السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«صحفى» فى كشوف العمالة غير المنتظمة!! 

قصة «عبدالعزيز صبرة» ليست حالة فردية لكنها كاشفة، هى لا تكشف فقط عما يحدث فى سوق العمل الصحفى، بل تكشف أيضا عن أبعاد أخرى فى سوق العمالة غير المنتظمة التى تعمل فى قطاعات مختلفة ولا يتم التأمين عليها بشكل منتظم، ويمكن أن تفقد فرصة عملها فى أى لحظة.



 

جاءت كورونا لتكشف عن فئات كثيرة، لم تكن الأرقام الرسمية تدرجها فى سوق العمل غير المنتظم، لتطرح أسئلة عن أهمية أن يناقش المجتمع الكيفية التى ترضى العامل وصاحب العمل معا، للحفاظ على حق العامل فى الحصول على تأمين مناسب فى حالات توقف العمل لأسباب خارجة عن إرادته، أو فى الحالات المتعارف عليها للحصول على الإعانات المالية من حقوقه التأمينية.

 

 

عبدالعزيز الذى تخرج فى قسم الاجتماع بكلية الآداب عام 1998، جذبه حلم الصحافة فترك بلدته بكفر الشيخ، ليعمل بالعديد من الصحف الخاصة والحزبية، وكان يضطر للعمل بجانب الصحافة فى أعمال أخرى لينفق على العمل الصحفى، فعمل فى مكتبة مرة وفى سوبر ماركت مرات.

 

«طول عمرى بأحب الكتابة، ولما كان بعض المعارف يوفروا لى فرصة عمل، كنت أصمم على إنى هكمل فى الصحافة، رغم أنى كثيرا ما وقعت فريسة لدكاكين الصحافة، وبعد 3 سنوات أصبحت مراسلا لجريدة الأسبوع بكفر الشيخ».

 

مع بداية الألفينيات عاد عبدالعزيز لكفر الشيخ منتصرا بفرصة العمل كمراسل فى الجريدة الجماهيرية وقتها، واستأجر شقة مع طلبة، ليكون قريبا من ديوان المحافظة، فلن يستطيع المبيت فى بلدته والعودة يوميا، وبعد عام ونصف العام  وجد فرصة فى صحيفة «الجيل» ليعود للعمل بالقاهرة، ويعين بها، ويحصل على عضوية نقابة الصحفيين عام 2004، ليحقق حلما كبيرا من أحلامه «كارنيه النقابة».

 

قبلها كان عبدالعزيز قد تزوج  بمساعدة الأسرة كعادة أبناء الفلاحين كما يقول، واستقر بالقاهرة، وما لبثت أن تعثرت الجريدة، كحال الكثير من الصحف الخاصة التى عمل بها، حتى تلك التى يملكها رجال أعمال كبار، تتعثر صحفهم ويستغنى عن الكثير من الصحفيين فيها، لتوقف العائد المستهدف منها بالنسبة لهم.

 

تنقل بعدها عبدالعزيز من صحيفة العربى الناصرى، إلى صحيفة الكرامة، وفى كل مرة كان يتعلم الكثير على يد الأساتذة، وفى 2007، التحق بالعمل فى جريدة «24 ساعة» التى رأس تحريرها الصحفى سمير رجب بعد أن ترك مجلس إدارة دار التحرير وجريدة الجمهورية، حصل عبدالعزيز على راتب 500 جنيه، كان معقولا وقتها بالنسبة لرواتب الصحف، وكان فى أول كشوف المعينين، وبعد سنة حدث أن أصبح سمير رجب رئيس مجلس إدارة جريدة العمال، التابعة لاتحاد عمال مصر، فأراد تصفية «24 ساعة» كما يحكى عبدالعزيز.

 

وقال أحد قيادات الجريدة لعبدالعزيز: «إحنا هنمشيك لأننا متطمنين عليك، لأنك حرفى ومهنى وهتقدر تشتغل فى مكان تانى، لكن فلان الفلانى ده لو مشيناه مش هيلاقى ياكل»!!.

 

بعدها حصل عبدالعزيز على فرصة محرر لموضوعات قطاع الكهرباء بجريدة الشروق، وبقى فيها حتى 2013، وتركها هذه المرة بحثا عن عمل فى مؤسسة صحفية قومية، تضمن له الاستقرار، بعد أن أصبح أبا لأربعة أبناء فى مراحل التعليم.

 

وبالفعل التحق بالعمل كرئيس قسم فى البوابة الإلكترونية لإحدى المؤسسات الصحفية القومية، لكن لأسباب مالية اعتذروا له عن الاستمرار معهم، وبعدها وجد أن ما يعرض عليه فى سوق العمل الصحفى بالمواقع الإلكترونية أو المطبوعات الخاصة لا يتعد 1200 جنيه فى الشهر نظير ساعات طويلة وإشراف على أجيال صغيرة، فبقى شهورا طويلة دون عمل حتى وجد فرصة عمل فى أحد شركات البناء والمقاولات، كمساعد كهربائى نظير 100 جنيه يوميا.

 

«قبلت بعدما بقيت طويلا دون عمل، واضطررت لبيع نصيبى فى ميراث والدى، وتحملت زوجتى التى تعمل بإحدى الشركات الحكومية، مسئولية الإنفاق على البيت لسنوات شاقة، وشيئا فشيئا أصبحت مراقب وقت ومدير حركة سيارات نقل العمال،  بعدما عرف رؤسائى وظيفتى الأصلية ووصل راتبى 4000 جنيه.

 

ومع الشركة انتقل عبدالعزيز لموقع عمل بالعاصمة الإدارية الجديدة، كمراقب لاشتراطات السلامة والصحة المهنية، لم يعين فى الشركة، ولأن له رقم تأمينى من آخر مكان عمل فيه بالصحافة لم تؤمن عليه شركة المقاولات، ولايعرف عبدالعزيز ماذا حدث لوعائه التأمينى، كما لم تشتر له الشركة «شهادة أمان» للعمالة غير المنتظمة لأن بطاقته تقول أنه صحفى..   بعد 3 سنوات من استقرار عبدالعزيز فى الشركة كعمالة غير منتظمة، جاءت كورونا، وتوقف العمل بسبب ظروف الحظر وخوف بعض العمال من العودة للعمل وبقاؤهم فى قراهم بالأرياف، فاضطرت الشركة إلى الاستغناء عن المشرفين، وأرسلت كشوف العمالة غير المنتظمة إلى وزارة القوى العاملة، ليحصلوا على دعم الـ«500 جنيه» لمن فقدوا عملهم بسبب كورونا، وبالفعل حصل عليه عبدالعزيز فى الشهريين الماضيين» بيسد خانة مع بدل الصحافة الـ2000 جنيه، وباحلم أرجع لمهنتى اللى بحبها، الصحافة، أنا أحسن من غيرى قدرت أتجاوز أزمات نفسية ومادية كثيرة، غيرى طرده سوق الصحافة ومات من الحسرة وهو فى عز شبابه».