الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

مصر الإرادة فى الإقليم والعالم

رحلة السنوات السبع لاستعادة المكان والمكانة

المرونة والحركة التى استعادت بها دولة 30 يونيو دور مصر وريادتها فى الإقليم تكشف عن أن القيادة السياسية فى مصر عملت بما لديها من رصيد سياسى وحضارى وثقافى - وعسكرى - مكنها من إنهاض مصر لتعيد ترتيب أوراقها وترتيب أولوياتها، فالقراءة المتأنية للأحداث واستجلاء المواقف للتفاعلات الدولية هو ما يميز عبقرية الرئيس عبدالفتاح السيسى السياسية.



مصر فى عهد السيسى تختلف عما كانت قبل ذلك، الآن على رأس الدولة المصرية قائد وزعيم، يضع خطوطًا حمراء للأطراف الدولية والإقليمية التى اعتادت العبث فى الشئون الداخلية للدول العربية والتى تمثل تهديدًا للأمن القومى العربى.

الآن أصبح صوت الدولة المصرية أقوى وصداه يتردد فى العالم كله، العواصم العالمية أصبحت تنتظر ما يعلن عنه الرئيس فى خطاباته، كلماته، تحركاته، سياساته، إنها مرحلة جديدة لمصر الجديدة. 

عبقرية الرئيس عبدالفتاح السيسى تجلت منذ أن تولى المسئولية، بل قبل ذلك منذ أن كان المشير عبدالفتاح السيسى، أنه دافع عن مصر والمصريين من عبث وإرهاب الجماعات المتطرفة الإرهابية، والآن يدافع عن الأشقاء العرب من تلك الجماعات الإرهابية والقوى الاستعمارية التى أرادت إرجاع التاريخ الأسود لفترة احتلال المنطقة العربية.

فمصر، خلال السنوات الماضية، استطاعت أن تستعيد دورها لاعباً فعالاً فى المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط وشرق المتوسط، من خلال عدد من المحاور استطاعت القيادة المصرية أن توظفها لتكون الرقم الصعب فى معادلة الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وعلى الصعيد السياسى كان لمصر دور واضح وفعال ومؤثر فى قضايا وأزمات المنطقة. 

فيما يتعلق بمنطقة شرق المتوسط، قد استطاعت مصر بقيادة الرئيس السيسى تحقيق نجاح وضربة أفقدت أردوغان توازنه باستضافة القاهرة منتدى غاز شرق المتوسط، والذى تم تحويله إلى منظمة إقليمية فى سبتمبر الماضى، وبذلك تصبح مصر مركزًا إقليميًا للطاقة. لقد تعاملت مصر مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية وفقًا لرؤيتها ومصلحتها العليا وكانت سياسة السيسى الخارجية نموذجًا فى كيفية إدارة تلك الأزمات، فأصبحت مصر فاعلاً دولياً وإقليمياً فى حل أزمات المنطقة، ومركزا إقليميا للطاقة والتنمية.

وفى الأزمة السورية نجحت مصر من خلال علاقاتها مع الأطراف الفاعلة على الأرض فى سوريا - باستثناء الجماعات الإرهابية المتطرفة كداعش وفتح الشام «النصرة سابقًا» - فى الإعلان عن توقيع اتفاق لخفض الأعمال العدائية وتخفيف التصعيد فى الغوطة الشرقية يوليو 2017، وفى سبتمبر من نفس العام أعلنت أيضًا عن توقيع اتفاق مماثل يشمل المناطق الواقعة شمال حمص. 

انخراط مصر فى الأزمة السورية من خلال استضافتها لمباحثات مناطق خفض التصعيد خلال تلك المرحلة، يشير إلى أن سياسة مصر تجاه الأزمة السورية كانت الأنجح والأكثر نجاعة فى تحقيق تقدم على الصعيد السياسى والأمنى من الأزمة السورية.

فمصر ظلت على مسافة واحدة من جميع أطراف الصراع فى سوريا باستثناء الجماعات الإرهابية، كما أنها كثيرًا ما طالبت بضرورة التركيز على محاربة الجماعات الإرهابية فى سوريا أولاً، والبدء فى العملية السياسية وضرورة الحفاظ على الجيش العربى السورى. وفى ليبيا, كان لمصر موقف ثابت وواضح من تطورات الأحداث وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة على أن أمن ليبيا هو أمن مصر القومى، لذلك نجد أن سياسة مصر وتحركها تجاه الشقيقة ليبيا مبعثه حماية مقدرات الشعب الليبى والحفاظ على وحدة الأراضى الليبية، وألا تسقط فى أيدى الجماعات الإرهابية المتطرفة، والعمل على إعادة بناء الدولة التى أصبحت ساحة ومطمعًا للإرهاب ولأطراف إقليمية ودولية لا تفكر إلا فى نهب وسرقة مقدرات الشعب الليبى.. لذلك مصر تعد الدولة الوحيدة التى تدخلت لحماية ليبيا والشعب الليبى منذ بدء الأزمة بها وانهيار مؤسساتها، وعملت على جمع الفرقاء الليبيين فى القاهرة أكثر من مرة من أجل الوصول إلى اتفاق سياسى يوحد الليبيين وحقنًا لدمائهم، وحملت على عاتقها فى جميع المحافل الدولية الدعوة إلى ضرورة رفع الحظر المفروض على تسليح الجيش الوطنى الليبى حتى يستطيع القيام بمهامه ومحاربة الإرهاب والتطرف الذى انتشر فى الأراضى الليبية وبدعم مما يسمى بحكومة الوفاق، وكى يستطيع الجيش الدفاع عن حدوده ومقدراته التى أصبحت مطمعًا للأتراك وغيرهم.

كما دعت مصر عبر «إعلان القاهرة» فى يونيو 2020 إلى ضرورة وقف إطلاق النار والبدء فى عملية سياسية بين الأطراف الليبية من أجل الوصول إلى اتفاق وإجراء انتخابات تفضى إلى كيانات شرعية.

الشعب الليبى والقبائل الليبية أدركت صدق التوجه المصرى وإخلاص نواياه تجاههم، ولهذا كان توافد شيوخ وأعيان القبائل الليبية على القاهرة طالبين مساعدة مصر فى تلك المرحلة العصيبة التى تمر بها ليبيا، مرحلة صار فيها المواطن الليبى غريبًا فى بلده فى الوقت الذى يجد فيه الإرهابيين ينتشرون فى كل ربوع ليبيا يقتلون ويسرقون، لذلك ليس غريبًا أن يطلب مجلس النواب الليبى برئاسة عقيلة صالح من مصر التدخل عسكريًا لحماية ليبيا والليبيين.

كما استضافت مصر سبتمبر الماضى المحادثات الأمنية والعسكرية المباشرة بين الفرقاء الليبيين، حيث استمرت يومين فى مدينة الغردقة تحت رعاية الأمم المتحدة مؤخراً.

وفيما يتعلق بجنوب السودان، قامت مصر بجهود كبيرة من أجل إحلال السلام والاستقرار هناك وتم التوقيع على وثيقة إعلان القاهرة لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان، فى نوفمبر 2017 تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورئيس جمهورية أوغندا يورى موسيفينى، وذلك فى إطار جهود دعم السلام ووقف الحرب فى جمهورية جنوب السودان الشقيق.

وتعد وثيقة إعلان القاهرة خطوة مهمة على طريق دعم السلام ووقف الحرب فى جمهورية جنوب السودان، وهو يمثل ركيزة أساسية لدعم الاستقرار الإقليمى..

كما شاركت مصر بجهود حثيثة من أجل الوصول إلى اتفاق سلام بين الحكومة الانتقالية السودانية والحركات المسلحة كالجبهة الثورية وغيرها، والذى تم التوقيع عليه فى أكتوبر الماضى فى جوبا عاصمة جنوب السودان، كما خصّت وزارة الخارجية السودانية مصر بالشكر لرعايتها اتفاق السلام.