الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أريد رجلالا ذكرا

أريد رجلالا ذكرا
أريد رجلالا ذكرا


أمنية.. وربما تكون أغلى أمنياتى فى عالمى الأنثوى الذى لا يقبل باللون الرمادى والذى قد تتشابه فيه شخوصه لاسيما الذكورى منها.. بعد أن اختلطت الرجولة بالرعونة وتحولت من معنى وقيمة إلى سراب يتلاشى تدريجيا من عالم الذكر!
 
كلمتان قد تتشابه أعداد حروفهما وإن اختلف رسمهما لكن معناهما هو الاختلاف الأكبر.. فليس كل ذكر رجل وإن كان كل رجل ذكر.. هذه هى حقيقة الأمر فى عالم طغى عليه الفكر الرجولى الذى لا يرى سوى نفسه ولا يسمع سوى صدى صوته، كنت أختلف كثيرا مع صديقاتى المتزوجات عندما نتحدث عن الرجل الذى كن يرينه عمود الخيمة بينما كنت أراه أحد أطرافها ولن تتأثر كثيرا خيمتى إذا وقع بها هذا الطرف ومع إصرار كل منا على موقفه كان قرارى الذى انتهى بصوت علا نقاشهن بأننى أريد رجلا لا ذكرا، وهنا توقفن عن الكلام لمحاولة فهم الفرق بين الكلمتين وللوهلة الأولى كان التعليق ساخرا بأنه لا فرق بين الرجل والذكر وكان ردى بمنتهى البساطة وبنفس السخرية التى تحدثن بها «إننى إذا أردت ذكرا فالذكور كثير لكنك، إذا أردت رجلا فهو أندر ما يكون»!
 
وإذا كان عدد الإناث يفوق عدد الرجال بأضعاف فلا شك أن الذكر كائن معرض للانقراض أمام هذه الكتلة البشرية من النساء التى قد يتدافع بعضهن للحصول على حقهن فى اقتناص هذا الكائن الذكورى قبل فنائه، وربما هذا هو ما جعل الذكر أكثر إحساسا بذاته وتضخمت لديه «الأنا» حتى أوشكت على الانفجار .
 
 قد تفاجئك مطالبنا نحن الفتيات بعد أن مللنا هذا التابوه التقليدى للرجل الذكورى الذى دائما ما كان له مفهومه الخاص عن الرجولة والتى تحولت كما أراها إلى «رجولة مستأنسة»، وما كان يثير غضب صديقاتى أننى عندما كنت أتحدث عن زوجى المستقبلى كنت أول ما أصفه به أن سيكون رجلا حقيقيا وليس رجلا «طرى»، وكانت هذه الصفة الوهمية - على حد قولهن - تتعارض تماما مع صفات أزواجهن التقليدية.
 
وعندما وصل الأمر إلى اتهام بنات جنسى أحيانا بالرجولة والخشونة فمن الصعب أن يقتنع الرجل بمجرد النفى، لذلك بحثت فى نواقص الرجل التى لا تفنى أبدا.
 
وأنا فى طريقى دائما أحب أن أشاهد لا أن أسمع .. وما أحب أن أشاهده هو السلوك الإنسانى بشكل عام فى مختلف مواقفه بصورته الطبيعية التى تخلو من التصنع والابتذال، وفى إحدى المرات قررت أن أتابع سلوك الرجل الذى دائما ما سمعت عنه أنه أكثر ذكاء منى وأقدر على مواجهة المواقف، وإذا علا صوتى عليه ذكرنى بأننى خلقت من ضلعه الأعوج. طردت كل هذه الأفكار عن رأسى وبدأت أنتقى مادة تجاربى الحياتية سواء كان شابا أو رجلا ناضجا حتى أقتنع أنه جدير أن يكون أفضل منى لمجرد كونه رجلا ذلك المسمى الذى يفتح له أبواب الانطلاق إلى الدنيا الواسعة ودائما لا يسأل؟
 
وقد وجدت أن مفهومى عن الرجل الذى رأيته فى الدائرة المحيطة بى داخل أسرتى قد اختلف كثيرا عما وجدته فى أرض الواقع، فالشهامة والأخلاق والكبرياء وعزة النفس وقوة الشخصية كلها صفات لا تخرج عن حدود صفحات الكتب والروايات التى كنت أقرأها. وما رأيته كانت نماذج متشابهة إن لم تكن متطابقة لشباب المفترض أنهم هم رجال المستقبل وأيضا هم ليسوا بالصغار كى أقول عنهم «مسيرهم بكره يكبروا ويعقلوا»، وهم يرتدون ملابس أشبه بملابسى فى الشكل واللون وأحيانا فى بعض الإضافات من «الاكسسوارات»، وإن كانت ملابسى أكثر احتشاما واتساعا وبساطة، كما أننى لا أرى فى قصات شعورهم غير رغبة فى الاختلاف والتميز دون مراعاة لمسألة الذوق أو الانطباع العام عنه.
 
أما إذا تحدثنا عن أسلوب تفكيرهم فعذرا فى وصفى له «بالتافه» ويكشف لى مدى سطحيته وسذاجته أحيانا فهو إذا صارت لديه رغبة فى الارتباط بفتاة يبدأ فى طرح لائحة قوانينه الخاصة والتى تختلف من شاب إلى الآخر وتتراوح بين الاستهتار والتشدد، لذلك لا تقدم لى إلا شخصية متناقضة لهذا الرجل.
 
الذى يجيد الحديث عن التطور والرقى ومصادقة الفتيات وأن يكون أكثر مرحا وانطلاقا، بينما يريد لها العزلة وإن شاء غلفها لا لأنها جوهرة يجب أن يحفظها، ولكن لأن الثقة انعدمت لديه فأصبح يشك فى ولائها له رغم أنه يعلم جيدا مدى احترامها لنفسها قبل احترامها له.
 
قد نختلف فى وجهات النظر وقد يرانى البعض خيالية عندما أطالب برجل وفقا لرؤيتى لا ذكرا وفقا لشهادة الميلاد.