الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«الإخـوان» فـى الرمـق الأخــير

تشهد جماعة الإخوان  ـ الارهابية ـ انقسامًا كبيرًا فى صفوفها، هو الأعنف ربما لأول مرة منذ تأسيسها علي يد حسن البنا عام 1928، وبدأت تنتقل صراعاتها الداخلية من الغرف المغلقة إلى العلن؛ حيث بلغ التراشق وتبادل الاتهامات حدًا، يعبر عن تعدد الولاءات، وتحويل القبلة صوب مصادر التمويل.



بعدما فشلت قياداتها التنظيمية فى التوافق على مرشد عام، يتولى أمورها،  خلفًا لمحمد بديع، الصادر بشأنه عدة أحكام قضائية، تتراوح بين  المؤبد والإعدام.

 

وعلى خلفية سقوط  الرجل الحديدى «محمود  عزت» فى القاهرة الجديدة الشهر الماضى فى قبضة الأمن، بعد تخفى استمر 7 سنوات كاملة، تنقَّل خلالها من مكان لآخر، فقدت الجماعة فى الداخل والخارج توازنها، وارتبكت حساباتها، فـ«عزت» لم يكن نائبًا للمرشد فحسب، بل يعد المرشد الحقيقى  فى ظل وجود  المرشدين السابقين، محمد بديع ومهدى عاكف، باعتباره القابض على الأمور التنظيمية، لدرايته بمنابع التمويل، وقدرته على التواصل مع شبكة العلاقات السرية بأجهزة الاستخبارات الدولية، فضلًا عن خبرته الطويلة فى تحريك الخلايا العنقودية، وإصدار التكليفات بتنفيذ العمليات الإرهابية، لذا فإن  سقوطه، يمثل ضربة قاصمة فى بنيان التنظيم. 

سقوط «عزت »، كشف عن صراع الأجنحة داخل التنظيم، تمثَّل  فى انقسام الجماعة إلى مجموعتين، الأولى يديرها إبراهيم منير  من لندن، وانحاز له بعض قيادات الصف الأول، لدرايتهم بنفوذه، باعتباره المهيمن على  مفاتيح الخزائن، وإدارة أموال الجماعة فى شركات الـ«أوف شور»، فضلا عن المشروعات الاقتصادية فى ألمانيا وسويسرا وبريطانيا.

أما المجموعة الثانية فهى تمثل المعارضة، ويتزعمها عصام تليمة من اسطنبول بتركيا، وهى تريد أن يكون مقر التنظيم اسطنبول برعاية تركية وقطرية، وتضم تلك المجموعة  كتائب اللجان الإلكترونية وشباب الجماعة، وهؤلاء رفضوا ان يدير التنظيم إبراهيم منير من لندن، بما يعنى أن صراع الجماعة على المقر، بعدما سقط التنظم بمقره فى مصر .

ولأول مرة ترفض قواعد الإخوان مبايعة المرشد الجديد، وكان إبراهيم منير  قد اتخذ عدة قرارات من دون التشاور مع الهاربين فى أوروبا واسطنبول والدوحة، منها تنصيب نفسه قائمًا بأعمال المرشد، كخطوة أولى تمهد لمبايعته مرشدًا فى أقرب فرصة، ثم إلغاء منصب الأمين العام، الذى كان يتولاه محمود حسين الهارب «انتقل مؤخرًا من اسطنبول إلى لندن»، والذى كان يتمتع بنفوذ هائل فى مكتب الإرشاد، باعتباره وثيق الصلة بقيادات تنظيم حماس الفلسطينى، ولديه علاقات واسعة بفروع التنظيم بعدة دول  إسلامية، منذ تأسيسه لجان الإغاثة، أثناء سيطرة الجماعة على نقابة المهندسيبن المصرية واتحاد المهندسين العرب.

قرار إلغاء منصب الأمين العام، جاء ضمن عدة قرارات تهدف لتهميش دور  محمود حسين، بعد الفشل فى التواصل مع القواعد فى الداخل، والاكتفاء بتواجدهم كأعضاء ضمن مجلس مصغر، يدير شئون الجماعة من لندن، ويأتى ذلك فى إطار محاولات إحياء التنظيم الذى تفكك، ولم يعد له وجود حقيقي على الساحة المصرية.

انشقاقات الجماعة لم تكن لأسباب فكرية، إنما لأسباب تنظيمية ومالية، ساهمت فى خلق صراع لم تستطع قيادات الخارج التصدى له، أو إخفاءه، وهو صراع لم يخل من الاتهامات المتبادلة بينهم جميعًا، حيث يتهم عصام تليمة «46 سنة» المقرب من الاهابىيوسف القرضاوى، قيادات الجماعة بأنهم فتتوا التنظيم، ولم تعد لديهم القدرة على إحيائه، أو لملمة أشلائه المبعثرة فى العديد من العواصم، مشيرًا فى مقال نشرته إحدى المنصات الممولة من الدوحة، قبل أيام إلى أن الأزمات الحالية تضرب الإخوان بشكل يفوق كل الأزمات التى تعرضت لها عبر تاريخها، كاشفًا  عن أنها تراكمات تاريخية، تدور فى فلك تهميش القواعد، وفى سياق أطروحاته التى يعلو  من خلالها بسقف الاتهامات، اعترف تليمة أن الأزمة التى تمر بها الإخوان، ليست مع النظام فى مصر، إنما مع الشعب ومع النخبة، الأمر الذى يحتاج قيادات أخرى، غير الشخصيات التى اتهمها بالفشل، فى حين قام إبراهيم منير بتسريب كشوف تضمنت ما يحصل عليه إخوان اسطنبول من رواتب تدفعها الدوحة  بصيغ مختلفة، لعل أبرزها ما يتقاضاه مجموعة الإعلام فى قناتى  وطن ومكملين.

فى سياق متصل بمشاهد الأزمة التى عصفت بما تبقى من التنظيم، تحاول الجماعة إيجاد صيغة جديدة، لتشكيل جماعات ضغط على العواصم الأوروبية، عبر تشكيل كيانات وجمعيات بمسميات مختلفة، تقوم بأنشطة علنية تنفى من خلالها علاقتها بالإرهاب، إلا أن النخبة الحاكمة فى فرنسا وألمانيا وعواصم غربية أخرى، تشكك فى مصداقية أى توجه للإخوان فى أوروبا، كما  أن تلك المحاولات تصطدم بقرارات بعض العواصم الأوروبية، التى تدين ممارسات الجماعة فى الغرب، لكن الشىء الوحيد المؤكد، هو نقل إدارة التنظيم من القاهرة إلى العاصمة البريطانية لندن، باعتبارها الحاضنة الأم للتيارات التى تتخذ الدين ستارا لجرائمها فى حق المجتمعات العربية.