من حكايات النساء: فى الأصل إنسانة.. لا أنثى!

الملف ريشة: نسرين بهاء - نرمين بهاء
تؤخذ روح القوانين من مبادئ الأديان، بينما تُفرض العادات والتقاليد بسطوة من يدعمها ويجد فى تكرارها وإحيائها ما يناسب مصالحه! وخاصة إذا ما كانت تلك المصالح متعلقة بالمرأة، وكأنها من كوكب آخر وليست الأم والأخت والزوجة والابنة! وهكذا تظل النساء فى حيرة بين من يدعى أنها لم تحصل على شىء من حقوقها بحكم المفاهيم الذكورية، وبين من يؤكد أن القوانين أنصفتها ومنحتها كامل حقوقها، رغم أنها كتبت برؤية المشرعين الذين جاءوا من المجتمعات التى لا ينصف موروثها الاجتماعى النساء؛ فتبدو قوانين جميلة تناسب التوجهات الدولية فى منح المرأة حقوقها، بينما الواقع يقول شيئا آخر.
لكن تفاصيل يوميات الكثير من النساء قد تقول الكثير، وترد بالوقائع عما إذا كانت حصلت المرأة على حقوقها وتعيش حياة كريمة مسئولة تؤدى فيها دورها الإنجابى والاجتماعى والإنتاجى كما خلقها الله؟ أم لاتزال تكافح وتناضل وتبذل كل جهدها للدفاع عن حقوقها، لعل المجتمع يراها إنسانة أولا.. لا أنثى!
كنت أتردد على إحدى قرى الفيوم حينما لاحظتُ غياب «فرحة» من بداية الطريق الذى كانت تستقبلنى به، جميلة، ومتألقة، وسعيدة بقدوم غرباء يبدلون سكون القرية إلى روح وحياة! ثم فوجئت بخبر قتلها على يد والدها!
ألجمتنى المفاجأة من عنف الجريمة التى كانت تخشى حدوثها وهى تستقبلنى فى منزلها الجميل الذى ورثته من زوجها الثرى، الذى يبلغ عمره 56 سنة، حينما وافقت عليه وعمرها 17 سنة؛ طمعا فى سرير تنام عليه، وسقف يظلل فقرها وعريها، ولقمة تسكن جوعها هى وإخوتها الثمانية.. ثم مات الزوج تاركا لها ثروة بآلاف الجنيهات، وبيتاً من دورين بالقرية التى تسكنها.
وفى يوم وليلة.. صارت فرحة حديث القرية ومطمع الشباب والرجال الحالمين بامرأة لم تتعد الخامسة والعشرين، فى قمة الجمال والثراء! ولكنها لم تسلم من شائعات كل من طمع فيها، ورفضته أو أوقفته عند حده، رغبة فى تحقيق حلمها باستكمال تعليمها!
وصفوها بالجنون، والعنف، والبرود، وقلة الأدب. أما والدها السكير المدمن.. فهددها بالقتل إن لم تسلمه مالها وإلا سيقتلها ويشرب دمها كما كان يردد أمام الجميعّ!
فى صباح يوم غريب، استيقظت القرية على خبر قتل فرحة.. بيدى والدها، الذى لم يجد حلا للخلاص من جريمته سوى اتهام ابنته فى شرفها! لم تستطع الأم النطق ضد زوجها لئلا تتهمها نساء القرية بالتسبب فى سجن زوجها، وهكذا فعل الإخوة أيضا! وهكذا تم دفن فرحة بعار لم تتسبب فيه، ولكنها جنت أسبابه!
عكس المتوقع منها
كان الرجل ينتظر الميكروباص فى نهاية اليوم عائدا إلى منزله، حتى وصل أخيرا، وتهيأ للركوب، وإذا بكمٍ من النساء يسقطن فوق جسده النحيل، فى صراع مع بعضهن لاحتلال المقاعد! أما هو، فقد تماسك حفاظا على كرامته المهدرة أمام هذا الهجوم الكاسح للنساء اللواتى اتخذن أماكهن بالسيارة، وكأن شيئا لم يحدث! ما أجبر الرجل على التنازل عن دوره وترك العربة، ضاربا كفا بكف، قائلا بصوته المتنافِى مع ضآلة جسده: الله يخرب بيوتهم، هى جمعية لحمة وفراخ عشان يتسابقواعليها؟ عاوزين نروح بيوتنا ونشوف حالنا يا شوية «...»! رجالتكم بتأكلم إيه يا «...»و»....»؟
محادثا نفسه: دى ستات دى؟ دى ذكور متنكرة، ربنا يقصف عمرهم ويقل منهم البعدا! مخاطبا إياهن: اقعدوا فى بيوتكم واتهدوا خلوا الرجالة تعرف تشتغل!.. والموقف باختصار يقول أن رجل الشارع يعاقب المرأة إن سلكت أو تصرفت بعكس ما هو متوقع منها فى حدود ثقافته، بل ولايزال يراها فى إطار الصورة النمطية التى رسمها لها.. كامرأة ضعيفة ولطيفة وعاطفية.. بغض النظر عن التغيرات التى أصابت حياتها بسبب الضغوط العصبية والنفسية التى تواجهها!
كائنات عاطفية
أما تحليل مضمون قصة صديقتى التى أستمرُ فى كتابة حكايتها عبر صفحات المجلة، حول الفساد الذى تواجهه فى موقع عملها.. فيجعلنا نفكر ألف مرة ونحن نهاجم من يتهمنا بالمجتمع الذكورى! وقد اكتشفتْ أن الإدارة تتعامل معها بحسب ما اعتادت مع النساء الأخريات. باعتبارهن كائنات عاطفية، غبية، مستسلمة، تتسبب فى المشاكل، وغير قادرة على التفكير واتخاذ القرار، بل ولا تصلح سوى لأدوار السكرتيرة الجميلة المهندمة التى «تفتح نفس» المسئولين، والمطيعة والمخلصة، والتى لديها الاستعداد لتقديم كافة الخدمات التى تضمن راحة المديرين الذين يجلبون المال للمؤسسة!
أما صديقتى، فكانت صاحبة رؤية، وعقل مبتكر تنافسى، تعرف ماذا يريد، وتخطط لعملها بصبر ووعى! فلم يحبوها وقام مديرها بعزلها وتحييدها، وعدم الاهتمام بمقترحاتها، بل وتحويل مهامها لقطاعات أخرى! فتحملت وهى تبتكر ما لا يتوقعونه! فتركوها موجودة لعلها تفهم الرسالة وتمضى!
حتى اكتشفت أنهم بأريحية وثقة سرقوا راتبها والتهموا حقوقها. مثلما حرموها من الامتيازات التى تستحقها، بل ولم يساووها بمثيلاتها فى كافة الحقوق! فقامت بإبلاغ الجهات الرقابية، مثلما لجأت إلينا فى المجلة لنكتب عن قصتها بهدف كشف الفساد، وكيف يبدد طاقات النساء فى البحث عن حقوقهن المهدرة، ويعطل إنتاجهن! ما أغضب المسئولين بعملها وجعلهم يخططون للتخلص منها، انتقاما من جرأتها التى فضحت أعمالهم.. وهى لا تزال تعمل معهم! وللمزيد من الانتقام، اتهمها البعض بالعنف لتخويفها من فقدان الصورة الأنثوية التى تحرص النساء على مظاهرها، والحصول على الاعتراف بها.. باعتبارها المكافأة التى يمنحها المجتمع لكل امرأة تنجح فى تسطيح قدراتها، وإخفاء شجاعتها ومثابرتها، فتلجأ للالتواء والتلاعب بأنوثتها، لتحصل على ما تريد! ثم يلومها المجتمع بعد ذلك، ويسخر الرجل من تفاهتها!
الذئبان..
كل تمييز ضد المرأة يعنى انهيارا لدائرة الحياة التى خلقها الله لننعم بتكاملها، وليس بتجبر نوع (الرجل) واتخاذ قوته البدنية مبررا لتفضيله وتمييزه على النوع الآخر (المرأة) باعتبارها رمز للعاطفة الضعيفة!
شاركتُ فى لقاء بإحدى الجمعيات الأهلية حينما دخلت امرأة غاية الجمال فى أوائل الثلاثينات من عمرها..، اسمها آمال تطلب من الجمعية معونة لابنتها الصغيرة!
وآمال هى الابنة السادسة لأسرة لم تنجب سوى بنات، فظل أبوها يجبر أمها على الاستمرار فى الإنجاب حتى تأتى له بالولد! ولكنها أصيبت بمرض عضال.. ما حرمها من الاستمرار فى الإنجاب! ولما كانت آمال هى الطفلة الأخيرة التى أغلق رحم أمها بعد ولادتها.. لم تجد من والدها سوى الحقد والضرب والإهانة والعنف! واصفا إياها بـ«وش الفقر».. رغم جمالها الأخاذ عن شقيقاتها! وبينما كانت زوجة عمها الغنى لا تنجب، وكانت معجبة بشكل آمال، طالبت بتبنيها! فقدمها لها أبوها– رغمًا عن الأم- ساخرا من اختيارها!
وفى بيت العم، كان أبناء شقيقة زوجته يترددون على المنزل، وخاصة وليد أكبرهم الحاصل على شهادة دبلوم تجارة، والذى استطاع التقرب من الفتاة الصغيرة التى لم تبلغ 10 سنوات، واهتم بتعليمها ورعايتها، حتى أحبته وتعلقت به، فتفتحت غريزتها، وبمنتهى السذاجة سلمت له نفسها! ولما استدارت وظهر جمالها الفائق، وبدأ العرسان يترددون عليها طلبا للزواج.. قام وليد بضربها وإهانتها واتهامها بأنها التى تشجع الرجال على التعلق بها، طالبا منها أن تتنقب! وسريعا ما بدأت المشاكل فى بيت عمها بين نار رفض النقاب، وبين زجر وضرب وليد الذى كان يهددها بالهجر إذا خلعت النقاب!
إلى أن حدثت الواقعة التى غيرت حياتها حينما ظهرت عليها بوادر الحمل..حيث كانت تلتقيه ليلا من باب الحجرة التى تسكنها بالبيت، فيقوم بكتم أنفاسها وتقييد يديها، فاعتادت أن تتلقى كل ما يأتى منه حتى الضرب فى هدوء وخضوع! ثم فوجئت به يهينها ويتهمها بالفجور حينما ظهر الحمل عليها، دونما يعترف بأنه الفاعل... ناصحا خالته - زوجة عمها- أن تعيدها لأبيها!
وقد روت لى آمال كيف تلقاها أبوها بالضرب على قفاها وتلطيشها بقدمه فى بطنها، وكيف كرهت نفسها بعدما تركها وليد.. وكيف صارت خادمة أبيها بعد موت أمها، حتى إنه حاول التحرش بها ذات مرة راغبا فى إجهاضها بأسلوب تقشعر له الأبدان! ثم انتهت قصة آمال بطردها من بيت أبيها، هى وابنتها التى أنجبتها، وعادت لمنزل عمها، وأبلغته بقصتها... متوقعة أن يقوم هو وزوجته بلم شملها على والد ابنتها، الذى تزوج وسافر السعودية.. ومنذ ذلك الحين، ارتضت القيام بدور الخادمة الصامتة لعمها وزوجته، هى وابنتها!
أمينة ومصطفى..
التعليم حق للفتاة! ولكن لأى مدى والموروث الاجتماعى يعلق أحلام بعض البنات وطموحاتهن بحسب مصلحة المجتمع؟ فمنذ كبرت أمينة، وهى تسمع إن مصطفى لأمينة، وأمينة لمصطفى! هو ابن عمها الذى تتمناه كل بنات البلد بأحد مراكز أسيوط.. لأرضه وماله وجماله، كشاب فتى، طويل، وسيم، معجب بذاته! بينما هى فتاة عادية جدا، لكنها سترث -هى أيضا- أرضا كبيرة من والدها! ثم قيل لها أن والدها وعمها وهباهما لبعضهما منذ ولدت بعده بسبع سنوات! الطريف، إن مصطفى كان ينظر إليها بعجرفة، ساخرا من رغبتها فى التعليم بعدما فشل هو فى الدراسة، وصار تاجر سيارات! بل وتتذكر أنه لم يتبادل معها الحوار لأكثر من مرات معدودة! ورغم هذا، كان عمرها 15 سنة حينما قررت الأسرتان عقد قرانهما، بعدما اكتشفت أمر تعلقه بفتاة جميلة بالمدينة! أما هى، فلم يستمع أحد لتوسلاتها وهم يخرجونها من المدرسة رغم تفوقها الدراسى، وحلمها أن تكون طبيبة!
ضربها أبوها حينما تمردت وأعلنت عصيانها على الزواج من مصطفى الجاهل الذى فشل فى المدرسة، وصار متفرغا للعياقة ومعاكسة البنات! فى نفس الوقت الذى كان قلبها متعلقا بأحد أقرباء والدتها المتفوقين فى الجامعة، والأهم من ذلك قرار الأسرة بأنه سيكون مرفوضا حتى لو تقدم، لإن الأرض لا يركبها الغرباء!
خرجت أمينة من المدرسة، وتم تسنينها للتحايل على القانون، وتزوجها الأسرة من مصطفى.. الذى منذ اليوم الأول اتفق معها على أنه سيتزوج الفتاة التى يحبها، أو تذهب لبيت أبيها ويتهمها فى شرفها!
سألتُها كيف يفعل ذلك وهو ابن عمك؟ فضحكت وبلكنتها الصعيدية الجميلة، أجابت: ابن عمى؟ ده كان زمان! أيام ما كان فيه رجالة! وللعلم، تستطرد: تزوج بعد 6 شهور من زواجنا، وبنى لزوجته شقة فوق شقتى، وكتب لها الكثير من ثروته، ويقال إنه تسبب فى مرض أبيه الذى أقعده فى البيت! أما هى، فحاولت العودة للدراسة، رغم خوف أبيها من تمردها على زوجها! ولكنها استفادت من إهمال مصطفى لها ولطفليها، وبدأت تدرس سرا، حتى حصلت على الثانوية العامة، بمجموع يؤهلها للالتحاق بكلية الحقوق! حينما علم أبوها بالأمر، صرخ قائلا: وكمان حقوق؟ ما بقاش ناقص إلا تجرجريه فى المحاكم!
صاحبة الوجه المريمى
شىء ما فى التراث يجعل الرجل متأكدا أن جمال المرأة مشاع، وأنها تهتم بنفسها لتكون جميلة فتنال إعجابه! مما أعطاه الحق فى مغازلتها، ليحصل على مكافأته! فريدة مثلا- بنت جامعية حلوة، تعرف بين الناس بصاحبة الوجه المريمى، فشلت ذات صباح فى اللحاق بأوتوبيس الجامعة فاضطرت لركوب التاكسى، فلاحظت نظرات السائق المتلاحقة إليها فى المرآة، ثم تطور الأمر وبدأ ينظر خلفه ليلقى نظرة كاملة عليها، حتى شعرت بالخوف وقررت إجراء مكالمة تليفونية مع صاحبتها، تفتعل فيها أنها والدها وهى تطمئنه عليها، ثم سألت السائق عن خط سيره ورقم السيارة لطمأنة والدها! وهكذا ارتاح قلبها لتخويف الرجل بهذه المكالمة وبدأت تنظر فى أوراقها مطمئنة! ظل الرجل يسترق النظرات إليها وقد استفزه تصرفها، حتى بدأ يحدثها فى قلبه: أنتِ كده خوفتينى بأبوكِ يعنى؟
بعد بضعة دقائق، فوجئت البنت بالسيارة تتوقف فى محطة بنزين، وهو يعتذر لها للتأخير بسبب اضطراره لتفويل العربة! غير مدرك أنها ترى مؤشر البنزين كافيا للوصول إلى جامعتها! وسريعا ما أطلقت نظرة على الشارع، وأدركت أنه ليس طريقها المعتاد لجامعتها الخاصة! وقد أخبرها حدسها أن فى الأمر شيئا مريبا، وسريعا ما ادعت اقتناعها بسلوك الرجل مصحوبة بابتسامة جميلة اخترقت قلبه، وزادته إثارة لتحقيق هدفه! وقد لاحظت انشغال السائق مع عامل محطة البنزين، حتى فتحت باب التاكسى.. وخرجت منه بغضب وهى تدفع له أجرته، وتمضى!
فأدرك غباء تصرفه وحاول إقناعها بالعودة للسيارة، وهى تصرخ فى وجهه بأنها لن تذهب معه! حتى اجتذب سلوكها وصوتها انتباه الجمهور والعاملين فى المحطة.. واقتربوا لمعرفة السبب! حينئذ بدأ السائق يكذب بشأن الأجرة، حتى فضحته البنت بسلوكه الغريب وتغيير خط سيره! وكانت المفاجأة أن الرجل صرخ فى وجهها مدعيًا بأنها السبب، مخاطبا المحيطين حولهما بكلمات تعنى أنها كانت تستجيب لنظراته، وتعلم أنه غَيّر طريقه.. وأنها طوال الوقت تتلفظ بكلمات قليلة الحياء، وتتحدث فى الموبايل مع بعض الرجال بأسلوب مثير.. فلماذا يحترمها؟ وبأسلوب آلى.. دعا العاملين وجمهور المحطة للنظر إلى مكياچها وملابسها! كانت البنت فى قمة غيظها، فهى لا تضع مكياچا حتى، بينما تمعن فى ارتداء چاكت بمقاس أكبر درجة ظنا أنه يخفى تفاصيل جسدها الطويل المرسوم! وفجأة اختفى صوتها ولم تعد قادرة على استيعاب الموقف.. لكنها تماسكت وظلت نظراتها قوية ثابتة! حتى خرج شاب من الجمهور وطلب منها فتح تليفونها للتأكد من قصة السائق.. فلم يجد سوى قائمة صديقتها وماما وبابا! وسريعا ما انقلب الموقف، وانتبه الناس لملامحها البريئة وملابسها المعتدلة! أما السائق فحصل على كم من الشتائم والسخرية والسبا، حتى مضى وهو يتعهدها أنه «سيدوسها» لو رآها ثانية!!
مدرس اللغة الإنجليزية
رغم الدراسات الأسرية التى أثبتت أن 90 % من المتزوجين ما كانوا ليختاروا نفس الزوج ثانية، لكننا لا نزال نعمل بالمفاهيم التى رسخت فى معتقداتنا تفضيل زواج البنت فى سن صغيرة! مثل حكاية ليليان على مستر ريمون الذى كان مدرسا صغيرا حديث التخرج.. حينما لاحظ ضعف مستوى تلميذته ليليان التى أعجب بها وبجمالها! وسريعا ما تطوع ليكون مدرسها الخصوصى ليدخل البيت ويقترب من تلميذته الغنية المدللة باعتبارها البنت الوحيدة على ولدين، والتى علم أن والدها يضمن لها شقة فى العمارة التى يمتلكها! وقد اتخذ نجاحها فى مادته ذريعة لخطبتها، فوافقت البنت بعدما استطاع إشعال عاطفتها به، وكذلك قررت الأسرة أن «تشترى راجل» رغم تواضع حاله المادى، ولكنه مدرس انجليزى والمستقبل معه! صحيح أن البنت فى الصف الثانى الثانوى، ولكنها ليست طموحة دراسيا، والمثل يقول: عصفور فى اليد خير من 10 على الشجرة -كما كان الأب يردد- مقتنعا أن البنت مصيرها للزواج مهما تعلمت، وريمون شاب وسيكون طيعا فى يدى العائلة! و.. تم الزواج بعد إتمامها 18 سنة!
كان صغر عمر ليليان وعدم خبرتها ذريعة لتلقينها بطلب كل ما يريده ريمون من والديها، اللذين -مع الوقت- لاحظا أن ابنتهما صارت جشعة، ولا تخجل من مطالبها المادية الكثيرة! ثم مات والد ليليان، شاعرا بالذنب الذى فعله فى حق ابنته التى تجرأت على طلب عقد الشقة التى كتبها لها، وخوفا من قيام ريمون بحرمانه من رؤية ابنته، منحها العقد!
ليليان اليوم فى الأربعين من عمرها، ومن يراها يعتقد أنها فى الستين! ليس فقط لتخوفها من نتيجة قرار الكنيسة حول رغبتها فى الانفصال عن ريمون ، بل لمعرفتها كيف يتظاهر هذا الرجل بالتقوى والورع والخدمة التى تجعله محبوبا من جميع الكهنة والخدام، ولا يصدقون شكواها من سلوكه المنزلى كرجل مقرف، ونتن، وبخيل، وعنيف فى مجمل علاقته بها! تلك الصورة الحقيقية التى تمادى فى إظهارها بعدما استطاع الحصول على عقد شقتها، وكتبه باسمه! وكلما كبرت كلما أدركت حجم المأساة التى تعيشها، فتركته وهى اليوم تعيش فى شقة الأسرة!
لا تنتهى حكايات النساء، ولن نستطيع جمعها فى سطور قليلة، ولكن ما رأى المجتمع الذى يزعم أنه أنصف المرأة، وهل يأتى اليوم الذى ينصفها بالفعل!