الإثنين 10 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عفوا.. الأقباط لن يقاطعوا الدستور

عفوا.. الأقباط لن يقاطعوا  الدستور
عفوا.. الأقباط لن يقاطعوا الدستور


نعم للكوتة.. لا للكوتة.. معركة دارت فى كواليس لجنة الخمسين أثناء مناقشة موقف الأقباط والمرأة والشباب من الانتخابات البرلمانية المقبلة إلا أن الموقف فيما يتعلق بالأقباط، تحديدا كان الأكثر جذبا للأضواء خاصة مع ما ردده البعض بأن الأقباط سوف يقاطعون الاستفتاء على الدستور إذا لم يتم النص فيه على تخصيص كوتة لهم بالبرلمان وخرج علينا أكثر من شخص يتكلم عن الأقباط وكأنه المتحدث الرسمى باسمهم مع أنه لا يملك توكيلا منهم.
 
ورغم أن قداسة البابا تواضروس بحكمته المعهودة أعلن أنه لا يفضل وجود كوتة للأقباط لأنها تحمل نوعا من التمييز لا يتناسق مع فكرة المواطنة التى يطالب بها الجميع وينص عليها الدستور لكن هناك من يصر على تفجير قضية الكوتة وإشعالها وهم لا يدرون أنهم بذلك يحولون الأقباط إلى مواطنين درجة ثانية يحتاجون إلى تمييزهم دستوريا فى وقت نريد فيه جميعا ألا يكون هناك أى نوع من التمييز على أساس الدين انطلاقا من أن الوطن يجب أن يكون وطنا للجميع بالدستور والقوانين والأفعال وليس بالشعارات وأن الكل يجب أن يتساوى فى الحقوق والواجبات أيضا بالدستور والقوانين والأفعال وليس بالشعارات.
 
صحيح هناك مشاكل تواجه الأقباط ويحتاجون إلى من يثيرها ويعبر عنها داخل البرلمان وصحيح هناك تمييز يمارس ضدهم أحيانا هنا أو هناك، لكن المؤكد أيضا أن هناك حلولا كثيرة أكثر حكمة وذكاء من فكرة الكوتة وإلا سنعود إلى زمن كانت فيه الكوتة للأقباط نوعاً من التوازن للشكل الاجتماعى المصرى أمام العالم وكان اختيار بعض القيادات فى المناصب ذات الأضواء يخضع للكوتة والتقسيم وليس إلى مبدأ الكفاءة الذى نريد أن نرسيه فى مجتمعنا.. وحتى نصل إلى مرحلة يتم فيها انتخاب عضو البرلمان أو حتى تعيينه حسب كفاءته وليس حسب دينه أو جنسه أو لونه فإننا لابد أن نرسخ لمبدأ المواطنة ونحذف من قاموس حياتنا كل ما من شأنه أن يميز هذا عن ذاك.
 
والتاريخ البرلمانى يؤكد أنه قبل أن يتسلل إلى جسد المجتمع خلال السنوات القليلة الأخيرة سرطان التمييز فى الانتخابات حسب الدين كان هناك أقباط يفوزون فى الانتخابات البرلمانية بأصوات المسلمين وفى المقابل كان هناك ناخبون أقباط يمنحون أصواتهم لمرشحين مسلمين رغم أنه كان فى المنافسة مرشحون أقباط.. وكل هذا كان يحدث لا لشىء سوى لأن الكفاءة والقدرة على العمل والعطاء كانت الأعلى صوتا.
 
المؤكد أننا جميعا ننشد الوصول إلى مواطنة حقيقية لا تعرف التمييز على أى أساس سواء كان الدين أو الجنس أو اللون.. هذا التمييز البغض الذى يعانى منه البعض فى مصر ولا سبيل للقضاء عليه سوى بوضع قوانين تجرمه بكل أشكاله أو على الأقل تفعيل القوانين الموجودة والتى تعاقب على مثل هذا التمييز.
 
الغريب فى الأمر أن من نصبوا أنفسهم متحدثين باسم الأقباط أعلنوا أن الأقباط سوف يقاطعون الدستور وهو أمر لا يمكن المطالبة به فى وقت حرج تمر به مصر، خاصة أن هناك من أخذ مثل هذا الموقف وفسره بأشكال تخدم هواه.. فادعى البعض أن الأقباط يطالبون بثمن مساندتهم لثورة 03 يونيو وهناك من روج أن مقاطعة الدستور ورقة ضغط على النظام فى مصر للحصول على مكتسبات وغيرها من التفسيرات التى من شأنها إشعال النار فى وقت نحتاج فيه جميعا إلى السلم الاجتماعى أكثر من أى وقت مضى، وحسنا حسم قداسة البابا الأمر برفضه فكرة الكوتة وهو بذلك يرفض أيضا فكرة مقاطعة الدستور المرتبطة بالكوتة.. وأتذكر أيضا كلمات لقداسة البابا شنودة قال فيها وهو يوجه خطابه للأقباط أيام انتخابات برلمانية سابقة انتخبوا من ترونه كفؤا، فهناك مرشحون مسلمون يهتمون بأموركم أكثر مما تهتمون أنتم بها، وهذه هى مصر التى عشنا فيها والتى نعرفها جيدا ولذلك هى كلمة لكل من ينصبون أنفسهم متحدثين رسميين عن الأقباط، عفوا الأقباط لن يقاطعوا استفتاء الدستور، فالأقباط خرجوا من دائرة الصوت الأحد وأصبح لهم كغيرهم من المصريين آراء مختلفة.. وربما تكون هناك اعتراضات على بعض المواد، خاصة ما يتعلق بهوية الدولة، وهنا فالحل ليس المقاطعة وإنما إبداء الرأى من خلال التصويت بنعم أو لا.. فليس معنى المشاركة أن كل الأقباط سيصوتون بنعم وإنما لابد من المشاركة فى النهاية أيا كان اختلاف الآراء لأن المقاطعة السلبية أثبتت من قبل أنها لا تأتى بأى نتيجة، حتى من يرون أنه لابد من كوتة فى المرحلة الحالية فلا أحد فى النهاية يملك مصادرة رأيهم، لكن لابد من التعبير عنه ولذلك الأقباط سيشاركون فى استفتاء الدستور ولن يقاطعونه، لأنه لم يعد هناك متحدث رسمى باسمهم فيما يتعلق بآرائهم السياسية.