الخميس 27 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الاغتيـالات المنظمـة آخـر كروت الجماعة الإرهابية

الاغتيـالات المنظمـة آخـر  كروت الجماعة الإرهابية
الاغتيـالات المنظمـة آخـر كروت الجماعة الإرهابية


 
كشفت الأحداث الدموية الأخيرة التى شهدتها مصر عن تحول خطط الجماعات المتأسلمة والتكفيرية المتشددة من العنف العشوائى إلى الاغتيال المنظم انتقاما من الشرطة والجيش بعد انحيازهما لإرادة الشعب المصرى من ناحية، وتصويرهما على أنهما غير قادرين على حماية أفرادهما أو حماية البلاد من ناحية أخرى.. ويبدو أن توقع وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم باستهدافه شخصيا فى سبتمبر الماضى كان فى محله، وأن الهجوم على موكبه ليس النهاية، بل البداية لموجة من العمليات الإرهابية والاغتيالات السياسية التى كشفت عنها مؤخرا الأسلحة والمخطوطات المضبوطة بحوزة ثمانى خلايا إرهابية تمكنت الشرطة مؤخرا من إلقاء القبض عليها.
 
لكن هناك العديد من الأسئلة المطروحة الآن: إلى متى يستمر مسلسل الاغتيالات لرجال الجيش والشرطة الذى وصل إلى القاهرة ومناطق أخرى فى البلاد؟!.. ومن وراء هذه العمليات الإرهابية؟!.. وهل هناك عناصر متورطة من الخارج تنفذ بأياد فى الداخل؟!.. وكيف يمكن مواجهتهم والقضاء عليهم؟!.. أسئلة نحاول الإجابة عنها من خلال عدد من المعنيين والخبراء الأمنيين.
 
اغتيالات أدمت قلوب المصريين
 
قوائم الاغتيالات فى صفوف رجال الشرطة والجيش لم تكن وليدة اليوم لكنها بدأت منذ عام 2011، حيث نفذت الجماعات المتأسلمة والتكفيرية المتشددة العديد من العمليات العنيفة التى استشهد على أثرها مئات الضباط والمجندين فى هجمات ومذابح أدمت قلوب المصريين.
ففى الثانى من فبراير عام 2011 قام عدد من العناصر المُسلحة والتكفيريين بالعريش، وتحديدا فى منطقة «بئر العبد»، باختطاف 3 ضباط وأمين شرطة من قوة مديرية أمن الدقهلية، وبعد تولى محمد مرسى حكم مصر، وتحديدا فى أغسطس 2012 قتل 3 ضباط و17 مجندا تابعا للقوات المُسلحة فى رفح عندما كانوا يتناولون الإفطار عقب أذان المغرب.
وفى أغسطس 2013 ومع مرور الذكرى الأولى لمجزرة رفح، قتل 52 مجندا من الأمن المركزى على يد 11 مسلحا.
 
وفى منتصف مايو الماضى، اختطف مجهولون فى سيناء 7 جنود، وفى يونيو الماضى، اغتيل النقيب محمد أبو شقرة الضابط بقطاع الأمن الوطنى، على يد عدد من المسلحين.
 
وفى منتصف أغسطس الماضى، وتحديدا عقب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة المُسلحين، تم الهجوم على قسم كرداسة وراح ضحية الهجوم نحو 11 ضابطًا وأمين شرطة من قوة القسم.
 
وفى منتصف سبتمبر الماضى، أصدرت وزارة الداخلية قرارا بتطهير مدينة كرداسة، وقامت قوات الأمن المركزى باقتحام المدينة فجرا، وعلى أثر ذلك تم اغتيال اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة على يد أحد العناصر الإرهابية.
 
وفى الشهر ذاته، حاولت عناصر من «جماعة أنصار بيت المقدس» الإرهابية، اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية عن طريق سيارة مفخخة، وأصيب 10 ضباط و10 مدنيين.
 
وفى السابع من أكتوبر الماضى، حاولت «جماعة أنصار بيت المقدس» تفجير مديرية أمن جنوب سيناء عن طريق إحدى السيارات المفخخة، وأسفر الحادث عن استشهاد 5 جنود وإصابة 05 آخرين.
 
وفى نوفمبر الجارى، قام مسلحون باستهداف المقدم محمد مبروك الضابط بقطاع الأمن الوطنى والمعنى بملف النشاط الدينى داخل الجهاز، فاستشهد أثناء خروجه من محل إقامته بمدينة نصر.
 
سيارات مفخخة
 
وعلق الخبير الأمنى ومساعد أول وزير الداخلية السابق اللواء محمد نور الدين قائلا إن استهداف «ضباط الأمن الوطنى» من قبل جماعة الإخوان ليس جديدا على قيادات وزارة الداخلية، فعندما كانت مصر تحارب الإرهاب فى التسعينيات، تم اغتيال رئيس جهاز النشاط الدينى المتطرف وقتها اللواء رءوف خيرت، والمقدم أحمد علاء فى الفيوم، ثم لجأت الجماعة إلى التصفية السياسية فاغتالت رئيس مجلس الشعب الأسبق رفعت المحجوب والكاتب فرج فودة.
 
وكشف نور الدين عن أنه عندما تولى الرئيس المعزول محمد مرسى الحكم، تم إقصاء عدد كبير من خيرة ضباط جهاز الأمن الوطنى ''أمن الدولة سابقا'' اعتمادا على حجج جماعة الإخوان الواهية التى أطلقوها تحت مسمى تطهير وإعادة هيكلة وزارة الداخلية، خصوصا جهاز أمن الدولة.
 
وأضاف أن جميع زيارات خيرت الشاطر ومحمد البلتاجى وعصام العريان إلى جهاز الأمن الوطنى، استهدفت أيضا تجنيد بعض الضباط، وتفريغه من الكفاءات والضباط الذين رفضوا التعاون مع الجماعة، وتم نقلهم إلى قطاعات المسطحات والسياحة عقابا لهم.
 
ولفت الانتباه إلى وجود تهاون فى المقابل فى حماية الضباط المتبقين والمطلوب تصفيتهم من قبل جماعة الإخوان، مشددا على ضرورة أن تكون هناك خطة أمنية لحماية هؤلاء الضباط المستهدفين، وخاصة المعنيين بملف التطرف الدينى، وأن يتم تغيير السيارات الخاصة بهم من فترة لأخرى، وكذلك تغيير عناوين منازلهم، وتعيين حراسة تتبعهم وتقوم بتصفية أى شخص يقترب منهم.
 
وخلص الخبير الأمنى إلى القول إن استهداف الجماعات التكفيرية لعناصر القوات المسلحة بالسيارات المفخخة يعتبر إفلاسا فكريا من جماعة الإخوان، وتأكيدا منها أنها انتحرت سياسيا وشعبيا، وإنه لم يعد أمامها شىء سوى إحداث الفوضى فى الشارع.
 
الحرب النفسية والمعنوية
 
والتقط أطراف الحديث، مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمنى اللواء مجدى البسيونى، مؤكدا أن وزارة الداخلية بصفة عامة وجهاز أمن الدولة بصفة خاصة مستهدفاً من جماعة الإخوان، وظهر ذلك واضحا فيما تعرضت له مقرات الجهاز من اقتحام على أيدى جماعة الإخوان وأتباعهم المسلحين فى 6 أكتوبر والإسكندرية وصولا إلى الجهاز الرئيسى للجهاز بمدينة نصر.
 
وأضاف أن جماعة الإخوان أثناء حكم مرسى حصلوا على معلومات عن العاملين بجهاز الأمن الوطنى أما بعد عزل مرسى يكفى هذه الجماعة معرفة اسم الضابط الذى يعمل بالجهاز، ويتكفلون بطريقة وأسلوب التخلص منه، وبدا ذلك فى محاولتهم اغتيال وزير الداخلية، واستهدافهم لضباط الأمن الوطنى أمثال النقيب محمد أبو شقرة والمقدم محمد مبروك.
 
ونوه البسيونى بأن سلسلة الاغتيالات متوقعة، ولن تنتهى فى هذه الفترة، لكن المؤكد أن المواجهة انعدمت لدى هذه الجماعات الإرهابية فأصبحت جرائمهم «خائبة» مثل اللجوء للسيارات المفخخة أو زرع لغم، مشددا على أنه مهما كانت الوقائع فهم فى تراجع ملحوظ إلى أن يتم تطهير البلاد بشكل كامل من البؤر والعناصر الإرهابية المتطرفة.
 
من جهته، رأى الخبير الأمنى اللواء محمد نجيب أن استهداف جماعة الإخوان والجماعات المتأسلمة والتكفيرية المتشددة لقوات الجيش والشرطة هو جزء من خطة هدم واستهداف مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى أنه انتقام من وزيرى الداخلية والدفاع تجاه تعاملهما الحاسم ضد هذه الجماعات المسلحة، مبينا أن الأجهزة الأمنية الآن تخوض معارك شرسة مع تلك الجماعات.
 
وأضاف أن استهداف عدد من الضباط العاملين بقطاع الأمن الوطنى هو نوع من أنواع الحرب النفسية والمعنوية التى تستهدف معنوية الضباط والمجندين، منوها بأن هذه العمليات تزيد من إصرار وعزيمة الأجهزة الأمنية وأفرادها فى حربهم ضد الإرهاب.
 
وطالب الخبير الأمنى بضرورة نشر كاميرات مراقبة على المحاور والشوارع الرئيسية والطرق الدائرية والميادين العامة للحد من الجرائم والمساعدة فى الوصول إلى مرتكبى الحوادث، مناشدا أصحاب المنازل والمتاجر وضع كاميرات من هذا النوع لمساعدتهم على حمايتها من ناحية ومساعدة رجال الشرطة على ضبط الخارجين من ناحية أخرى.
 
استئصال الإرهاب
 
من جانبه، أوضح الخبير الأمنى اللواء محمد زكى أنه بعد فشل جماعات العنف والإرهاب فى تحقيق أى مكسب على الأرض فى ظل إرادة شعبية نافذة يحميها رجال الجيش والشرطة سعى الإجراميون لتنفيذ مخططهم فى استهداف رجال الأمن بالتفجير والاغتيال.
 
وأضاف زكى أن الهدف مما يحدث من تفجيرات واغتيالات هو تشتيت جهود الأمن والقوات المسلحة حتى يتخلى المواطن عن مساندتهم، وهذا الأمر لن يحدث بعد ذلك بعدما تأكد المواطن وعلم جيدا أننا نعيش فى منظومة مقوماتها المواطن وقوات الأمن والجيش.
 
مطالبا بضرورة وجود رؤية مستقبلية واضحة تشارك فيها جميع مؤسسات الدولة من مؤسسات التنشئة التعليمية والأزهر والكنيسة والإعلام لاستئصال الإرهاب من جذوره.
 
إحباط مخطط التنظيم الدولىمن ناحيته، أفاد المتحدث الرسمى باسم وزارة الداخلية اللواء هانى عبد اللطيف بأنه وردت معلومات لقطاع الأمن الوطنى بقيام قيادات الجماعة الدولى لجماعة الإخوان مؤخرا بعقد اجتماع تم خلاله إقرار خطة التصعيد الإخوانى للعمليات العدائية داخل البلاد ضد قوات الجيش والشرطة، واستهداف المنشآت العامة والخاصة، وإثارة حالة من الذعر فى أوساط المواطنين للإيحاء للرأى العام المحلى والعالمى بعدم قدرة النظام القائم على إدارة شئون البلاد وتنفيذ خارطة الطريق.
 
وأضاف أنه تم رصد اعتزام المجموعة القيادية لجماعة الإخوان بالإسكندرية عقد لقاء جماعى بأحد أوكار الجماعة بدائرة قسم شرطة أول المنتزة لوضع آليات ومحاور تنفيذ المخطط المشار إليه.
 
وأوضح عبد اللطيف أن المحاور الرئيسية لهذا المخطط تعتمد على توسيع قاعدة ما يسمى بـ(تحالف دعم الشرعية) بما يحقق اشتراك أكبر شريحة ممكنة من التيارات الأخرى فى التحركات الإثارية لإرباك أجهزة الدولة، واستمرار الفعاليات فى الجامعات والمدارس وتصعيدها بهدف تعليق الدراسة وإرباك النظام.
 
وخلص إلى القول إن وزارة الداخلية تؤكد إصرارها فى المضى قدما لأداء واجبها فى حماية الوطن والتصدى للبؤر الإجرامية والإرهابية والخارجين عن القانون بكل حزم وقوة ووفقا لأحكام القانون فى ظل محاولات البعض منهم النيل من الاستقرار الداخلى وزعزعة أمن البلاد.