الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان
قبطية وأفتخر

قبطية وأفتخر

تنازل عنها المسلمون جهلًا بالمعنى واحتمى بها المسيحيون حماية من تمييز، وكلاهما غير مدرك للمعنى الحقيقى لها، أو ربما يدركون و يعمدون لتناسى معناها لأنها تفتح عليهم باب التفكير فى الهوية المنسيّة. 



إنها كلمة قبطى يا سادة التى لا تعنى مسيحيًا بأى حال من الأحوال، ولكنها صارت عنوانًا لعقيدة سماوية بمرور الوقت وتغاضى الجميع عن استخدامها رغم أنها جزء من هوية المصريين جميعًا الذين لو أدركوا قيمتها ما تخلوا عنها فى الماضى أو الحاضر أو حتى المستقبل.

فكلمة «Copt» تعنى مصر وقبط أو أقباط هم سكان مصر. فهاجر زوجة خليل الله أبو الأنبياء وأم نبى الله إسماعيل كانت تكنى «بالقبطية» من قبل المسيحية بعدة قرون. أى هاجر المصرية امرأة قبطية كرَّمها الله وخلد سعيها بين الصفا والمروة لا لصلاة أو لتعبد أو لدعاء بل ليقين إيمانها بأنه من جاء بها لتلك الأرض ويقين عدم تركه لها هى وابنها إسماعيل. وهو ما يتضح فى حديثها مع نبى الله إبراهيم حين هم بتركهما فى صحراء مكة عند بيت الله الحرام من دون ماء ولا ونس بشرى. حين قالت له إن الله لن يضيعهما. فيخلد سعى هاجر القبطية ليصبح منسكًا من مناسك الحج والعمرة ويذكر فى القرآن، ويأتى من رحم هاجر القبطية نسل العرب بل وأشرف خلق الله نبى الله محمد صلوات ربى وسلامه عليه. 

كما أن أحاديث الرسول محمد عليه الصلاة والسلام عن مصر وفتحها وأهلها تؤكد المعنى للقبطى أى المصرى. فقد قال فيما قال «ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرًا فإن لكم منهم ذمة ورحما». وقبطها فى ذلك الوقت كان منهم المسيحى واليهودى والوثنى الذى لا يعبد الله.

نعم هذا هو التاريخ الذى تجاهلناه لنترك جزءًا عميقًا من هويتنا يحكى عن مصريتنا حتى لمن أتوا لبلادنا واستقروا بها وتناسلوا وعاشوا فيها فصارت جزءًا من تكوينهم. فعلى مدار العصور قدم لمصر -محتلًا أو زائرًا أو سائحًا- كثيرون من رومان أو فرس أو عرب ولكنهم صاروا بحكم الحياة على تلك الأرض مصريين بمرور الوقت منحتهم هويتها وأثرت فى لغتهم وفكرهم ومعيشتهم، وبالتالى فى هويتهم. تذكر أن أول قانون للجنسية المصرية لم يصدر إلا فى العام 1926 ونص على أن جميع المتوطنين بمصر حتى فى ظل الحكم العثمانى مصريين.

لماذا الآن أصر على تلك الهوية التى أدعوالله أن تصير فى فؤاد كل مصرى؟ 

لأسباب كثيرة أهمها إنها حماية من تمييز أو طائفية فكلنا عباد الله نحيا أقباطًا على أرض مصر. وثانيها أنها حماية من حرب سيجعلون الدين عنوانًا لها بين تكفيريين يرفعون اسم الإسلام ويمينيين يرفعون اسم المسيحية ومن خلفهما صهاينة يرفعون اسم اليهودية وكل الدين منهم براء. 

ولذا فأنا قبطية وأفتخر.