الثلاثاء 25 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ختــان البنـات.. آلام وأوهـام ومخدرات فى فراش الزوجية!

ختــان البنـات.. آلام وأوهـام ومخدرات فى فراش الزوجية!
ختــان البنـات.. آلام وأوهـام ومخدرات فى فراش الزوجية!


وسط جمع كبير من المهتمين بقضايا الصحة والتنمية والأطفال وعلماء الدين، وقف مفتى الديار المصرية السابق د. على جمعة ليتحدث كأب لبنات وجد لحفيدات، ليقول «أنا كولى أمر لما أسمع ان نسبة الختان كانت 97٪، وبقت 91٪، هاقول يعنى أننا بننفخ فى قربة مقطوعة، لكن لما أسمع أن النسبة بقت 50٪ هأشم نفسى.
 
بهذه الكلمات العفوية، لمس فضيلة المفتى، مشاعر الكثير من الآباء والأمهات، ووضع يده على مشكلة تأخر صدور البيانات الموثقة حول موضوعات تهم الأسرة المصرية، وعلى الطريقة التى تعلن بها نتائج الأبحاث الصحية وتأثيرها على اتخاذ قرار عدم ممارسة ختان الابنة.
هذا الكلمات جاءت ضمن احتفال جامعة الأزهر الشريف، بإصدار كتاب بعنوان «ختان الإناث بين المغلوط علميا والملتبس فقهيا»، بالتعاون مع المجلس القومى للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، للرد على أسئلة واستفسارات الناس حول هذه الممارسة.. وتضمن الكتاب الذى جاءت صياغته فى شكل سؤال وجواب، تفاصيل صحية وشرعية ونفسية عن تأثير ختان الإناث على العلاقة الزوجية، بتفاصيل قد يقرؤها الكثيرون لأول مرة.
 
الاحتفال حضره رئيس جامعة الأزهر، د.أسامة العبد، ومفتى الديار المصرية السابق، د. على جمعة، ومدير مكتب الأمم المتحدة بالقاهرة، فيليب دومال، وسفراء لدول عربية وإسلامية، وممثلون عن وزارات الصحة والتربية والتعليم والتعليم العالى، وعدد من المهتمين بمحاربة هذه العادة من الحكوميين والمجتمع المدنى.
 
يتضمن الكتاب، الذى يقع فى 50صفحة من القطع المتوسط، معلومات أساسية عن ختان البنات المعروف طبيا باسم تشويه أو بتر الأعضاء التناسلية للأنثى، والجوانب الشرعية والطبية والقانونية لهذه الممارسة، كما يرد على الأفكار التى تروج منذ آلاف السنين - ولا تزال - لتأييد هذه الممارسة.
 
يوثق الكتاب لبداية تناول هذه القضية فى العصر الحديث، منذ كتب الشيخ رشيد رضا فى مجلته المنار عام 1904، ومرورا بقرارات وزارة الصحة التى منعت هذه الممارسة منذ الخمسينيات، وانتهاء بفتوى دار الإفتاء المصرية ومجمع البحوث الإسلامية ومشيخة الأزهر، بعدم جواز ختان البنات، منذ 2007، والتى كانت سببا فى تجريم هذه العادة بمادة فى قانون العقوبات فى عام 2008.
 
وقال مدير المركز الدولى الإسلامى للدراسات والبحوث السكانية بجامعة الأزهر، د. جمال أبوالسرور، أستاذ أمراض النساء بالجامعة، إن الكتاب راجعه وقدم له د.أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق، ود. عبدالله الحسينى وزير الأوقاف ورئيس جامعة الأزهرالأسبق رحمه الله، ود. على جمعة مفتى الديار المصرية السابق.. وأشار أبوالسرور إلى أن نسبة ممارسة ختان الإناث فى مصر، هى حوالى 91٪ بين السيدات المتزوجات فى المرحلة العمرية من «15-45» حسب المسح الصحى السكانى الأخير لعام 2008، بعد أن كانت 97٪ عام 1997، لكنها انخفضت بين الفتيات فى السن من 15-17 سنة، إلى 67٪ عام 5002، ثم إلى 74٪ عام 2008.
 
لكن أكثر المشاكل التى تواجه جهود محاربة ختان البنات هى انتقال ممارسته من الدايات وحلاقى الصحة، إلى الأطباء، فيما يعرف بظاهرة تطبيب الختان، فارتفعت نسبة الممارسات التى تجرى على يد الأطباء من 55٪ عام 1995 فى مصر إلى 72٪ عام 2008.
 
∎ الفهم الخاطىء للشريعة
 
وقال د. أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر، أن البعض اتهم الأزهر بأنه لم ينكر هذه الممارسة إلا بعد أن أنكرتها المنظمات الدولية، وهذا غير صحيح، فقد تحدث العلماء فى هذا الموضوع منذ سنوات بعيدة، ومنهم من أيد ومنهم من عارض، لكن الحكم على الشىء جزء من تصوره، وتصور هذه العادة عند علماء الطب، الذين يقرون بضررها، والحديث الشريف والقاعدة الفقهية تقول «لاضرر ولا ضرار».
 
ويوضح مفتى الديار المصرية السابق د. على جمعة، أن استمرار ممارسة هذه العادة يدل على فهم خاطىء للشريعة، وعن ادعاءات باطلة تخالف الواقع والعلم، ففى أواخر العشرينيات ظهرت دعوات طبية لمنع الختان، لكن صوتها كان ضعيفا لا يصل للآذان، فى الوقت الذى كان يتحرك فيه المجتمع لمنع المسكرات وإغلاق بيوت الدعارة.
 
وفى عام 1950 أصدرت مجلة الدكتور فى عددها ملحقا نادرا جدا، لأن أعداد المجلة تحفظ فى مجلدات ولا تضاف إليها الملاحق، كتبه العلماء الأكابر، يحذرون فيه بصورة شديدة تكاد تكون غير مسبوقة من عادة الختان، ودعوا علماء الدين الى أن ينبذوا مجتمعين هذه العادة، ويحكموا بحرمتها وبوجوب الابتعاد عنها.
 
فعلماء الشرع لديهم منهج فى التفكير وقواعد، ويبحثون عن حقائق الاشياء، ويريدون ألا يحاسبوا عن خطأ ارتكبوه أمام الناس.. وصدرت مجلة الأزهر، لتبين رأى كبار العلماء فى هذا الموضوع، كان ملخصه أننا أمام دعوة لتجريم فعل مصيبة، وطالبوا الأطباء، طبقا لقوله تعالى «اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، بأن يتفقوا على سوء هذا الفعل، وعلى ضرره وجرمه، وأن يكون الانفاق قد صدر عن أبحاث طبية، وليس عن وجهة نظر فى الحياة والكون.. وتبين بعد ذلك بإجماع الاطباء أنها عادة ضارة، خبيثة لا تتواءم مع شريعتنا، وفى عام 1954، أصدرت وزارة الصحة قرارا بتجريم الختان فى المستشفيات الحكومية وعند الأطباء المرخص لهم بالجراحة، بناء على رأى لجنة ضمت من العلماء إسماعيل عبدالنبى وسيد سابق.. ويتابع د. على: وأنا أقول بحرمة ختان الإناث، وبأنه جريمة، ومن مارسه وجب عليه القصاص، لأنه اعتدى على جسد بشرى، «والجروح قصاص»، وعندما قال الحنابلة أنه مكرمة، قصدوا أنه ليس له علاقة بالشرع، وليس فى الأحكام الدينية الخمسة كلمة مكرمة، أى اذهبوا واسألوا الأطباء، وهناك بلاد اسلامية واسعة لا تأخذ به، ولو عاشوا لعصرنا لاتفقوا على تحريم الختان، لأنهم وقفوا عند علوم عصرهم.
 
∎ مصالح المجتمع الذكورى
 
ويقول د. عز الدين عثمان، رئيس جمعية أطباء النساء والتوليد، ممارسة ختان الإناث كانت تمارس فى أوروبا، لكنها توقفت، وبقيت فى أفريقيا، لأن الأوروبيين كانوا يعتقدون أن هذه الممارسة تمنع ممارسة العادة السرية، التى يعتقدون أنها تؤدى إلى الجنون، وعندما عرفوا خرافة هذه المعتقدات توقفوا عن الختان.
 
واستمرت العادة فى أفريقيا لأنها ارتبطت بمصالح المجتمع الذكورى، الذى يعنى بالرجال أكثر من النساء، ويرى أنها تضبط السلوك الجنسى المطلوب من المرأة، فى أن تكون سلبية خاضعة، تنصاع للرجل، ولا تطلب الجنس لأن الختان يقلل الرغبة بحيث تضمن عفة الفتاة قبل الزواج والإخلاص بعد الزواج، وليس من الضرورى أن تستمتع بالجنس.
 
∎ الدعم السياسى
 
خلال مشاركتها فى الحلقة النقاشية التى عقدت على هامش الاحتفال، ركزت فيفان فؤاد، الخبيرة بالمشروع القومى لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث، بالمجلس القومى للسكان، على الجوانب الإيجابية التى تحققت نحو القضاء على ختان الإناث، خلال العشر سنوات الماضية، منذ تبنى المجلس القومى للطفولة والأمومة، المشروع القومى لمناهضة ختان الإناث عام 2003.. من هذه الإيجابيات، أنه أصبح هناك رأى دينى ثابت بتحريم ختان الإناث، وقانون واضح وصريح بتجريم ختان الإناث فى قانون العقوبات، كما أن نسبة الممارسة فى انحسار، وهناك استجابة شعبية لرفض ختان الاناث، وهناك أجيال من الشباب مؤمنة برفض الختان، لكن ما يفتقده العمل فى مجال مناهضة ختان الإناث الآن، هو الدعم السياسى، الذى ظل يدعم 7هذه الجهود طوال السنوات الماضية.
 
تشير فيفان إلى غياب الأجندة الاجتماعية من اهتمامات الدولة والإعلام، منذ ثورة يناير 2011، وحتى الآن، مؤكدة أنه بدون دعم الدولة والتزامها بحقوق الفتيات والمرأة، وتنفيذ القانون، ونشر دعوة المناهضة بين الدعاة والشباب، وإدخال المعلومات عن هذه العادة فى مناهج التعليم فى المدارس والجامعات، لن تسير جهود منع هذه العادة بنفس السرعة.
 
والأهم أيضا أن يركز التعليم على إكساب الطلاب منهجا فى التفكير، ليمكنهم استخلاص النتائج بأنفسهم، فلن نمنع الختان بالأمر، لكن بأن يقتنع الشباب بضرره.
 
على الجانب الآخر قال أمين عام بيت العائلة بأسيوط الشيخ سيد عبد العزيز الباقورى، أن هناك بعض الدعاة فى مساجد أسيوط، مازالوا يقولون للناس أن منع ختان الإناث دعوة غربية، هدفها نشر الرذيلة والدعارة، وأن نسبة ممارسة الختان مازالت مرتفعة فى الصعيد، وأن أحد الباحثين حصل على درجة الدكتوراه بامتياز من كلية أصول الدين بأسيوط، عن رسالة تؤيد ختان الإناث.
 
وطالب المستشار بالنيابة العامة أحمد ركيب، بتغليظ العقوبة على ممارس ختان الإناث فى القانون، حتى تكون رادعة، لأن العقوبة الحالية قد لا تكون رادعة بما يكفى.
 
وقال د. عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة لشئون الأسرة والسكان، أن وزارة الصحة تحارب ختان الإناث فى كل قطاعاتها، فى الحضر والأقاليم، لأن الممارسات الصحية السيئة مرتبطة معا، فختان الإناث والذكور من أكثر الأسباب وراء انتشار إصابة المصريين بفيروس سى، فهى ممارسة تمثل عنفا ضد الطفلة، وضد حقوق المريض وحقوق الإنسان بشكل عام.
 
واعتبر أباظة أن أى طبيب يمارس هذه العادة يعتبر مجرما، وستلاحقه إدارة العلاج الحر، ونقابة الأطباء، وبشر الحاضرين بأن أرقاما مبشرة نحو القضاء على هذه العادة ستظهر قريبا.
 
∎ المغلوط علميا
 
من بين المغلوط علميا عن هذه العادة كما جاءت بالكتاب وعرضها د.جمال، أنها تجميل للاعضاء التناسلية للأنثى، وهى فى واقع الأمر تشويه للأعضاء التى خلقها الله فى أحسن تقويم، وتؤثر ممارستها سلبا على الزوج والزوجة فى العلاقة الزوجية، وتمنع بعض السيدات من التمتع والاستجابة خلال العلاقة.
 
ومما جاء فى الإجابة عن هذه التساؤلات بالكتاب، الإجابة عن سؤال عن تأثير الختان على العلاقة الزوجية؟
 
ج :هناك أربعة تأثيرات سلبية للختان على العلاقة:
 
- توهم القذف المبكر: أغلب الحالات التى يعتقد الزوج أنه يعانى من القذف المبكر ماهى إلا حالات بطء أو ضعف استجابة بسبب ختان الإناث، وليست حالات مرضية تحتاج إلى علاج.
 
ضعف التجاوب الجنسى: فى هذه الحالة توجد رغبة جنسية تؤثر تأثيرا مباشرا على الجسم والعقل، وتسبب احتقانا فى الحوض، ولكن دون ارتواء جنسى كامل عند الأنثى، وتكرار عدم اكتمال التجاوب الجنسى يؤدى إلى احتقان مزمن فى الحوض، وآلام فى البطن والظهر، وإفرازات مهبلية، وتوتر عصبى ونفسى عام، راجع إلى استئصال الأعضاء الخارجية للجهاز التناسلى للأنثى.
 
برودة جنسية: تعانى بعض الزوجات من برودة جنسية، فبتكرار الألم عند الجماع تكره المرأة العملية الجنسية، وبالتالى تكون سلبية مع زوجها، أثناء هذه العملية، وتعتبرها واجبا كريها لابد منه، ومع تزايد صعوبة وآلام العملية، يظهر الرفض النفسى لها، والذى يؤدى بدوره إلى صعوبة أكثر وآلام أشد أثناء الاتصال الجنسى.
 
تشنج العضلات: عند ضعف أو سلبية التجاوب أثناء الاتصال الجنسى بين الزوجين، تصبح العملية الجنسية بالنسبة للزوج عملية قذف للسائل المنوى فقط، مما يؤدى إلى ضعف الاهتمام بالعملية، ومن ثم ضعف الانتصاب وسرعة القذف، ولأن بعض السيدات حدث لهن تشويه فى الأعضاء التناسلية، ويحتجن وقتا أطول للوصول إلى الارتواء، فبعض الأزواج يلجأون إلى استعمال المخدرات، خاصة الحشيش، اعتقادا منهم أن هذا يطيل العملية الجنسية..
 
وبالرغم من تفاوت آثار ختان الأنثى على العملية الجنسية بتفاوت درجته، وكذلك بعمق الصدمة النفسية التى تعرضت لها منذ أجريت لها هذه العملية، فإن كل أنواعه لها آثار سلبية، وأحيانا لا تدرك السيدة هذه الآثار، وتتخيل أنها بوصولها للنشوة يعنى أن الختان لم يترك أثرا، لأنها لا تدرى كيف يكون حالها فى حالة عدم الختان.
 
س: قليلا ما تشكو الزوجات من المشكلات الجنسية، فلماذا إثارة هذه القضية؟
 
ج: توجد أسباب تقلل من الاهتمام بالخلل الوظيفى الجنسى لدى النساء مقارنة بالرجال، وهذا لا يلغى معاناة النساء، ولكن يجعلها إحدى القضايا المسكوت عنها، وتتمثل الأسباب فيما يلى:
 
وجود الخلل الوظيفى لدى الأنثى لا يمنع من إقامة العلاقة الجنسية، مقارنة بحدوثه لدى الرجال، وكذلك عدم حدوث الارتواء لدى الأنثى لا يمنع الحمل.
 
فى كثير من الأحيان تنشأ الفتيات على أن التعبير عن الرغبة الجنسية لدى الأنثى يعتبر مناقضا لدواعى الأدب الاجتماعى، حتى بين الزوجة وزوجها، وهذا ما يؤدى إلى صعوبة تعبير المرأة عن مشكلتها، وطلب المساعدة، إلا أننا نعلم مدى تأثير هذه الأمور على استقرار العلاقة الزوجية بين الزوجين.
 
إجراء الختان للأنثى لا يمنع الرغبة فى الجنس، ولكنه قد يؤثر على درجة الاستمتاع، ويحرم بعض النساء من الاستمتاع فى العلاقة الزوجية، وهو حق أعطاه الإسلام للمتزوجات، كما أنه قد يؤخر ويطيل الوقت لحين تحقيق الاستجابة، مما يؤثر سلبا على الزوج.
 
س: ما حقيقة أن عدم ختان الأنثى يعوق زوجها عند العلاقة الزوجية ويعوق الولادة؟
 
ج: أعضاء التأنيث الخارجية، هى أنسجة رخوة، لا تؤدى إلى إعاقة على الإطلاق، بل على العكس تسهل العلاقة، وتيسر الولادة.
 
س: هل أعضاء الأنثى تكبر مثل أعضاء الرجل إذا لم تختن الفتاة؟
 
ج: هذا كلام غير صحيح علميا، بل خرافة وفكرة خاطئة متوارثة، وليس لها أساس علمى؛ لأن كل عضو فى جسد الإنسان يكبر إلى أن يصل إلى حد معين، ثم يقف عند هذا الحد، ولا يمكن أن يتجاوزه، فعندما تكبر الأنف أو الأذن مع نمو الطفل، يكبران بنسبة معينة بما يتناسب مع الجسم، ولم نسمع عن إنسان كبر أنفه وتدلى من جسمه، ولم يُسجل أن امرأة فى أى منطقة فى العالم كبر هذا العضو لديها حتى وصل إلى حجم عضو الرجل لأنها لم تختن.