، وخاصة فيما يتعلق بالأجور.. فحتى الآن ترصد الدراسات أن المرأة تتقاضى أجرًا أقل من زميلها فى الوظيفة نفسها.. والفارق يتفاوت، ليصل فى حالة واحدة إلى 7 أضعاف! لكن دراسة حديثة سجلت أن الفارق هو 23 % فى المتوسط، ويصل إلى 25 % قبل بلوغ سن المعاش.

وتقول الدراسة إن هذا يعنى تعرض المرأة البريطانية للتمييز وعدم المساواة بشكل مضاعف، مرة بسبب الجنس، لكونها أنثى، والثانية بسبب السن، فبينما يتقاضى الرجل فى هذه السن (فوق الستين) مبلغ 34 ألف جنيه سنويًا، فى المتوسط، تحصل زميلته على 26 ألف جنيه سنويًا!
وتشير الدراسة إلى أن الفارق فى الأجور ينخفض قليلًا ليصل إلى 23 % فقط لدى من هم فى الخمسينيات من العمر.
ويعلق على ذلك «ستيوارت لويس» مؤسس جمعية «رست لس» (بلا راحة) التى أجرت الدراسة، على هذا الحال قائلًا: هذا معناه أن المرأة لا تعاقب فقط لكونها امرأة، بل ولكونها كبرت فى السن أيضًا.. إنها عنصرية وعدم مساواة وتمييز لا مبرر له ضد النساء.
ويضيف: مع أن نظام معاشات الدولة قد حقق المساواة الآن بين الجنسين فى سن الـ66 إلا أن عقودًا من عدم المساواة تتواصل فيما يتعلق بنظام المعاشات الخاصة، ما يعنى أن هناك فارقًا شاسعًا بين ما ستحصل عليه المرأة فى نهاية خدمتها كمعاش شهرى، وبين زميلها الرجل الذى يقوم بالعمل نفسه, ومنذ سنة 2017 تقضى القوانين بأنه على كل شركة أو جهة يعمل لديها أكثر من 250 عاملًا أو موظفًا، أن تقدم بيانات تفصيلية عن نظام الرواتب والمعاشات لكل العاملين رجالاً ونساءً، مع تفصيل فوارق الأجور بين الجنسين.
ومن المفارقات المثيرة أن البيانات التى رصدتها الدراسة مؤخرًا كشفت أن الفارق بين رواتب الموظفات والموظفين فى مقر رئاسة الحكومة البريطانية وضمنه المكتب الحكومى المختص بضمان المساواة بين الجنسين زاد اتساعًا عما كان عليه فى السنة السابقة، حيث تحصل النساء العاملات فى مقر مجلس الوزراء على رواتب تقل بنسبة 15 % عن نظرائهن من الرجال، وكان الفارق فى العام الماضى 9 % فقط!
وبينما نتحدث عن حقوق المرأة صدرت الصحف حاملة خبرًا طريفًا عما تسميه «عقدة بوريس» والمقصود هو رئيس الحكومة البريطانية «بوريس جونسون».. والعقدة هى النساء!.
ولأنه متهم بعدم توفير فرص أكبر للنساء فى حكومته، وهو الاتهام الذى توجهه له مجموعة من عضوات البرلمان، وأيضًا بعض عضوات حزب المحافظين الحاكم، فقد أعلن أحد المقربين منه أن حل هذه العقدة سيتم قريبًا، حيث ينوى رئيس الحكومة تصعيد خمسة من الشخصيات النسائية لمراكز وزارية، بما فى ذلك ترقية وزيرة التعاون الدولى إلى منصب وزارى أكبر، كما يفكر فى منح منصب رئيسة الحزب لإحدى عضوات وزارته, ويكشف المصدر أن التعديل الوزارى المقبل سيتضمن دخول مزيد من النساء فى تشكيلة الحكومة.. فهل يعنى هذا أن «عقدة بوريس» قد انفكت أو أنها فى طريق الحل؟.
للأسف يسرّب المصدر المقرب منه، أن السبب الحقيقى وراء هذه التغييرات ليس الاهتمام بالنساء والدفع بهن إلى المقدمة فى العمل السياسى والحكومى، وليس حل العقدة، لكن الانتقادات القاسية التى يلقاها فى أروقة الحزب، حيث تردد بعض القيادات النسائية للحزب الحاكم أن إهمال «بوريس» للنساء فى تشكيلة وزارته يوحى للناس بأنها «وزارة رجال تعمل لصالح الرجال» وفى هذا خطورة شديدة على مستقبل الحزب فى الانتخابات المقبلة حيث ستعتبره النساء الناخبات سببًا كافيًا لعدم منح الحزب أصواتهن!
هنا انتبه رئيس الحكومة للأمر.. والتعديل الوزارى الذى يقال إنه سيشمل ضم ست نساء للحكومة والتخلص بالتالى من ست وزراء رجال، لن يتم حبًا فى المرأة وتشجيعًا لها، لكن بهدف إرضاء الناخبات والفوز بأصواتهن!