الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
أمهات المتعافىن

أمهات المتعافىن

فى اجتماع لمجلس إدارة صندوق مكافحة الإدمان برئاسة وزيرة التضامن الاجتماعى دكتورة نيفين القباج، تحدثت الوزيرة عن واقعة تبدو فى ظاهرها مناسبة سارة ولكن فى جوهرها تحمل الكثير من الأسى. ذكرت الوزيرة تكريم عدد من نساء وزارة التضامن الاجتماعى كنماذج للمرأة المصرية التى تنجح فى تخطى عقبات الحياة وتحدياتها، ومن هؤلاء كانت أم أحد المتعافين من الإدمان الذين أشرف الصندوق على علاجهم منذ اللحظة الأولى، وحتى إعلان الأطباء لحظة التعافي، وقالت إنها لاحظت انكسار الأم بحزن شديد رغم تعافى ابنها! وهو ما دعاها لاقتراح رعاية أمهات مرضى الإدمان الخاضعين للعلاج ومتابعتهم ودعمهم نفسيًا.



توقفت عند حديثها وسرحت بخاطرى فى تلك الصورة المأساوية، التى أدعو الله أن يعافى الجميع منها. نعم فى الغالب يتبرأ الأب من ابنه إذا أدمن وبخاصة مع انحدار مستوى سلوكه مع أسرته، وما يتبع ذلك من سرقة مقتنيات لبيعها و شراء المخدرات، أو تعدى بالضرب وزيادة مستوى العنف فى ردود فعله. ولو كان متزوجًا ففى الإمكان أن تتركه الزوجة، وتنفصل عنه، أما الأصدقاء و الصحبة فالأسوياء منهم يقطعون علاقتهم به وتنتهى المسألة.

بينما تظل الأم هى الشخص الوحيد الحامل لهم هذا الابن الضال حتى لو زاد عنفه تجاهها أو تعدى عليها بسرقة أو بعثرة محتويات منزل. تغضب وتحزن وتحاول منعه دون يأس من محاولة وهى تعتصر ألمًا. فلا هى تستطيع نسيانه وإهماله وتركه لحاله وطرده خارج المنزل، ولا هى تستطيع إرجاعه عن حاله ومساره الذى سار فيه. 

كم شاهدنا وسمعنا عن مآسى أمهات بسبب وقوع أبنائهن فى ذلك البئر الموجع للإدمان، وربما قرأنا أسماءهن فى صفحات الحوادث مصابات، أو قتلى للأسف فى ظل غياب الضمير والبصيرة والإدراك لهؤلاء الأبناء المرضى.

من هنا كان لا بد وأن أضم صوتى إلى صوت الوزيرة الفاضلة نيفين القباج. نعم نحتاج لدعم أمهات مرضى الإدمان بتوجيههن لطرق العلاج والاحتجاز فى المستشفيات والمراكز التى يعلن عنها صندوق مكافحة الادمان، ودعمهن نفسيًا لتجاوز تلك المحنة بتدريبهن على أساليب التعامل مع أبنائهن فى تلك الحالة، وضمهن إلى مجموعات الأمهات اللاتى يشبهنهن فى نفس الحالة كطريقة من طرق العلاج الجماعى، لتحكى كل منهن قصتها وتسمعها الأخريات، فيمثلن لبعضهن سندًا يُمَكّنهن من إكمال المسيرة الصعبة، فيخففن عن بعضهن بعض ملامح الأسى فى تلك القصص المتشابهة فى العنوان والمختلفة فى التفاصيل. حتى لو تم ذلك فى نفس مراكز العلاج التابعة للصندوق بلقاء مع متخصصين ومدربين نفسيين.

قلبى لدى تلك الأم وإن انتهت مأساتها بتعافى الابن، فالخوف وعدم الإحساس بالأمان والقلق على مستقبل هذا المتعافى وإمكانية عودته للإدمان وتكرار القصة قد يقتل جبال الأمل...فما بالنا بقلب أم؟