الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«الروسى» يحتفل بالسد مرتين سنويًا

 يحمل السد العالى العديد من الحكايات والشواهد على الصداقة المصرية الروسية. ولا يزال هذا التعاون مستمرًا وأحدث ثماره هو مشروع الضبعة النووى. السد العالى يعتبر أهم وأكبر شاهد على تلك الصداقة المثمرة بين البلدين، كما يقول شريف جاد مدير النشاط الثقافى بالمركز الثقافى الروسى فى حواره لصباح الخير بمناسبة اليوبيل الذهبى للسد.



 

 المركز يهتم بإحياء ذكرى الملحمة سنوياً لتظل حية فى الأذهان كما أوضح جاد قائلًا: «جمعية بناة السد العالى التى أسسها المهندسون المصريون من بناة السد العالى هى جزء هام من الاحتفال نفخر بهم ونعتز بملحمتهم التى أصبحت أعظم مشروع هندسى بالقرن العشرين، نحرص على لقائهم مرتين سنويًا فى تاريخين مهمين، ذكرى وضع حجر الأساس لبناء السد 9 يناير عام 1960 ونحتفل معهم فى منتصف مايو بذكرى تحويل مجرى مياه النيل لبدء تخزين المياه بالبحيرة وهو حدث تاريخى. نقيم احتفالًا كبيرًا يحضره السفير شخصيًا، قد يقام داخل قاعات المركز الثقافى الروسى فى إطار احتفالية تضم معرض صور فوتوغرافية أرشيفية، وفيلمًا تسجيليًا عن بناء السد ويتم تكريم بعض الشخصيات من المشاركين فى البناء، وأحيانًا يكون الاحتفال خارج المركز بمقر جمعية بناة السد لنشاطها بجامعة عين شمس».  جائحة كورونا بدلت كل الترتيبات فى شتى مناحى الحياة ولم يكن من المستغرب أن تؤثر على الاحتفال الذى يهتم المركز بعقده سنويًا كما أشار جاد بقوله: «التعامل مع أزمة كورونا لا يمكن التنبؤ به، حاليًا تعمل روسيا على لقاح وإذا تم توفيره فى الأسواق بسهولة ستعود الحياة لمجراها ونقيم الاحتفال كما هو كل عام، لكن إذا ما استمرت الأزمة فلن نلغى الاحتفال لكن سنحوله لحفل أونلاين حرصًا على حياة المشاركين. الأكيد أن المناسبة لن تمر دون احتفال».

السد رمز للصداقة 

كانت تلك إجابته الأولى لسؤال بسيط «ما الذى يمثله السد؟»، ويضيف جاد: «هى ملحمة بكل ما تحمله الكلمة بدأت منذ رفض البنك الدولى الخاضع للنفوذ الأمريكى أن يمول مشروع السد، ثم أراد أن يفرض شروطًا تعمل على تعجيز الجانب المصرى والتدخل فى شئونه الداخلية، لكن المصريين رفضوا وكبديل لجأوا للاتحاد السوفيتى الذى رحب بالفكرة حتى أنه عرض أرباحًا على القرض 2 % فقط فى حين كان من المزمع أن تكون الفائدة للبنك الدولى 19 %. 

كان السد العالى أول سد يقوم به الاتحاد خارج حدوده بل وكان تحديًا بالنسبة للاتحاد وقائدته روسيا فى ذلك الوقت، وعلى الصعيد المصرى أيضًا كان المشروع يعتبر تحديًا لبلد نامٍٍِ خرج لتوه من خضم الثورة. من الجلى أهمية السد فى حل مشكلات الفيضان والجفاف وغرق قرى الصعيد كل عام، حل السد كل تلك المشكلات وساهم فى حل أزمة الطاقة التى وصلت للعديد من القرى».

على الصعيد الشخصى أكد جاد على أن السد شاهد على الحضارة المصرية العظيمة التى تمسكنا بتاريخهم واعتقد البعض أننا نعيش فقط على أمجادهم، لكن امتداد الشخصية المصرية التى صنعت أمجاد الماضى أثبتت عمليًا أنها قادرة على صنع أمجاد الحاضر أيضًا. السد العالى كان رد اعتبار لنا أمام العالم بأسره، وأثبت أننا لم نفلس ولم نفقد قدرتنا على خلق المعجزات، فكما حاربنا من خلف خط بارليف وانتصرنا على المجهول استطعنا بناء السد رغم العقبات. 

المصريون سابقوا الزمن تحت لهيب شمس النوبة

خلف هذا المشروع العملاق العديد من الحكاوى واللوحات المرسومة بعرق العمال والمهندسين مصريين وروس، لفت جاد نظرنا إليها قائلًا: «أثناء إقامة السد وضع تقويم للعد التنازلى على الانتهاء من المشروع وفقًا للجدول الزمنى المحدد، كان بمثابة حافز مهم للعمال والمهندسين بل بلغت بهم الحماسة والوطنية أن يسعوا للانتهاء من العمل بالمشروع قبل الموعد المحدد. لهيب شمس أسوان وظروف العمل الصعبة كانت عقبة أخرى تخطاها جيل السد ودفع ثمنها أرواحًا ثمينة، ورغم محاولات تكسير المجاديف ودعاية الغرب والأمريكان بحتمية فشل المشروع وسقوطه أمام مشكلات فنية خرج السد للنور كالمعجزة».

عناق على المسرح

يروى جاد لصباح الخير قصة من القصص التى يمكن أن تعبر عن جزء كبير من ملحمة السد وتلخص مدى عمق الصلات بين شعبين اجتمعا على تلك الملحمة: «أثناء الاحتفال الذى ننظمه كل عام كان المسرح مزدحمًا بالحضور  بينما يقف وفد من المهندسين الروس على جانب المسرح ووفد من المهندسين المصريين على الجانب الآخر، وسط كل هذا الازدحام لم يكن من الممكن أن يتعرف شخص على آخر، كنت على المسرح لأقدم الحفل، فجأة صعد شخصان على المسرح أحدهما روسى والآخر مصرى وتفاجأ جميع من فى القاعة بصراخ كليهما وعناق حار طويل أجرى المدامع على العيون. كان الشخصان مهندسين صديقين لم ير أحدهما الآخر منذ سنوات ومهما وصفت لن أستطيع أن أصف مثل هذا المشهد».

يقص جاد لفتة أخرى شديدة الخصوصية قائلًا: «أثناء تفقد الرئيس الروسى خرشوف للسد فى مراحله الأخيرة تجمع حوله بعض المهندسين المصريين، وكانوا يواجهون مشكلة نقص قطع غيار التوربينات الروسية بالسد فخرج أحدهم عن البروتوكول وأخبر المترجم ليوصل للرئيس الروسى تلك المشكلة. وهم الرئيس بالرد حين انحنى على أذنه مستشاره مخبرًا إياه بأن قطع الغيار المطلوبة هى الجزء الوحيد الذى يستوردونه من أوروبا الغربية بالعملة الصعبة، فما كان من الرئيس إلا أن قال سنشترى من الغرب أزيد من احتياجنا لنوفره للمصريين».

 

عن السد  والبحيرة

• شاركت فى المشروع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة للحفاظ على التراث الإنسانى والآثار الفرعونية والمعابد القديمة، وأشهرها نقل معبد رمسيس «أبوسمبل»، ونتيجة النقل اختلاف الحسابات فى تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى بتأخير يوم من 21 فبراير و21 أكتوبر إلى 22 فبراير و22 أكتوبر وكذلك نقل أهالى النوبة إلى موطنهم الجديد مركز نصر النوبة.