الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«جدران الحرية» يوميات وطن يولد من جديد!

«جدران الحرية» يوميات وطن يولد من جديد!
«جدران الحرية» يوميات وطن يولد من جديد!


وكأنك تجلس أمامه.. تسمعه، تجادله وتشاركه الضحكات المجلجلة والسخرية اللاذعة المهذبة.. هذا هو إحساسى ومشاعرى وأنا أقرأ أخيراً كتاب الزميل العزيز د. سمير محمود الذى صدر مواكباً للذكرى الثالثة للثورة المصرية.
 
د.سمير محمود- الكاتب الصحفى بمؤسسة الأهرام وأستاذ الإعلام بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عُمان والذى أعرفه منذ سنوات بعيدة حيث كان يسبقنى بعام فى كلية الإعلام- لا تفارقه السخرية حتى فى أحلك اللحظات، كنت ألتقيه منذ سنوات بصفة مستمرة فى صالة تجهيزات الأهرام حيث كان مسئولا وقتها عن تصميم صفحات الأهرام المسائى، وكنت فى نفس الوقت أساهم فى إخراج إحدى الصحف التى يتم تجهيزها وطباعتها بالأهرام، ثم سنحت الظروف- لكلينا- أن نجلس ونعيش معا على مدى 8 أيام كاملة خارج مصر وتحديدا أثناء رحلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية فى صيف 2009، وخلالها أدركت الوجه الساخر له وقدرته على تحويل أى موضوع إلى مادة للسخرية حتى لو كانت من نفسه، ويكفى أن أذكر هنا أنه كان واحدا من اثنين أعطتهما السفارة الأمريكية تأشيرة الدخول صباح يوم السفر، حتى إننى عندما سألته عن هذه الواقعة الغريبة أجابنى ضاحكاً: يبدو يا عم جورج أن الأمريكان اكتشفوا أنى إرهابى ومطلوب جدا!
 
 
وحتى خلال هذة الجولة- فى صحف ومؤسسات الإعلام الأمريكية- كان سمير يفاجئنا بتعليقاته الساخرة التى تفجر الضحك والقهقهة، ولذلك لم أندهش عندما تلقيت اتصالا منه يخبرنى بصدور كتابه الساخر اللاذع متزامناً مع احتفالات ثورة 25 يناير.
 
 
فبلغة ساخرة عميقة تضحكك وتبكيك على وطن يولد من جديد، يغازل د. سمير محمود، شباب الجامعات والمدارس.. وقود الثورة وصناع أروع قصصها البطولية فى مصر منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، فى كتابه «جدران الحرية.. تدوينات الحياة والثورة فى مصر»، والذى يعرض حالياً فى معرض القاهرة الدولى للكتاب.
 
 
ومن خلال صفحات الكتاب، فتح المؤلف إحدى عينيه على الشارع وأحداثه المتلاحقة بسرعة تفوق قدرة استيعاب البشر وطاقتهم، وفتح عينه الأخرى على فعل الشباب وردات فعلهم على الثورة عبر مخرجاتهم من كتابات ورسوم جرافيتى وتعليقات بمواقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك وتويتر والمدونات والمواقع الإلكترونية، اشتبك معهم واشتركوا جميعاً فى صنع كتابه.
 
 
ولأن المصرى ابن نكتة ساخر حتى فى أحلك الظروف، فقد أخذت الثورة عن بعد عبر الفيس بوك وتويتر والمدونات ورسوم الجرافيتى فى الشوارع والميادين، مذاقها الخاص، طعم ونكهة، السخرية و(الألش) بالكلمة والصورة والرسم ومقاطع الفيديو، فكانت تلك أسلحة جيل أسقط نظاما وعزل آخر ولاتزال النار تحت الرماد.!
 
 
يشترك المؤلف مع قرائه من الشباب بشكل غير مكتوب فى أن «السخرية سلاح فتاك ضد أى ظلم وأى ظالم وأى نظام.. فعلى الفيس بوك أبرز (جدران الحرية) وفى أحلك الظروف التى شهدت عملية اختطاف منظم لثورة 25 يناير 2011، تظهر سخريتنا وعفويتنا، نشطح وربما نخطئ أو نسئ، وندخل فى حروب يومية طاحنة، نفقد صديقا فى أول النهار ونكسب عشرة فى آخر الليل بسبب تعليق أو (بوست) وضعناه على (الوول بيدج)».
 
 
∎ عالم ساحر
 
 
ويضيف سمير «ستظل مصر الثورة موضوعاً يجمعنا، ويبقى الفيس بوك عالماً ساحراً، يأسرك إلى حد الإدمان، ويحبطك ويقهرك ويحرق دمك وأعصابك إلى حد الاكتئاب، لا يخفف من حدة ذلك سوى السخرية».
 
 
ويعلق المؤلف على فكرة الكتاب بقوله: «جمعت فى كتابى على مدى سنة كاملة -هى 2012 - كل ما نشرته من تدوينات فى الحياة والثورة فى مصر، على مختلف جدران الحرية بأشكالها المختلفة، سواء الجدران والحوائط المادية فى ميدان التحرير وكل ميادين الحرية فى مصر، خاصة وقد كتبت بدموعى تحت صورة لشهيد أعرفه، على حائط فى شارع شامبليون المؤدى لميدان التحرير، أبكى أنزف أموت.. وتعيشى يا ضحكة مصر، وذلك خلال زيارتى الأولى لمصر بعد أشهر من اندلاع الثورة وسقوط النظام، إضافة إلى كتاباتى المنتظمة على حائط صفحتى- الوول Page Wall- على الفيس بوك وكذلك فى الصحف المطبوعة والمواقع الإلكترونية، التى أعتبرها جدراناً رسمية تصدر بتصريح وموافقة رسمية من السلطات، مما يجعلها أقل حرية وجرأة فى أغلب الأحيان».
 
 
هذا الكتاب.. رحلة خلال عام 2012 م بعد مضى عام على ثورة يناير المجيدة، رحلة تتنوع محطاتها بين الفن والسياسة واللغة والفكر والثقافة وصحة ومرض وعيش وحرية البسطاء.
 
 
فتحت عنوان «أكيد فى مصر» كتب المؤلف ساخراً: استفزتنى تصريحات النائب التى أعلنها تحت قبة البرلمان، وأدركت إننا أكيد فى مصر، حين سمعت عن نائب عضو فى لجنة التعليم بالبرلمان يعتبر الإنجليزية هى مخطط خارجى ولغة المؤامرة لتدمير التعليم على يد الكفار، ففتحت على الفور لينك مع (أبى لهب) لفهم الأساليب الحديثة لمحاربة الكفار وتعلم مكرهم ولغتهم، فنصحنى بتدشين مكتب خدمات تعليمية لتعريب المفاهيم والمصطلحات وإطلاق فضائية لخدمة هذا الغرض، فكانت المحصلة الأولى أننى عزمت صديقاً قديماً على «كلب ساخن» «هوت دوج» سابقاً، وشربنا (سبعة فوق) «سفن آب يعنى»، وسألته هل لك حساب فى وش الكتاب الـ Facebook قديماً فقال لى: أنت (أنبوبة)، فقلت له: ليه الغلط بقى: فرد أقصد: YouTubeبلغة الكفار، فنهرته وقلت له اترك (أم اللوحة) دى أقصد الـ Motherboard ومش عايز أشوف وشك تانى!.
 
 
∎ بحبك يا حمار
 
 
فى موضع آخر من كتابه الذى خطه بحب ولغة ساخرة رشيقة، ينتقد المؤلف تردى حال الأغنية المصرية فكتب قائلاً: فى 03 مارس 7791 مات العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وعدمت مصر الأصوات الجميلة لفترة طويلة- إلا قليلا - لدرجة وصلنا فيها لأغانٍ من نوعية بحبك ياحمار، ثم تطورت العلاقة العاطفية حتى وصلنا للنقط والحروف مع (بوسى سمير)، بعدها دخلنا مرحلة من الحب العنيف- الهايبر اكتيف - مع أركب الحنطور واتحنطر، وتطورت العلاقة إلى (العنب) و(هنروح المولد).. بعدها عرفوا بموضوع مقاهى مصر التى فاقت أعدادها، أعداد أفران العيش الذى من أجله قامت ثورة 25 يناير 2011م، فغنوا (شربت حجرين ع الشيشة)، وأخيراً عرفت إن فيه غنوة مكتسحة ومكسرة الدنيا اسمها (هاتى بوسة يا بت هاتى حتة يابت).. وعرفت معنى أن تكون البنت خايبة من أغنية أفراح: (آه يا بت يا خايبة.. أعصابك سايبة)، وجاء بعدها باكتساح» مش هارووووح مش هارووووح» عنك ما روحت يا أخى.. وفى الآخر تلاقى واحد بيغنى: (أوعدك يوووه أرفضك.. يا حسن.. نسيت خلاص أيام زمان).. وأيضاً «روحت على المراية فى غرفتى وطبعاً ببص لروحى فجأة تعبت من المفاجأة ونزلت دمعتى، شكلى بقيت دقة قديمة واستاهل الدق على دماغى» (خش يا شاكوش يا جامد)!
 
 
والكتاب يعج بالكثير والكثير من العناوين الداخلية منها (أنا مصرى وأبويا مصرى)، (أنا مش فلول)، (صوتك فى الشيكارة أم الصندوق؟)، (موعد مع الرئيس)، (مرسى * شفيق البس يا شعب)، (حياة بلا طعم)، (جواز عتريس من فؤادة باطل)، (الضحك على الذقون)، (الإعلان الكستورى المكبل)، (كارمن الصوت الواعد)، (بلد إشاعات صحيح)، (ساعات بين «الفيس» و«البوك»)،(وتعيشى يا ضحكة مصر)، (غيرت جلدك ليه)، (صلوات الرئيس)، (يمين تلاتة أنا الرئيس!)، (مليونية سمك الجمعية)، (مبارك.. احذر موت متكرر)، (حكومة «دقنوقراط»)،(حزب الشموع السوداء)، (انتبه سيناء تضيع)، (قال لى الوداع قلت له بالسلامة والقلب داعى لك!)، (فضيحة تحرش مصرى عالمى)، (جدران الحرية)، (الإخوان إيدك منهم «والقرض»!)، ( وعشان كده مصر ياولاد)، (الدولارات تبيح المحظورات!)، ( نحنوخ وحياتك نخنوخ ولآخرالأسبوع نخنوخ!)، (عروسة سورية بعشرة آلاف يا بلاش!)، (اللسان حزام أمان)، (فيلم مسىء.. الشيطان يحتفل بذكرى الحادى عشر من سبتمبر!)، (زويل نجم «الفيمتو» وصراع فى النيل)، (الجرافيتى إرادة شعب) و(يا مصر لحد أمتى هتفضلى لابسة الحداد؟).
 
 
ولأنه أنتج كتاباً تفاعلياً على صفحته على الفيس بوك، يختتم المؤلف كتابه بمخاطبة قارئه قائلاً: أدعوكم أن تشاركونى قراءة تغريداتى ومقالاتى وتعليقاتى وكتاباتى على «جدران الحرية»، بعد أن قدر لها أن تُجمع معاً بين دفتى كتاب، فهل تحظى بنفس الحضور والحيوية؟.. بانتظار تعليقاتكم.. ونصيحتى لك عزيزى قارئ هذا الكتاب.. قابل الألش بالألش.. المهم ما تزعلش، وتذكر مصر بكره أحلى بناسها وحكاويها وثورتها التى ستظل ترويها على جدران الحرية».