الثلاثاء 18 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الهواتف الذكية علمتنا الغباء!!

الهواتف الذكية علمتنا الغباء!!
الهواتف الذكية علمتنا الغباء!!


«المحمول فى يد الجميع» كان شعارًا لإحدى شركات الاتصالات الشهيرة .. كان حلما منشودا ثم سرعان ما تحول إلى حقيقة.. نعم حقيقة قد يراها البعض حقيقة رائعة والبعض الآخر يراها حقيقة مفزعة.. حقيقة جعلت العالم قرية صغيرة أو «أوضة وصالة» كما يقولون ومع ذلك ازداد العالم عزلة وصار الأبناء يجلسون مع آبائهم فى غرفة واحدة و مع ذلك أصبح كل فرد بمعزل عن الآخر .. كل مشغول بما هو فيه.. الأبناء يلعبون فى هواتفهم و الآباء يشاهدون التلفاز... ترى ما السبب فى تلك الفجوة ؟؟ هل هو عيب التكنولوجيا الحديثة أم أن الهواتف الذكية قد علمتنا الغباء..!! سألنا الشباب عن سر إدمانهم للموبايلات الحديثة فكانت تلك اجاباتهم!


∎ إلا الشاحن
 
إسراء طارق (20 عاما) طالبة بكلية إدارة الاعمال والتسويق بإحدى الجامعات الخاصة تقول: «موبايلى ما بسيبهوش من إيدى.. أول لما افتح عينى من النوم أول حاجة بعملها باكلم خطيبى وبعد كده ابتدى ابدأ يومى.. غير إنى 42 ساعة فى الـ42 ساعة أنا على الفيس بوك.. «اتشات مع أصحابى أشوف إيه آخر الأخبار.. كده أسلى نفسى.. غير إنى «مش عاتقة أى لعبة» فقد قمت بتحميل كل الألعاب semag على الموبايل..... أنا فعلا لا أستطيع الاستغناء عن الموبايل.. «على طول فى إيدى» ولو حدث وفصل موبايلى شحن وأنا خارج البيت أشعر وكأن شيئا ما ينقصنى.. أظل بالساعات شريدة ومشتتة وكأن الكون كله قد توقف بمجرد توقف موبايلى عن النطق.. وأظل أبحث مع كل المحيطين بى عن شاحن وإذا كنت محظوظة أجد شاحنا أما إذا لم يحالفنى الحظ أظل أندب حظى وأتمنى لو أطير إلى المنزل لكى أحصل على شاحنى، ولذلك قررت ألا يفارق الشاحن حقيبتى حتى لا أشعر مجددا بإحساس العزلة عن العالم الخارجى!
 
∎ حياتى
 
 «تليفونى ده حياتى»، هكذا قالت   وعد حسين (20 عاما) طالبة بكلية الإعلام بإحدى الجامعات الخاصة   بنبرة واثقة وحاسمة وأضافت : «أنا بنام واصحى والموبايل فى إيدى... مش متخيلة حياتى من غيره... لدرجة إنه ذات مرة موبايلى قد تعطل فقمت لتوى وتشاجرت مع أخى الصغير وأخذت منه هاتفه الخاص «بالعافية»!
 
وتكمل: «لى طقوس غريبة مع الموبايل: أول شىء أقوم به فى الصباح قبل النهوض من السرير هو أن أتطلع على المكالمات الواردة وأعرف من اتصل بى وبعدها ألقى نظرة سريعة على الفيس بوك...» وبعدها أبدأ يومى وأحدّث خطيبى وأصحابى وكذلك ألعب semag وأنا بتكلم فى التليفون.. أصبح اللعب على الموبايل بمثابة إدمان : «أنا ممكن مانامش طول الليل عشان بس بلعب.. ماما لو تنادينى ماقومش أشوفها عايزة إيه إلا بعد أما أخلص ''الجيم'' لدرجة أن أمى هى أيضا أصبحت مدمنة الموبايل وعملت حساب على الفيس بوك و«مابتقومش من عليه...!!!» غير إن الموبايل يسلينى على الطريق لأننى أسافر كل أسبوع لأهلى فى الصعيد وأيضا أستفيد كثيرًا من الموبايل فى شراء كل ما أريده من على الإنترنت.
 
∎ الأقرب إليك
 
أما مهند إبراهيم 23 عاما طالب بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة فيقول الـ enohp trams هو جزء أساسى فى حياتى حيث يمكننى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى بكل سهولة ويسر.. التليفون يغنينى عن متابعة الاخبار على التليفزيون أو مشاهدة برامج التوك شو لأن بضغطة زر يمكننى أن أعرف آخر المستجدات فى كل المجالات: السياسة والفن والرياضة والاقتصاد كذلك متابعة كل جديد فى عالم التكنولوجيا وكل ما يتعلق بالأجهزة الإلكترونية الحديثة من موبايلات وتابلتس أو حتى لاب توب.. و هنا أود أن أقول إن هذا التليفون الذكى الصغير الذى لا يتجاوز حجم كف اليد قد أغنانى عن استخدام اللاب توب الخاص بى ... فأصبح هاتفى هو الأقرب إلى دوما أستطيع أن ألعب   semag وهذا ما يتم دائما فى أوقات المذاكرة هروبا من الالتزام بالتركيز فى حفظ المحاضرات أو أسمع أغانى.
 
∎ إدمان
 
«أنا مدمن موبايلى» هكذا قال أحمد هادى (20 عاما) طالب بكلية الحاسب ونظم المعلومات بإحدى الجامعات الخاصة وأضاف: «لا أستطيع الاستغناء عنه.. وتحديدا التطبيقات العديدة التى يمكن تحميلها على الموبايل «عاملت لى باللو فى دماغى»، تطبيقات المحادثات والشات ولاسيما تطبيقات الألعاب التى تجعلنى أنتقل إلى عالم خيالى آخر لا أود الخروج منه.. فضلاً عن أن هذا الموبايل يلعب دورًا مهما آخر قد لا ينتبه إليه الكثيرون وهو أنه وسيلة فعالة للقضاء على أوقات الفراغ: حيث يمكن الغوص فى عالم الإنترنت على الموبايل أثناء الانتقال إلى العمل من خلال وسائل المواصلات.. كذلك يستخدم العديد من الشباب تطبيقات الشات فى مراسلة الأصدقاء أثناء الإشارة أو فى انتظار المترو!! كما أن لى العديد من الأصدقاء يستخدمونه فى تنزيل المواد العلمية للأبحاث المطلوب إجراؤها من قبل أساتذة الجامعة.. كل ذلك إلى جانب أنه سهل حمله فى أى مكان وفى أى وقت وبذلك أصبح يغنينى عن اللاب توب.
 
أما آيات أسامة ( 22 عاما) متزوجة ولديها طفل رضيع عمره ستة آشهر فتقول: «موبايلى عزيز على قلبى قوى ليس فقط لأنه هدية من زوجى بمناسبة مرور عام على زواجنا ولكن لأنه مصدر سعادة بالنسبة لى، فكان يسلينى فى أوقات فراغى وذلك قطعا قبل ولادة ابنى تميم فكنت أمكث بالساعات ألعب لعبة «المزرعة السعيدة» وأظل لما يزيد على الأربع ساعات أجمع الدنانير لأشترى الآلات والحيوانات الخاصة بالمزرعة وأظل أنتظر حتى أحصد المحصول، وكان يومى يمر فى لمح البصر ويساعدنى اللعب عن مرور الساعات التى أظل فيها بمفردى فى المنزل انتظارا لقدوم زوجى من عمله.. أما الآن فبعد أن رزقت بتميم توقفت عن لعب المزرعة السعيدة لأنى أهتم بابنى ولكن أصبحت أيضا أقضى أوقات فراغى فى الشات على تطبيق الواتس آب أو الدخول على الفيس بوك، بل أجعل تميم يجلس «على حجرى» وأجعله يلعب معى على التابلت!
 
وتعلق دكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس: «نحن نعانى من نقص هائل فى الوعى الخاص بكيفية استخدام التكنولوجيا وكيفية استغلالها ولا نجعلها تستغلنا.. أنا شخصيًا تعرضت لموقف مشابه حيث إن لى صديقة سيدة مجتمع دعتنى مرارًا وتكرارًا لقضاء يوم كامل مع أصدقائنا المشتركين وبعد إلحاح كبير وافقت، وبالفعل تقابلت أنا وأصدقائى وقد وصل عددهم إلى 15 فردا وأخذنا وجبة الغذاء فى أحد المطاعم الشهيرة بمصر الجديدة، وبعدها خرجنا للجلوس فى الـria nepo وكان منظرًا مذهلاً إذ فوجئت بـ13 فردا من بيننا وقد أخرجوا الأيباد الخاص بكل منهم وهم منصرفون وكأنهم «قاعدين فى أوضة النوم» أو بمفردهم.. كل فى عالمه.. جلست أتأملهم لمدة 20 دقيقة وبعدها قلت لهم: «انتوا منزلنى من بيتى عشان أقعد مع مين»؟!
 
التكنولوجيا سرقت الناس هذه هى الطامة الكبرى التى أفسدت الأطفال والكبار والسيدات.. فمثلاً السيدات ربات المنزل يقلن أن التابلت هو عالمهن الذى يسلبهن وقت فراغهن.. فكنت أعترض على ذلك وكنت أنصحهن بالتطوع لخدمة دار المسنين أو أى من الأعمال المجتمعية النافعة.. والحقيقة أنه فى أوروبا وأمريكا لا يتم التعامل مع التكنولوجيا بهذه الطريقة فهم من يصدرون لنا التكنولوجيا ولكنهم يحسنوا استخدامها.. ومن المعروف أن أى تكنولوجيا هى سيف ذو حدين: السيف الذى يخدم وينفع وهو ما يستغله الغرب فيما ينفع مصالحهم ولكن نحن نستخدم السيف الذى يقتلنا ويضيع وقتنا ويدمر حياتنا ويفرقنا عن بعضنا: يبعد الزوج عن زوجته والأبوين عن أبنائهم وأصبحنا نعيش فى جزر منعزلة.
 
المشكلة أنه ليس لدينا وعى: لى صديقات أمريكيات ليس لديهن تلفاز من الأساس لما يرونه من أنه مضيعة للوقت.. الأبناء يحصلون على المعلومة من خلال القراءة.. لا يوجد منزل بلا ميزانية لشراء الكتب.
 
لذلك فإن مفاهيمنا مازالت قاصرة ومتخلفة لذلك مازلنا دولة متخلفة نامية.. لذلك الغرب تقدم فلا يوجد طفل يمسك بموبايل مثل أبناءنا.. والتكنولوجيا هناك تستخدم فى أضيق الحدود وفى مكانها المضبوط.. المعلومة لا تستقى من الإنترنت إلا فى أضيق الحدود أيضاً.. كذلك لدينا مشكلة الرقابة، فمثلاً نترك أبنائنا وهم أطفال يلعبون بالجيمز على التابلت حتى يتلهون عنا ويتركونا نتحدث فى التليفون أو نباشر أعمال المنزل ولا نفكر فيما يتركه ذلك من أثر على تعود الطفل على مثل هذه الألعاب أو أننا لن نستطع أن نسيطر عليه فيما بعد «نعمل عليه كنترول».. فنحن لم نعلم أطفالنا أن يحبوا الكتاب أو القراءة فى الشهور الأولى.. فزوجة ابنى الهولندية كانت تبتاع كتابا وتحضر طفلها وهو فى سن الستة أشهر وتقرأ أمامه الكتاب وكأنها تكلمه.. ويقال أن الأطفال فى هذه السن تستوعب بعض المعلومات وتخزنها فى عقلها ولكنها لا تظهر عليها.. فينظر إلى الألوان والصور، وبعدها عندما يصبح عند سن الـ8 أشهر يستطيع أن يميز أكثر الصور والألوان وبعد 01 أشهر يميز بين الصوت الحلو والصوت المزعج.. هنا نحن ننمى عند الطفل الجوانب الجيدة التى تجعله طفلاً مختلفًا.