الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لم نصبح لسان السلطة فى مصر!

لم نصبح لسان السلطة  فى مصر!
لم نصبح لسان السلطة فى مصر!


 
لم تكن الصحف الخاصة منذ نشأتها معارضا حقيقيا لسلطة مبارك لسبب بسيط، وهو أن ملاكها من رجال الأعمال الذين كونوا ثرواتهم من خلال علاقاتهم الوثيقة بنظام مبارك وبتعبير عادل حمودة - قبل نحو 10 سنوات - فإنه لا يوجد رجل أعمال واحد يستطيع أن يفتح عينيه فى الحكومة لأن لحم كتافه من خيرها، لذلك فمن الجنون أن يتصور أحد أن رجال الأعمال هؤلاء أصدروا صحفا لتعارض نظام مبارك وتعمل على تغييره، فمعظم إن لم يكن جميع رجال الأعمال أصحاب الصحف الخاصة كانوا أصدقاء ولا نقول تابعين لحسنى مبارك وجمال مبارك وسوزان مبارك وزكريا عزمى وصفوت الشريف وأحمد عز وحبيب العادلى.
 
ولقد حاولنا سؤال عدد من المسئولين فى الصحف الخاصة عن ردهم على هذه الآراء فرفض البعض الإجابة مثل عادل حمودة رئيس تحرير الفجر ومحمد رضوان مدير تحرير المصرى اليوم وعدد آخر من مسئولى التحرير فى الجريدة ، ولكن البعض الآخر رد على السؤال.
 
فى البداية ينفى «أنور الهوارى» رئيس تحرير جريدة المصرى اليوم سابقا، أن تكون الصحف الخاصة أصبحت لسان حال النظام الحاكم، أو كانت يوما معبرة عن السلطة والحكومة، لكنها وبحسب تجربته فى المصرى اليوم جاءت معبرة ومقدمة لسلطة الصحافة نفسها، وليس للسلطة الحاكمة، وذلك عندما استخدمت المصرى اليوم، المهنية فى صناعة الخبر بل وتحويله إلى القصة الخبرية الحديثة مع كسر سلطة الدولة فى احتكار هذا الخبر، وتوظيف الصورة الصحفية وتطوير الإخراج الصحفى، لتلبية احتياجات القارئ الذى هو منتج الخبر ومستهلكه أيضا.
 
ويؤكد الهوارى، أنه بعد ثورة 25 يناير وإلى الآن، لم تعد هناك سلطة حاكمة أو حكومة بالمعنى الذى كان قبل الثورة، تتحسب لها الصحافة أو تخفيها لتكون لسان حالها!!
 
ولكنه لا يستبعد أن يحدث ذلك إذا اجتمعت مصالح أحد رجال الأعمال من مالكى إحدى الصحف الخاصة مع السلطة الحاكمة.. ولا ينسى الهوارى الدور المهم الذى لعبته ومازالت تلعبه الصحف والمؤسسات القومية بتغطيتها للأحداث خلال ثورة 25 يناير وما بعدها وإلى الآن، تلك الصحف والمؤسسات التى تجمعها مشكلات الصحافة المصرية من نقص فى الموارد المالية وارتفاع الضرائب وضعف قدرة القارئ على الشراء نتيجة لتردى الحالة الاقتصادية، وصعوبة تعيين المحررين، وهى ذات المشكلات التى تعانى منها أيضا الصحف الخاصة.
 
∎ صحافة دولة
 
 وأوضح عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق أن الصحافة الخاصة لن تكون بديلا عن الصحافة القومية «الحكومية»، ولكنه يطالب الصحف الحكومية ومؤسساتها التى تملك الكثير من الكفاءات الصحفية، أن تعمل على استعادة ما فقدته من شهرتها، وقدرتها التنافسية فى سوق الصحافة المصرية والعربية، وأن تبتعد عن سيطرة الحاكم والحكومة، كما كان يحدث قبل ثورة 25 يناير، وبعدها، سواء تحت حكم المجلس العسكرى، أو الرئيس السابق، أو تحت حكم الرئيس المؤقت الحالى.
 
ويرى حسين أن من مصلحة مصر أن يكون لديها صحافة قومية حقيقية، وليست صحافة حكومية، وأن تكون مفتوحة لكل الآراء والاتجاهات، ولا تتبنى آراء السلطة أو الحكومة، وتعمل وفق أسس قومية لتكون صحفا للدولة، وليست صحفا للحكومة، وألا تعتمد هذه المؤسسات على «شيك الحكومة آخر الشهر»، بأن تتحول الى شركات مساهمة مملوكة للعاملين بها، لتكون ممثلة للشعب.
 
وعن رأى البعض فى كون الصحافة الخاصة لسان حال الحكومة والسلطة الآن، يقول عماد الدين حسين: إن كل صحيفة تتبنى سياسة تحريرية خاصة بها، ولكن الاختلاف يأتى فى طريقة المعالجة، وأزعم أننا فى جريدة الشروق، نكون صوتا لكل الآراء والاتجاهات، سواء الحكومة أو المعارضة، ونسعى لتطبيق المعايير المهنية، لأنها هى التى تعصم الصحيفة من أن تكون تابعة للدولة أو مع الحكومة، سواء كانت الحكومة إخوانية أو غير ذلك.
 
∎ مشاكل مالية
 
أما محمود بكرى، رئيس تحرير تنفيذى لجريدة الأسبوع، فيقول إن الصحافة الخاصة لم ولن تحل محل الصحافة القومية، بدليل أن الصحافه الخاصة، ثبتت على ذات موقفها، بعد ثورة 25 يناير، وتمثل ذلك فى معارضتها لنظام حكم الإخوان، ورئيسها المعزول، جراء التعارض فى السياسات العامة والخاصة، وطالبت مرارا بتغيير الأوضاع الشاذة والكارثية التى عانى منها الشعب المصرى، وعندما تدفقت الجماهير فى 30 يونيو، أدركت الصحف الخاصة والصحف القومية مسئوليتهما تجاه الوطن والمواطن لدعم مؤسسات الدولة فى تلك اللحظة.
 
وهو ما فسره البعض بأن الصحف الخاصة أصبحت تعبر عن لسان حال الدولة والحكومة وابتعدت عن الموضوعية والرأى والرأى الآخر، التى تميزها عن القومية، ولكن التقارب الذى حدث بينها وبين الصحافة القومية، جاء تعبيرا عن مطالب الشعب المصرى كما يوضح بكرى، ويضيف قائلا: أنا لا أرى الصحف الخاصة قد انحرفت عن مسارها المهنى، بعد ثورة 25 يناير، ومرورا بثورة 30 يونيو، بغض النظر عن تباين الحكام أو الحكومات.
 
ويرى بكرى أن الصحافة المصرية - الخاصة والحكومية - تكمل بعضها بعضا، ويرجع عدم قدرة بعض إصدارات المؤسسات القومية، على المنافسة فى سوق الصحافة إلى كونها عانت ومازالت تعانى من اختلالات فى هياكلها المالية بسبب تراجع حركة السوق من جهة وضعف الإعلانات من جهة أخرى، بالإضافة إلى ما يعانيه المجتمع من فساد وتراجع معدلات الأداء الاقتصادى، فهى أزمة مجتمع، وليست أزمة صحافة، باستثناء صحافة رجال الأعمال، التى ينفقون عليها بعيدا عن حسابات الربح والخسارة ونسب التوزيع.