الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بخط اليد

رسائل لم ينشرها أحد!

رسائل «السندريلا» إلى الله!



تحمل فى طياتها الحزن والفرح، ويحوى مضمونها نبض لا يعرفه إلا من بات .. ليالٍى يحلم بقصاصة تأتيه بخط من يحب، نقلت الخطابات الورقية «الجوابات» رسالة غضب بليغ حمدى للفنان عبدالحليم حافظ، وتسببت إحداها فى موت والدة شيخ الممثلين محمد توفيق من الفرحة.  فى اليوم العالمى للبريد، ننشر مجموعة من خطابات الفنانين والمشاهير التى تبادلوها فى مختلف المناسبات فيما بينهم لنذكر الأجيال الحالية بأساليب المراسلات, وشكل العتاب, والاحترام حتى فى الخلاف بين هؤلاء الفنانين الذين رحلوا عن الدنيا وبقيت ذكرياتهم العطرة.

قصة العندليب

نشب خلاف بين الملحن بليغ حمدى والمطرب الكبير عبدالحليم حافظ، فبعث بليغ خطابًا مكتوبا على آلة كاتبة، والذى عبر فيه عن غضبه من مزاح حليم، ولم يوضح سببه، مطالبًا عدم محاولته الاتصال به حتى يصفو له، وقال بليغ نصًا فى خطابه لحليم.

عزيزى عبدالحليم

تحية طيبة

أود لفت انتباهك إلى أن تعليقك الساخر اليوم ونحن فى السهرة قد جرحنى جرحًا أليمًا. برجاء عدم التعامل مع مشاعرى بهذا الاستخفاف والاستهانة بحب عظيم لا أظن أنه يمكنك أن تفهمه.

برجاء عدم الاتصال الأيام التالية حتى أصفو لك تمامًا وأستطيع الكلام معك ثانية» ووقع فى نهاية الجواب «خالص مودتى.. بليغ حمدى». 

من السندريلا إلى العندليب

السندريلا «سعاد حسنى» والتى شاركت العندليب عبدالحليم حافظ أحد أفلامه أرسلت له خطابًا مكتوبًا بخط اليد لتبارك له على بداية تصويره لأحد أعماله السينمائية، متمنية له دوام الصحة والعافية.

الخطاب حمل تاريخ الثالث من يونيو لعام 1963 تقول فيه: «مبروك على دخولك الاستديو وألف حمد الله ع سلامتك يا حليم وإن شاء الله تكون دى آخر مرة تتعب فيها وربنا يديلك طولة العمر والصحة والحياة» ووقعت اسمها فى آخر الخطاب «سعاد».

أما الفنان الكبير محمد توفيق أو شيخ الممثلين كما لقبه البعض، استخدم الخطاب استخدامًا غريبًا عمن سبقوه، حيث إنه انتهز فرصة تواجده فى مكتب الفنان الراحل سليمان نجيب، وأخذ أحد الخطابات الفارغة فى عهد الملك فاروق، وكتب جوابًا باسم الديوان الملكى بتعيين محمد بك توفيق مديرا لدار الأوبرا المصرية، وأرسله إلى والدته التى كانت تصارع الموت ففرحت بمضمون «الجواب»، رغم أنه مختلق وغير حقيقى، ومزيف، إلا أن والدته التى كانت بين الحياة والموت فرحت به فرحًا شديدًا، وماتت وهى سعيدة، وبذلك استطاع البارع محمد توفيق إقناع أهله بدخول عالم الفن.  

اعتزال حياة

الفنانة المعتزلة حياة قنديل  غير خطاب مجرى حياتها الفنية ودفعها إلى عدم تمثيل أدوار «حرامية»، حيث إنها قامت ببطولة مسرحية اسمها «الحرامية» مع الفنان «فريد شوقى». وكانت الفنانة «حياة قنديل» تؤدى دور «حرامية»، وبعد أن أدت دورها فى آخر ليلة عرض للمسرحية، فوجئت بسرقة شنطة يدها من غرفتها بالمسرح، ووجدت جوابًا مخطوطًا من السارق فى جيب البالطو الخاص بها يقول فيه:

«هذا انتقام الحرامية من الذين يمثلون أدوارهم ولا يحترمون مشاعرهم!».

وليلتها أقسمت الفنانة «حياة قنديل» ألا تؤدى دور «حرامية» مرة أخرى، والطريف أنها اعتزلت العمل بالفن بعد ذلك بفترة قصيرة، ولم تكن قد بلغت الثلاثين من عمرها، وأشيع وقتها أن هذا الخطاب أدى إلى اعتزالها التمثيل.

وتعودت السندريلا «سعاد حسنى» أن تتحدث مع الله بالرسائل حيث ترسل له خطابًا كلما أرادت شيئًا، كانت تحكى فى «الجواب» عما يدور فى داخلها وأمنياتها وكل ما تريد، كطفلة تتحدث إلى الله فى كل أمورها بعفوية دون تكلف أو حواجز.. وحيدة تعرف أنه ملجأها ومرشدها الوحيد. تائهة تتمنى أن ترى الطريق. صادقة تنشد الحب والخير.

هكذا كانت كلمات سعاد حسنى فى خطاباتها التى كتبتها إلى الله بخط يدها.. لا أحد يعرف بماذا كانت تشعر وقت كتابة هذه الخطابات وبأى أزمات كانت تمر.. لكن تبقى كلماتها لتدل على أنها كما قال عنها أقرب أصدقائها ومنهم الفنان حسن يوسف والفنان سمير صبرى «كانت طفلة غلبانة تحتاج من يرشدها ويأخذ بيدها دائما».

تقول فى أحد الخطابات «يارب ارضى عنى.. اعف عنى يارب.. باركلى فى خطواتى..سامحنى إن كنت أخطأت وإن كنت أذنبت وإن كنت أغفلت وإن كنت نسيت..وإن كنت توهت وإن كنت غفوت،  وإن كنت طمعت أو أحببت نفسى أكثر من غيرى أو محيت الآخرين من ذاكرتى أو أخذتنى لذة الحياة وجمال الدنيا وعزة النفس ونشوة الفؤاد..سامحنى يارب وكن معى دائما».

تطلب سعاد من الله أن يجعلها مرحة واثقة وأن يجعل فى وجهها القبول، حتى استجاب الله لها فكانت من أكثر البشر قبولاً، وهو ما يدل عليه خطاب إلى الله تقول فيه:

«يارب ألهمنى الفعل الإيجابى، والإنجاز البصير، الرؤيا الحسنة، والتوفيق والإيجاب، والقبول لدى ما توجد عنده مصالحى،، يارب ألهمنى الثقة بالنفس والعزيمة والإيجابية والمرح المحبب إلى النفس واجعل فى وشى القبول للانتهاء من هذه المرحلة الحرجة، المقلقة الطويلة، كى أنهى مرحلة التحضير وانتقل إلى مرحلة التنفيذ، اجعل أيامى مبصرة وصائبة وخيرة متفائلة ومرحة ومقدمة وواثقة وثابتة، شكر لك يارب».

وفى خطاب ثالث تبدو حائرة تحتاج إلى اتخاذ قرار بين الزواج والتمثيل وأن هناك أمرا يجب أن تحسمه صباح يوم 5 يناير عام 1993، وتقول فى هذا الخطاب:

«يارب أنت عارف عاوزنى أبقى ازاى، فى مهنة التمثيل أو زوجة، ساعدنى يارب فيما تختار لى، فأنت تعلم أنى فى حاجة للمساعدة، من بكرة بإذن الله احتاجك بشدة واترجاك ياربى أن ترسل الملائكة غدًا فى الصباح 5-1-1993 حتى استمر من بعد هذا التاريخ المبارك أن تباركلى فيه وتظل الملائكة معى إلى ما لا نهاية لكى أفتخر بنفسى وأكون كما شئت، أنت وما رسمته لى يتضح أمامى حتى أسير عليه وأنا عارفة ما هو دورى فى الحياة أريد أن أرى بوضوح وأن يكون هناك يقين ومعرفة كاملة لما سوف أسير عليه وأن يكون إيمانى بما أفعله قويًا وحاسمًا وقاطعًا وأن لا تزعزعه الخواطر والأفعال الأخرى وأن تكون أفكارى ثابتة، وشكرًا».

وكذلك العظيمة تحية كاريوكا التى كانت تقرأ المصحف وتحتفظ فى كل ورقة بخطاب تكتبه إلى الله تطلب منه أى شىء تريده وقتها، كما ذكرت الفنانة الراحلة ابنة أختها رجاء الجداوى.

  بليغ ووردة

 كان الموسيقار بليغ حمدى فنانًا مركبًا حيث إنه لم يصنع لحنًا رائعًا فحسب، بل يستطيع أيضًا أن يضع له كلمات رائعة مثله، فكان يعرف كيف تُصاغ الكلمة الرقيقة ويعرف الطريق إلى المعانى جيدًا.

ويبدو هذا جليًا فى خطاباته لوردته الوحيدة، الفنانة الجزائرية وردة زوجته ورفيقة الرحلة وحب العمر.

فى ظرف خارجى صغير موجه إلى السيدة «وردة حمدى» وضع بليغ «رسالته القصيرة قائلا: الحبيبة مراتى.. يا أرق من النسيم وأجمل من القمر وأحن إنسانة فى العالم كله.. حبى ليكى لا ينتهى ولن ينتهى.. بيكبر زى الورد......... أموت فيكى إلى الأبد». بليغ حمدى وفى رسالة أخرى.. مكتوبة على قطعة ورق النوتة الموسيقية، ويبدو أنه لم ينتظر حتى يأتى بكارت ليكتب عليه، ولم يقبل أن يمر الورد هكذا دون أن يحمل بعضًا من روحه فكتب الرسالة على ما وجده أمامه من ورق، أو ربما أراد أن يقول لوردة أنه يعشقها كما يعشق المزيكا، فكل من يعرف بليغ يعرف جيدًا ولعه باللحن والموسيقى، وهو الشىء الذى أكدته وردة نفسها فى الكثير من لقاءاتها التليفزيونية، حيث قالت «إن كل أغنية حب لحنها بليغ كان لها شىء فيها»..

وكانت الرسالة تقول «زوجتى وحب عمرى.. مساء الخير يا أحلى ست فى الدنيا معلش أنا عارف إن إمبارح زعلتك.. لكن استحملينى شوية يا نور عينى اليومين دول وحقك على زوجك اللى يحبك إلى الأبد، زوجك بليغ حمدى».

وفى رسالة ثالثة قال بليغ: «زوجتى.. وروحى وحب عمرى.. كل سنة.. وأنت مراتى.. كل سنة وأنتى حبيبتى.. كل سنة وأنت فى نجاح.. كل سنة وأنت فى أمل جديد.. أحبك بليغ حمدى» وفى رسالة رابعة قال بليغ «زوجتى الحبيبة.. حبى لك إلى آخر يوم فى عمرى.. أقدسك.. زوجك بليغ حمدى».

أما فى إحدى رسائله لها مع باقة الورد المعتادة الصباحية قال بليغ: أمى.. نور قلبى.. كل حاجة حلوة أنت.. ليلة إمبارح مجانيش نوم.. عشان خاطرى حقك عليه.. وأموت فيكى.. زوجك بليغ حمدى».

وهكذا دائمًا كان يعبر بليغ حمدى عن حبه لوردة بوردة ورسالة.

 أما قصة عشق عمر الشريف لفاتن حمامة، وثقتها أفلام السينما، وظل «الشريف» يذكرها بعد إصابته بمرض الزهايمر.

كتب عمر الشريف لفاتن حمامة خطابًا مرفقًا بصورتها يقول فيه «أنا أحبك دائمًا. بالرغم مما أنت عليه أو ما ستكون عليه الآن أو لاحقًا، أحبك لأننى أيضًا وحتى هذا اليوم أكثر شخص يعرفك.. وجاهد فى أنه يعرفك».

بهذه الكلمات استطاع عمر الشريف أن يمتلك قلب فاتن حمامة فى أحد خطاباته لها. وعن اللحظة التى طلب فيها عمر الشريف يد فاتن حمامة للزواج كتب على ورقة جرنال ليعبر عن شعوره وقتها يقول «مازلت أتذكر تلك اللحظة التى عرضت فيها الزواج، لقد فأفأت وثأثأت ورجعت عدة خطوات وكنت أشبه التلميذ الذى نسى كل معلوماته فى الامتحان الشفوى، صحيح أننى اعتقدت أنها غاضبة من هذا العرض، وقررت أن أعتذر لها، وكنت أتخيل ما سيجرى من حديث بينى وبينها وأتخيل أنها غاضبة وعلى لسانها كلام شديد ثم أتخيل نفسى أعتذر».

وكتب الحوار الذى دار على لسانها والحوار الذى جرى على لسانه وسجلهما وكان مازال يحتفظ بالورقة التى كتب بها الحوار ويستعيد قراءتها هو وفاتن ويضحكان كثيرًا.

 من ليلى مراد

عندما سمع العندليب أغنية «تخونوه» على عود بليغ حمدى الذى كان للتو انتهى من تلحينها استأذنه أن يأخذها من ليلى مراد، حيث إنه وجدها تتناسب مع أحدث أفلامه الذى كان قد بدأ تصويره منذ يوم واحد وهو فيلم «الوسادة الخالية».

فأرسلت ليلى مراد خطابًا إلى العندليب بعد أن أبلغها بليغ تقول فيه:

«الفنان الجميل صاحب الصوت المميز عبدالحليم حافظ لقد حضر عندى الشاب الملحن بليغ حمدى وقد طلب منى التنازل عن غنوة «تخونوه» علشان تغنيها فى فيلمك الجديد (الوسادة الخالية) على حد علمى، وعلى فكرة الموضوع كان مفاجأة لى لأنى قمت فعلًا بتسجيل الجزء الأول من الغنوة هذا أولًا.

ثانيًا الأستاذ إسماعيل الحبروك لابد له من الموافقة يعنى الموضوع مش خاص بى ولكن هناك عدة أطراف وهناك شركة أسطوانات والعقد المتفق عليه بينى وبينهم، ولكن على فكرة أنا موافقة من ناحيتى أنا، المهم الأستاذ إسماعيل الحبروك، أنا هحاول أوضح له الأمر وهكون سعيدة بتقديم أى شيء يكون سبب فى نجاحك يا عبدالحليم، وسوف أتنازل عن أى حقوق مادية أو قانونية خاصة بى، وطبعًا أنا عارفة إن بليغ موافق لأنه هو اللى عرض عليا الموضوع، وبليغ قال إنه فى غاية الحرج منى علشان الغنوة، وإنه جاء بناء على طلبك أنت، وعلى فكرة أنا سعيدة جدًا بهذا الطلب منك، أنا غنيت كتير جدًا يا عبدالحليم وأنا دائمًا أحب أن أرى نجاح الشباب وأحب دائما الوقوف إلى جانبهم وخاصة أنت لأن ظروفك فى البداية زى ظروفى، وأنا وجدت التشجيع من الأستاذ عبدالوهاب وسوف أكلم الأستاذ إسماعيل الحبروك وأقول له إن وجود الأغنية فى فيلم سوف يكون أفضل من أسطوانة وإن شاء الله سوف يوافق».

ثم توسطت ليلى مراد لدى المؤلف إسماعيل الحبروك وأقنعته بأن الأفضل للأغنية أن يغنيها عبدالحليم فى فيلمه، وبالفعل غنى العندليب «تخونوه»، فى فيلم الوسادة الخالية وحققت نجاحًا كبيرًا.

  وختامًا نذكر اثنين من رواد وأعمدة مجلتنا الحبيبة «صباح الخير» التى تظل دائمًا رواق الحب والوداد.

ذهب الصحفى الكبير لويس جريس فى بداية حياته إلى إنجلترا ليتلقى العلم ويحصل على درجة الماجيستير من هناك، ولكن يبدو أن الحال أعجبه فقرر أن يكمل حياته وبالفعل كان قد ارتبط ببعض الصحف العالمية للعمل بها كصحفى مبتدئ، إلا أن خطاب الأستاذ أحمد بهاء الدين غير حياته تمامًا، حيث أرسل له خطابًا يقول فيه «عزيزى لويس جريس.. ماذا تفعل هناك.. أحضر مكتبك فى انتظارك».

فورًا قرر «جريس» أن يعود لمصر وكان لويس جريس، وكانت حياته مع الفنانة العظيمة سناء جميل.