الأحد 4 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الخبراء: لن نمـوت من العطش!

الخبراء: لن نمـوت من العطش!
الخبراء: لن نمـوت من العطش!


 
الخوف من العطش وجفاف النهر الخالد بات كابوسا يرعب المصريين، بعد تمادى إثيوبيا فى المضى قدما نحو إقامة سد النهضة الذى يحرم مصر من حقوقها التاريخية، ويجعلها عرضة للجفاف، ويتعاظم القلق لدى المصريين مع سماع أخبار الفشل التى تزفها الحكومات المتتابعة للشعب عقب كل جولة مفاوضات.. نحن تفتح ملف القضية الأكثر أهمية فى هذه الفترة لأنها تتعلق بوجود الدولة المصرية نفسها، حيث طرحنا المخاوف على الخبراء والمتخصصين فى الشأن الأفريقى وخبراء المياه لمعرفة الحقيقة كاملة، وماهى الحلول الممكنة لتفادى تلك الأزمة.
 
∎التصعيد
 
د. محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية الأسبق فيستنكر وجود أى مفاوضات حقيقية على أرض الواقع من الجانب المصرى، أما عن حقيقة الاجتماعات التى قمنا بها خلال الثلاث سنوات الماضية فكانت استكمال دراسات فقط ومن خلال خبراء محليين فقط، إثيوبيا استدرجتنا لنتحدث عن دراستها دون التحدث عن مطالبنا، ولابد من السرعة فى تقديم طلب من الجانب المصرى بوقف فورى لاستكمال السد، يليه التفاوض حول حجم السد وحول سياسات التشغيل وحول سنوات تخزين المياه أمام السد، فهذه المطالب الثلاثة لابد أن يسبقها طلب إيقاف استكماله، حيث آثاره السلبية تتمثل فى بوار مئات الآلاف من الأفدنة، نقص كهرباء السد العالى فى توربينات خزان أسوان، والتوقف التام فى توربينات أخرى، وتلوث مياه بحيرة ناصر، تلوث البحيرات الشمالية وبالتالى التأثير سلبا على الثروة السمكية، تداخل مياه البحر فى الخزان الجوفى الساحلى وتملحه، التأثر السلبى الشديد على الملاحة النهرية والسياحة النيلية، انخفاض منسوب المياه الجوفى بصعيد مصر، ومن المتوقع خلال العامين القادمين بأقصى حد خلو السد العالى تماما من المياه، وفى حالة انخفاض منسوب المياه فسوف تعانى مصر منمجاعات وكأن السد العالى لا يوجد.
 
وأضاف علام أن السودان أخلت باتفاقية عام 9591 بين مصر والسودان والتى تلزم الدولتين بأن يكون هناك موقف واحد تجاه قضايا نهر النيل والتفاوض مع دول حوض النيل، فالإعلان عن انحيازها لإثيوبيا مخالف لهذه الاتفاقية، أما عن حقيقة الاستثمارات العربية فى الأراضى الإثيوبية فهذه الاستثمارات لا تمول السد، بل هى استثمارات فى أراضٍ زراعية ونحن لدينا استثمارات تقدر بـ 2 مليار داخل أراضى إثيوبيا، وإثيوبيا لديها أكثر من 51 مليار دولار من جميع الدول بعيدا عن تمويل سد النهضة.
 
وأشار علام إلى أن الخطوات التصعيدية لابد أن تشمل محاولات حجب أى تمويل دولى عن السد، بإقناع الدول الممولة والمانحة، بالإضافة إلى عرض الأمر على الدول الكبرى وطرح سلبيات السد وأضراره سواء روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين والسوق الأوروبية، ومحور دول حوض النيل ومحور دول الخليج، وجامعة الدول العربية، وهذا التحرك سيخلق ضغوطا على دولة إثيوبيا مما يدفعها للمطالبة بالتحكيم الدولى، وفى حالة رفضها، لهذا ستظهر أمام العالم بالتعنت، وبالتالى يرفع الأمر إلى الولايات المتحدة ومحكمة العدل الدولية، وهذا يمثل ضغوطا سياسية أخرى على إثيوبيا، وفى حالة فشل جميع الجهود يجب علينا الذهاب إلى جهاز الأمن بأن هذا التعنت يضر بالأمن والسلام الإقليمى الأفريقى ويهدد بنشوب نزاعات بين دول المنطقة.
 
∎تشدد إثيوبى
 
د.نادر نور الدين خبير الموارد المائية وأستاذ الاقتصاديات الزراعية بجامعة القاهرة يقول: هناك تشدد من الجانب الإثيوبى بإقامة هذا السد وهذه المواصفات وهناك ثلاث جولات مباحثات تمت من الجانب المصرى بالخرطوم فى نوفمبر وديسمبر ومايو وجميعها باءت بالفشل، وعند محاولة تدويل القضية وعمل حشد رأى عام عالمى بمخالفة إثيوبيا للقوانين الدولية فى إقامة وفرضها مبدأ السيادة على مورد مشترك وليس موردا خاصا بها، فقاموا بتوجيه دعوة إلى وزير الرى المصرى لطرح مبادرة جديدة، ولكن فى مضمونها هو كسب مزيد من الوقت، ورفضت خلال الزيارة جميع المقترحات المصرية أو النظر فى سعة السد ومواصفاته وحجز كميات كبيرة من المياه والتى تصل إلى 74 مليار متر مكعب من 14 مليار السعة الأصلية للسد بهدف فرض السيطرة على مصر، وبالتالى سيقع علينا ضرر كبير من الممكن يؤدى إلى مجاعات بسبب بوار 5 ملايين فدان، ويؤثر أيضا على منسوب تدفقات المياه كل عام، قد تصل إلى 12 مليار متر مكعب، وبالتالى تزيد الفجوة الغذائية المصرية وتتعمق ويقل إنتاجنا الزراعى أى خسارة 30٪ من إنتاجنا الزراعى، ويترتب عليها زيادة استيرادنا بنسبة 75٪ للمنتجات الغذائية بدلا من 55٪، ولابد من سرعة التحرك من الجانب المصرى عالميا.
 
الخبير العسكرى الاستراتيجى طلعت مسلم أن إثيوبيا مصرة على استكمال سد النهضة مستغلة ما تعانيه مصر من الفراغ السياسى بعد ثورة 52 يناير، وعدم استقرار الأوضاع فى مصر وعدم وجود نظام رسمى شامل ومتكامل يعترف به المجتمع الدولى، بداية من رئيس منتخب ومجلس تشريعى منتخب ودستور دائم لجمهورية مصر العربية، ولكن بعد وضعنا لدستور دائم وفى طريقنا إلى انتخابات رئاسية وصلنا إلى طريق مسدود فى مفاوضاتنا مع دولة إثيوبيا، حيث رفضها كل الحلول بينها وبين مصر، وبالتالى استراتيجية الحل مع إثيوبيا تتلخص فى محورين: الأول استمرار فتح باب المفاوضات من أجل الوصول إلى حل للمشاكل المتعلقة بين البلدين، المحور الثانى هو محاولة مخاطبة وإقناع جميع الدول التى تمول السد بإيقاف دعمها المادى والمالى لإقامة السد، ويأتى فى مقدمتها إيطاليا والصين وذلك لإقناعهما بأن السد مخالف للعقود والمواثيق الدولية والمعاهدات الموقعة بين دول حوض النيل، وبالتالى يستوجب الأمر عدم تشجيع إثيوبيا على الاستمرار فى بناء السد، حيث إنه يؤثر بطريقة مباشرة على الأمن القومى المصرى، حيث توقف أو ندرة وصول المياه إلى مصر مسألة حياة أو موت ويدخل فى إطار مصلحة البقاء.
 
وأضاف مسلم: لا أتوقع أن نصل إلى مرحلة العطش لأننا بالفعل نسعى بخطوات جادة لعدم استكماله وإيقافه بإذن الله، وأعتقد أن الجهود الدبلوماسية سوف تنجح فى هذا لأن مصر بدأت تعود فى المجتمع الدولى إلى وضعها الأمثل، وبدأ يكون لها قوة تأثير والمكانة التى كانت تتمتع بها بين القارة الأفريقية والدول العربية والعالم ونحن من أجل البقاء سنتخذ جميع السبل المتاحة لدينا فى الإطار السلمى والسياسى والدبلوماسى.
 
∎لاتوجد شفافية
 
الخبير العسكرى الاستراتيجى اللواء عادل سليمان يرى أن هناك مبالغات وتضخيما فى النواحى الفنية التى تؤكد أزمة العطش وندرة المياه التى سنعانى منها، وهذا دليل أنه ليس لدينا الشفافية الكافية فى البيانات الحقيقية، سواء عن حقيقة السد وعن أضراره الحقيقية وغير المبالغ فيها وعن أسلوب التعامل معها، وما هو متاح من معلومات حتى الآن هو أنه سينتج عن استكماله بعض المشكلات ولكن محدودة، وهى تحدث عند امتلاء البحيرة بالمياه وتؤدى بالتالى إلى نقص بالمياه لدينا، ولكن لم يعرف بعد ما هى المدة التى تندر فيها المياه غير معلومة حتى الآن، لذلك نحتاج إلى مناقشة لمعرفه المدة وكيفية التعامل مع الأزمة وهكذا، لأن دول حوض النيل تستفيد بنسبة 5-7 ٪ فقط من المياه فقط وتحتاج إلى 100 سد لتستفيد بكمية المياه المتبقية من مورد نهر النيل وتحديدا المصب، لذلك المشكلة تحتاج إلى مزيد من التفاوض والتفاهم بين دول حوض النيل وليس إثيوبيا فقط، لأننا نواجه حاليا مشكلة عدم استجابة من الطرف الآخر وموقفنا سيئ جدا أمام دول أفريقيا والاتحاد الأفريقى لا يمنحنا عضويته، وبالتالى موقفنا الأفريقى غير قوى لكى نستند إليه، وليس أمامنا سوى محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة وهناك اتفاقيات تعمل على تنظيم المياه وطرق اقتسامها ولابد من مراجعة أنفسنا وخاصة مع دول أفريقيا وندافع عن قضيتنا بطرق دبلوماسية عديدة ومختلفة دون يأس، دولة بحجم إثيوبيا وهى تعد دولة رئيسية فى الاتحاد الأفريقى وليس من مصلحتنا خسارتها، فمشكلتنا الرئيسية فى عدم الشفافية ووجود بيانات حقيقية عن حجم الضرر الذى يقع علينا والمدة التى يقع خلالها هذا الضرر وما المقابل فلابد من توافر المزيد من التفاوضات والحلول السلمية.
 
وأوضح سليمان أن القضية مهمة ولابد من التعامل معها بقدر أكبر من الجدية والشفافية أيضا، وعدم الاستهانة بالشعب المصرى وأرفض أسلوب الحكومة المصرية التى تعلن آراء مزدوجة من حين لآخر، وأرى أيضا أننا نسىء استخدامنا لنهر النيل، فنحن نهدر من المياه كميات أكبر بكثير مما يحتجزه سد النهضة ولابد من الحفاظ على مياهنا والثورة على ثقافتنا فى استخدام مياه نهر النيل، ونحن دولة أفريقية ولنا تاريخ مشرف مع جميع دول أفريقيا فى حركات التحرر الأفريقية، ونحن أبناء حوض نيل واحد وأبناء قارة واحدة وأصحاب مصالح مشتركة ولابد من استخدام هذا التاريخ فى إيجاد حلول دبلوماسية مناسبة لجميع الأطراف.