لمن تدق الأجراس؟!
زينب صادق وريشة ايهاب شاكر
أستعير هذا العنوان من إحدى روايات الكاتب العالمى «أرنست هيمنجواى» لأسأله للكاتب والباحث فى الشئون العلمية «عبدالفتاح عنانى».
فهو منذ انضم لكتيبة مجلتنا فى ثمانينيات القرن الماضى وقرر أن يتجه فى كتاباته للعلوم تبعا لنصيحة والده بأن العلم هو عماد القوة والتقدم للدول.. وتخصص فى الكتابة العلمية والبيئية المرتبطة بصحة وسعادة الإنسان.
وليصلنا عبدالفتاح عنانى إلى السعادة الصحية لابد أن ينكد علينا لنغير نوع الطعام الذى نأكله ويصدر كتاب «الطعام.. الداء والدواء»، ويهمس فى آذاننا ألا نجلس طويلا أمام المكتب أو التليفزيون.. وينكد علينا بما يمكن أن يحدث لنا من هذه العادات السيئة.. وينشر كتاب «حضارة الكسل وآلام القلب والظهر».. ولابد أنه لم يجد تجاوبا منا فى مسألة الطعام، ومسألة خطر الجلوس لمدة طويلة.. ولأننا أبناء الفراعنة العظام فقد نصحنا فى كتاب «أطعمة الفراعنة غذاء وشفاء» أن نأكل طعام الأجداد الصحى بدلا من الطعام الدسم أو طعام «التيك أواى» الملىء بالخطر.. وأن نترك مكاتبنا والجلوس الطويل أمام أى شىء من المخترعات الحديثة ولنخرج إلى الطبيعة كما نصحنا فى كتاب «الطبيعة سر السعادة».
ولنتأكد من هذا شرح فى هذا الكتاب أن ثورة طبية تجتاح العالم هى العلاج بالهروب إلى الطبيعة، فقد توصل العلماء إلى أن التأمل ورؤية مخلوقات الله فى السماء الزرقاء الصافية، وجبال شاهقة ورمال وصحراء.. والتمتع برؤية النجوم والطيور ومياه البحر، والهواء النقى وأشعة الشمس الدافئة.. هذه الطبيعة تحمى الإنسان من أمراض كثيرة، وهذه الطبيعة متوافرة فى بلادنا.. ونصحنا أن نترك العاصمة الملوثة بهوائها وضجتها ولو لبعض الوقت من أجل صحتنا.
ولأننا نقرأ كتب عبدالفتاح عنانى باستمتاع وربما نسير على نصائحه لبعض الوقت أو لا نسير عليها.. فقد قرر أن يرعبنا لنهتم بحياتنا وحياة أولادنا وأحفادنا، بل بحياة وطننا العزيز مصر.. ونشر هذا الكتاب المرعب.
∎ حروب المناخ.. رعب المستقبل
يكتب عبدالفتاح عنانى فى مقدمة كتابه أنه منذ آلاف السنين وقف الإنسان حائرا مذهولا أمام ظواهر الطبيعة والتغيرات المناخية المدمرة كالبراكين.. الزلازل.. البرق.. الرعد.. والصواعق الحارقة، الأعاصير والعواصف العاتية، الفيضانات المهلكة، وأرجع ذلك إلى قوى خارقة للطبيعة والأرواح الشريرة والسحرة والعفاريت والجن.. ولم يكن يعلم أن الأرواح الشريرة ستعود فى القرن الواحد والعشرين وتتلاعب بالمناخ كسلاح خطير فى حروب المستقبل لنشر الهلاك والدمار والسيطرة والهيمنة على العالم.
يطرح فى كتابه عشرين موضوعا مرعبا عن المناخ الذى أصبح أخطر أسلحة الدمار الشامل، يبحث علميا عن التلاعب بالمناخ فى تدمير حياة البشر، وأن حروب المناخ واقع مرعب وأن البشرية مقبلة على مرحلة جديدة تصبح فيها الهندسة المناخية هى السبيل الأقوى للسيطرة على العالم، وأن حروب المناخ بدون بشر فى الذى يحارب بها بينما تصبح بدون بشر فى المناطق التى تتعرض لمثل هذه الحرب.
∎ كوارث طبيعية بأيدٍ خفية
يحدثنا الكاتب المحذر «عنانى» عن الزلازل والبراكين الصناعية بأيد بشرية، ويذكر لنا أمثلة حدثت فى بلاد من العالم حديثا.. وسرقة السحب من فوق دول يصطادونها ويحلبونها لإسقاط المطر على أراضيهم، وينشرون الجفاف والتصحر والمجاعات فى البلاد المسروقة.. يحدثنا عن أمريكا وما يقومون به من أبحاث شريرة لحروب العالم الجديدة بواسطة المناخ.. ومن زمن بعيد تعبث «الصين» بالمناخ واستخدمت العديد من وسائل «استمطار السحب» من أجل سقوط الأمطار فى مقاطعاتها الشمالية التى ضربها الجفاف.
وتعد سرقة السحب أخطر أسلحة المناخ.. ويشرح لنا الباحث العلمى «عنانى» كيف يتحكم قراصنة السحاب فى المطر.. يتحدث عن تحذير العلماء من جفاف مصر.. بسبب التلاعب والعبث فى المناخ.
∎ مصر وحروب المياه
يتساءل الباحث العلمى عبدالفتاح عنانى: هل أدرك المسئولون والسياسيون فى مصر أنه من الممكن أن نخوض حروبا بسبب المياه؟! وينقل ما قاله الدكتور بطرس بطرس غالى الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق عندما كان وزيرا لخارجية مصر من أن الحرب القادمة فى الشرق الأوسط ستكون حربا بسبب المياه.. وما قاله الملك حسين عاهل الأردن الراحل إنه لا يتصور دخول بلاده حربا قادمة مع إسرائيل إلا إذا كانت حربا بسبب المياه.. ويحذر «عنانى» فى بحثه من أنه من الممكن أن تستخدم دول منابع الأنهار المياه فى فرض السيطرة و النفوذ على الدول الواقعة عند مصب النهر مثل نهر النيل، وذلك بتحويل المياه أو التهديد بها أو بإنشاء سدود على النيل الأزرق كما تفعل إثيوبيا الآن والذى سيؤدى إلى تقليل جريان النيل إلى مصر.
وقد بدأ فعلا الآن عنانى فى كتابة عدة مقالات فى مجلة «صباح الخير» عن سد النهضة الذى بدأت تنفذه إثيوبيا على نهر النيل الأزرق والخسائر التى ستصيب مصر، بل أيضا إثيوبيا، فالسد يمكن أن ينهار فقد وجد فى الأبحاث الحديثة أن السد فى منطقة نشاط زلزالى لأنه مبنى على تربة بركانية يتكون معظمها من البازلت سهل التفتيت، وهو ما يمثل خطورة كبيرة على إثيوبيا فى حالة انهيار السد كما يمثل تهديدا مباشرا لدولتى المصب.. السودان ومصر.. وتصميم السد لا يصلح حتى لبناء عمارة تبعا لتصريح خبير ألمانى فى السدود.. ومخاوف فوق احتمالنا.
ونعود إلى ما كتبه من قبل فى كتابه إن تهديد الأمن المائى يقع تحت حماية القوات المسلحة التى تعتبر أن أى تهديد لأمن النيل هو تهديد للأمن الاستراتيجى لمصر الذى يعطى الحق للقيادة العامة بإصدار الأوامر مباشرة بتدخل الجيش دون انتظار موافقة مجلس الشعب.
«يا عبده» أهد كتابك هذا المحذر، المرعب عن أحوالنا المعيشية الحالية والمستقبلية.. أهدِ كتابك للمسئولين فى بلدنا مع الأبحاث التى نشرتها ومصادرها.. أرعبهم يا «عبده» فهم الذين تدق لهم الأجراس بدون أن تسخر منهم أو تشتمهم فهذه طريقة تولد العناد.. أعطهم الثقة والأمل، هم الذين فى يدهم المباحثات والحلول واللجوء إلى القانون الدولى والمحكمة الدولية خصوصا فى مسألة المياه.. فنحن القراء يعنى الذين يهتمون بأبحاثك وكتبك العلمية «غلابة» ومرعوبون بما فيه الكفاية!.. لذلك سأختم هذا المقال بنصيحة من كتابك «الطبيعة سر السعادة» ومن هذا الجزء منه.
∎ نفس عميق ينقذ حياتك
فى هذا المقال يحدثنا «عنانى» عن رياضة التنفس العميق التى تمنح الإنسان الطمأنينة والراحة من الهموم والصراعات والقلق والتوتر، يشرح لنا هذه الرياضة بعدة وسائل وطرق أشهرها أن يقف الفرد أمام مرآة مرفوع الرأس مفرود القامة ثابت القدمين على الأرض، ثم يتنفس ببطء من الأنف وعقد ذراعيه خلف ظهره مشدودين ثم بعد ذلك يحبس الهواء فى صدره دون أن يتحرك ثم يخرج الهواء من الأنف أيضا ببطء مع إرخاء الذراعين إلى الجانبين ويتم تكرار هذه العملية عشر مرات على التوالى.. ويحسن القيام بها فى الصباح والمساء.
وطريقة أخرى عن أستاذ ألمانى.. أن يرقد الفرد على ظهره مع ثنى الركبتين وأخذ نفس عميق طويل من الأنف فى يسر بدون إجهاد والانتظار بضع لحظات، ثم إخراج هواء الزفير من الفم مع ضم الشفتين ليخرج الهواء ببطء مع إصدار صوت نفخة طويلة حتى يهبط القفص الصدرى إلى مستواه العادى وتكرار العملية بدون تسرع أو إجهاد لمدة خمس دقائق وتكرر هذه العملية مرتين.. ويذكرنا أن الصحة الجيدة من الأكسجين الذى يدخل الجسد والتنفس بعمق يحمينا من توتر وضغوط الحياة المستمرة.
وقد قمت بعمل التمرين الأول فى الصباح الباكر أمام النافذة المفتوحة وليس المرآة قبل أن يتلوث الهواء بعادم السيارات وكلام الناس.