من عوالم السحر والدهشة

د. عزة بدر
قصص وأشعار لها خصوصية، مكتوبة بماء الصدق، لحظات اكتشاف مفاجئة، لحظات تمرد كاشفة كما فى قصة منير عتيبة التى يدرك فيها بطله الكاتب بأن ما يريد نشره ليس حقيقة ما يشعر به، وفى بعض القصص تتجلى الرمزية التى تجسد دقة اختيار المفردات الفنية فى قصة «أنا والقط»لسهير شكرى، أهو القط أم الجار ذو العينين الزرقاوين الذى يفجر الدهشة والأسئلة ؟، ويستثير غرابة المشهد، ولماذا هذا التشابه الذى يبلغ حد التطابق بين القط والجار؟، بينما تسير الحياة غير حافلة بأسئلة الوحدة التى تحاصر الفرد.
وتأخذنا قصة «بطاقة سعادة مزيفة» لصلاح الدين عثمان إلى لحظة اكتشاف أيضا؛ حيث تدرك الزوجة أنها هى التى توصى حامل الحقائب بأن يحمل حقيبة زوجها إلى شقة تملكها، دون أن يخبرها الزوج بأمر زواجه الجديد من صديقة ابنته، ولا بأنه سيسكنها فى الشقة خاصتها!.. حيث تعبر الكلمات، والسطور المكثفة عن عمق الدلالة، وتختصر مساحات شاسعة من الألم.
وتبدو بعض القصص مثل لوحات تدعو للتأمل مثل قصة «همسات الرياح» لدعاء عثمان، حيث تتحول امرأة المطر من امرأة مرسومة فى لوحة إلى امرأة حقيقية، ثم لا تلبث أن تعود إلى لوحتها، بعد أن ملأت المكان خيالًا وأحداثًا، تنداح فيه المسافة فيتسق الواقع مع الخيال فى لحظة واحدة. ومع قصة «ياصبية يا حنينة» لنهى عاصم تتجلى البساطة فى حب يتجدد كل لحظة بين زوجين باستعادة الذكريات الجميلة، والغناء الذى يحقق الإحساس بالسعادة.
ويحملنا همس القصائد إلى عوالم خفية فى الذات الإنسانية، الحب والفراق، وتجليات البعاد الذى يبدو حضوره الكثيف من خلال موسيقى هامسة كما فى قصيدة «تقولين» لأحمد شاهر «وتخترعين لذنبك اسما / وترتسمين على الجرح رسما / فينفذ إلى القلب سهما».
تجليات الحب والحنين فى قصيدة «كأنا التقينا» للشاعر ناجى عبد اللطيف حيث تتلون كل التفاصيل بالشوق إلى الحبيبة، فتجدد اللحظة خيال اللقاء فى زمن الفراق فى قوله«كأنا التقينا على حافة من فراق جديد». وفى قصيدتىّ الشاعر أشرف الدسوقى تتبدى الذات الشاعرة، وهى تتملى الحياة، الذكريات، والمشاهد فى لحظة مواجهة، نفس تبحث عن الصدق كاملًا مهما كان مؤلمًا، وينتهى الشاعر إلى حكمته مقطرة فيقول: «كيف لفم كاذب يطالع الحظ السعيد» .
وفى قصيدة «مر عام» للشاعر فوزى خضر، تعصف المفارقة بوجدان الشاعر فها هو الوجود السعيد بين يديه، وابنه فلذة كبده أمامه، يضحك، ويحكى فيتجاوب معه الأب بل تفاصيل الحياة وأغنياتها «إلهى يحرسك م العين / وتكبر ليا يا محمد» .
ثم ذكرى صدمة الفراق التى تتحول إلى نداء أسيان «قم حبيبى ... كيف رحت ؟». إبداعات تقتنص لحظات كاشفة، من فرح وحزن، فتصور الحياة الإنسانية شعرًا ونثرًا بكل ما للإبداع من سحر ودهشة.