الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اليوجا.. ضد المسيحية والإسلام؟

 ديدريك براك، صديقى الكاتب الهولندي، البوذي...حضرت معه -حينما كان يعمل فى مصر- إحدى جلسات الصلاة، حيث خصص فى منزله حجرة لممارسة طقوسه التابعة لبوذية الشمبالا، والشمبالا باختصار تعنى أرض السلام والسكينة أو أرض العجائب!



 

  يتوسط الجدار الأيمن بالحجرة ضريح من تصميم المعلم ساكيونج ميفان رينبوش Sakyong Mipham Rinpoche لتذكير الناس بضرورة الاستيقاظ من أوهامهم.. والصفات المتأصلة فى أنفسهم وفى حياتهم! حيث تعلق لوحة حامل الطوائف فى وسط الضريح، يتوسطها الملك حاكم العالم فى شكل أسد، وكانت صورة ساكيونج فى وسط الضريح المليء بالرموز البوذية الأخرى!

 متخذا وضع القرفصاء، جلس ديدريك فوق وسادته بمنتصف القاعة التى تفوح منها رائحة البخور، وكان ديدريك فاتحا ذراعيه، وبأصبعى الإبهام والسبابة رسم دائرة مغلقة بكل كف، ثم بدأ يردد بعض الصلوات باللغة الهندية السنسكريتية -  كما أعتقد- كجزء من تعبده الروحى الممزوج باليوجا والتأمل..

 سألته ما علاقة البوذية باليوجا؟

 فقال: البوذية تهدف إلى أن يكون الإنسان مستيقظا ومدركا تماما لحاضره وواقعه، فيستمتع مثلا بالشاى الذى يشربه، والطيور التى يسمعها، والمحبة والرعاية التى يلقاها حوله. فالبوذى على استعداد دائم لأن يكون سعيدا وأن لا يرفض الشعور بالألم.

 وأن يتخذ قراراته بشرط ألا تكون نابعة من أحكام غاضبة لعدم مشاركته فى وضعها بما يكفي! أما المفتاح الرئيسى للبوذية فهو أن يكون الإنسان مترفقا بنفسه! وألا يتصرف بدافع الخوف أو السلبية.

 وحتى  يصل البوذيون  لمرحلة عدم رفض الشعور بالألم، نقوم بالتأمل، لكى نزرع السلام والمصالحة فى أنفسنا وحتى نتأمل، نقوم بممارسة اليوجا كحركات جسدية، لنشعر بأنفسنا ووجودنا، ولكى نتدرب على أن نكون لطفاء نحو أنفسنا

 فإذا كان تمرين التمديد Stretching يؤلم قليلا -مثلا- فإننا نتدرب عبر اليوجا على أن نتقبل الألم ونستمر فى التنفس. وإذا كان الجسد فى حالة جيدة.. نتعلم قبول ذلك، بفرح. وإذا كان جزء من جسدنا يتألم، كرقبتنا مثلا؛ فمن خلال اليوجا نتعلم أن نكون حكماء فى كيفية تحريكها أو تدليكها قليلا، أوحتى نكتفى باعترافنا بوجود المشكلة فى حد ذاتها..

 لهذا يتأمل البوذيون كثيرا، من أجل السماح لهذا اللطف المحبب نحو النفس أن يتغلغل فينا! فنحن كبشر نميل للحكم على أنفسنا، وعلى أفكارنا، والأفعال التى كان يجب أن نفعلها، وما إذا كنا صالحين أوغير جديرين بالثقة بناء على موقفنا من خدمة الآخرين .. أو تعلمنا التحكم فى التفكير.

 فالبوجا إذن -يقول ديدريك- هى كيف تجعل الجسد جاهزا للتأمل، والتأمل هو كيف تساعد العقل على إعادة اكتشاف صفاته الأصيلة فى كونه لطيف ومتيقظ!

 اليوجا و المسيحية

 انتشر فى اليوتيوب -مؤخرا- ڤيديو لأحد رجال الدين المسيحى يحذر الناس مما يسمى اليوجا المسيحية التى بدأت تكتسب شعبية كبيرة.. متهما ممارسة اليوجا بأنها ممارسات سحرية وغامضة للغاية وذات جوهر شيطانى متأصل! فكلمة اليوجا بحسب  جوجل، تعنى مجموعة من الطقوس الدينية الهندوسية القديمة، التى تتضمن التحكم بالَنَفس والتأمل البسيط واتخاذ وضعيات جسدية محددة، وهكذا يتضح إن تأصيل اليوجا  يعود إلى دين مزيف! وكل وضعية تقومون بها ما هى إلاّ وضعية تعبدية لإله هندوسي! أما اكثر أنواع اليوجا شيطنة فهى يوجا الكوندولينى!

 قائلا: منذ نحو 7 سنوات شعرت بالاكتئاب والتوتر… فنصحنى الطبيب النفسى بممارسة التأمل وتجربة اليوجا كحل للمشكلة،  فأخذت بنصيحته ومارست الهاثا يوجا وأحببتها كثيرًا، وتعنى القمر والشمس والنور والظلام والذّكر والأنثى، حيث تقوم على موازنة هذه الأقطاب فى داخل الإنسان. ثم اكتشفتُ أنها تتمحور حل فكرة وجود أفعى روحانية نائمة فى أسفل العمود الفقري، حيث يمر الإنسان بمرحلة يسمونها اليقظة الكوندولونية،  التى تتسلق فيها هذه الأفعى داخل الجسم مرورا بمراكز الشاكرا التاجية التى تعنى مراكز الطاقة السبعة فى جسم الإنسان، التى تتحكم فى حالته النفسية والجسمانية.. بحسب الثقافة الهندية حتى تصل إلى الغدة الصنوبرية، ومع صعود الأفعى إلى الأعلى ووصولها إلى القمة عند نقطة العين الثالثة أو تفاحة الحكمة.. ستقنعك الأفعى بأنك صرت إلها، وإن كل ما حولك هو إله..رغبة فى تحقيق النور والارتقاء الروحى وتحقيق الألوهية.. لماذا أقول أن اليوجا ضد المسيحية؟ يجيب: فى «سفر التكوين» بالكتاب المقدس، قالت الأفعى لحواء إنه إذا أكلنا من ثمرة شجرة المعرفة والحكمة فسنصبح آلهة. وهذا هو الخداع الروحانى نفسه الموجود فى يوجا الكوندوليني، حيث نوقظ فى أنفسنا الأفعى الروحانية الموجودة فى أسفل عمودنا الفقري.. كما أوضحتُ!

 أما مخاطر يوجا الكوندوليني، فقد عانى منها الكثيرون جسديا وعقليا ونفسيا! يستطرد الرجل قائلا: أنا شخصيا، كنتُ أفاجأ بأحلام ورؤى تكاد تكون حقيقية، واضطرابات شديدة فى المعدة، وآلام جسدية، أدركت أن سببها يعود لأننا من خلال ذلك التمرين نفتح أنفسنا لاستقبال الأرواح الشيطانية! فالأفعى الكوندولونية هى بالأساس روح شيطاية إبليسية فى داخلنا تسيطر على عقلك وجسمك وروحك!

 كل الخطر مما يروجه البعض بوجود مسيح مزيف فى اليوجا، حيث تروج بعض الكتب لما يسمى يوجا المسيح، التى تتمحور حول الارتقا، وتلبس المسيح كل معتقدات التقمص الهندوسى والبوذى لروح بوذا الذى يجد نفسه فى اليوجا! بينما هو بعيد كل البعد عن المسيحية المذكورة فى الإنجيل وتعاليم الكنيسة اللذين  لم يذكرا شيئا عن اليوجا!  

 فكل الخطورة فى إيقاظ الأفعى حينما يقترح مدربو اليوجا علينا التوجه إلى المعلم الهندوسى المعروف باسم «غورو» حيث يضع يده على جبين الشخص بهدف نقل طاقته الروحانية إليه ففى تلك اللحظات يسقط الكثيرون مغشيا عليهم، وبعضهم يصاب بالرجفة، وآخرون يصابون بنوبات ضحك هستيري، و.. وغيرها من مظاهر تجلى الروح الكوندولونية!

أما الاقتراح الذى اقترحه الرجل على متابعيه فهو ممارسة رياضة البيلاتس، التى هى تمارين يوجا ولكنها مفرغة من بعدها الروحى اليوجاني..مثل تمارين التمديد والتنفس والاسترخاء.  

 اليوجا .. والكبر فى الإسلام

 أما الشيخ الدكتور على جمعة المفتى السابق، فحينما سئل عن فتوى ممارسة اليوجا بعيدا عن فلسفتها، فقال:  لا يمكن فصل اليوجا عن فلسفتها، وإلا لا تؤتى آثارها! وتصبح المسألة عبثا! أى مجرد حركات جسدية بلا معنى!  بينما لا تأتى آثار اليوجا إلا من الاعتقاد بفلسفتها ! وفلسفتها هى الحلول.. والحلول لا يجوز عند أهل السنة والجماعة، لإن الرب رب والعبد عبد.وهناك فارق بين الخالق والمخلوق. بينما أهل اليوجا يتكلمون عن الطاقة العليا والله المهندس الأعظم.. .وهذه الطاقة تحل فى ممارس اليوجا، سواء فى شكل شيطان أو عفرييت أو جن.. الله أعلم! فهى فلسفة إلحادية حلولية لا تجوز، ستؤدى فى النهاية إلى أن يعتقد الإنسان فى نفسه الكمال، وذلك من الكبر، ولن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقل ذرة من الكبر.