الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هانعيد جوّة قلوبنا.. وبين جدران بيوتنا!

 سادت حالة من الأمل بين الناس، لعل دعاءَهم وصلواتهم تُستجاب فتنقشع الغمة وينزاح خطر ڤيروس «كورونا» المستجد قبل حلول عيد القيامة للمسيحيين فى التاسع عشر من إبريل هذا العام، وعيد شم النسيم رمز الربيع والنماء عندنا كمصريين! بينما ساهم تمديد فترة الحظر الذى تقرر استمراره، فى تعليق آمال وخطط البعض فى ظل الإغلاق المصاحب لممارسة ما يُعرَف بالتباعد الاجتماعى lockdown and Social distancing.. إلّا أن أغلبية مَن قابلناهم أظهروا روح التفاؤل والإصرار على الاحتفال بالأعياد، بل والاستعداد لاستقبال شهر رمضان المبارك، مَهما كان الحال، ولكن بأساليب مختلفة!.



الاحتفال على طريقة نجيب

وعلى سبيل المثال، يبدو أن بقاء المهندس نجيب ساويرس فى البيت أتاح له فرصة الجلوس طويلًا على تويتر والرد على متابعيه الذين يخوضون معه الحوار فى مختلف القضايا والموضوعات، وهو بخفة روحه يجيبهم ويتواصل معهم، فسأله أحدهم: هو مافيش شم النسيم السنة دى ولّا إيه؟ فأجاب المهندس نجيب: لا، فيه طبعًا، ولو عن بُعد! ضاحكًا: أظن الـ«كورونا» تخلى عندها دم وتسيبنا نفرح بشم النسيم، وإلّا والله لناكل ضعف كمية البصل والفسيخ والملوحة، ولو جدعة بقى تقرّب! بينما يقضى الحظر محبوسًا مع العائلة، وفى محاولة منه ليكون إيجابيّا، تحَدّث عن فوائد الاعتكاف فى المنزل، ذاكرًا مسألة لم شمل العائلة مرّة أخرى كأولى الفوائد؛ لقضاء وقت مع بعضنا بدلًا من انشغال كل واحد. أمّا الفائدة الثانية فقال: «هانحرّم نشتكى من الشغل نهائيّا، ونشتاق له». ويتحسن الجو وينخفض مستوى التلوث نتيجة هذه الحبسة. وسنتذكر ربنا وقدرته أكثر، والإحساس بالتضامن الاجتماعى. 

صحيح قلوبنا موجوعة لعدم قدرتنا على قضاء أسبوع الآلام فى الكنيسة، باعتباره أهم أيام السنة لنا كمسيحيين قبل الاحتفال بعيد القيامة، لكن ما باليد حيلة، ولا بُدَّ أن تلتزم الكنيسة بقرار الدولة، يقول المهندس «پيتر واصف»، مؤكدًا أنه كان ينوى قضاء ليلة العيد هو وأسرته الصغيرة مع والديه الكبار، ولكن الطبيب نصح بعدم اختلاطهما مع الناس؛ نظرًا لإصابة والدته بحساسية مزمنة، ووالده أجرى عملية قلب مفتوح. ولكنه لن يتركهما باعتباره الابن الوحيد، وقرّر بالاتفاق مع زوجته «ليندا سامى» الطبيبة أن يتقاسما المسئولية، هو سيقضى معهما ليلة العيد، وتذهب هى للاطمئنان عليهما وإعداد الغداء فى شم النسيم، وتجعلهما هما ووالديها اللذين يعيشان فى كندا.. يتواصلان مع حفيدتهما عبر الواتساپ ڤيديو. صحيح إنه عيد مختلف، ولكن الإنسان يدفع ثمَن تمرُّده على الطبيعة، كما قال پيتر!؟

إغلاق الكنيسة وإعلان غضب الله 

وقد وجدتها فرصة فسألته عن رأيه فى الجدل الدائر حول اعتقاد البعض بأن الڤيروس غضب من الله؛ خصوصًا المسيحيين الذين يرون أن إغلاق الكنيسة فى ليلة العيد أزمة كبرى! فقال: العالم كله محبوس وليس نحن فقط! ولكنى أعتقد أنه ليس غضبًا بمعنى إرسال اللعنات وإهلاك الأرض، ولكن إن تأملنا عمل الله فيما قنن بالطبيعة نفسها، سنكتشف الرد! وبما أن الإنسان أفسد الطبيعة واخترق القوانين التى وضعها الله، فهى ترد لنا غضبها! ومن ناحية أخرى، يحتار العقل فى تفسير الأمر؛ لأن الله عاقب آدم وحواء وطردهما من الجنة، حينما عصيا أمرَه! فمن قال إن الله لا يغضب ولا يعاقب؟ الفَرْق أن غضبه للخير وصلاح الإنسان مثل «قرصة ودن»، ونحن نرى صحوة العالم بالعودة للإيمان والرجوع إلى الله، فلماذا نخاف الاعتراف بأن ما يجرى غضبٌ منه؟ كل الفَرق أن غضب الله لا يلغى تحنّنه وعَفوه!.  قالت الأستاذة منى مكرم الله -التى تعيش فى الأرچنتين مع زوجها الدبلوماسى وأسرتها- إنه لا مفر من قضاء العيد فى البيت! فالعالم كله يعيش أوقاتًا غير اعتيادية! وإن كنتُ - مع الوقت- بدأتُ بشكل إيجابى أستمتع بعدم وجود التزامات اجتماعية. وأتناول طعامًا أقل من عادتى، وأقضى الكثير من الوقت فى التواصل مع الآخرين عبر الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعى التى تأكدتُ هذه الفترة بالتحديد.. أنها نعمة ونقمة، ورُغم ذلك شعرتُ بالذعر الشديد حينما فوجئت بعطل مرّة فى الكمپيوتر ومرّة فى شبكة الواى فاى، ما يعنى الانقطاع عن العالم، والأمر لا يحتمل مزيدًا من الضغوط، حتى صرتُ أتمنى فقط أن أذهب لنزهة فى الحديقة.

شاويش منع الاقتراب 

ضاحكة، أكدت منال محمود - ربة بيت- أنها كالعادة إن شاء الله - وبعد نجاحها فى إقناع زوجها- ستقضى شم النسيم فى شقتها بالإسكندرية! لا.. ولن تكسر قرارات الحكومة، ولكنها تتعهد أنها ستسافر يومين قبل العيد، فى سيارة الأسرة، ولن تخرج منها هى والعائلة إلا على الشقة مباشرة؛ خصوصًا أنها أعدت كل مشتريات العيد من فسيخ ورنجة وبصل وملوحة.. و..! ولن تحتاج شيئًا من الشارع، ولكنها فى حاجة للبقاء أمام البحر.. قائلة إن هواءه يرد الروح ويعيد الشفاء للصحة المعلولة! وهكذا تحافظ على عادة السفر فى العيد.. وتتخلص من الجو الخنيق بالقاهرة، بصحبة زوجها والأبناء الذين ازدادت عصبيتهم لحرصها على عدم خروجهم من البيت، مع توقف الدراسة وانشغالهم فى مشروع الامتحانات! لكن الخوف من «كورونا» يرعبها، رُغم أنهم شباب صغير «وكتمة البيت وحشة عليهم».. كما تقول!.

أندرو رشدى- طالب بكلية بإحدى كليات التجارة- قال إنه يلتزم بالحظر لقلقه من الڤيروس الذى يسود العالم كله! ولكن هذا لن يمنعه من الاحتفال بالعيد، والسفر لقضاء شم النسيم، مع الالتزام بالتباعد الاجتماعى.. سألته عن الامتحانات التى تقرَّر أن تكون بآخر مايو، فقال: للآن لم تتحدد وسيلة الاختبار التى سننتقل من خلالها للمرحلة الدراسية التالية!.. وماذا عن المحاضرات أون لاين؟ فقال إنه يلتزم بها على قدر المستطاع، رُغم اعتقاده أنها خطوة شكلية نظرًا لوجود بعض المواد التى تحتاج للحضور الشخصى والبحث والتفاعل مع الدكتور، ولكنه يعرف بعض الزملاء الذين يلتزمون بالحضور عبر الإنترنت ثم يذهبون للنوم!. 

دكتور عادل عبدالعظيم، قال إنه كرجل فردانى سيحتفل بشم النسيم فى حديقة منزله بالبيت مع أصدقائه وعائلاتهم، الذين سيجلب كل منهم شيئًا يؤكل أو للتحلية أو التسالى،أمّا هو فعليه إعداد وسائل الراحة والترفيه، وحجرة مشاهدة التليفزيون الـ Smart الذى يمتلكه لمشاهدة الأفلام الجديدة على نتفليكس، مع متابعة كل مستلزمات التعقيم والتطهير والعمل كشاويش منع الاقتراب والالتزام بالابتعاد مسافة مترًا أو مترين، والحمد لله البيت يكفى!. مستطردًا: نعمل ما علينا من سُبل الوقاية والحماية، ولكل أجَل كتاب!. ضاحكًا: ما هو مش هاتبقى «كورونا» والدنيا علينا! هانعيّد، حتى لو أصبح عيد شم الكحول والكلور!. 

تنظيف العيد

«أنا رجل بيتوتى».. قال رجل الأعمال الأستاذ «مجدى لبيب»، مستطردًا: وسأمضى العيد نائمًا فى البيت، سواء كانت هناك «كورونا» أو لم تكن موجودة! قادنا الحديث عن خطورة الڤيروس، فقال: من قراءاتى عرفتُ أن الأنفلونزا الإسبانية عام ١٩١٨م قضت على نحو ٥٠ - ٥٠٠ مليون شخص فى العالم، ويُقال ثلث سكان المعمورة! شارحًا كيف كانت تستهدف الشباب الصغار، يعنى «كورونا» التى نعيشها حاليًا.. رفاهية؛ لأنها حصدت ليومنا هذا نحو مليون شخص، وغالبًا ما تصيب كبار السن! ونحن الحمد لله بلد شابة، ونسبة الشباب فيها لا تقل عن ٥٤٪ بين أقل من ١٥ سنة إلى ٢٩ سنة! لمح تعجبى من فكرة استحسانه لإصابة الكبار، فقال: أتكلم بشكل عقلانى، فالشباب استثمار البلاد! بينما كبار السن هم أهلنا وأقاربنا.. مستطردًا: رُغم أن بعض الأطفال يموتون، أيضًا!.

قالت لى ليلى رمزى- محاسبة بإحدى الجمعيات الأهلية: انتِ بتكلمينى دلوقت فى التليفون ومش شايفة منظرى! سألتُها: ماله منظرك؟ فضحكتْ وقالتْ: ماسكة المكنسة فى إيدى والتليفون بين غطاء رأسى ووجهى، وفاتحة الـ Speaker وأنا باكلمك عشان بانظف تنظيف عيد القيامة، وشم النسيم، والاستعداد لرمضان كمان! عشان أتفرّغ فى أثناء الحظر للمسلسلات وجَوّ رمضان الجميل! سألتُها عن سبب تنظيف البيت، ومعظم من أعرفهن قلن إن هذا العيد سيكون مختلفًا؛ فلن يقمن بالتنظيف الشامل كما اعتدن- مثلًا- وبعضهن ذكرت أنهن سيقتصرن شراء الملابس الجديدة على الأطفال، وأن الموضوع سيكون ملمومًا! فقالت: ماليش دعوة بالناس دى، تنظيف الملابس الجديدة وتنظيف البيت فى العيد هما رمز للتجديد ولتنظيف القلب أثناء استقبال المسيح فى عيد الميلاد، ونحن نستقبل نوره وهو خارج من القبر كما نؤمن كمسيحيين فى عيد القيامة، والعالم كله بيعمل كده على فكرة! حتى الطبيعة نفسها تتجدد وتزدهر فى هذه الأيام رمز للخير والنور! وعمومًا، - تستطرد- العيد فى القلب، ولذلك سواء «كورونا» أو غيرها، هانعيّد فى قلوبنا وبين جدران بيوتنا! وباقولك إيه.. اتركيتى أستكمل تنظيف أو تعالى ساعدينى!.