الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
من دروس وحيد حامد

من دروس وحيد حامد

تكرَّرت نتائج وخواتيم السمات المشتركة بين أبناء كبار الأثرياء والتى تتشابه أو تكاد تتطابق تقريبًا، أى، إنفاق سفه إلى أبعد الحدود وبما يفوق الخيال، ثم إفلاس الوارث أو تدهور أحواله المالية إلى حد لم يكن يتخيله أحد وأولهم هو شخصيًا، وقد تناول هذا الموضوع كاتبنا العملاق الراحل وحيد حامد والذى تجلى حب الملايين له خاصة عقب نبأ وفاته، وكالعادة شنت جماعة الشر حملات مقززة من الشماتة ومحاولة تشويه مسيرة فنان عملاق، وتوغلوا فى نرجسيتهم معتبرين أن الخالق عز وجل، ينفذ مشيئتهم الشريرة بابتلاء البعض بالمرض والبعض الآخر بالوفاة، وكأنَّ هذه الجماعة الشريرة معصومة من أى أمراض، إضافة إلى أن الموت لا يعرف طريقه إلى قادتها وأعضائها، منذ اتفق مؤسسها حسن البنا مع بريطانيا، دولة الاحتلال، عام 1928 وحتى يومنا هذا.. ورصيد وحيد حامد كبير وعميق الأثر؛ حيث إنه عاش طوال عمره مهتمًا بأحوال هذا الوطن وباذلًا قصارى جهده لتقويم السلبيات التى طرأت عليه بمخطط بالغ الدقة فى رأيى..وقد ظهرت فى مصر أنماط جديدة من الأثرياء الذين تقدر ثرواتهم بالمليارات نتيجة ما جلبته ثقافة صفراء، واجهت بشراسة الأصالة المصرية بكل ما تعنى من مكونات الهوية المصرية.. كرَّس وحيد حامد جزءًا كبيرًا من حياته لفضح هذه الآفات وخاض معارك ضارية ضد المستفيدين منها.. من بين أجمل أعمال الراحل الكبير فى نظرى فيلم «الأولة فى الغرام» الذى قام بتشريح فئة الأثرياء الجدد ومدى خطرهم حتى على أبنائهم ..فهؤلاء الأبناء يشبون كما جسَّد ذلك الشاب ابن ملياردير تُوفىّ عن عدة مليارات قام ابنه، وكان وريثه الوحيد، بإنفاق الملايين على نزواته واستهتاره بمئات الملايين التى لم يتعب فى جنيها حتى أفلس تمامًا وبات مهددًا بالسجن لإصداره شيكات بدون رصيد.. اهتدى عم الشاب إلى إخضاعه لتجارب مريرة، أسقطته من عليائه فخرج من القصر المنيف إلى العشوائيات، كما تلقى دروسًا قاسية بصدد احترام المرأة وإدراك قيمة أن تكسب ما يمكنك من حياة كريمة، لا تمد فيها يدك بالتسول، حتى ولو كانت متواضعة..  أى أن العم، لم يمنعه ثراؤه الفاحش من القلق على ابن أخيه وهول ما يمكن أن يعانيه، بسلوكه المستهتر، بعد وفاته وحتى ولو كان ما سيتركه لابن أخيه يقدر أيضًا بالمليارات، مدركًا أن الشاب الذى فقد مئات الملايين فى سن مبكرة، قد ينفق ما سيرثه من عمه فى مدة أقل، نظرًا لكونه لم يبذل أدنى جهد فى الحالتين.. وبعد سلسلة من التجارب والدروس المؤلمة، عاد العم يحتضن ابن أخيه بعد أن صقلته قسوة التجارب التى خطط لها بمهارة وجنى الثمار التى خطط بذكاء لها.. إن هذا الفيلم شديد العبر ويمثل درسًا بليغًا لمن يستهترون بقيمة العمل ومقومات الحياة الكريمة وما تقتضيه من مقومات الحفاظ على الكرامة الإنسانية.. وحيد حامد تصدى بفنه الرفيع لسلبيات عديدة، أكثرها شراسة، الفكر الإرهابى والظروف التى تسمح له بالانتشار وإيذاء الوطن والمواطنين، وكذلك بالدين الإسلامى الحنيف الذى يريدون أن يصدقهم الناس بأنهم ينتمون إليه أو ينفذون مبادئه وتعليماته.. أتمنى أن يركز إعلامنا على بث جميع أعمال وحيد حامد وإعادة البث على فترات لاقتلاع الأفكار المسيئة وإعادة غرس القيم المصرية الأصيلة، لاستعادة الهوية المصرية التى كانت مثالًا وقدوة للعالم بأسره.. ورغم الحزن الجماعى المصرى على رحيل مبدعنا الكبير؛ فإن الأكيد أن مثله يرحل جسدًا ويبقى خالدًا روحًا وفكرًا وفنًا.