الســل لــم يختــفِ مــن مصـــر
هايدى فاروق
تسببت إصابة طالبة بالمدينة الجامعية التابعة لجامعة الأزهر بمرض السل فى حالة من الذعر بين الطالبات، حيث غادرن المدينة فرارا إلى محافظاتهن وانتشرت شائعات حول عودة مرض السل من جديد ذلك المرض الذى ارتبط فى أذهان الجميع بالموت والفقر وعدم وجود علاج له بل إن معظم كلاسيكيات السينما العالمية والمصرية كان مرض السل المحور الرئيسى فيها الذى فرق بين الأحباب وحطم القلوب.
بداية من غادة الكاميليا وفاتن حمامة فى أيامنا الحلوة وحسن يوسف فى فيلم خان الخليلى ومع تطور العلاج أصبح من الممكن التعامل مع المرض وانخفضت نسبة انتشاره عالمياً.
ومرض السل مرض معدٍ يحدث بسبب البكتيريا المعروفة باسم Mycobacterium Tuberculosis
ولديه القدرة على إتلاف الرئة.
من الممكن لمرض السل أن يظهر سريعاً وبعد انتقال الميكروب إلى داخل الجسم بفترة وجيزة وذلك حال وجود مناعة ضعيفة لا تستطيع مقاومة الميكروب، ومن الممكن أيضا أن يبقى المرض فى حالة سبات وعدم نشاط لسنين عدة ليصبح بعد مرور كل ذلك الوقت نشطا عند أول فرصة يجد فيها مناعة الإنسان قد خملت وضعفت وذلك يعود فى كثير من الأحيان لعامل السن أو الإصابة بمرض خطير كالسرطان أو استخدام أدوية معينة تؤثر على المناعة أو الإدمان الشديد على الكحول أو الإصابة بمرض الإيدز.
عندما تضعف المناعة يتحول الميكروب الخامل إلى نشط ليستطيع بعد ذلك خرق الجدار المحاط به فيبدأ فى التكاثر والانتشار ليصيب الرئة بتلفيات شديدة ويصيب أعضاء أخرى من الجسم بنفس القدر من الأذى حال وصوله إليها.
وفى مصر اجتمع الخبراء على عدة أسباب لانتشار مرض السل ومنها انتشار الفقر والعشوائيات وتزايد إعداد المدخنين كما أن الشيشة والتى تنتشر فى مقاهى مصر قد تكون سببا.
وقد أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن كمية الدخان المُستنشقة عبر تدخين الشيشة تساوى 84 ضعفاً عما يتم استنشاقه خلال تدخين سيجارة واحدة، وقد حذر خبراء من التأثير الضار للشيشة والذى لا يقتصر على تدخين التبغ أو المعسل وإنما يمتد أيضاً لشيشة الفواكه وهى شيشة خالية من التبغ وتحتوى على بعض قشور الفاكهة والتى يتم تخميرها ومعالجتها بالمولاس وهو العسل الأسود أو الجليسرين كمادة لاصقة.
وتكمن خطورة هذا النوع من الشيشة فى احتوائه على المواد اللاصقة وخاصة الجليسرين والذى يؤدى حرقه عن طريق الفحم إلى تكوين مواد سامة تتسبب فى حدوث سرطان.
وقد أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن حوالى 01 ملايين مصرى يستخدمون أحد أنواع التبغ منهم 3,61٪ يدخنون السجائر3,3٪، يدخنون الشيشة، 6,2٪ يستخدمون التبغ غير القابل للتدخين «التبغ الممضوغ» وبلغ متوسط الإنفاق الشهرى للمدخنين على السجائر حوالى 011 جنيهات مصرية، ويقع غالبيـــة مستخدمى الدخـــــان فى الفئـــة العمريــــة «54-46 سنة» بنسبة 8,52٪ من السكان فى هذه الفئة.
وأشار الجهاز إلى أنه مقارنة مع النسبة العالمية فقد بلغ عدد المدخنين فى العالم حوالى 3,1 مليار مدخن ومن المقدر أن يصل إلى 7,1 مليار مدخن بحلول عام 5202 فكل عام ينضم من 08 ألفاً إلى 001 ألف شاب إلى عالم المدخنين ليصبحوا مدخنين منتظمين بصفة يومية.
وتبلغ الوفيات بسبب أمراض ناتجة عن التدخين 9,4 مليون حالة وفاة سنويا تمثـــل 7٪ من إجمالى الوفيات فى العالم، وبحلول عام 5202 من المقدر أن تكون الوفيات الناتجة عن أمراض بسبب التدخين 01 ملايين حالة من إجمالى الوفيات فى العـالم منها 7 ملايين حالة فى الدول النامية
السل موجود!
وقد أكد الدكتور محمود عبدالمجيد مدير مستشفى الصدر بالعباسية أن السل موجود فى مصر وهو حقيقة وواقع ولكن خلال السنوات الماضية لم يتحدث عنه أحد ولم يلق عليه الضوء الإعلامى وظهور حالة فى المدينة الجامعية بالأزهر فتح باب التساؤل والحديث عنه من جديد ولكنه حديث مبالغ فيه فمعدل الإصابة فى مصر ليس معدلا كبيرا، كما أن طرق العلاج موجودة ومتاحة للجميع وأسباب الدرن متعددة وأهمها الأسباب الاجتماعية فزيادة معدل الفقر وانتشار العشوائيات وعدم وجود أماكن صحية للمعيشة يدخلها الشمس والهواء قد تكون أسبابا لسرعة نقل العدوى ولكن رغم وجود العشوائيات والفقر فإن الدرن فى مصر تحت السيطرة ومعدلات الإصابة به ليست مرعبة فلدينا برنامج لمكافحة الدرن منذ عام 9891 وهو من أفضل برامج وزارة الصحة، وتنتشر المستشفيات التى تتبع هذا البرنامج فى كل أحياء القاهرة ومحافظات جمهورية مصر العربية فاكتشاف الدرن يسهل نظام العلاج.
وعن تطعيم الدرن يضيف أن تطعيم الدرن يحمى بنسبه 05٪ عكس تطعيم شلل الأطفال والذى يحمى بدرجة 001٪.
ولكن التطعيم يحمى بنسبة 05٪ للأنواع الشديدة من المرض كدرن العظام والدرن السحاقى.
وعن معدلات الشفاء يشير الدكتور محمود إلى أنها تصل إلى 001٪ بشرط انتظام العلاج لمدة 6 أشهر حيث يتلقى المريض العلاج على جرعات موضحاً أن تدخين السجائر وشرب الشيشة يكون له عامل فى إضعاف الجهاز التنفسى للمريض فيكون أكثر عرضة للإصابة وقد توصلت العديد من الأبحاث إلى أن الشيشة تعتبر من أكثر وسائل نقل مرض السل من خلال المبسم والذى يتداول بين كل فم ومن خلال اللى والمياه التى يعيش فيها ميكروب السل.
وعن أسباب الإصابة يضيف قائلاً: بخلاف الفقر وعدم تهوية المكان فإن شرب اللبن غير المبستر يسبب درنا معويا موضحاً أنه ليست كل أنواع الإصابة بالسل يتطلب العلاج منها العزل فالمستشفى يحتجز الإصابات البالغة التى قد يصاحبها نزيف رئوى أما الإصابات المبكرة فيمكن للمريض أن يتلقى العلاج فى منزله ويستطيع ممارسة حياته بشكل طبيعى.
الدكتور عصام المغازى مدير البرنامج القومى لمكافحة الدرن يقول إن السل موجود منذ أيام الفراعنة حيث بلغت إحصاءات الإصابة به فى العام الماضى عالميا 8,8 مليون مريض وتوفى 1,1 مليون مريض عالمياً بينما توصلت آخر إحصائية فى مصر إلى إصابة 81 مريضا لكل 001 ألف نسمة سنويا أى أنه يوجد 51 ألف مريض درن جديد كل عام وتعتبر مصر من الدول منخفضة الانتشار فالنسبة تنخفض سنوياً وقديماً لم يكن للسل علاج وتنتهى مأساته بالوفاة أما الآن فالوضع تغير وأصبحت نسب الشفاء مرتفعة وينتقل المرض من الشخص المريض إلى السليم فتحدث الإصابة أو قد يكون حاملا للمرض دون ظهور الأعراض.
ويوضح أبو غازى أن أهم أسباب المرض هو نقص المناعة وسوء التغذية لذلك نجد مرضى السكر والإيدز أو من يتناولون أدوية الكرتيزون أكثر إصابة به بخلاف أن الميكروب ينشط فى الأماكن المزدحمة والبيئة الفقيرة.
ولكن هذا لا يمنع أن السل يصاب به الغنى والفقير.
وعن برنامج المكافحة يوضح أبوغازى أن البرنامج يضم 23 مستشفى صدر و111 مستوصفا ونقدم الخدمات التشخيصية والعلاجية بالمجان موضحا أن تكلفة علاج الدرن المقاوم للأدوية تصل إلى 5 آلاف دولار لكل مريض بينما تصل تكلفة مريض الدرن العادى إلى 001 دولار.
وعن أعراض الدرن يضيف: الأعراض هى السعال لأكثر من أسبوعين دون سبب وتكون (كحة ناشفة يصاحبها بلغم أو دم ) بخلاف الضعف العام وفقدان الشهية ونقص الوزن وارتفاع فى درجة الحرارة وعرق أثناء الليل حيث ينتقل بالرذاذ أو عن طريق شرب اللبن غير المغلى ويشير إلى أنه إذا لم يعالج المصاب بالدرن فإنه سوف يسبب العدوى لعدد من 01 إلى 51 شخصا آخر سليما فى السنة.
وتكثر الإصابة فى الشريحة العمرية من 51 - 44 سنة.
النصائح
الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة والسكان الأسبق قال إن السل موجود فى العالم كله وأن مصر من الدول التى تنخفض فيها معدلات الإصابة سنويا مؤكدا أن مصر تمتلك بنية تحتية قويه متمثلة فى مستشفيات الصدر والكوادر الطبية قادرة على الاكتشاف المبكر والعلاج لمرض الدرن.
وعن انتشار أنواع غير مطابقة للمواصفات من السجائر الرديئة أكد تاج الدين أن الموضوع لا يتوقف على علب سجائر غير مطابقة للمواصفات فقط.
فالتدخين بكل أشكاله وأنواعه ضار بالصحة ويبدأ الضرر بوصول الدخان إلى الجهاز التنفسى فهو يحدث خللا شديداً فى القوة المناعية والدفاعية وخاصة تدخين الشيشة والتى تنقل الأمراض عن طريق «اللى والمياه».
وعن طرق الوقاية يوضح تاج الدين أن مرض السل مرض تنفسى.. فغالبية الإصابات فى مصر هى إصابات السل الرئوى وهذا ينتقل من خلال السعال أو العطس وينتشر مع عدم وجود نظافة لذلك فالتنظيف المستمر وتوخى الحذر من الأماكن المزدحمة والنظافة الشخصية أهم شىء فالميكروب يكون كامنا على أرض الغرفة ومع التنظيف يتطاير ويستنشقه الشخص فيصاب بالمرض ويجب على الشخص تناول غذاء سليم متكامل