الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
تدوير القبح للجمال

تدوير القبح للجمال

يسعى الفن ما بعد الحداثى إلى تقديم قواعد جمالية جديدة، وإدراك مختلف للواقع لذا نجد العرض المسرحى ريسايكل يوجه إشارات المخ لارتباط المسمى بالنفايات والأشياء القديمة القبيحة، ذات غير المنفعة. ورغم عدم الشعور بأى جمال قد يتولد عن عنوان العرض إلا أنه يمثل حلبة من الجمال تؤكد عبقرية الإبداع لتحويل القبح إلى جمال من خلال مجموعة اسكتشات، لنتعايش مع فكرة إعادة تدوير المخلفات وانتقالها إلى عالم البشر حيث إعادة تدوير الروح الإنسانية بعدما أصابها التراجع لكثير من المسلمات فاستوجبت إعادة تدويرها مرة أخرى حتى تتواكب مع العصر الحديث.



العرض يطرح قضايا شبابية عدة فى إطار تلقائى ساخر يبعث حالة من المتعة لدى الجمهور، وأداء جميع الممثلين المشاركين على درجة كبيرة من المهارة والإتقان وأخص البطلتين البارعتين نانسى سمير وعلياء أشرف لإتقانهما للحالة العامة للدور والذى ينم عن ميلاد نجمتين موهوبتين فى عالم التمثيل. أيضًا ديكور العرض عبر عن الأجواء غير التقليدية، وأزياء عبير البدراوى بديعة فى اعتمادها على النفايات وتوظيف الفوارغ تأكيداً لعملية إعادة التدوير عنوان العرض والذى وضع بالإنجليزية ليستكمل منهجه ما بعد الحداثى الذى يخضع له تصنيفياً حيث الجمع بين النوستالجيا أو الحنين إلى الماضى، بجانب النظرة الحالية والمستقبلية، وكذلك استخدام تقنية كالباستيج أى الخلاط الفنى بين مجموعة من الأساليب داخل نفس العمل، والتشظى فى الممارسات والأحكام الجمالية، واستخدام الكولاج أو المزج القائم على تجميع أشكال مختلفة لتكوين عمل فنى، وتجلى التناقض فيما بين الجمال المنبعث عن حالة القبح الشديد. يتسم العرض بالتعددية والاختلاف واستحداث أبجدية تشكيلية غير نمطية بعيدة عن المتعارف عليه تسيطر عليها العدمية ورفض السلطة المهيمنة على الأفراد والتباس المعانى والانتقال من الثوابت إلى المتغيرات، بجانب التنافر والتشرذم الواضح نتيجة للنفايات المتناثرة للتأكيد على العبث المستشرى فى الأجواء الواقعية نتيجة الفوضى والتفكيك.

واستطاع مناضل عنتر بحرفيته أن يوظف الأداء الحركى للممثلين لخدمة السياق الدرامى لكل مشهد أو اسكتش فنشعر برقصاتهم وأدائهم الحركى التلقائى ما يضفى حالة بهجة وجمال للعرض، أيضاً كسر الحاجز بين الممثل والجمهور والتى تجلت فى الأداء الارتجالى لصلاح الدالى عن طريق طرح أسئلة عشوائية للمتفرجين ومزجها درامياً بمهارة. كذلك الإشارات والدلالات العصرية باستخدام الموبايل ومنصات مواقع التواصل الاجتماعى كفرض نوع من الحداثة والمعاصرة على توجهات العرض الذى تميز بتألق السينوغرافيا والإخراج للمبدع الشاب محمد الصغير صاحب الوجبة الفكاهية والروحية الشيقة.

عرض مختلف خارج السياق التقليدى ،تشعر بإبداع كافة عناصره، نتاج ورشة ارتجال مسرح الطليعة المبشرة ،لذا فالشكر واجب للفنان شادى سرور ولمسرح الطليعة لإتاحة الفرصة لإنتاج مثل هذه العروض الممتعة وفتح آفاق جديدة للشباب لتقديم أنفسهم برؤية إبداعية حداثية تواكب مستجدات العصر.