سلع الدعم أختفت و«التموين» فى خبر كان!

لمياء جمال وريشة خضر حسن
أزمة وراء أزمة.. والضحية مواطن مطحون يعتمد بشكل أساسى على السلع التموينية وفجأة وبدون مقدمات اختفت هذه السلع من منافذ البيع،فمحاولة الحصول على سلعة حلم يراود كل مصرى ولم يجد سوى كلمة واحدة على لسان البقال «عدى علينا بكره»، أما وزارة التموين ففى خبر كان فلم تجد أمامها سوى طريق واحد هو النفى وتحميل الغير مسئولية ما يحدث وهذه ادعاءات وشائعات وكل شىء على ما يرام.
نيران نقص السلع التموينية تلتهم البيوت المصرية التى تعتمد بشكل أساسى على التموين.. فالطوابير لاحقت منافذ توزيع السلع والمشكلة تتعقد يوميا بسبب هذا النقص فقد وصلت نسبة العجز فى الزيت إلى 85٪، وبعض المحافظات لم يصلها إلا 20٪ من حصتها، بينما وصلت نسبة التغطية فى التوزيع بمحافظات أخرى 70٪، وحتى مع ترحيل حصص المواطنين لشهر سبتمبر الجارى ستزيد المشكلة لأن العجز مستمر، بالإضافة إلى أنه لم تصرف لمنافذ البيع إلا 04٪ من المقررات التموينية، واستمرت أزمة نقص السلع التموينية وخاصة الزيت والأرز ومن هنا كانت «صباح الخير» فى قلب الحدث لترصد معاناة الشارع المصرى من نقص السلع التموينية.
آراء!
يقول سامى محمد - تاجر تموينى بالسيدة زينب -: إن تأخر صرف الزيت حتى الآن أدى إلى أزمة كبيرة بين المواطنين، لأن معظمهم يعتمد عليه بشكل أساسى فى الطعام، وكلما قلت الكميات المنصرفة منه يتكدس المواطنون أمام المحل، رافضين العودة بدون زيت، مما يؤدى إلى مشاكل يومية مع المواطنين.
أما صلاح سلامة - مسئول منفذ تسليم السلع التموينية بالهرم - فيرى أن منظومة توزيع الزيت هذا الشهر غير عادلة، حيث قررت- شركة الجملة التى تتولى مسئولية توزيع السلع التموينية تخفيض حصة الزيت تماما فمثلا حصتى الأساسية أكثر من005 كرتونة لم أحصل إلا على20 كرتونة.
يقول ناصر سليمان - موظف حكومى - 40 سنة: إن تأخر صرف حصة الزيت بالكامل للمواطنين حتى الآن أدى إلى أزمة كبيرة بين البقالين وأصحاب البطاقات التموينية، لأن معظمهم يعتمد عليه بشكل أساسى فى الطعام، وكلما انخفضت الكميات يتكدس المواطنون أمام المحلات رافضين العودة بدون استلام حصصهم التموينية من الزيت، مما يؤدى إلى حدوث مشادات كلامية يومية مع المواطنين والبقالين.
وأوضح خلف عبدالعال - عامل فى أحد المصانع - 50 سنة - أنه يوجد نقص دائم بحصة الأرز التموينى بمحلات البقالين فنضطر لاستلام نصف الحصة فقط، مطالبا بضرورة سد العجز فى هذه السلع التموينية للمواطنين نظرا لظروفهم المعيشية الصعبة لعدم استطاعتهم شراء هذه السلع الضرورية من المجمعات بأسعار باهظة.
وأضاف أشرف علام - مدرس بإحدى المدارس الحكومية - 45 سنة - أن تأخير صرف الزيت التموينى أدى إلى زيادة أسعار الزيوت الأخرى، مما يرهق ميزانية الأسرة، ويضيف أعباء جديدة على كاهلها، فسعر زجاجة الزيت التموينى 3 جنيهات أصبحت الآن تباع فى السوق السوداء بمبلغ يتجاوز 6 جنيهات، مطالبا بضرورة زيادة الحصة التموينية من الزيت لجميع البقالين ليتمكن أصحاب البطاقات من استلام حصصهم بالكامل.
واتهم إبراهيم السيد - موظف بإحدى الشركات الخاصة - 52 سنة - المسئولين عن توريد الزيت التموينى بافتعال أزمة حقيقية فى الزيت، وبالتالى ارتفاع أسعار الزيت الحر على جميع المستويات، مطالبا بتفعيل دور الرقابة على أماكن صرف السلع التموينية لمنع تسريبها إلى معدومى الضمير الذين يستغلون الأزمة لرفع الأسعار، واحتكار السلع.
الالتزام!
ومن جانبه أكد محمود دياب - المتحدث باسم وزارة التموين - على التزام الوزارة بتطوير وتحسين جودة السلع التموينية خلال الفترة القادمة، مشيرا إلى أن نقص الحصص التموينية فى الشهور السابقة، وخاصة الزيت التموينى يعود إلى قيام الحكومة السابقة بتغيير نوعية الزيت من الزيت الخليط (فول صويا وعباد الشمس) إلى عباد شمس فقط، وتخفيض الكمية من كيلو ونصف للفرد إلى 920 جراما، مما أدى إلى توقف نحو 23 مصنعا من منتجى الزيت وقصر الإنتاج على 3 مصانع فقط بسبب تغيير تكنولوجيا الإنتاج.
وأوضح أنه قرر عودة حصة الفرد إلى كيلو ونصف، وعودة الزيت الخليط مع الفول الصويا لما فيه من ارتفاع نسبة البروتين وتحمله درجات الحرارة العالية.
وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنة بقرار وزارى لمتابعة حركة وتوزيع السلع التموينية من شركات الجملة إلى البقالين التموينيين، كما وعد بدارسة المشاكل التى تقدمت بها شعبة البقالين والعمل على حلها، حيث إنه تم التنبيه على «القابضة للسلع الغذائية» وهى الشركة المسند لها عمليات توريد السلع، بسرعة صرف المقررات التموينية فى مواعيدها، موضحاً أنه سيتم تعميم زيت عباد الشمس على 15 محافظة بعد تجربته فى 6 محافظات الشهر الماضى.
الأزمة!
وقال أحمد يحيى - رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية - إن أزمة السلع ما زالت مستمرة بسبب عدم صرف الكميات المقررة للبقالين فى مواعيدها، تمهيداً لتسليمها لأصحاب البطاقات التموينية، لافتا إلى أن نسبة العجز فى زيت عباد الشمس، الذى تم طرحه الشهر الماضى فى 6 محافظات وصلت إلى 60٪، فى حين بلغت نسبة العجز فى الزيت على مستوى المحافظات 35٪، والسكر 20٪ والأرز 50٪، مشيراً إلى أن عدم صرف السلع فى مواعيدها يسبب مشاكل بين المواطنين وبقالى التموين، خاصة فى ظل تصريحات المسئولين فى الوزارة بشأن «صرف السلع فى مواعيدها».
وأوضح أنهم طالبوا «التموين» بضرورة صرف جميع السلع المدعمة للمواطنين فى مواعيدها، مطالباً الدكتور باسم عودة، وزير التموين والتجارة الداخلية، بضرورة توفير السلع، مع صرف مستحقات البقالين المتأخرة والممثلة فى الحوافز الشهرية على بطاقات التموين، مشيرا إلى أن نسبة العجز فى المقررات التموينية ارتفعت هذا الشهر عن الأشهر السابقة، بسبب نقص الموارد المالية لدى الوزارة وتأخر «الشركة القابضة للسلع الغذائية» فى توريد الكميات المطلوبة للبقالين.
وأشار إلى أن الوزارة أرسلت قرارا للبقالين بتوزيع زيت عباد الشمس الخالص فى 15 محافظة والزيت الخليط فى 11 محافظة، بدءا من اليوم، وأنه وفقا للنظام الجديد ستخفض الكميات وسيحصل الفرد على كيلو زيت فقط بدلا من كيلو ونصف، محذرا من أن النظام الجديد سيحدث حالة من الارتباك لدى البقالين، وسيتسبب فى حدوث أزمة بينهم وبين المواطنين، سببها تخفيض الكميات.
وأوضح يحيى أنه يوجد نقص فى بعض المقررات التموينية مثل «الزيت والأرز»، حيث تم صرف 15٪ فقط من حصة البقال التموينى من «الزيت» حتى الآن من شهر نوفمبر الماضى، وكذلك هناك بعض البقالين التموينيين لهم مقررات متبقية من شهر أكتوبر الماضى مثل المنطقة الشمالية للقاهرة، حيث تصل المقررات التى لم تصرف إلى حوالى 25٪.
وطالب بصرف المقررات التموينية للبقالين بشكل كامل ثم بعد ذلك معاقبة المقصرين، مشيرا إلى أنه بعد النقص الواضح فى المقررات ودخول البقالين فى مشكلات مع المواطنين هناك شكاوى عديدة من البقالين لدى الشعبة بسبب نقص المقررات التموينية لأنه فى النهاية المواطن يرغب فى صرف مقرراته كاملة ويدخل فى مشكلات مع البقال حسب تصريحات وزارة التموين بأنه تم صرف المقررات كاملةئ للبقال.
وأوضح أن قلة المناقصات ومشاكل الموردين هى السبب الرئيسى فى عجز البقالة التموينية، ولم يتم استلام 5 ٪ من كمية الأرز المقررة لشهر يناير، وأن الوزارة استلمت -يوم 10 يناير- 150 طنا من الأرز فى مناقصة لشهر إبريل، وهذا غير كاف لسد احتياجات المنتفعين من البطاقة التموينية.
وطالب يحيى وزير التموين بسرعة صرف الحوافز الخاصة بالبقالين التموينيين والتى وصلت إلى 14 شهرا وتحديد آليات منظومة السلع التموينية الجديدة والخاصة بتوزيع السلع التموينية من السوبر ماركت بجانب البقال التموينى.
كما أضاف أن عدم الرقابة على الأسواق أتاح الفرصة أمام أصحاب المصانع الخاصة برفع أسعار السكر الحر بقيمة 200 جنيه بدون مبرر، حيث وصل سعره إلى 4200 جنيه للطن خلال الأسبوع الحالى فى حين أن سعر الطن كان لا يتجاوز 3900 جنيه للطن الواحد خلال الأسبوع الماضى.
النقص!
ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادى الدكتور سمير رضوان - أن أزمة نقص القمح لن تكون الأخيرة، متوقعًا أن تشهد السوق المحلية نقصًا فى بعض السلع الاستراتيجية الأخرى، نظرًا لعجز الحكومة المصرية عن توفير الأموال اللازمة لاستيراد تلك السلع لصالح هيئة السلع التموينية.
وأضاف إن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر فى الوقت الحالى نتيجة عدم الاستقرار الأمنى والسياسى، تهدد بنشوب أزمات غذائية فى السنوات القادمة، الأمر الذى يعنى ضرورة الاتجاه إلى التوسع فى الاستثمار الزراعى بالدول المجاورة لتحقيق الأمن الغذائى.
وأشار إلى أنه يمكن إبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول التى بها فرص استثمارية فى هذا القطاع لاستغلال جزء من أراضيها لزراعة سلع ما لتوفيرها بالسوق المحلية المصرية، لافتًا إلى أن السوق المصرية تعتمد على 70٪ من احتياجاتها الغذائية على الاستيراد، ومع التناقص الحاد فى المخزون الاستراتيجى لدول العالم من الحبوب والبذور، قد يؤدى ذلك إلى نقص تلك السلع فى مصر.
وشدد على ضرورة إبرام الحكومة اتفاقيات استيرادية طويلة الأجل، وبسعر غير قابل للتغيير، خاصة مع تذبذب الأسعار العالمية بين الارتفاع والانخفاض بصورة ملحوظة بالأسواق العالمية، وذلك من خلال التعامل مع السماسرة من الخارج، وفتح حسابات حماية بالبورصة بدلا من الاستيراد بالمناقصات المعمول به حاليًا.
وأوضح أنه يمكن الاستثمار الزراعى الخارجى بدول مثل إثيوبيا، والسودان، وتركيا، وأوكرانيا، ومناطق آسيا الوسطى، وذلك من خلال القطاع الخاص.