خطف وسرقة وتحرش علنى
ولاء الشنواني وكاريكاتير ياسمين مأمون
باتت الشهامة والمروءة فى خبر كان وأصبحت ذكرى يحكى عنها للأجيال، أهم ما كان يميز الشعب المصرى دون غيره من الشعوب هو الشهامة والمروءة التى تعنى استعمال كل خلق حسن واجتناب كل ما هو قبيح، هل ضاعت؟ أين ذهبت.. ولماذا انتشرت جرائم الاغتصاب والخطف والسرقة فى وضح النهار ووسط الزحام، نرى بأعيننا ونستنكر..
يمكننا معرفة ما وصلنا إليه من تفكك وانحدار بين سطور صفحات الحوادث التى تتفق فيها جميع الصحف قومية ومستقلة، نفس الحوادث تتكرر ولكن بطرق مختلفة ومتعددة هناك خطر قادم ينذرنا ويدق طبوله لكى نحذر ولكننا نقف مكتوفى الأيدى.
روت لى رضوى أن ابنة خالتها تعرضت لحادث سرقة بوسط القاهرة وفى منتصف النهار والسارق الذى خطف حقيبة يدها لم يعترضه أحد من المارة بالشارع بل تركوه يفر ويهرب والفتاة تقف فى ذهول تام لم تعرف ماذا تقول ولم تستمع لما قالوه من كلمات تنصحها بتحرير محضر بأقرب قسم شرطة بالمنطقة.
كما أكد لى سائق تاكسى وهو يقلنى للعمل أن نسبة الجريمة زادت ببشاعة ووقاحة أيضا، وقال: وجدت منذ أيام وأثناء تجولى بأحد شوارع المهندسين فتاة منهارة كانت ترتعش وتبكى وتشير إلى بالتوقف والذهاب لأقرب قسم شرطة فتوقفت لها وركبت وكانت مجروحة بإحدى ساقيها وعندما هدأت قليلا عرفت منها أن هناك اثنين تعرضا لها رافعين مطاوى بوجهها لإخراجها ما لديها من نقود، والغريب أن الشارع به رجال يتراوح عددهم ما بين 7 و10 أشخاص متفرقين ومتفرجين أيضا، ولم يجرؤ أحد منهم على إنقاذها من بين أيديهما التى امتدت داخل حقيبتها لفرز محتوياتها وأخذا المال والهاتف المحمول فى أمان تام، ووخذاها بالسلاح فى قدميها لتعطيهما الحلق والخاتم الذهبى وعندما رفضت واستمرت فى الاستغاثة والبكاء قاما بتكتيفها وسلباها ما ترتديه من ذهب، وهربا دون خوف ممن بالشارع.
هل جميعهم جبناء؟ هل يتسمون جميعهم بالندالة والهروب من المواقف؟ أين الرجل المصرى الذى كان يشار إليه بالبنان علامة على مروءته وشهامته؟
هدى محمود إحدى سكان العمرانية ومتزوجة حديثا تغيبت عن سكنها هى وزوجها ليلة بهدف خدمة والدتها المريضة، وعادت ولم تجد عفش منزلها، كيف أنزل السارقون عفش منزل أمام الجيران وكيف لم يعترض طريقهم أحد ولم يسألهم جار أين هويتهم وأين يذهبون، ففى الماضى كانت السرقة لم تتعد الأجزاء الصغيرة والمقتنيات الثمينة سهلة الحمل، لكن حاليا تطورت السرقة حيث شملت الأثاث.
الظروف الاقتصادية والفقر والانفلات الأمنى لا يمكن إغفال تأثيرها فى المجتمع ولكن الشهامة لا تتطلب أموالا والمروءة لا تستعين بحكومة.
الشهامة ليست فقط فى اعتراض السارقين ومطاردتهم بل تشمل السلوك الأخلاقى الذى تدهور فى الآونة الأخيرة كعدم احترام المرءوس فى العمل، والتطاول على الكبار والمرأة سواء فى الشارع أو داخل البيت، وكذلك وسائل المواصلات التى تحدث بها العديد من حالات التحرش والتى تشكو منها مروة أحمد وتقول: السيدات يعانين من وسائل المواصلات والزحام الذى يؤدى إلى التحرش وعندما نطلب من الرجل الابتعاد يتهمنا بالجنون والكذب وتتحول إلى مشادة كلامية وأحيانا تطاول بالأيدى والمرأة تصبح ضحية.
ومنذ أيام كان يمشى أحمد كمال على كوبرى قصر النيل ووجد أبشع جريمة تحرش لم ير مثلها من قبل، ويقول كان هناك فتاتان يتحرش بهما مجموعة من الشباب عديمى الأخلاق والرجولة وسط حشد كبير من المتفرجين والصامتين أيضا، والجديد أن هناك مصورا لجريدة إلكترونية شهيرة يصور المشهد بكل دقة وحرفية دون محاولة لإيقاف ما يحدث، كيف تتعرض فتاتان لهذه الوحشية بمنطقة بها كل هذا الحشد الهائل من البشر.
يرى د. أيمن مصطفى أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها إن الضبط الاجتماعى نوعان رسمى وغير رسمى، والرسمى يتمثل فى الضبط القانونى الأمنى، حيث تقوم المؤسسة القانونية متمثلة فى المؤسسة التشريعية والقضائية بتحديد المعايير الضابطة للسلوك بما فيها السلوك الأخلاقى «جرائم الخروج على الآداب العامة»، وتقوم المؤسسة الأمنية بتنفيذ القوانين التى تقوم بصياغتها المؤسسة التشريعية حيث تقوم بضبط السلوك العام وتتمثل فى أعلاه وظيفة الأمن أو المؤسسة الأمنية فى منع السلوك المنحرف ووقاية المجتمع منه كجرائم الآداب العامة وفى أدناها المحافظة على سلوك الشارع المنضبط متمثلاً فى الحفاظ على إشارات المرور مثلا.
أما الضبط غير الرسمى فهو عبارة عن مجموعة الأعراف والتقاليد والمعايير الاجتماعية المأخوذة والمكتسبة من الدين أيا كان نوعه أو الشرع أو العادات أو التقاليد أو الانحراف والتى تلزم أعضاء المجتمع المتفق عليها فى البعد عن السلوك اللا أخلاقى أو المنحرف، أما فوضى الأخلاق الموجودة فى الشارع الآن وخاصة بعد الثورة فترجع إلى الانفلات منها الانفلات الأمنى الذى فرغ الأمن أو المؤسسة الأمنية من وظيفتها الحقيقية وهى الحفاظ على الأخلاق العامة وصون الحريات، مما دفع بعدد ليس بقليل من البلطجية وغيرهم إلى الإساءة للشارع كما دفع العاديين من الناس إلى التحلل من سلوكهم حتى المنافى للأخلاق نتيجة لغياب الردع الأمنى.. وأضاف أما الفوضى الأخلاقية التى أصابت المصريين والتى كان يضرب بها المثل فى الشهامة والمروءة والأخلاق فقد تحللت بفعل الانفتاح الإعلامى المفرط متمثلاً فى وصول القنوات الفضائية وشبكات الإنترنت إلى جانب انهيار مفاهيم العصبية والقبلية التى كانت تمضى على احترام المعايير القروية المتفق عليها وشيوع التفرد والتشرذم داخل القرى مما أدى إلى فوضى الأخلاق متمثلة فى اندثار أهم مصطلح أخلاقى وهو مصطلح «العيب» فنجد الأفراح تقام بجوار المآتم، وانتهاك حرمة الغير.. كما أرجع مصطفى الشيخ خطيب بالأوقاف وإمام مسجد انحدار الأخلاق إلى عدم فهم الدين لأن الدين يعنى الأخلاق والرسول «صلى الله عليه وسلم» قال «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. والقرآن الكريم وصف الرسول بالأخلاق فقال تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم».
والانفلات الأخلاقى يعود لابتعاد الشباب عن دور المسجد ودور الكنيسة لأن الأديان تحض على الفضيلة ومحاربة الرذيلة وأنه على رجال الدين دور كبير فى عودة الأخلاق التى افتقدها البعض كالاحترام المتبادل الذى كان موجودا فى الماضى بين الناس فكان التلميذ يحترم المدرس مثل الأب والموظف يحترم مديره أو رئيسه والصغير يحترم الكبير، أما الآن فنحن نعيش حالة من التسيب الأخلاقى فقد وصلنا إلى انفلات فى الأخلاق أدى إلى الانفلات الأمنى والشخص أصبح لا يحترم ملكية الغير، والجار لا يراعى حرمه جاره ولا يحافظ على شعوره.