الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سيدتى الجميلة

أحبها الجمهور بمواهبها المتعددة وخفة ظلها وجمالها المميز وأنوثتها الطاغية.. وربما كانت أول الفنانات التى تتصف بالجمال وتصنف كنجمة كوميدية، فقد غيرت الصورة الذهنية للفنانة الكوميدية، بعد أن كانت ترتبط بالشكل الكاريكاتيرى والمبالغة فى المظهر والأداء، لتصبح بجمالها ورقتها وأنوثتها عنوانا للبهجة والكوميديا الراقية.. وتركت بصمتها على أجيال كثيرة ما زالت تردد تعبيراتها المميزة فى أعمالها المختلفة.. فقد أجادت الكوميديا والتراجيديا والاستعراض وحتى الغناء، فرغم أنها لم تمتلك صوتا طربيا إلا أنها تمكنت من الغناء بإحساس وصوت سليم وقدرة هائلة على التعبير.. وظلت على مدار رحلتها عنوانا للجمال الممتزج بالذكاء والموهبة المتقدة والروح المفعمة بالحيوية.. وحين نستمع لحواراتها نتأكد أن نجاحها لم يكن صدفة، وإنما انعكاسًا لجديتها وخبرتها الحياتية، وموهبتها التى أصقلتها بالثقافة والدراسة، فرغم أنها لم تدرس الفن بشكل أكاديمى، إلا أنها حرصت منذ بداياتها  على تعلم أصول الفن على يد أساتذته، فتلقت دروسا فى التمثيل على يد الفنان القدير عبد الوارث عسر والمخرج الكبير محمد توفيق.. وقد ولدت شويكار فى 24 نوفمبر فى الثلاثينيات من القرن الماضى، ونشأت فى أسرة أرستقراطية فى الإسكندرية، ومنذ تفتحت عينيها وجدت أسرتها تهتم بالشعر والأدب والموسيقى، وكانت والدتها تجيد عزف البيانو، وتستمع لأنواع موسيقية مختلفة، فأحبت الفن منذ طفولتها المبكرة.. وقد التحقت بإحدى المدارس الفرنسية، إلا أنها تزوجت قبل الالتحاق بالجامعة من والد ابنتها الوحيدة «منة الله».. ولكن أصيب زوجها بمرض شديد توفى على أثره بعد عامين من الزواج، لتصبح أرملة وهى لا تزال فى الثامنة عشرة من عمرها، وتبدأ مواجهة الحياة مع وحيدتها بقوة وجسارة.. حتى إنها توجت فى نادى سبورتنج بالاسكندرية كأم مثالية، حيث كانت ترعى ابنتها وتعمل فى إحدى الشركات، وفى نفس الوقت تستكمل دراستها الجامعية بقسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب.. وحين قررت العمل فى مجال التمثيل، لم تمانع أسرتها، فقد كانوا يقدرون الفن ويحترمون أهله.. فكان ظهورها الأول فى فيلم «حبى الوحيد» بطولة عمر الشريف ونادية لطفى عام 1960.. ولكن كانت بدايتها الحقيقية فى المسرح، حين رشحها المبدع/سيد بدير لبطولة مسرحية «السكرتير الفني» أمامه، إلا أنه اعتذر وحل محله المبدع الكبير فؤاد المهندس، لتبدأ صفحة جديدة فى حياة شويكار على المستوى الفنى والإنسانى.. فقد شكلا ثنائيا فنيا على مدار سنوات طويلة، قدما خلالها أروع الأعمال الفنية، وكانت قصة حبهما وزواجهما ثم طلاقهما -بعد 20 عاما- نموذجا للرقى والاحترام.. ولم تكن شويكار زوجة أب لابنيه، بل كانت أما ثانية لهما، وظلت علاقتها بالمهندس باقية وراقية حتى وفاته منذ سنوات.. وكان أجمل ما يميز شويكار تصالحها مع نفسها فى كل مراحل عمرها، ورضاها الدائم بعطاء الله أو منعه، لذلك عاشت حياة مليئة بالعطاء والوفاء.. وكانت آخر الرسائل التى وجهتها للمسئولين عن الفن، من خلال البرنامج الإذاعى «مسحراتى منقراتي» فى رمضان الماضي: «اصحى يا نايم وانتبهوا إلى ما تقدمونه للأجيال الجديدة ليس فقط فى الأعمال الكوميدية ولكن بشكل عام حيث أصبحت الشتائم والألفاظ الخارجة هى التى يعلمونها للأطفال.. وأتمنى أننا نرجع نقدم أعمالا تربى أجيالا وتجعلهم يحبون من حولهم ويحترمونهم ولا يتفوهون بألفاظ خارجة كما نرى حاليا.. وأتمنى أن نرى أعمالا متنوعة درامية كوميدية، وأن يكون هناك رقابة كى لا نرى ما يبث من أعمال تحرض على قتل الإخوة وضرب الأبناء لأمهاتهم.. أو مخاطبة الكبار بطريقة غير لائقة».. رحم الله شويكار وكل مبدعينا العظام، الذين شكلوا وجداننا بفن رفيع يمتعنا، وكانوا بإبداعاتهم ورقيهم سفراء صدروا للعالم وجه مصر الحضارى.