مصر تتقدم إلى المركز 73!

مني صلاح الدين وريشة خضر حسن
بعد أن وضع تقرير التنافسية العالمى الذى صدر عن المنتدى الاقتصادى العالمى «دافوس» مصر فى المرتبة الـ142 والأخيرة بالنسبة لجودة التعليم فى سبتمبر الماضى.. فجأة وبعد مرور شهرين يعلن ذات المنتدى تقدم مصر لتحتل المرتبة الـ37 وفقا للتقرير!!.. وفى الوقت الذى عبر فية مسئولون بوزارة التربية والتعليم عن سعادتهم بهذا الترتيب المتقدم.. تساءل معلمون وخبراء فى التربية عن جدوى هذا التقرير وهل الذى وضعه متخصصون؟ وما المعايير التى احتكموا إليها؟ وما مدى علاقته بواقع التعليم فى مصر؟
الإجابة عن كل هذه الأسئلة وغيرها فى السطور التالية.
بحسب ما ذكر تصنيف الابتكار العالمى، فإن التعليم المصرى حصل على رقم 73 فى الإنفاق على التعليم ورقم 54 فى نسبة الطلاب للمعلمين. كما أكد الوزير أن حصول مصر على هذا الترتيب خلال تلك الفترة الوجيزة، هو ثمرة للتعاون الكامل ما بين قيادات المنظومة التعليمية، بل وتعاون ودعم فئات المجتمع المصرى التى تتطلع إلى تعليم متميز لأبنائها، وسنعمل حتى نكون فى مقدمة دول العالم من حيث جودة التعليم.
ويعلق الدكتور كمال مغيث، الباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية، عن رأيه موضحا عدم موافقته على تقرير التنافسية العالمية الذى صدر مؤخرا من الناحية الفنية، لأنه «ينقصه الكثير»، كما أنه احتكم لرجال الأعمال فقط، موضحًا أنه لم يجد ما يجعل هذا الترتيب حقيقيًا، مضيفاً أن «حالة التعليم متدهورة للغاية، ويصل العديد من الطلاب للمرحلة الإعدادية ولا يستطيعون كتابة أسمائهم، وأوضح مغيث أن «ترتيبنا فى التنافسية العالمية يلقى علينا العديد من الأعباء، مثل زيادة ميزانية التعليم، والاهتمام بالتعليم الجيد للطلاب، والاهتمام بشكل التعليم وجعله فى المقدمة»، ووصف مغيث هذا الترتيب بأنه بمثابة حبر على ورق، بينما الواقع لا يشهد أى تقدم ملموس.
وأشار مغيث أن وزير التربية والتعليم يعلم أن هذا الترتيب لا يضعه متخصصون فى التعليم، ولا يعلمون شيئاً عن واقع التعليم فى مصر.
∎ معيار التقدم
ويتفق معه فى الرأى د.محمد الطيب،العميد السابق لتربية طنطا، ويقول نسمع يوميا منذ تولى هذه الحكومة عن آراء ونتائج تشابه الفوضى التى نعيش فيها، وقد يكون الهدف من الاهتمام بتقرير التنافسية فى التعليم هو الشو الإعلامى لحكومة مؤقتة، لا تملك اتخاذ قرارات حقيقية، ولا نستطيع أن نكذب أو نصدق الكثير من تصريحاتها.،
ويتساءل: هل معنى انتقالنا من المركز الأخير الى المركز 73 فى تقرير التنافسية هذا، فى خلال شهرين، يعنى أننا سنحتل المركز الأول فى خلال شهرين آخرين!!، وفى نفس الوقت لنا واقع نلمسه بأيدينا، كما أننا لسنا بحاجة إلى جهات دولية تذكرنا بواقع التعليم فى مصر، ومدى قدرته التنافسية، لأن لدينا فى مصر مؤسسات ومراكز وهيئات ترصد بدقة حال التعليم الحقيقى.
متسائلا، حول مدى صحة المعيار الذى اتخذته المؤسسة الدولية لتنقل مصر من المركز 142 إلى 73 فهل قامت بعمل تقويم وامتحانات، للتحقق من الوصول إلى المستهدف من التعليم الابتدائى مثلا؟
وهل استخدام التابلت فى بعض المدارس وراء هذا التغيير؟!
ويؤكد الطيب أننا كجتمع به أولياء أمور أو مسئولين فى التعليم، لم نلمس حتى الآن أى تقدم واضح فى التعليم، باستثناء المدارس التى تقدم تعليما تابعا للسفارات أو تعليما أجنبيا خاصا أو تجريبيا، فمازالت المدارس الحكومية غير جاذبة والفصول بعضها خاوية، مع انتشار الدروس الخصوصية، كما أن الحكومة الحالية لم تبن مدرسة واحدة إلى الآن!!
أما الدكتور محمد المفتى العميد السابق لتربية عين شمس فيوضح قائلا: من المؤكد أن رأى المنظمات العالمية يأتى ضمن معايير معينة، فهى بالقطع لا تكذب، فبالإمكان أن يكون من بين معاييرها تطور المناهج أو عدد المعلمين بالنسبة للطلاب وغير ذلك، لكننا هنا لم نعرف المعايير التى اتخذتها هذه المنظمة، كما أننا من واقع ملاحظاتنا فى الميدان، يجب ألا نحكم على كل التعليم قبل الجامعى على أنه سيئ، فلا ينبغى أن ننظر فقط إلى نصف الكوب الفارغ، فهناك إنجاز تقوم به وزارة التعليم من حيث نسبة تأهيل المعلمين، ونسب نجاح الطلاب، فى مرحلة التعليم قبل الجامعى، فيجب أن نستقبل تقييم هذه المؤسسة بنوع من التفاؤل، ونعرف أن هناك من يعمل ويجتهد فى الوزارة، ليجود ويحسن الأداء.
ويجب على المنظمة أن تعلن عن معاييرها، لأنها هى المسئولة عما تصدره من تقارير وبيانات.
النقلة النوعية
ويرى أستاذ المناهج بمعهد البحوث التربوية بجامعة القاهرة الدكتورحسين بشير، أن مشكلات التعليم وتحديات التعليم فى مصر، أكبر من مجرد أن نسعد بأن هيئة ما قفزت بوضعه من مركز متأخر إلى آخر متقدم، لأن منظومة التعليم لا تدخل منظومة التنافسية من أصله، فمنذ عام 1985 وإلى الآن، تغيرت وزارات التربية والتعليم، وتغيرت أهدافها بتغير الوزراء، ولازال التعليم يعتمد على الطرق التقليدية، مع استخدامنا للتابلت الآن، الذى جاء نتيجة الضغط العالمى فى التقدم التكنولوجى، ويفرض على الطلاب اكتساب المهارات للتعامل معه، لأن المستقبل بعد ذلك للتعلم عن بعد.
ويوضح ممثل اتحاد المعلمين المصريين عبدالناصر اسماعيل قائلا: الحديث عن ترتيب التنافسية كلام ليس له مصداقية بالمرة، فمن أين تأتى التنافسية، ونحن نعانى من قلة الجودة فى التعليم ـ كما أن هيئة ضمان جودة التعليم، اعتمدت أقل من 30٪ من المدارس، خلال فترة عملها منذ 2008.
ويتابع: ليس هناك أى نقلة نوعية حدثت فى التعليم، لإحداث أى تقدم فى التعليم، فقد حددت اليونسكو مثلا معيار أن تكون الميزانية المخصصة للتعليم بحد أدنى 6.5 ٪ من الناتج القومى الإجمالى للدولة، حتى يكون التعليم جيدا، فى حين أن ميزانية التعليم فى مصر هذا العام لم تتجاوز 4٪ من الناتج!!.
ويطالب إسماعيل وزارة التربية والتعليم بالتوقف عما وصفه بالدعاية والإعلان عن الحكومة، فى ظل التكدس المتزايد داخل الفصول. المدرسية ومشكلات المحافظات الحدودية وغياب التدريب والتطوير فى مناهج التعليم الفنى وتخريج طلاب غير قادرين على المنافسة فى سوق العمل.