الجمعة 1 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أمريكا فى زمن كورونا.. وكان يا ما سيكون!!

ما شاهدناه خلال الأسابيع الماضية وما نشهده حاليًا بسبب كورونا مخيف ومقلق ومحير أيضًا. وبعيدًا عن المبالغات  والشائعات  وسيناريوهات الكوارث المتلاحقة، فإن كورونا صار يحاصرنا.. ويحاصر حياتنا وخطواتنا وتفكيرنا وخوفنا وقلقنا. هذا ما اعترف به علنا أغلب المراقبين للمشهد الأمريكى. الفريق الرئاسى الخاص بالتعامل مع هذه الأزمة بكل تحدياتها والذى شكله الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بقيادة نائب الرئيس مايك بنس، أعلن خطوات تم اتخاذها على كل المستويات بالولايات الأمريكية من أجل مواجهة كورونا وتبعاته.



 

 

كورونا هو الخبر الأول والخبر الرئيسى مع بداية شهر مارس 2020.. وهو الحديث الرئيسى والحديث الأهم فى اللقاءات العامة فى العاصمة الأمريكية. 

 

لم يكن بالأمر الغريب أن نجد الصحف الأمريكية الكبرى تخصص من 3 إلى 5 صفحات يوميا (وأحيانا أكثر) للحديث المسهب والعميق عن الحدث الكبير والخطير.. متابعة صحفية لأداء الفريق الرئاسى الخاص ومحاولاته للتعامل مع هذا الحدث ـ صحيًا وإعلاميًا وسياسيًا. تقارير مطولة وبالتفاصيل من كل بقاع العالم ومن جميع المراكز العلمية والطبية والصحية على امتداد العالم لرصد حركة الوباء وعدد الضحايا، بالإضافة إلى  إمكانية التعامل معه ـ لمحاصرته والتقليل من ضحاياه. وفى هذا السياق قرأنا وسمعنا عن معامل ومراكز علمية تابعة للبنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) تعمل من أجل إيجاد الدواء والشفاء. وأيضا تابعنا سباقًا على قدم وساق بين شركات البيوتكنولوجيا وصناعة الدواء من أجل التوصل لدواء أو مصل لكورونا.

 

كورونا وجهًا لوجه

 

الوباء الذى اجتاح العالم بسرعة مخيفة بدأ يتسلل وينتشر بشكل أكبر إلى الأراضى الأمريكية. مع نهاية يوم الاثنين ـ 2 مارس 2020 عرف الأمريكيون أن عدد حالات كورونا التى تم رصدها وعزلها فى العالم تجاوز 90 ألف حالة وفى أمريكا نفسها زاد عن مائة حالة. وقد شهدت ولاية واشنطن ـ فى الغرب الأمريكى ست حالات وفاة!!.  إنه حديث الحاضر والمستقبل. وحديث العالم كله.. وحديث أمريكا بالطبع.

 

ووسط المتابعة الصحفية المكثفة تمت الإشارة إلى أن شركة مودرنا وشركة جيلياد قد قطعتا أشواطًا كبرى وحيوية للوصول إلى مصل واقٍ ودواء رادع لكورونا وأعراضه. مثل هذه الخطوات مع الإعلان عنها يتم التعامل بحذر معها ـ لا أحد يستطيع أن يتحدث بحسم عن جدوى المصل المنتظر أو الدواء المأمول! وإن كان يستطيع أن يتحدث عن خطورة كورونا وانتشاره.

 

ولأن أمريكا تعيش عام الانتخابات الرئاسية فإن كل شيء له صلة ما بشكل أو آخر مع اختيار الأمريكى لرئيسه القادم. لذا أتى كورونا ليكون جزءًا من الصراع والصدام السياسى الدائر على امتداد البلاد. الرئيس ترامب فى البداية ربما هون من أمر كورونا إلا أنه مع تفشيه وما نتج عنه من تأثير سلبى فى الأسواق المالية لم تشهده أمريكا منذ عام 2008 ـ  نزل ترامب الملعب السياسى والإعلامى لكى يقوم باحتواء الأزمة واستعمال نفوذه الرئاسى  السياسى من أجل كسب اهتمام وثقة الإعلام والرأى العام. الصحف الأمريكية الكبرى وهى تتناول تعامل البيت الأبيض مع كورونا حرصت على التذكير ـ بأن توجه إدارة ترامب فى السنوات الأخيرة كان تخفيض الأموال المخصصة لجهات علمية وصحية كانت ولاتزال تقوم بدور رئيسى فى إجراء الأبحاث الخاصة بمواجهة الأوبئة والأمراض. ومنها CDC مركز مكافحة الأمراض. كما أن مايك بنس ـ نائب الرئيس والقائد الحالى للفريق الرئاسى المعنى بكورونا معروف عنه تمسكه الشديد بعقيدته الدينية لدرجة أنه لا يؤمن غالبا بدور العلم فى مواجهة الأمراض!! حديث شائك ومعقد تناولته بجدية بعض الصحف الكبرى بذكر تفاصيل حياة بنس ومواقفه المتناقضة فى مواجهة الإدمان والإيدز على سبيل المثال. فى المقابل ووسط الأجواء السياسية الساخنة لم يتردد ترامب ورجاله فى توجيه اللوم للديمقراطيين على أساس أنهم يفعلون كل شىء من أجل تشويه صورة الرئيس ترامب كما أنهم يقومون بابتزاز الموقف العصيب الذى تمر به أمريكا فى زمن كورونا.

 

تبعات كورونا 

 

صحيفة وول ستريت جورنال فى متابعتها لعواقب كورونا ذكرت على صفحتها الأولى مؤخرا أن الفيروس أربك السياحة العالمية وخطوط التجارة وشبكات الإمداد الدولية.. ومن هنا اضطرت الشركات الكبرى إلى أن تقوم بإعادة النظر فى استثماراتها وهيكلة وظائفها لكى تتماشى أو تتواءم مع المتغيرات الجديدة التى تشكلت بسبب كورونا.

 

ما لفت انتباه مراقبى الأسواق  أيضا أن هناك تدفقًا جماهيريًا على بعض السلع والمستلزمات الحيوية للمستهلك الأمريكى على أساس وجود احتمال نقص أو انعدام هذه السلع من الأسواق ـ نتيجة لوقف الواردات الصينية والأسيوية من سلع أو مواد أولية. وبالتأكيد حركة السياحة من وإلى أغلب دول العالم تأثرت وسوف تتأثر أكثر فى الأسابيع والشهور المقبلة. أغلب السائحين والسائحات أعادوا أو سوف يعيدوًا النظر فيما يخص رحلات الربيع أو الصيف أيضًا. على أساس عدم وجود أى مؤشر بأن الوباء محاصر وسوف ينكمش مع مرور الزمن. بل على العكس تماما ـ مع صباح كل يوم جديد نسمع ونشاهد ضحايا جددًا للوباء المتفشى بلا حدود.

 

زمن كورونا الذى تمر به أمريكا ومعها العالم كله الآن هو زمن مليء بالمفاجآت الصادمة فى أغلب الأوقات. وعلينا أن نتابع ونراقب ونكتب هذا الزمن. زمن ستكون له تبعاته وعواقبه على السنوات المقبلة.

 

وحكاية أفغانستان

 

وماذا بعد الاتفاق مع طالبان!!

 

ما تم التوصل إليه من صفقة واشنطنية مع طالبان بخصوص أفغانستان قد يعد خطوة مهمة وضرورية، إلا أنه لا يعنى أبدا نهاية المطاف. أمريكا ستقوم بتخفيض عدد قواتها من 12 ألفًا فى الوقت الحاضر إلى 8 آلاف و600 جندى وبالإضافة إلى غلق خمس قواعد عسكرية حتى منتصف يوليو المقبل. على أن يتم سحب المتبقى من القوات الأمريكية فى مايو 2021.

 

الترحيب الحذر كان رد فعل أغلب الخبراء ـ وما أكثرهم ـ عما تم وتحقق بعد 19 سنة من غزو أفغانستان ومواجهات عسكرية بلغت تكاليفها بالنسبة لأمريكا ( كما تقول) نحو 2 تريليون دولار. حرب ودمار وخراب واستنزاف للأرواح والأموال جرت على أرض أفغانستان بدءا من 2001. أفغانستان دولةً وشعبًا فى حالة حرب لأكثر من 40 عاما وتعد حاليا أفقر دولة فى آسيا. بالمناسبة عدد القتلى من الجنود الأمريكيين فى حرب أفغانستان لم يتجاوز الـ2400 جندى على مدى عقدين من الزمن. بينما وصل عدد المصابين من الجنود الأمريكيين إلى 20 ألفا و660 جنديًا. وفى حساب الأرقام التى تم تقديرها من جانب جهات مسئولة أمريكية ودولية نجد أن الخسائر البشرية فى الجانب الأفغانى كانت كالتالى: أكثر من 65 ألف قتيل من قوات الأمن الأفغانية و72 ألفا من أفراد طالبان وأكثر من 38 ألفا من المدنيين الأفغان.

 

واشنطن ورطت نفسها فى حرب ضد الإرهاب والقاعدة والتطرف ـ (كما ذكرت) ودخلت أيضا فى متاهات بناء الدولة وابتزاز المليارات من الدولارات وحرب أهلية لا يعرف مصيرها أحد. واشنطن بالمناسبة فى وقت من الأوقات كانت تصرف نحو مليارين من الدولارات أسبوعيا (نعم أسبوعيا) من أجل أفغانستان والحرب فيها وعشرات آلاف من الجرحى والمرضى النفسيين.. وهذه الحرب (بلا معنى ـ فى نظر البعض) امتدت وأتت أيضا بحرب أخرى فى العراق!!