
جيهان ابو العلا
سر السنة الواحدة فى إدارة قصر العينى!
الشائع والمعتاد فى بلدنا عند مغادرة المناصب وترك الكراسى هو التشفى وفضح المستور ونظم قصائد الذم والقدح بما لم يقله مالك فى الخمر، بالإضافة (لكسر الُقلة) كما نتندر فى الأمثال الشعبية، أما الاستثناء فهو ذكرالمحاسن وسرد الإيجابيات والترحم على ما كان.. وأحد هذه الاستثناءات حدثت مع الأستاذ الدكتور أحمد طه، أستاذ جراحة الأوعية الدموية، الذى غادر منصبه كمديرعام لمستشفيات جامعة القاهرة بعد عام واحد فقط من توليه المنصب! لكن يبدو أنها عادة لدى المسئولين عن قصرالعينى فهو لم يكن الأول ولا الأخير، فقد سبقه د. أحمد صبحى أستاذ جراحة التجميل، ثم د.أحمد عبد العزيز أستاذ الحالات الحرجة، ثم د.أحمد طه والآن تم اختيار د. حسام الدين صلاح قائمًا بأعمال المدير التنفيذى للمستشفيات.
أى أن واقع الحال الآن فى مستشفيات قصر العينى يرفع شعار «لا ثبات ولا استقرار» بعدما توالى أربعة مديرين خلال ثلاث سنوات فقط.
أزعم أننى ممن اقتربوا من عالم قصر العينى على مدار سنوات طوال لكنى لم أعاصر مثل هذا الارتباك وسرعة تغيير مديرى قصر العينى بهذا الشكل والسؤال المحير:
لماذا يتغير مدير هذا المكان المهم والحساس كل عام وكأنهم (شيفتات) فى حين أن قانوناً مدة مدير المستشفيات ثلاث سنوات؟
ما السر؟ خاصة أن آخر اثنين من المديرين، وهما د.أحمد عبد العزيز أستاذ طب الحالات الحرجة ( المدير السابق) استقال بعد عام واحد فقط والدكتور أحمد طه استمر لعام واحد أيضًا؟!
اللافت أن الاثنين من أصحاب الأسماء اللامعة فى عالم الطب والإدارة وصاحب خروجهما من المنصب موجة عارمة من التقدير والاحترام والعرفان وصحيفة أعمال مضيئة يذكرها زملاؤهما من أساتذة قصر العينى ومرؤسيهما، ذلك المكان الذى قال عنه يومًا الرئيس جمال عبد الناصر: لقد استطعنا السيطرة على قناة السويس بنجاح، لكن لم نستطع السيطرة على قصر العينى!
فمثلا امتلأت صفحات أساتذة قصر العينى بإشادة وسرد لإنجازاته فى مختلف أماكن أدارها فى قصر العينى الدكتور أحمد طه.
فقد تولى منصب نائب مدير مستشفى قصر العينى الفرنساوى عامين، ثم عين مديراً للمستشفى عامين آخرين. وقد شهدت فترة توليه تطويراً كبيراً فيما يقدمه المستشفى من خدمات، حيث أنشأ وطور عدداً كبيراً من الوحدات العلاجية المتخصصة: مثل وحدة السياحة العلاجية، ووحدة علاج السكر ومضاعفاته، ووحدة طب الفم والأسنان، ووحدة فحوصات القلب والأوعية الدموية، ووحدة صحة المرأة، ووحدة تحضير العلاج الكيماوى ووحدة علاج الألم . كما قام بتجديد شامل لغرف العمليات ولجميع الرعايات المركزة وزيادة القدرة الاستيعابية لها.
وخلال توليه منصب مدير المستشفيات ساهم مع فريق الإدارة فى مشروع تطوير مستشفى الطوارئ والاستقبال، وقام بتطويرمستشفى الأمراض الباطنة ورفع كفاءتها وإعادة بنيتها التحتية لتوافق الكود العالمى للمستشفيات، وتجهيزها بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية فى أقل من شهر واحد، ثم تحويلها إلى مستشفى عزل ناجح فى الجائحة الأولى.
بالتأكيد التغيير مطلوب وحيوى، لكن هناك خيطًا رفيعًا بين تغيير القيادات وضخ الدماء الجديدة وبين إجهاض الفرص هو ما يؤدى إلى تجارب منقوصة قد تُلقى بظلال سلبية على صرح تعليمى وعلاجى فى أمس الحاجة إلى إدارة مستقرة تضمن له أداءً أفضل.