الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

جرسونيرة فيلم «ظلمـه» اسمـه!

جرسونيرة فيلم «ظلمـه» اسمـه!
جرسونيرة فيلم «ظلمـه» اسمـه!


عنما تلمح اسم هانى فوزى كمخرج على أفيش فيلم «جرسونيرة» لابد أن يقفز لذهنك فيلميه «بدون رقابة» و«أحاسيس» وهما بالمناسبة يعتبران من الأفلام المتواضعة إخراجيا وليس ذا قيمة فنية وكان اعتماد هانى فوزى كمخرج لهما على بعض الأسماء التى حققت بعض الرواج الجماهيرى على قنوات الأغانى بالفضائيات مثل مروى اللبنانية وماريا، وبالمناسبة هذه الاسماء خفت نجمها سريعا مثلما ظهرت فجأة وطبيعى أن يسحب هذان الفيلمان من رصيد كل من شاركوا بهما بداية من باسم سمرة وعلا غانم مرورا براندا البحيرى وعبير صبرى بعد تراجعها عن الاعتزال، لأن تواجد عناصر ضعيفة على مستوى الأداء التمثيلى من شأنه الهبوط بالعمل حتى إذا كان للمخرج وجهة نظر فنية.
 
 ونظرا للخلفية المسبقة للجمهور عن طبيعة أفلام هانى جرجس إلا يحرص أصحاب السينمات الواقعة فى المدن الجديدة على تصدر أفيش فيلم «جرسونيرة» لواجهة سينماتهم حتى لا تهرب العائلات وهى الجمهور الذى يعتمد عليه أصحاب هذه السينمات على عكس سينمات وسط البلد، بالإضافة للخلفية التى رسخها المخرج لدى الجمهور نجد أن اسم فيلمه من الأسباب الرئيسية التى ظلمته وجعلت الجمهور لايقبل على فيلمه لأن اسمه يعنى ذلك المكان المشبوه الذى يفضله البعض لقضاء وقت بعيدا عن عيون المتلصصين.
 
 
يعتبر فيلم «جرسونيرة» أفضل حالا من فيلمى هانى فوزى السابقين فهو هنا لم يعتمد على نجم شباك ولا على تركيبة الأسماء التى استعان بهم فى أفلامه السابقة والتى كانت سببا رئيسيا فى الهبوط بفيلميه بل لعب على اختيار الممثل الجيد لكل دور على حدة بفيلمه فأنت على مدار ساعتين عيناك لا ترى سوى 3 ممثلين فى مكان واحد فقط يطلق عليه «جرسونيرة» والبطل هنا هو المباراة الرائعة فى التمثيل بين الثلاثى نضال الشافعى السفير السابق الوصولى المتسلق الذى كون حزبا سياسيا من خلال والد زوجته، وفتاة الليل غادة عبدالرازق التى أحبته بصدق وقررت وضع حد لعلاقتها بالسياسى العاشق إما أن تحصل معنويا على ما يرضيها أو تنهى علاقتها به على طريقتها الخاصة كعاهرة سابقة وبين منذر رياحنة مدمن المخدرات النصاب، وعلى مدار ساعتين أنت تغوص فى مشاعر وأحاسيس هذا الثلاثى القذر من الشخصيات الذى ضمه مكان واحد فقط.
 
 
 كان مشهد مشاهدة غادة عبدالرازق لشريط الفيديو الذى تم تسجيله فى هذه الليلة هو نهاية الفيلم الا أن مخرج الفيلم رضخ لطلب خالد صالح بتغيير النهاية حتى يتعاطف الجمهور معه، ورغم استقرار الدور على نضال الشافعى إلا أن المخرج اختار النهاية الثانية وهو اختيار يرضى الجمهور لأن شخصيات فيلمه فاسدة ومنحرفة ولابد أن ينال الجميع نفس الجزاء وحتى مع تنفيذ ذلك المشهد لم يحدث أى نوع من التعاطف بين الجمهور وبين أى شخصية من الثلاث شخصيات.
 
 
«اللى يحب ما بيعرفش يأذى أو ينتقم» مقولة أومن بها كثيرا لذلك لم أصدق أن غادة عبدالرازق أحبت شخصية السفير السابق «نضال الشافعى» وهى قالت له بالفعل ذلك فى الحوار -«لم أحبك بالقدر الكافى لكن لاحتياجى لرجل أقنعت نفسى بحبى لك»، لذلك فالتعاطف معها مفقود ونفس الشىء مع نضال الشافعى الذى لعب دور كوتشينة مع اللص على الفوز بغادة عبدالرازق،أيضاً منذر رياحنة رغم شخصية اللص التى رسمها بخفة ظل مؤلف الفيلم إلا أنك لا تستطيع التعاطف معه، ولا ننكر أن مثل هذه النماذج موجودة فى الواقع.  
 
 
مفاجأة الفيلم هو هانى فوزى كمخرج نجح فى خلق حالة من الشغف والترقب لدى المتفرج دون ملل وأعتقد أن فيلمه «جرسونيرة» سيضعه فى مأزق اختيار فيلمه الجديد أما السيناريست حازم متولى فيحسب لة صياغته الجيدة لشخصيات فيلمه واهتمامه بأغوارها النفسية كل على حدة. خاصةً الشخصية المركبة التى جسدها «نضال الشافعى» واعتبرها أصعب فى الأداء التمثيلى من شخصية اللص الشرير التى جسدها منذر رياحنة وأن كان يؤخذ على نضال الأداء المسرحى والصوت المرتفع ببعض المشاهد، لكن هذا لاينفى اجتهاده وتألقه فى أداء شخصية السفير السابق ورئيس حزب سياسى حالى.
 
 
بمناسبة تصدر غادة عبدالرازق لأفيش فيلم «جرسونيرة» أريد هنا التوقف أمام أزمة عدم وجود نجمات تتوافر لديهن مواصفات الأنثى المثيرة، وآخرهن كان جيل يسرا وليلى علوى، لكن مثل هذه الأدوار لا تلائمهن حاليا والجيل التالى لهن لا توجد به أسماء تصلح لأداء مثل هذه النوعية من الأدوار، لذلك يقع صناع هذه النوعية من الأفلام فى مأزق لأنهم مقيدون بأسماء عددها أقل من اليد الواحدة.
 
 
طبعا لا ننكر أن غادة عبدالرازق لعبت دور العاشقة بكل ما تحمله من تناقضات داخلية ببراعة، لكن المؤكد أيضا أن أزمة ممثلات هذه النوعية من الأدوار جعلت مخرج ومنتج «جرسونيرة» لا يجدون أمامهم غير غادة عبدالرازق.
 
 
يحسب لهانى فوزى قدرته على تحريك الكاميرا فى مكان واحد بدرجة لا تجعلك تشعر بالملل، وهذا فى حد ذاته تحد وساعده على ذلك ديكورا الشالية «الجرسونيرة» الذى صممه رامى دراج بعبقرية تجعلك تشعر أن المكان حقيقى وليس ديكور، وبالمناسبة «فيلا 67» لأيتن أمين يدور فى مكان واحد أيضا لكنها استغلت ملحقات الفيلا من حديقة وروف مما أعطى انطباعا برحابة المكان على عكس «جرسونيرة» هانى فوزى التى حرص منتجها على عامل الإبهار فى الديكور والاكسسوار ليكسر حدة ملل التصوير فى مكان واحد فقط، والإحساس بصغر مساحة المكان.
 
 
فيلم «جرسونيرة» لايعتبر فيلما جماهيريا وليس أيضاً فيلما تجاريا هو يقف فى المنتصف وهذا لايقلل منه على الإطلاق لذلك أتوقع له ردود فعل جيدة عند عرضه بالفضائيات وأعتقد أن هذا ليس هو طموح هانى وليم كمنتج للفيلم.