الأحد 7 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

12 مليار جنيه خسائرنا سنويـا مـن حالـة المرور

12  مليار جنيه خسائرنا سنويـا مـن حالـة المرور
12 مليار جنيه خسائرنا سنويـا مـن حالـة المرور


رغم تعاقب الأنظمة والحكومات لا تزال أزمة المرور عرضا مستمرا فى جميع المحافظات وخاصة القاهرة الكبرى، ويبدو أنها تستعصى على الحل بعدما تحولت كل أوقات اليوم إلى ساعات ذروة، ولا أحد يدرى حتى الآن ما السبب الحقيقى وراء هذه الأزمة التى تفاقمت حتى باتت أرق المواطنين الدائم؟.. وهل فشلت الحكومة فى حلها؟.. وما أثر الجلطات المرورية المزمنة على الاقتصاد؟.. وما إجراءات الإفاقة العاجلة للتخلص من كابوس التكدس والازدحام اليومى؟.. «صباح الخير» تفتح أوراق الملف المرورى للإجابة عن هذه التساؤلات الصعبة من خلال عدد من المسئولين والخبراء المعنيين.
 
∎ أزمة طاحنة
 
فى البداية قال الخبير المرورى اللواء يسرى الروبى: إن مصر تعد أكبر دولة فى العالم تعرضا للتكدس المرورى وحوادث الطرق، كما أن المصريين يمضون ربع حياتهم فى المواصلات بسبب ذلك الازدحام اليومى الشديد الذى تشهده جميع المحافظات وخاصة محافظات القاهرة الكبرى، واصفا محافظة القاهرة تحديدا بأنها أصبحت «جراج كبير» يعطل حياة المواطنين ويكبد الاقتصاد خسائر كبيرة.
 
وأضاف أن الطرق فى مصر صنفت ضمن الأقل كفاءة، والأكثر خطورة وفوضوية، لافتا الانتباه إلى أن تكلفة إنشاء الكيلو متر الواحد من الطرق تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين جنيه، وتحتاج الصيانات السنوية سبعة مليارات جنيه على مدى عشر سنوات فى حين أن المتاح منها 002 مليون جنيه سنويا من الاحتياجات فقط.
 
وكشف الروبى عن أن الطريق الدائرى صمم بطريقة خاطئة، فضلا عن عدم تجهيزه بطرق جانبية للمساعدة، وعدم تجهيزه بما يسهل عبور المشاة، لذلك لا تستغرب عندما تعلم أن مصر تخسر 00521 قتيل و06 ألف مصاب سنويا بسبب سوء تصميم هذا الطريق.
 
وأوضح أن سبب الأزمة المرورية الطاحنة هو عدم تعامل الحكومة مع الأزمة بشكل علمى، فضلا عن غياب التخطيط العمرانى والتكدس السكانى المبالغ فيه، وسوء التوزيع الجغرافى، وزيادة أعداد السيارات الخاصة.
 
وقال الروبى إن المطلوب فقط لحل أزمة المرور تنفيذ الحلول العلمية والمعروفة لدى عدد من خبراء المرور على أرض الواقع بعيدا عن الأساليب غير العلمية، مبينا أن هناك عددا من الحلول التى يمكن أن تساعد فى حل الأزمة المرورية التى يعانى منها الجميع، من بينها ضرورة تطوير قانون المرور ليناسب الحلول، وتطوير التعليم القيادى، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتطبيق قانون المرور بشدة وحزم على الجميع دون تمييز، فضلاً عن الاهتمام بالهندسة المرورية وتطويرها.
 
ونوه الخبير المرورى أن هذه الحلول لكى يتم تطبيقها لابد من توافر المعلومات المرورية الجيدة والتدريب والتعليم والتوعية، مشددا على أن أحد أبرز أسباب تفاقم المشكلة المرورية هو عدم الالتزام بالتدرج فى الحلول والاكتفاء فقط بعنصر التوعية، وهو أمر غير كاف بكل تأكيد لحل المشكلة.
 
وخلص إلى القول إن هذه الحلول بالتأكيد مهمة للغاية وذات جدوى، ولكن هناك فارقا كبيرا بين معرفة الحلول والقدرة على تطبيق هذه الحلول على أرض الواقع.
 
∎ حلول مبتكرة
 
من جانبه، رأى الخبير المرورى سيد شعيب أن الاختناقات المرورية التى تسبب معاناة المصريين اليومية سببها كثرة عدد السيارات بالشوارع بما لا يتناسب مع مساحتها، بالإضافة إلى وجود الوزارات والمؤسسات الخدمية فى مكان واحد.
 
وأضاف أنه يجب قبل حل مشكلة المرور دراسة الحركة النقلية عن طريق تطبيق هندسة تخطيط النقل والبحث فى التوسع الرأسى فى المبانى الذى يتسبب فى إحداث أزمة مرورية.
 
وعن تأثير أزمة المرور على المصريين صحيا، أفاد شعيب أن الأزمة المرورية تؤدى يوميا إلى زيادة زمن الرحلة وانخفاض الجهد البدنى وقلة إنتاجية العمل، مقابل زيادة معدل استهلاك الوقود فضلا عن الاكتئاب النفسى والصداع وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى تأخر وصول الخدمات العاجلة مثل الإسعاف والمطافئ مما يعرض حياة الكثيرين للخطر.
 
وبشأن التأثير الاجتماعى لهذه الأزمة، أوضح الخبير المرورى أن متوسط صوت الضوضاء التى يتعرض لها الطلاب داخل الفصول نتيجة الأزمة المرورية يؤدى إلى عدم استيعاب الطلاب وعدم قدرتهم على الإبداع والابتكار، وبالتالى رسوبهم فى الدراسة.
 
ونوه شعيب بأن أزمة المرور فى مصر لا تحتاج إلى حلول تقليدية لكنها تحتاج إلى حلول مبتكرة وحديثة، مشددا على أن هذه الأزمة لن تجد طريقها للحل إلا ببذل رجال الشرطة والمرافق مزيداً من الجهد لمنع التعديات، وإعطائهم الصلاحيات الكاملة لضبط المرور فى الشارع، وعمل دراسات متخصصة لتحديد أماكن وقوف الميكروباصات وأماكن انتظار السيارات بعيدا عن نهر الطريق أو دورانات الطرق.
 
وأعرب الخبير المرورى عن قناعته بأن أزمة المرور فى مصر أزمة عامة، والتشريع وحده لا يكفى لحلها، وبالتالى هناك حاجة ملحة إلى ثقافة مرورية جديدة ونشر الوعى بها لدى جميع المصريين، خاصة أن الغرامة مهما بلغت قيمتها لا تمنع المواطنين من ارتكاب المخالفات.
 
∎ معضلة مرورية
 
وعلق مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة اللواء حسن البرديسى قائلا: لا خلاف على أننا لدينا معضلة مرورية فى مصر عمرها 30 عاما ولها أسباب قديمة وليست جديدة، لافتا الانتباه إلى أن جميع مسئولى المرور يهاجمون يوميا بسبب هذه الأزمة، بل يدفعون ضريبة أعوام عديدة مضت.
 
وأضاف أن محافظة القاهرة فقط يسير بها 1800 سيارة يوميا، وهناك عجز فى أماكن انتظار السيارات يقدر بنحو 600 ألف مكان، لافتا الانتباه إلى أنه تم تحرير مليون و 600 ألف مخالفة مرورية خلال العام الماضى.
 
وتابع قائلا: عندما قمنا بتحليل المخالفات المضبوطة، وجدنا أن هناك مخالفات أثرت بشكل مباشر على حركة المرور وإعاقته وكانت نسبتها 97 بالمائة، وللأسف الشديد أن أغلب هذه المخالفات المرورية ترجع إلى سلوك المواطن الخاطئ وكان من الممكن تجاوزها، وبالتالى فإن حل أزمة المرور مرهون بتغيير السلوكيات المرورية السلبية.
 
وكشف البرديسى أن محافظة القاهرة تتكبد خسائر بنحو 12 مليار جنيه سنوياً بسبب الاختناقات المرورية وحرق البنزين فى الإشارات المرورية، والمليارات التى تصرفها الدولة على دعم هذا الوقود، فضلا عن خسائر السياحة والاستثمار وتدهور الصحة العامة بسبب المحروقات الملوثة للبيئة وحرقة الدم إلى جانب الخسائر فى الأرواح البشرية.
 
وقال مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة: للأسف لا يوجد طريق واحد فى مصر مطابق للمواصفات العالمية من حيث تجهيزه وقوة تحمله وسلامة رصفه وسلامة إنارته وسلامة تخطيطه وطبقات الرصف نفسها بها مشاكل، مشيرا إلى أن مصر قفزت فى العشر سنوات الأخيرة إلى المركز الأول فى عدد حوادث الطرق حتى أن 6 آلاف واحد يموتون كل عام بسبب ذلك.
 
وعن الحلول الواقعية للقضاء على الأزمة المرورية المتردية التى وصلنا إليها، شدد البرديسى: لابد أن نعلم أولا أن هناك ثلاثة أسس للمنظومة المرورية، أولها الطريق وثانيها الفرد أو السلوك الإنسانى وثالثها المركبة، أما دور رجل المرور فهو تنظيمى وليس تسيير حركة السيارات بالإشارة أو شد العربات (الراكنة).
 
وأوضح مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة أن الحل الأول فى يد المواطن الذى يرتكب نفس المخالفة التى يشكو منها ما لم يجد رقيبا، أى يجب أن تتغير سلوكيات المواطن السيئة التى يرتكبها فى الشارع سواء السير عكس الاتجاه أو الانتظار الخاطئ أو تعدى السرعة المقررة، معربا عن اعتقاده أن التزام المواطن بعدم القيام بمثل هذه السلوكيات الخاطئة يشكل نسبة كبيرة للغاية من حل المشكلة.
 
واختتم حديثه بقوله: إن الطرق التقليدية لن تحل أزمة المرور فى مصر، وبالتالى فإن الحل الثانى يتمثل فى الاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة، لذلك تم رصد 300 مليون جنيه لتطوير وإعادة تخطيط الشوارع والإشارات ورفع كفاءة كاميرات المراقبة الخاصة بمرور القاهرة.
 
∎ المظاهرات وإصلاحات الكبارى
 
والتقط أطراف الحديث مدير الإدارة العامة لمرور الجيزة اللواء سعيد طعيمة بقوله: إنه لا أحد يستطيع أن ينكر مسألة وجود اختناقات مرورية فى مصر بسبب السلوكيات الخاطئة والإصلاحات التى كانت تتم فى بعض الكبارى ومازالت موجودة، بالإضافة إلى بعض المظاهرات التى تعطل حركة المرور.
 
وأضاف: لا أفضل العمل بعشوائية لذلك بمجرد أن استلمت مهام منصبى كمدير لإدارة مرور الجيزة وضعت خريطة محافظة الجيزة نصب عينى، وتم حصر المحاور ذات الكثافة المرورية العالية، وتم وضع خطط مدروسة قريبة المدى، وأخرى بعيدة المدى لتخفيف هذه الكثافات المرورية والقضاء عليها على مستوى المحافظة.
 
وأوضح طعيمة: أنه تم الانتهاء من حل المشكلة المرورية الخاصة بميدان النهضة وجامعة القاهرة بعد تخطيطها على أحدث مستوى عالمى فى التخطيط، وهناك مشكلة مرورية نهاية شارع التحرير مع شارع السودان (كوبرى الخشب) تم عمل رسومات هندسية وتم عرضها على محافظ الجيزة الدكتور على عبدالرحمن ومدير أمن الجيزة اللواء كمال الدالى ونالت إعجاب الاثنين، ومع تنفيذ الخطة الجديدة سيتم حل المشكلة نهائيا.
 
وعن المشكلة المرورية بمنطقة المريوطية، أفاد مدير الإدارة العامة لمرور الجيزة: إن ما يقرب من 0021 عربية تجمعت قبل الثورة فى موقف عشوائى فعطلت حركة المرور، لكن تم تخصيص مساحة أرض لنقلها إليها، فضلا عن افتتاح وحدة مرورية جديدة فى منطقة المريوطية للمساهمة فى حل أزمة المرور من خلال التنسيق المستمر مع محافظ الجيزة.
 
وكشف طعيمة: هناك مواقف عشوائية تعوق حركة المرور فى نهاية شارع الهرم ونهاية شارع فيصل وميدان الرماية من ناحية، وتدفع السائقين لارتكاب المخالفات من ناحية أخرى، لذلك عرضنا على محافظ الجيزة ومدير أمن الجيزة تخصيص ترعة المنصورية التى تم ردمها وعمل مجمع مواقف للسيارات بها.
 
ولفت الانتباه: القوات المسلحة تساهم فى إقامة 3 كبارى علوية فى أرض اللواء وبشتيل والبدرشين لحل الأزمة المرورية كما أن محور أحمد عرابى الذى تم افتتاحه فى الفترة الأخيرة أسهم بشكل ملموس فى حل أزمة المرور.
 
وخلص إلى القول: إن الإدارة العامة لمرور الجيزة تسعى فى الفترة الأخيرة إلى إعادة الانضباط المرورى للشارع من خلال رفع السيارات التى تعوق حركة المرور، والإشغالات والباعة الجائلين، وكذلك الدراجات البخارية التى تسير دون لوحات معدنية، وضبط كل أشكال وصور المخالفات المرورية، خاصة عكس الاتجاه، وتحقيق أقصى سيولة مرورية فضلا عن تعزيز الخدمات المرورية، وإخضاع مواقف «السرفيس» للسيطرة الأمنية بالتنسيق مع الأجهزة المعنية.