التقرير مبهم .. ويخدم الإخوان!
هايدي فاروق وريشة خضر حسن
أثار التقرير الأخير للمجلس القومى لحقوق الإنسان الكثير من اللغط حوله ووصفه الكثير بأنه تقرير غير موضوعى وأنه لا يعتد به فى أى تحقيقات وإن أمسك العصا من المنتصف وتأثر بالأيديولوجية السياسية لأعضاء اللجنة التى وضعته.. ومصداقية التقرير أصبحت على المحك بعد تهديد عدد من أعضائه بالانسحاب لاسيما الحقوقى البارز حافظ أبو سعدة الذى أكد أن الصيغة التى ظهرت مخالفة لما تم التوافق عليه بين الأعضاء.
غير أن عدم اطلاع اللجنة على خطة وزارة الداخلية، وإنما تخيلها لها فقط، هو بمثابة مزحة رفضها العديد من النشطاء والشباب للاعتراف بأى نتائج خاصة بالتقرير.
التقرير يفتح بابا للعديد من التساؤلات حول وضع المجلس القومى لحقوق الإنسان وتبعيته للدولة وتشكيل أعضائه ومدى أهمية تقاريره والأخذ بها.
الدكتور جمال زهران يرى أن التقرير متوازن، لكنه ليس بالموضوعى أو الحيادى فالتقرير به معلومات جيدة، ولكنه يفتقد التوصيف الحقيقى للأشخاص.. من هم الأشخاص الذين صعدوا على أسطح العمارات وجنسياتهم، فهو لم يحسم كثيرا من المعلومات، وبالتالى فإن تداوله فى الإعلام يخدم الإخوان أكثر منه يخدم إبراز الحقيقة ولا يصلح للتقديم كمستند رئيسى فى التحقيق، فهو أساء للداخلية وللحكومة وخدم الإخوان، فقد ذكر التقرير أن مهلة الخمس والعشرين دقيقة التى منحها الأمن للمعتصمين غير السلميين كى ينسحبوا لم تكن كافية، متجاهلاً عشرات النداءات والمناشدات التى وجهتها الداخلية للمعتصمين على مدار الأيام القليلة التى سبقت فض الاعتصام والموثقة عبر بيانات رسمية بالصوت والصورة وتابعها الرأى العام راجياً أن يستجيب لها المعتصمون خاصة مع تعهد الداخلية بعدم ملاحقة من يخرج من الاعتصام.
فيما أدان التقرير أيضا قوات الأمن فيما يتعلق بمنع دخول سيارات الإسعاف إلى الميدان لإسعاف المصابين، لكنه لم يلبث أن برر ذلك بأن سيارات الإسعاف لم تكن تستطيع الاقتراب من الاشتباكات الدائرة بين المعتصمين والأمن، خصوصًا بعد مقتل سائق إحدى هذه السيارات.
والنقطة الثالثة والأخيرة التى أدان فيها الأمن، هى عدم توفير طريق بديل للخروج الآمن، إذ تدافع المعتصمون الراغبون فى الخروج.
ويرى زهران أن التقرير غير مسيس وبعض الأشخاص تصدروا المشهد وهم على علاقة بجهات أجنبية ممولة وأقصد هنا الأشخاص الذين كتبوا التقرير وكانوا أعضاء فى اللجنة بما يعنى أن التمويل قد يكون مؤثرا على بعض الحقائق لخدمة الجهات التى يعملون لصالحها وإرضائهم كحافظ أبو سعدة أو ناصر أمين أو جورج إسحاق، فالتقرير ذكر أن عدد من قتلوا 632 بينما أكد المشير السيسى أن عددهم 321 وهو فارق كبير لا يجب الوقوع فى هذا الخطأ فهل المشير يتحدث دون أدلة ومن سنصدق؟ لذلك فالتقرير به نقاط ضعف يجب عدم التغاضى عنها.
ويرى زهران أن أى تقرير يخرج من منظمة يكون غير حيادى وغير كامل فتوجد معلومات قد تضر بالأمن القومى لا يجب الإفصاح عنها، وهو ما يحدث فى تقارير منظمات كهيومن رايتس والعفو الدولية أى أن الموضوع لا يقتصر على المنظمات المصرية فقط.
ويرى زهران أن التقرير لا يرقى كى يعتد به فى أى تحقيقات فهو مبهم فى كثير من الموضوعات ولا يحسم كثيرا من الأسئلة.
الناشط الحقوقى نجيب جبرائيل يرى أن التقرير أحدث كثيرا من المشاكل واختلف حوله واضعوه أنفسهم فهو أمسك العصا من المنتصف وألقى اللوم على الداخلية فى أنهم لم يتركوا ممرا لخروج المتظاهرين أو لم يؤمنوا الممر بشكل كافٍ ويلقى باللوم على وزارة الداخلية والحكومة التى لم تسعف المصابين، ثم إن هناك أمرا غريبا أن يرى أنه يجب تعويض القتلى ما لم يتورطوا فى أعمال عنف فالتعويض هنا يعنى إدانة للحكومة فالتقرير لم يأت محققا لأهدافه واحتوى على عبارات مطاطية.
ويرى جبرائيل أن التقرير لا يمثل أى أهمية وكان يجب الاكتفاء بلجنة تقصى الحقائق المشكلة من قبل رئيس الجمهورية والتى يرأسها فؤاد رياض فهو لم يعط أى إضافة غير أن أعضاء اللجنة من المجلس تتحكم فيهم أيديولوجيتهم السياسية وخلفياتهم الدينية فجورج إسحاق ينتمى لكفاية و6 أبريل وكمال الهلباوى وعبد القدوس معروفان بانتمائهما وخلفيتهما الدينية فالتشكيلة غير متجانسة ولا يستطيعون فصل أهوائهم وأيديولوجيتهم عن وضع التقرير ولن يعول على هذا التقرير أى تحقيقات فهو يخدم الإخوان فقط، والمجلس القومى لحقوق الإنسان فى مفترق طرق، فالمشكلة فى الأشخاص وليس فى تبعيته لأن بعد الثورة لم يعد لدينا أجهزة تابعة للدولة كلها تعمل بشكل مستقل أى أن المشكلة الحقيقية فى الأشخاص.
الناشط السياسى جورج اسحق وعضو المجلس القومى قال: إن مهمة المجلس فى رصد الحدث وتسليمه إلى القوى المختصة، وقد رصدنا الحدث بما لدينا من إمكانات، وسوف يتم تسليمها لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومن حق الناس أن تختلف حول التقرير، لكن لا نسمح بالتشكيك فى نزاهته غير أن الإخوان رفضوا الإدلاء بشهاداتهم، لذلك لا يجوز الآن أن يعترضوا ويشككوا فهم من امتنعوا من البداية عن الإدلاء بآراء.. وأضاف إسحاق: إن حافظ أبوسعدة انسحب فى اللحظات الأخيرة لوضع التقرير ولا يجوز له الآن أن ينتقده أو يعارضه وسوف يكون التقرير النهائى جاهزا فى 16 مارس فيوجد بعض الأخطاء التقنية، ولكن سيظل المضمون كما هو.. وأوضح إسحاق أن من يدعى أن التقرير موالٍ للنظام فهذا ظلم بيّن فأنا كنت أقف ضد النظام فى أعتى مراحل قوته وإن من يدعى أن التقرير جاء لخدمة أغراض معينة فهو المغرض.
ناصر أمين عضو المجلس أكد أن الصيغة النهائية للتقرير سوف تصدر يوم 16 مارس وأن التقرير ذكر أن اعتصام رابعة العدوية بدأ سلمياً، ولكن إدارة الاعتصام سمحت بعد ذلك للمسلحين بالدخول فيه والتمركز بداخله، متابعًا أن بعض المعتصمين كانوا يحملون أسلحة بعضها متطور.
كما قال: إن الطب الشرعى أثبت وجود حالات تعذيب داخل اعتصام رابعة، بالإضافة إلى وجود احتجاز قهرى واستخدام المدنيين كدروع بشرية.. وأكد أمين أن التقرير طالب بفتح تحقيق قضائى مستقل فى أحداث الفض، والأحداث التى وقعت بعدها فى المحافظات، مطالبًا الحكومة بالعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لحظر العنف، وإخضاع الشرطة للتدريب المستمر فى فض التجمعات، ومكافحة الشغب، وتفعيل الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
أمين أوضح أن المجلس واجهته صعوبات كثيرة فى حصر أعداد الضحايا بسبب مغالاة الإخوان فى أعداد الضحايا وإنكار الحكومة له وأن جثامين الضحايا كلهم لم تكن موجودة فى مشرحة زينهم، بل كانت موزعة على مسجد الإيمان بمدينة نصر والمستشفيات المحيطة برابعة.