السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بورسعيد.. عبقرية الجغرافيا والتاريخ

أى مدينة تلك التى تجمع امتداداً بين قارتين - أفريقيا وآسيا - سوى بورسعيد، دلونى على مدينة مثلها يحتضن فيها وعندها البحر المتوسط قناة السويس، وهى آتية له متراقصة بمياهها المتلألئة من خليج السويس جنوباً الى أن تستقر فى أحضانه شمالا.. طرز عماراتها إنجليزية متسقة، ونسيم هوائها يرد الروح، اما أرصفتها فعريضة تمتد تحت بواكى العمارات، ويمنحها ذلك تياراً من الهواء البارد حتى فى أسخن شهور السنة. كنا  نقف فى شوارعها فيرنو بنا الأفق شمالا فنرى البحر، ويأخذ نظرنا شرقاً فنرى القناة، فترتاح الأنفس وتتسع العقول والأفكار.. على أرضها أنزل العدوان الثلاثى جنوده فى حرب 1956، فجابهه شعبها ببطولات فائقة، وفى 1967 تعرضت لهجوم الطائرات الإسرائيلية، لكن اهلها قاوموا، وسطروا بطولات من ذهب فى تاريخ مدينتهم التى يتنسمون حبها مع كل شهيق من هوائها المعطر برائحة موج البحر وزبده الأبيض الرقراق.. فى هذه المدينة، انصهرت القيم الإنسانية والثقافية لحضارة المصريين، مع حضارات اليونان والأرمن وإيطاليا.. وكم عاش أهلها الفرح مع كل سفينة تأتى من الخارج وتدخل الميناء لترسو فيه، مطلقة صفارات النشوة والترحاب، معبرة عن عالمية المدينة وفرحة زوارها بها، فتضاء المدينة وتتلألأ مرحبة بالقادمين، وتُفتح المحال، وتنشط كل المهن والحرف، لكن، يا ألف خسارة، كيف سمحنا لكل هذا الجمال أن يندثر وأن ندمره بأيادينا، كيف سمحنا بالعشوائية لتغزو المدينة، قبح معمارى فى كل مكان، وبناء قرى سياحية فى خطأ تخطيطى فادح داخل حيز المدينة !! 



مبانٍ ضخمة حجبت مشهد البحر فلم نعد نراه !! ومحلات صغيرة عشوائية تبيع الهواتف وغيرها حجبت القناة !! 

أما عماراتها الجديدة فهى بلا خط معمارى يوحد واجهاتها، وبعضها  يطل على مدخل مصر الشمالى بواجهات هى والمسخ سواء!! تند حجب الشمس من كل الأشكال والألوان - ملابس منشورة على الواجهات - وأجهزة تكييف وكابلاتها تتلوى كالثعابين تغطى الواجهات!!

السؤال، لماذا هذا القبح فى موضع الجمال !؟ ولماذا هدمتم شاليهات المعمورة الجميلة ببورسعيد وبنيتم مولات !؟ مولات ... مولات فى كل مكان !!! لماذا هدمتم كبائن البلاج وبنيتم برضه مولات !!! لا نصون النعم التى حبانا بها الله ... ولماذا نكره الجمال الى هذه الدرجة . 

إننى أوجه رسالة للسيد محافظ بورسعيد، سيادة المحافظ أرفع من فضلك هذا القبح الذى ورثته، عن وجه المدينة الجميلة، عُد بها إلى سابق عهدها، أجمل مصايف مصر وأرقاها، بورسعيد لم تكن ابداً مصيفاً شعبياً، ولا مدينة مستوى ثانٍ، بورسعيد كانت قبلة صفوة المجتمع المصري، ومازال بها ما يؤهلها لأن تصبح من جديد، مدينة من أجمل مدن العالم الساحلية.. بورسعيد لا يمكن أن يُحجب عن أهلها البحر والقناة، ولا يصح أن تستقبل زوارها بملابس على مناشر الغسيل، بورسعيد حرام أن تترك هكذا. 

سيادة المحافظ، عندك أجمل موقع لبناء ميناء يخوت عند تمثال ديليسبس، أعد بلاج دونفون ببورفؤاد إلى سابق عهده بالأزمان الجميلة، أعد الأندية المطلة على القناة ببورفؤاد إلى جمالها السابق، أقم الحفلات الغنائية والمسرحية، وجه من فضلك بإزالة إشغالات الأرصفة، أعد للشواطئ رونقها لتستقبل صفوة المصطافين، أعد للناس نعمة رؤية البحر والقناة.. أثق فى أنك سيادة المحافظ ستعرف كيف تعيد لبورسعيد مكانتها ورونقها من جديد.