الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نساء ومطابع فى المقاومة

فى أيام الأزمات نستلهم العزيمة والمقاومة ممن سبقونا. ومع تصاعد الأحداث وإعلان حظر التجول فى البلاد يتحول الشعب إلى صف من المقاومين وفى مقدمتهم جيش مصر الأبيض من طواقم طبية، هنا نتذكر بطولات المدينة الباسلة بورسعيد أثناء العدوان الثلاثى،



 وهى المعركة التى كانت الأسلحة فيها المدافع والقنابل والرصاص، لا بد أن نذكر أبطالها وبطولاتها، ونحن نواجه معركة مع عدو غير مرئى، وأبطال المقاومة فيه هم العلماء والأطباء والممرضون .. أى الشعب المصرى كله.

ونحن نستعيد بطولات الشعب المصرى فى بورسعيد لا بد أن نذكر أيقونة المقاومة الشعبية الراحلة عنا منذ أقل من شهر عن 80 عاماً، زينب الكفراوى، تاركة خلفها قصةً لا تنسى، قصة الفدائية ذات الـ 15 ربيعاً أول وأصغر منضمة للمقاومة الشعبية 1956. قبل محطة المقاومة التحقت بالحرس الوطنى، حيث تلقت التدريبات بصفوفهم، جاءت هذه الخطوة بمساعدة والدها الذى كان يعمل بقسم شرطة العرب ببورسعيد وكانت تساعده فى إخفاء ملفات الداخلية السرية، عن أعين الاحتلال. لا يخفى على الكثيرين مساهمتها فى توزيع المنشورات محرضة المؤمنين بالحرية على القتال، وشاركت بحملات التبرعات لمساعدة الجيش المصرى على شراء السلاح لم يتوقف دورها عند هذا، بل ساعدت فى توزيع السلع التموينية على شعب بورسعيد المنكوب تحت وطأة المحتل.

إلا أن أهم قصة فى مسيرة الفدائية الصغيرة كانت نقل الأسلحة إلى المقاومة أمام أعين قوات الاحتلال بفكرة قد يعتقد من يقرأها لوهلة، أنها مشهد فى السينما، تدبرت تخبئة السلاح فى عربة الأطفال الخاصة بابن أختها وسلكت بها الطريق من مخزن بأرض العزب وصولاً إلى حيث يرابط أعضاء المقاومة معلقين كل آمالهم على ذلك المدد القادم مع الصغيرة المقدامة.

لم تكن رحلة سهلة، لكن رباطة جأشها أقنعت ضباط الدورية الإنجليزية تاركينها تمر بالعربة مع الأسلحة والقنابل. كانت أيضاً أحد أعضاء مجموعة فدائية عرفت باسم «مور هاوس» وهو اسم الضابط البريطانى ابن عمة الملكة الذى وقع أسيراً، وكان لها دور مهم فى إخفائه، لتضيف بطولة وقصة أخرى تعلق بالأذهان.

ربما نبتسم زهوًا بأساليب المقاومة، خاصة تلك التى شاركت فيها النساء ومنها، أنهن كن يغلين الزيت والمياه، وأحيانًا ما فسد من طعام، المهم أن يصل كل هذا إلى درجة الغليان، ويترقبن مرور جنود العدو من شرفات منازلهن، بمجرد أن يمروا أسفل الشرفات تلقى العبوات المغلية فوق رءوسهم. ونذكر أيضًا المطابع السرية التى وجدت وأخفيت بقوة لطبع المنشورات، والتوجيهات لتوزيعها على الشعب، ومنها على سبيل المثال ما صدر عن مناضلين فى قسم  الأربعين «أخى المواطن.. إن سلاحنا الرئيسى فى هذه المرحلة الراهنة هو تماسكنا، لاستمرار النضال، واستمرار المحافظة على قيادتنا الباسلة، واستمرار المحافظة على حريتنا واستقلالنا».

ومنشور آخر يقول: «العدوان قائم وعلينا مسئولية المواجهة، المعركة المقدسة مستمرة بين شعبنا البطل الثائر، وبين قوى البغى والاستعمار».

ومنشور ثالث «يا أحرار بورسعيد أبناؤنا وإخواننا فى الميدان، يواجهون الأعداء بشجاعة، ونحن هنا نؤدى واجباتنا بحماس».

وكأننا الآن نستمع لصوت الآباء والأجداد وهم يقاومون، وأيضًا نستمع لصوت الأبناء من الأطباء وطواقم التمريض، الذين يواجهون العدو الخفى، وهم يقولون كما قال آباؤهم وأجدادهم: «ونحن هنا نؤدى واجباتنا بحماس».