رولا خرسا
2020
أعتقد أننى من الأقلية الموجودة على كوكب الأرض التى لا تشعر بغضب من 2020، بل بالعكس أعتبرها واحدة من أهم سنوات عمرى على الإطلاق.. فيها دروس كتيرة جدّا.. سنة الدكتوراه فى فهم النفس والآخرين.
الجلوس مدة طويلة دون احتكاك بالبشر إلا عن طريق السوشيال ميديا جعلنا نكتشف أولوياتنا فى الحياة.
2020 علمتنا أن الموت قريب جدّا.. وأقرب وأسرع مما نتخيل، لذا يجب أن نعيش، نعيش اليوم، نعيش اللحظة، المهم أن نعيش قبل أن نموت ونعيش كأننا لن نموت أبدًا.
علمتنى 2020 أن ما كنّا نعتبره أمرًا مُسَلّمًا به من الممكن أن يصبح مُستحيلاً بين ليلة وضحاها..أن تستطيع أن ترى أى شخص متى شئت.. أن تسافر.. أن تصلى الجمعة فى الجامع أو تصلى الأحد فى الكنيسة .. توقفت أمور كنّا نتخيلها عادية.. أبسطها أن تخطط لغدك.. حتى هذا لم تعد تستطيعه فأنت لا تعرف ما يحمله لك الغد.
لتتعلم أنك تشاء والله يفعل ما يشاء..
2020 علمتنا أن الظروف من الممكن أن تمنعك عن كل من تحبهم وتعودت زيارتهم ورؤيتهم متى شئت ستكتشف أن اللقاء من الممكن أن يكون عزيزًا.
ستكتشف أن أقرب الأقربين ليسوا فى المتناول كما كنت تتخيل.
علمتنى 2020 أن العالم كله من الممكن أن يتوقف.. أن يكف عن الدوران.. وأن الاقتصاد له صور متعددة. التسوق أصبح عبر الإنترنت.. لتكون أكثر جملة ترددت هذا العام هى «الأوردر وصل يا أفندم».
2020 كانت عودة إلى حياة ما قبل الجاهز.. السيدات اكتشفن قدراتهن على الخبز، وفى وقت قياسى.. وكان أشهَر منتج هو بسكويت الخمس دقايق.. السريع الذى انتشر فى كل البيوت.
وإن تحدثنا عن الروائح التى ميزت 2020 فإضافة إلى روائح الخبيز الجميلة نجد طبعًا رائحة الكحول والمنظفات المختلفة.. تعودنا عليها حتى أصبحنا نرشها أكثر من العطور.
ففى كل مرة نلمس مسطحًا نرش على أيدينا «كحول».
أمّا الزّى الرسمى المميز لـ2020 فهو الكمامة.. وشعار المرحلة بصوت عبلة كامل وهى تحدث الليمبى:
«كمامتك على وشك كحولك فى جيبك.. ولو الفيروس قرب لك رش عليه كحولك وطفشه».
إلا أن عام 2020 وبسبب الدروس كان عامًا حزينًا.. تحولت صفحة الفيسبوك إلى صفحة الوفيات التى تعودنا قراءتها زمان وأصبحت أكثر عبارة نكتبها هى البقاء لله.. ليس السبب دومًا الكورونا، ولكن كثر الموت أو لعلنا بسبب تواصلنا أصبحنا نعلنه على الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم.
2020 جعلتنا نكتشف أهمية العلاقات الإنسانية.. لم يعد فى استطاعتنا احتضان من نشاء ساعةً ما نشاء.. ولا حتى تحيتهم أو تقبيلهم.. وأصبحت هناك تحية الكورونا من بعيد لبعيد.. حرمنا من أى تعبير فيه قدر من الحميمية.
نودع 2020 ونحن على ثقة أننا لن ننسى هذا الرقم. هى بداية لسنوات مختلفة تحمل ما تحمله إلا أنه من المؤكد أن التاريخ سيؤرخ بها.. ما قبلها.. لن يعود.. كل شىء فى الحياة اختلف.. وأول من اختلف هم البشر.. أصبحنا أكثر حزنًا.. ربما ولكن الحزن يجعلنا أكثر تقديرًا للفرح.
أصبحنا أكثر خوفًا من ربنا.. ولكن الخوف يجعلنا نتجه إلى خالقنا نحتمى.
وتذكّروا ما أقوله:2020 بداية صحوة ووعى.. وما بعد كل هذا الظلام سيأتى نور..ينير القلوب والعقول معًا.. والأيام بيننا.